recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

"نساء لهن فضل "

"نساء لهن فضل "



كتبت-داليا السبع  

في صبيحة يوم كانت شمسه قويةً تحسستُ أشعتها بأناملي التي كانت تداعبُ تلك الخيوط الذهبية التي اخترقت جلدي وأشعرتني بالدفء نعم هي الحياة ؛ دق جرس الهاتف ! من يتصل باكراً هكذا ؟! وعلى هاتف المنزل الذي ظننته مهجوراً لصمته أياماً وشهوراً دون أن أسمع له  صوتاً، :صباح الخير !ماذا هناك ؟! صوتكِ!!  كيف حدث هذا ؟! لا إله إلا الله 
نعم ..نعم سوف آتي على الفور ، خبرٌ فطر الفؤاد فجأة فاجعة قتلت دفء الصباح في لحظة ، لكنها الأقدار لا ندري مافي جعبتها المغلقة نجهل ما تحمله لنا لا أدري كيف ارتديت ملابسي وذهبت إلى منزل أختي صراخ ونحيب ووجع في كل مكان دموعي لم تتوقف وقلبي كاد يفارق الضلوع 
لم أتمكن من مشاهدة أختي بهذه الحالة المؤلمة 
كيف ستتخطى هذا؟! تمر الأيام ببطء شديد تشبه بعضها رمادية باهتة تكاد تختنق بضبابيتها، حينما يخيم شبح الحزن يقتل كل شعور بأنفاس الحياة ويتشح كل ماحولك بالكأبة ويرتدي حلة اليأس ولكن أقف أمام الشمس كل يوم التي لا تتوقف أن تشرق لتبعث برسالة إلى الأمس لن تتوقف عجلات الزمن ما دام إرادة الله على أرضه دوام الحياة حتى انطفاء الشمس نعم ..
يجب أن لا تستسلمي أختاه، ابنك شهيد عند الله مثواه ومستقره فإحتسبيه عند الله  واصبري ..
كل مرة لا أجد استجابة فقط صراخ وانهيار حتى مرت الشهور  والهزال 
بدا حالها شحوب وفقدان شهية ورغبة في الخلاص من الحياة ، قررت في هذا اليوم يجب أن اجعلها تستمع لي مهما كلفني ذلك سأتحمل كلماتها القاسية وافعالها المتهورة أعلم كم تتألم ..أختاه يجب أن تصبري وترابطي وتعلمي أن الجزاء عند الله كبير و عظيم ، تصرخ ليس في مصيبتي من هو مثلي !! أجيبها كثيرات ثكلى قد فقدن مثلك عزيز وغالٍ لديهم  فأين الصبر والجلد ؟!
هناك من فقدت عزيزاً واحداً وهناك من فقدن أكثر من هذا سأروي لك قصة "الخنساء" كيف تحملت الكثير من الفواجع قبل الإسلام وبعد دخولها فيه ..
لا اريد أن اسمع شيئاً ، ثم تصمت للحظات وتسأل !!
 ما معنى الخنساء ؟!
لم اقاطعها!! واسترسلت 
في أن أروي لها قصته
الخنساء :هى تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية 
لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه لقد كانت رضي الله عنها من نساء العرب الذين عرفوا بقوة الشخصية وحرية الرأي نشأت في بيت عز وجاه مع والدها وأخويها 
معاوية وصخر ،كانت تنظم عشرات القصائد في  التفاخر بنسبها وكرمه تزوجت ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي إلا أنها لم تدم طويلا معه فقد كان يقامر ولا يكترث 
بماله، انجبت منه ولداً ، ثم تزوجت من ابن عمها مرادس بن أبي عامر السلمي وأنجبت منه أربعة أولاد .. اشتهرت الخنساء في الجاهلية 
قاطعتني اختى بهدوء فيما كانت شهرتها ؟! 
 نعم  في شعرها وخاصة  رثاؤها لأخويها صخر ومعاوية هل تعلمين أنها 
ظلت ترثيهما حتى خلافة عمر بن الخطاب !! 
قلطعتني بحدة وغضب  وتعيبين على اختك عدم تحملها فراق ولدها شهوراً 
قولت لها دعيني أكمل لك   الرثاء وشدته اختلف بدخولها في الإسلام قلقد هذَّبَ الإسلام أخلاق الكثيرين بتعاليمه وأحكامه سأكمل لك ، 
عندما قدمت الخنساء على الرسول صل الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم ،أسلمت معهم 
