recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الاغتسال ( الجزء الأول )

 ماذا تعرف عن الاغتسال ( الجزء الأول )



بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الإسلام هو الدين الذي عني بالطهارة الحسية والمعنوية لأتباعه وحثهم عليها، وكذلك حثهم على الطهارة من الشرك وترك كل ما يعبد من دون الله وإخلاص العبادة لله تعالى وحده، ولقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم وأمرنا أن نكون على طهارة عند أداء أعظم عبادة فرضت في السماء ألا وهي عبادة الصلاة ، وجاءت السنة المطهرة بالتوضيح والتفصيل لكيفية الوضوء والغسل عند موجباته كل ذلك مما يدلل على أهمية الطهارة والوضوء والغسل، وإن هذه الشعيرة التي حث عليها الإسلام وهي شعيرة الوضوء والغسل قد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفيتهما وعن الفضل المترتب عليهما ، ولقد حرص الصحابة رضي الله تعالى عنهم على الاوقد قتداء به في ذلك ونقلوه لنا، وهكذا ينبغي أن نتعلم ونقتدي به صلى الله عليه وسلم في الطهارة والوضوء والإغتسال.

وفي كل السنن الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، لننال بذلك محبة الله تبارك وتعالى بإتباع ما جاء عن نبيه صلى الله عليه وسلم، ولنعلم جميعا أن هذه الطهارة والوضوء الشرعي يترتب عليها من الفضائل والأجور ما يدعو إلى المحافظة عليها والعناية بها، ومن ذلك أن الله عز وجل يمحو بها الذنوب ويرفع بها الدرجات، وأما عن الغسل في الإسلام فهو يعني تعميم البدن بالماء الطاهر، وهو مشروع واجب أو مُستحب أو مباح، وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، في سورة المائدة: ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) وقد روي عن السيده عائشة رضى الله عنها في الجامع الصحيح، " أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله "

وقد روي عن أبي هريرة رضى الله عنه، في سنن أبي داود، أنه أقيمت الصلاة وصف الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا قام في مقامه ذكر أنه لم يغتسل فقال للناس مكانكم ثم رجع إلى بيته فخرج علينا ينطف رأسه وقد اغتسل ونحن صفوف" وإن من أعظم العبادات التي تنم عن قوة الإيمان، واستشعار مطالعة الله عز وجل، وعمارة القلب بالخوف منه هو الاغتسال من الجنابة، فقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة، من حَافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، وآتى الزكاة طيبة بها نفسه، وأدى الأمانة“، وقيل: يا رسول الله، وما أداء الأمانه؟ قال " الغسل من الجنابه " رواه الطبرانى .

فيجب علينا أن نعلم أن غسل الجنابة في الرقاب أمانة، وأداؤها من أكمل الإيمانِ، فالاغتسال من أعظم ما تكفّر به الذنوب، كما قال الله عز وجل، فى سورة المائده ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ) وفقه الاغتسال من ألزم ما ينبغي للعبد علمه، وذلك من خلال معرفة أسبابه، ومحظوراته، وصفته، وآدابه، وذلك ليؤدي تلك الأمانة كاملة كما شرع الله ورضي، فإنه يجب على الإنسان الاغتسال للأسباب التالية، وهو عند خروج المني في النوم أو اليقظة من ذكر أو أنثى، وكذلك عند التقاء الختانين، أي تغيب حشفة القضيب في الفرج وإن لم يحدث إنزال للمني، وكذلك عند انقطاع الحيض والنفاس لقول الله سبحانه وتعالى في القرآن: ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) وأيضا يجب الغسل عند الموت وهو مفارقة الروح الجسد، أي غسل الميت.

وأيضا يجب الغسل عند الدخول في الإسلام، وكذلك غُسل من يغسل أو يمس الميت، وموجبات الغسل الفرض، وهي ستة، وهذا تفصيلها وهو أول ما يوجب الاغتسال هو خروج المَني، حيث يجب على المكلف الاغتسال بخروج المني، والشرط هو " دفقاً في دفعات وبلذة " من الرجل أو من المرأة، سواء كان خروج المني باحتلام، أو مداعبة، أو نظر شهوة، أو تفكير شهوة، فقد جاءت أم سليم رضى الله عنها، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله " إن الله لا يستحى من الحق، فهل على المرأه من غسل إذا احتلمت ؟ فقال النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " إذا رأت الماء " رواه البخارى ومسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا رأيت المذى فاغسل ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاه، فإذا فضخت الماء فأغتسل " رواه أبو داود وصححه ابن حبان.


