recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

د. داليا السبع تكتب "النافذة المغلقة "

 د. داليا السبع تكتب "النافذة المغلقة "




إنه إيقاع محموم بجلجلة بين الضلوع صاخبة أنفاسي تنطلق من قوقعة الضيق ومضة شعاع من أين أتت بنورها يا ترى؟! كسهام مسنونة عبرت واخترقت أجهز على تنهدات الأنفاس المتصاعدة بين الفينة والفينة ،بين القبضة والغضبة، أين المفر من واقع بسماوات رمادية بغمامات اتشحت بالسواد حبلى المجهول ترى عن ماذا ستتمخض أقداري إن طال الإنتظار هل سأجد الإجابة الشريدة  قابعة بين دهاليز فكري المختنق ،كيف صفعتني الأيام بغضبة ألقت بي خارج ميناء مدينة الأحياء؟؛ فقط هو السراب المحيط وينبوع من جفاء فلا عتب والزمان الذي لطالما ضنَّ برذاذ الأفراح أن يصيب نافذة غرفتي الصغيرة التي اختبئ بها وكأنني احتمي بجدرانها من الأتي، كيف فرت أيامي وتناثرت سعاداتي ؟!كحبات رمال انسكبت من ساعة الزمن المكسورة على حدود المقدرات ؟! كيف انتظرت من الحياة أن تحقق أحلامي ولكنها لم تكن تعدني إلا بالخيبات المتلاحقة والصدمات المتتالية أيام طال بها انتظاري وسط ماذا ؟ هل ستفتح نافذتي ذات يوم ؟! متى سأكتسب شجاعة المواجهة؟! متى سأكسر أبواب الصمت العقيمة؟!  هنا بين أسوار  مدينة "الظلال" نعم لا تتعجب!! هى الظلال والأطياف يحيى من بها تحت الشمس كأشباح شاحبون غامضون غاضبون حتى شمسها غريبة ضياؤها أشجارها زرعها حيواناتها كل مابها وكأنه بلا حياة، الناس وقت الإستيقاظ ك ريبوتات صممت للعمل، يجتمعون بلا روح لا اعلم متى كانت اخر مرة رأيت فيها جمعٌ  بمناسبة سارةٍ زواج  كان أو أعياد ميلاد!! أو حتى مجتمعون في مأتم ربما لصديق أوقريب !! غريبون حقاً فقط ابواب مغلقة!! ونوافذ تكسوها الثلوج  وضباب ،كما تغطي القلوب تلال الجمود،  اصرخ بين نفسي ونفسي ، اخشي أن تسمعني جدران غرفتي افتح بابها وانزل على الدرج بحذر تراهم عيني بصمت، مجتمعين أمي تحضر العشاء، أبي عند المدفأة  كعادته يطالع الجرائد طوال اليوم لا أعلم حقاً عمَّ يبحث بين السطور طيلة النهار ؟! اخي الصامت الذي لم أرى له صديقا قط أو صديقة عابس دوما دون أسباب أو لعل هناك أسباب ربما ما يحيط بنا صبغه بالجمود، أحيانا أشعر أنه ليس على قيد الحياة ، يتحدث وكأن هناك ثقل بلسانه يجعل الكلمات تخرج من بئر عميقة بعد عناء ،أو كهف مظلم تجهل ماتحويه جدرانه، ينظر لي نظرات جمود تتحدث بغضب  ترتعد نفسي أذهب لأحضر الأطباق والملاعق من المطبخ وانجح في الهروب من أمامه ترى مالذي أصابه كل هذا و عيني تنظر إلى أمي آآهً تلك المسكينة!  ،متى كانت جميلة أخر مرة؟! اتذكر أني لم أرها قط تبتسم لم تضع الحمرةعلى شفاهها يوماً لم تتزين قط حتى أني لم أرها تمشط شعرها المشعث أبدا  تحدث نفسها بسرعة فاقدة التركيز تنادي "أمل"  أمل" أين وضعت اعواد الثقاب؟! اود أن اوقد النار لأطهو طعام العشاء؟! أنظر إلى يدها التي احكمتها على علبة الثقاب وكأنها تخشى ضياعها !! ولكنها لم تتردد في سؤالي وكأنها حقاً تجهل أنها بيدها ؛اجيبها وأنا أشعر بالأنهزام هل سيكون مصيري مثلها ؟! هي بيدك يا أمي ! ثم اعود لأصعد السلم إلى غرفتي اسير ببطئ  شديد أريد الإسراع لكني لا أستطيع الخوف يتملكني وكأني أسير على رمال شاطئ ثقيلة لا أسطيع معها أن أكمل المسير ، إلى أن اقتربت من غرفتي فعدوت وفتحت الباب ثم أغلقته بسرعة  ظلت أنفاسي تتسارع اخيراً وأنا اتكئ على باب غرفتي الخشبي أسرعت واحكمت غلقه ظلت يدي تتحسس الباب وكأنني أتأكد من احكام غلقه ، أنظر لجدران غرفتي نعم سأهرب الى عوالمي السرية التي يجهلونها عوالم خيالي وأحلامي صندوق امنياتي وجنيات أفكاري الجامحة نعم دائمة الهروب منك وإليك أيها الحلم نعبث بشخوصك ونتشكل داخلك نفتح خزانة الذاكرة ونسبح معاً والمجهول نتخطى الحدود ونفعل كل شئ ! كم اعشق تمردي على نفسي وصمتي ولكن لمَّ لا أجرؤ على فتح نافذتي؟! لطالما وددت أن أستنشق الهواء منها و أن تلامس أناملي أوراق تلك الشجرة المطلة عليها التي تداعب أغصانها زجاج نافذتي وكأنها تدعوني لرقصة ما وسط الثلوج !

