recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن زواج الشغار " الجزء الأول "

الصفحة الرئيسية

 ماذا تعرف عن زواج الشغار " الجزء الأول "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن الزواج حصن للمرء من الوقوع في معصية الله تعالى، وقد حث الله سبحانه وتعالى عليه، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم من سنته الشريفة، وقد نهى صلى الله عليه وسلم، عن التبتل والانقطاع، كما أن الزواج يحقق رغبة الفطرة، ويشبع الميل البشري مع الحفاظ على العفاف والطهر، ولقد امتن الله تعالى علينا بنعمة الزواج فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة الروم " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون " وهكذا فإن الزواج إنه من أعظم النعم التي امتن الله بها على الرجال والنساء على حد سواء، فإنها صلة السكن للنفس والقلب، وإنها صلة الراحة للجسد والقلب، وإنها صلة الاستقرار للمعاش وللحياة، فإن الزواج سكن وراحة قلب، وراحة نفس، وراحة بال وراحة ضمير، وهو استقرار حياة، واستقرار معاش، وشتان بين علاقة بين رجل وامرأة في الحلال، وبين علاقة بين رجل وامرأة في الحرام، وإن الرجل يعاشر زوجته في عش الزوجية، ويكون هو في عبادة وطاعة إن صحت النية فإن الله عز وجل يأجره على ذلك، وأيضا إذا كان هو على هذا الحال فيطرق ويقرع عليه بابه. 

فيقوم بمنتهى الأمن والأمان والطمأنينة ليغتسل أو ليرتدي ثيابه، ثم يذهب ليرى من يطرق عليه بابه، ولكن على العكس فانظر إلى رجل مع امرأة في علاقة محرمة وهى علاقة الزنا وفي مكان أيا كان، ثم يطرق عليه الباب أو يسمع صوتا هامسا في الشارع، أو يسمع حركة بخارج الدار، فإنه مستحيل أن يتم هذا اللقاء، وأن يستمر هذا الوضع، بل تراه قائما مضطرا خائفا وجلا، وهذا هو الفرق بين العلاقة في الحلال كما أرادها الله، وكما شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين علاقة حرمها الإسلام وحرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن العلاقة الزوجية إن خلت من المودة والمحبة والرحمة أصبحت كالجسد الميت، إن لم يدفن فاح عفنه ونتنه، ودفنه هو الطلاق، والعلاقة الزوجية هي رحمة من أعظم رحمات الله عز وجل، فلا بد للحياة الزوجية أن تبنى على الحب وعلى المودة وعلى الرحمة، لا على الحب الذي دنس واستغل ووضع في غير موضعه، وأما عن زواج الشغار أو نكاح الشغار فهو نوع من الزواج كان منتشرا في الجاهلية، وهو أن يزوج الرجل وليته أى ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر وليته ليس بينهما صداق ولا مهر. 

وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم "قد نهى عن الشغار " رواه البخاري ومسلم، وقد سمي شغارا من الخلو لأنه في الغالب لايهمهم المهر وإنما يهمهم الاتفاق على هذا العمل، يقال بلاد شاغرة يعني خلت من أهلها، وإنه ما زال هذا النوع من الزواج يمارس في بعض اجزاء من البلاد العربيه، بالرغم عن نهي الإسلام عنه، ولكن يجب علينا أن نعلم ما حكم ما إذا خطب إنسان ابنة أخ له لكن ذلك الأخ اشترط عليه المقابل، أن يزوجه ابنته أو موليته؟ وما هو موقف الشرع من نكاح الشغار؟ إن المخالفات الشرعية كثيرة، والعقبات كذلك، ولكنها انتشرت بسبب غلاء المهور وارتفاع التكاليف الأخرى في الزواج، وبسبب التعقيدات الأخرى الكثيرة، لذلك هان أمرها وأصبحت شيئا عاديا كغيرها من المحرمات التي أَلفها الناس واستساغوها، بسبب تبريرهم حرمتها بأمور تظهر أمام العامة بأنها حلال محض لا شبهة فيها مع الحرمة الواضحة، وهذا ينطبق على أمور عدة في مجتمعات المسلمين اليوم، خاصة في المعاملات، وأصبح الشّبه باليهود موجودا في بعض المسلمين، حيث ارتكبوا ما ارتكبت اليهود من المحرمات. 

واستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل، كما ورد بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمخالفة الشرعية المنتشرة الآن وهى زواج الشغار، وإن زواج الشغار محرم، ويسميه بعض الناس نكاح البدل، وقد أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن الشغار، وقال الشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي هذا هو الشغار، وهو نكاح البدل، وهو اشتراط عقد في عقد، واشتراط زواج في زواج، وهو باطل مطلقا في أصح أقوال أهل العلم حتى ولو اشترطوا مهرا، ولو كان المهر مكافئا لكل واحدة، ما دام الشرط موجودا أنه يزوجه ويزوجه فالنكاح باطل وفاسد ليس بصحيح في أصح أقوال أهل العلم، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا كان هناك مهر كافي وليس هناك حيلة صح النكاح، ولكنه قول ضعيف ومخالف للأحاديث الصحيحة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن الشغار، والشغار أن يُزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ليس بينهما صداق.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا شغار في الإسلام" فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده، وأنه مخالف لشرع الله، ولم يُفرّق فيه بين ما سمى فيه مهر وما لم يُسمّ فيه شيء من المهر إلا ما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق، فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافعٍ الراوي مولى ابن عمر، وليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فسّره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بما تقدم في حديث أبي هريرة السابق إيضاحه وبيانه، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل وليس بينهما صداق، فدل هذا على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر له في ذلك، وإنما مقتضى فساد هذا النكاح هو اشتراط المبادلة والاتفاق على ذلك بين الطرفين المسؤولين عن تزويج المرأتين، وغالبا يكون هذا الشرط سِريا لا يُعلن عنه، إنما المُعلن عنه هو رغبة كل طرف تزويج الطرف الآخر بمهر مستقل لكل من الزوجتين، برضا الأزواج المراد تزويجهم على حد زعم ولي الزوجتين، والواقع عدم الرضا منهما أو من إحداهما.

وقد يكتب في عقد كل منهما مبالغ متفاوتة للتضليل والتدليس وليست من الحقيقة في شيء، وفي ذلك فساد كبير، لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه، إيثارا لمصلحة الأولياء وتحقيقا لمصالحهم الشخصية دون النظر في مصلحة النساء، وذلك منكر وظلم للنساء، وهو أيضا يُفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر، حيث جعلوه امرأة بامرأة، وفرجا بفرج، وكثيرا ما يفضي هذا العمل إلى النزاع بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، والواقع الذي عاشه ويعيشه أولئك الأزواج من الرجال والنساء واقع مؤلم، وحياة تعيسة، ومشاكل لا نهاية لها، وقد أدت إلى سفك دماء وإلى قطيعة أرحام، وإلى بغضاء وشحناء وحقد وعداوات متناهية بسبب الإقدام على نكاح الشغار الذي لم ينتبه ويتفكر ويمعن النظر في الحكمة من تحريمه كثير من المسلمين، ولم يفكروا في العواقب المؤلمة لكثير ممن أقدم عليه، فالحياة الزوجية عقدها يستمر مدى الحياة، ويجب التفكير فيها بكل أمانة وإخلاص، والإقدام على بصيرة وتغليب مصلحة الزوجين. 

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن هرمز أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقا، فكتب أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهم، وقال في كتابه "هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، توضح معنى الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح هذا النكاح ولا تخرجه عن كونه شغارا لأن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا، ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه، إلى هذه التسمية، بل أمر بالتفريق بين كل من الزوجين، وقال "هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، من نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم جميعا، وهذا الذي ينبغي التنبه إليه في مسألة الشغار الذي قد يخفى على كثير من المسلمين وضوح إِشكاله من حيث القصد والنية فيه.


ماذا تعرف عن زواج الشغار " الجزء الأول "


google-playkhamsatmostaqltradent