recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الختان ( الجزء الأول )

 ماذا تعرف عن الختان ( الجزء الأول )



بقلم / محمـــد الدكـــرورى

سوف نكمل الحديث عن الطهاره ونتحدث عن مشروعيتها وأحكامها فى الإسلام ولقد بعث الله سبحانه وتعالى، نبيه الكرييم محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة الإسلام، وهى شريعة شاملة عامة، كاملة تامة، ليس فيها نقص ولا غلط، ولا وكس ولا شطط، ولقد جاء الله عز وجل، بهذه الشريعة عظيمة المزايا، وكريمة الصفات، فمن أراد حصر فضائلها فقد رام المستحيل، ولكن حسبنا الآن أن نتحدث عن فضيلة واحدة من تلك الفضائل، إنها خصلة طيبة كريمة جبَل الله النفوس على حبها، وحب من اتصف بها وحافظ عليها، إنها النظافة والطهاره، في الظاهر والباطن، ولقد شرع الإسلام عددا من الخصال التي فيها طهارة ونقاء للمسلم في بدنه ومظهره العام مما يعود عليه بالصحة، وكان من بين تلك الخصال هو الختان، حيث جاء الأمر به مقرونا بمجموعة خصال منها تقليم الأظافر.

وإعفاء اللحية، وقص الشارب، وغير ذلك من الخصال، حيث قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " خمس من الفطره، الإستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر" ويتوجب على المسلم الالتزام بما أمر الله تعالى به، أما من ناحية الحكم الشرعي لسنن الفطرة وخصالها فيختلف بين كل خصلة كما قال الفقهاء، وسوف نلقى الضوء هنا عن خصلة واحدة من الخصال السابقة وهي الختان، فما هو الختان؟ وما حكمه الشرعي في الإسلام؟ وهل هو واجب على الذكر والأنثى بحد سواء، أم يجب على فئة دون فئة؟ وما الحكمة من تشريعه في الإسلام؟ فنقول أن ختان الذكر، هو قطع الجلدة التي تغطى الحشفة، ومعنى كلمة الحشفه هى رأس القضيب، والمستحب هو أن تستوعب من أصلها، وختان الجارية أى المرأه، هو قطع الجلدة المستعلية في أعلى الفرج وهى كعرف الديك.

ولكن دون استئصالها، والختان هو واجب في حق الذُّكور في أصح قولي العلماء، وبه قال الشافعية والحنابلة، وهو مذهب الأوزاعي، وقال به سحنون من المالكية، رحمةُ الله عليهم جميعا، لقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، للرجل الذي أسلم حديثا " ألقى عنك شعب الكفر وأختتن " والأمر فيه للوجوب ولا صارف له، ولأن بقاء الغرله يحبس النجاسة فيؤدي إلى عدم كمال الطهارة، فغير المختون مُعَرض لفساد طهارته وصلاته، فصحّة الصلاة موقوفة على الختان، وأما ختان الإناث، فأقرب الأقوال إلى الصواب أن الختان مشروع في حق النساء، وهو مكرمة لهن، ولا يرتقي أن يكون واجبا، وذلك لأنه لم يرد دليل صريح صحيح يوجب على النّساء الاختتان، وذهب إلى هذا أكثر أهل العلم، كالحنفية والمالكية والحنابلة وغيرهم.

أما الختان فهو من سنن الفطرة ومن شعار المسلمين لما في الصحيحين فى البخارى ومسلم، من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط " فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالختان وأخبر أنه من سنن الفطرة، والختان الشرعي هو قطع القلفة الساترة لحشفة الذكر فقط، أما من يسلخ الجلد الذي يحيط بالذكر أو يسلخ الذكر كله كما في بعض البلدان المتوحشة ويزعمون جهلا منهم أن هذا هو الختان المشروع فما هو إلا تشريع من الشيطان، زينه للجهال وتعذيب للمختون ومخالفة للسنة المحمدية والشريعة الإسلامية التي جاءت باليسر والسهولة والمحافظة على النفس، وهو محرم لعدة وجوه منها، هو أن السنة وردت بقطع القلفة الساترة لحشفة الذكر فقط.