وعلامة المني أن يكون كثيراً لزجاً ثخيناً، وذاك ما يميزه عن غيره، وإن شك في الخارج: هل هو مني أو لا؟ فالأصل عدم المني، فلا يلزمه الغسل، وإنما يلزمه غسل ذكره والوضوء إن أراد الصلاة ونحوها، ومما يوجب الاغتسال أيضا هو الجماع مطلقاً وهو من موجبات الغسل المفروض، ولو لم يُنزِل مَنيّا وحدُّ الجماع هو التقاء الختانيْن، بتغييب حشفة الرجل " والحشفه هى رأس القضيب" في فرج المرأة، وذلك لما رواه الإمام مسلم وغيره عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “إذا التقى الختانان، وغابت الحشفة، وجَب الغسل أنزل أو لم يُنزل“ رواه مسلم، ومن موجبات الغسلأيضا هو انقطاع الحيض، وهو الدم الخارج من رحِم المرأة البالغة في أوقات معلومة، وهو بلا علة ولا مرض، ويطلق عليها اسم الدورة الشهرية، أوالعادة الشهرية عند المرأة.

فإذا انقطع الحيض عن المرأة وطهرت منه وجب عليها الاغتسال شرعا، وذلك لأداء العبادات التي لا تصح دون الاغتسال المفروض، ومما يوجب الغسل أيضا هو انقطاع النفاس، وهو الدم الخارج من المرأة عقب الولادة، وقد اتفق عامة الفقهاء على وجوب الغسل من النفاس بعد انقطاعه، لأنه والحيض سواء، ومن موجبات الاغتسال أيضا هو دخول الكافر في الإسلام، فإذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل سواء كان كافراً أصلياً، أو مرتداً، رجلاً، أو امرأة، اغتسل قبل إسلامه، أو لم يغتسل، ومما يوجب الغسل أيضا هو موت المسلم، فقد أجمع عامة الفقهاء على وجوب غَسل المسلم إذا مات إلا الشهيد، فإنه له أحكاماً خاصة، ويجب علينا جميعا أن نراعى أنه من أصابه حدث أكبر كالجنابة أو الحيض أو النفاس فإنه يُمنع من العبادات التي تشترط لها الطهارة حتى يغتسل.

وتلك العبادات هي الصلاة، والطواف، وتلاوة القرآن، ومس المصحف، والمكث في المسجد، غير أنه لم يثبت الدليل في منع الحائض والنفساء من تلاوة القرآن، ومسّ المصحف من وراء حائل، سيما إن احتاجت إلى ذلك، كمراجعة حفظ، ودراسة وتدريس، فيباح لها ذلك، لعدم المانع، كما اختار ذلك شيخ الإسلام، وما عدا هذه العبادات، فإن مَن عليه حدث أكبر لا يمنع منه، كالأذكار، والأدعية، والاستغفار، ورد السلام، وتشميت العاطس، ويُسن للجنب الوضوء عند إرادته الطعام والشراب والنوم، حيث تقول السيده عائشة رضي الله عنها “ كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يأكل، أو ينام، وهو جُنُب، توضأ وضوءه للصلاة“ رواه مسلم، وكذا يُسن له الوضوء إن أراد معاودة معاشرة أهله قبل أن يغتسل، قيقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ " رواه مسلم

والجُنب إذا لم يجد الماء، أو كان عاجزا عن استعماله حقيقة أو حكما، فإنه يعدل إلى التيمم، فهو في مقام الماء، كما أخبر الله سبحانه وتعالى، ومتى ما وجد الماء أو قدر عليه، فليتق الله وليمسه بشرته، والاغتسال على نوعين، وتحصل الطهارة بأي منهما، وهكذا ارتفاع الحدث، أما النوع الأول فهو الاغتسال المجزئ، وذلك بأن يفيض الماء على بدنه فيعمّه جميعاً، فقد أعطى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذى أصابته الجنابه إناء من ماء، وقال له " اذهب فأفرغه عليك " رواه البخاري، وهذا هو القدر الواجب في الغسل، وأما عن النوع الثاني، فهو الاغتسال الكامل، وذلك بأن يغسل يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه وما أصابه المني، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثوات من الماء تروي أصول شعره، ثم يفيض الماء على بدنه مبتدئاً بشقه الأيمن، وذاك ما كان يفعله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. كما وصف ذلك زوجتاه السيده عائشة بنت أبو بكر، والسيده ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهما، فيما رواه البخاري ومسلم.



google-playkhamsatmostaqltradent