كأي إمرأة تبحث عن ذاتها ولكن أين ومتى ؟! هل وسط ظلال الأحياء هولاء؟! نا المرهقة الساكنة حد الأنتهاء ،متهاوية من داخلي أنتظر ميلاد خلاصي.انظر إلى مرأتي أسرع بفك جديلتي امشطها بغضب مزقت بعضاً من شعري  أشعر بالألم حقاً، تلذذت  بهذا الوجع، هل أنا اعاقب نفسي على  تيبس حالي؟! فررت داخل جلدي دفنت صوتي في حنجرتي واختبأت تحت جلد الصمت وخلايا عمري المنسابة من بين أنامل الزمن كم اريد إعلان ثورتي حتى أصرخ بملء حريتي يتخطفني الخوف بفكيه ناشباً انيابه بجسدي الهزيل ، اشعر بروحي تفارقني غير أسفة وكأنها وجدت خلاصها أخيراً ادور بعكس دوران الأرض مع شمس مدينتي الباردة بين جدران نفسي و غرفتي على سريري الخشبي الضيق أبحث عن نافذة حلمي منتظرةً أن يفتح زجاجها النوم لأهرب إلى عوالمي الخفية التي اعشقها ، يأتي الصباح متثاقلاً هنا ! وكأنه يجر عربات الوقت الثمينة، أحقا ما اقول أم اصبحت مع مرور الأيام التي تشبه "دوارة الرياح"  الحديدية التي تظل بلا صوت إلى أنت تعصف الريح وتهيمن عليها الأيام مملة هنا حقاً هل اصبحت أهذي ؟! ولما لا ربما !! استيقظ عندما يخترق الضوء زجاج نافذتي  الوحيدة اشرع في أرتداء معطفي أغطي كامل رأسي وفمي ارتدي قفازي استعداداً لمواجة وحش الشتاء هنا في "مدينة الظلال" وكأنني اختبئ منه كي لا يراني انزل الدرج بهدوء أشعر بقلبي ينبض كجواد جامح يريد أن يتخطى حواجز الزمن ولكن يظل السؤال الذي لا يمل أن يظهر كبهلوان لا يهدأ يقفز ويتمايل أمام عيني ،بقدر ما يبهجني يخيفني! ما الذي يخفيه خلف هذا القناع الضاحك؟! إلى أين سأذهب ؟! اسرع الى صندوق البريد اتفحصه ابحث عن حلمي متى سيأتي البريد الذي انتظره ؟! هل سأقبل بالجامعة هل سأفتح زجاج نافذتي للمرة الأولى وربما لن اغلقه أبدا لقد خاطبتم وأرسلت لهم بالشهر الماضي أوراق رغباتي بالألتحاق بالجامعة متى سيأتي الرد متى ؟! ظلت تكرر هذا الحدث بنفس الشغف  وبنفس الحذر ولكنها كل يوم كانت تفقد جزءً من روحها أصبحت كزهرة يتساقط عنها أوراقها شيئاً فشيئاً تعود لتغلق الباب على وحدتها تحمل أوراقاً ومحبرةً قديمةً ،وبدموع قلبها تخط احزانها على نبض وسطر ،على نافذتها المغلقة ، على الجدران ، لما لا يأتي ساعي البريد إلى هنا وكأنها المدينة المفقودة ، كيف وقد ارسلت لهم كثيرا هل ....؟! لا لا لن أفكر لا لن يرفضو أوراق رغباتي ؟ لماذا  يفعلون ؟! تتكرر معي المشاهد ذاتها كل يوم مع بعض التغيرات الطفيفة 