وأن هذا تعذيب للنفس وتمثيل بها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن المثلة وعن صبر البهائم والعبث بها أو تقطيع أطرافها، فالتعذيب لبني آدم من باب أولى وهو أشد إثما، وأن هذا مخالف للإحسان والرفق الذي حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قوله " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " وأن هذا قد يؤدي إلى السراية وموت المختون، وذلك لا يجوز لقوله تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكه ) من سورة البقره، وأيضا قوله تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) من سورة النساء، ولهذا نص العلماء على أنه لا يجب الختان الشرعي على الكبير إذا خيف عليه من ذلك، وأما التجمع رجالا ونساء في يوم معلوم لحضور الختان وإيقاف الولد متكشفا أمامهم، فهذا حرام لما فيه من كشف العورة التي أمر الدين الإسلامي بسترها ونهى عن كشفها.

وهكذا الاختلاط بين الرجال والنساء بهذه المناسبة لا يجوز لما فيه من الفتنة ومخالفة الشرع المطهر، ولقد قال الله تعالى فى كتابه الكريم ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) من سورة النحل، وفى الحديث الشريف وهو حديث متفق عليه وهو فى البخاري في كتاب بدء الخلق وفى باب الختان في كتاب الاستئذان، ومسلم في باب فضائل ابراهيم، في كتاب الفضائل، " اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة " وقد تحدث الإمام النووى الشافعى في المجموع في تفسير الفطرة بأن أصلها الخلقة، وقال الله تعالى: ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) من سورة الروم، وقد اختلف في تفسيرها في الحديث قال الشيرازي والماوردي وغيرهما: هي الدين، وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: فسرها أكثر العلماء في الحديث بالسنة.

ثم عقب النووي بعد سرد هذه الأقوال وغيرها بقوله قلت تفسير الفطرة هنا بالسنة هو الصواب، ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضى الله عنهما، عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال: "من السنة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر"، وأصح ما فسر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى، لاسيما في صحيح البخاري، وقد اختلف أئمة المذاهب وفقهاؤها في حكم الختان: قال ابن القيم : اختلف الفقهاء في ذلك، فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد هو واجب، وشدد فيه مالك حتى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته، ونقل كثير من الفقهاء عن مالك، أنه سنة، حتى قال القاضي عياض: الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.

وقال الحسن البصرى وأبو حنيفة لا يجب بل هو سنة، وفى فقه الإمام أبى حنيفة، إن الختان للرجال سنة، وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة، فلو اجتمع أهل أى بلد، على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه، والمشهور في فقه الإمام مالك في حكم الختان للرجال والنساء كحكمه في فقه الإمام أبى حنيفة، وفقه الإمام الشافعي، وهذا من المهذب للشيرازي وشرحه المجموع للنووي، إن الختان واجب على الرجال والنساء، وفقه الإمام أحمد بن حنبل، إن الختان واجب على الرجال، ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وفي رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء كمذهب الإمام الشافعي. وخلاصة هذه الأقوال إن الفقهاء اتفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع، ثم اختلفوا في وجوبه.

فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك، هو مسنون في حقهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه، وقال الإمام الشافعي هو فرض على الذكور والإناث، وقال الإمام أحمد هو واجب في حق الرجال، وفى النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب، والختان في شأن الرجال قطع الجلدة التي تغطى الحشفة، بحيث تنكشف الحشفة كلها، وفى شأن النساء قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها ودون استئصالها، وسمى بالنسبة لهن خفاضاً، وقد استدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت: إن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: " لا تنهكى، فإن ذلك أحظى للزوج، وأسرى للوجه " وجاء ذلك مفصلاً في رواية أخرى تقول: " إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجوارى.



google-playkhamsatmostaqltradent