أجد أمي منهمكة في اعداد الطعام وتنظيف ملابسنا اخي يذهب ألى عمله الممل ويعود بملل أكبر إلى المنزل ، أبي نفس المكان والمقعد الملاصق للمدفأة يطالع الجرائد بنهم وتركيز ، نعم الجرائد من يأتي بها؟! أمي :من يأتي بالجرائد إلينا كل يوم: نأخذها من جارنا فهو يتركها على الجدار الخشبي الذي يفصل بين منزلنا ومنزلهم ، نعم لقد فهمت ، ومن يأتي بها يا أمي لما لا أرى ساعي البريد أبداً إلا أنها تركتني لتساؤلاتي الكثيرة  وعاودت الحديث و نفسها أين وضعت علبة الطحين أمس ؟! 

" أمل " يا "أمل " إنها بجوارك يا أمي، نعم نعم ظلت تحدث نفسها لا أعلم ماذا اصابني .... وإستمرت في حديثها حتى شردت بذهني ولم أعد أسمعها قفزت تلك الأسئلة البهلوانية أمامي ما الذي يطالعه أبي كل يوم عمَّ يبحث بين سطور الجرائد استجمعت شجاعتي وتقدمت بخطوات خجلى حتى اقتربت أبي هل تأذن لي لم يجيبني على الفور ! فقررت الإنسحاب وبينما أنا عائدة قال نعم يا ابنتي تفضلي ؛ فأسرعت بالجلوس وبادرت بالحديث ما الذي تبحث عنه طيلة الوقت يا أبي ؟! أبحث عن اجابات؟! لماذا لم تعد هناك رسائل بالبريد نستطيع إرسالها؟! أو تسلمها؟ حقاً دار بها المكان وتصلبت على مقعدها شعرت بوخزة في صدها وغصة بحلقها، نعم أنا لم أرى لهذه المدينة ساعٍ للبريد منذ أصبحت أدرك الأمور يا أبي نعم صغيرتي فلم أعد ارتدي ذلك الزي ولم يعد هناك بريد هنا منذ زمن بعيد تعالي معي سأريك شيئا ما ! تبعته وقلبها يرتجف هل ما تسمعه حقيقة ؟! اخذها لغرفة بالقبو فوجدت بها اكوام غير عادية من الرسائل البريدية !! يا الهول !! ما هذا ؟! إنه بريدٌ احسبه سيظل  مؤجلاً يا بنيتي .... تمت

google-playkhamsatmostaqltradent