وبهذا تكون من الذين عاشوا في عصر ماقبل الإسلام وبعده، وقد حسن إسلامها ، كانت شاعرة بحق إمتلكت البلاغة والبيان والمنطق ،لم تكن امرأة قبلها أو بعدها أشعر منها، قال عنها الشاعر الكبير بشار بن برد :إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه الضعف ، فقيل له وهل الخنساء كذلك 
فقال تلك التي غلبت الرجال . 
كانت تقول 
قذى بعينيك أم بالعين عوارُ 
أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدارُ 
سئل جرير عن أشعر الناس فأجابهم : أنا ، لولا الخنساء قيل فيما فضل شعرها عنك؟! 
قال بقولها:
إن الزمان وما يفنى له عجب 
أبقى لنا ذنباً واستؤصل الرأس 
كانت شديدة البلاغة والمنطق حسنة البيان والتعبير قيل عن وصفها أخويها معاوية وصخر ،
إن صخر كان الزمان الأغبر ،ومعاوية القائل الفاعل، قيل لها أيهما أوجع وأفجع ؟! قالت 
أما صخر فجمر الكبد 
وأما معاوية فسقام الجسد، تجيبني أختي والدمع ينهمر من عيونها 
تبكيهم حرَّ البكاء وهم أخوتها ما بال حالي وأنا من فقدته ولدي وفلذة كبدي ؟! أصبري اختاه لم أكمل لك بعد لقد فقدت الخنساء أولادها الأربعة 
يوم القادسية فيوم نادى المنادي أن هى جيوش الإسلام للدفاع عن الدين والعقيدة ونشر الإسلام جمعت الخنساء أولادها الأربعة وحثتهم على القتال والجهاد في سبيل الله قالت : يابني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين ، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ، ماخنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ، ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله من ثواب للمسلمين في الحرب مع الكافرين . 
واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، فأذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين ، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ، وبالله على أعدائه مستنصرين . فلما وصل إليها نبأ استشهادهم جميعا قالت : 
"الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته "
فالموقف هنا يختلف عن ماقبل إسلامها فقد تسلل إلى قلبها أمراً غير حياتها وقلب أفكارها، ورأب صدع قلبها ، فإنتقلت من حال اليأس والقنوط إلى التفاؤل والأمل والطمأنية والاستقرار وتوجيه الجهود إلى مرضاة الله عز وجل ، فقد إرتقت بإيمانها إلى مصاف الكمال والتخلي عن الرذائل ، والتحلي بالشمائل لكي يتخطى الإنسان المحن وينتصر على الألم مهما كانت الفجيعة والمصيبة وقدر البلاء ،ليحقق الخلافة الحقيقية التي أرادها الله للإنسان على وجه الأرض ..
قالت أختي وهى مختنقة بالدموع ونعم بالله اللهم أنزل على قلبي السكينة والصبر والسلوان ولكن أريد أن أسألك أختي سؤالاً لم ظلت الخنساء تبكي أخويها حتى عصر الخليفة عمر بن الخطاب  مع إيمانها بقضاء الله وقدره ؟! جاوبتها بارك الله لي في أختي وأبدل الله حالها إلى الخير ، 
لقد ظلت ترثيهماحزنا عليهما لقد مات أخويها وهم على دين الجاهلية 
سأروي لك موقفاً ، أقبل بها بنو عمها  إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، وهى لم تزل تبكي أخويها وهى عجوز كبيرة فقالو: يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مأقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي .
فقال عمر : اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر صخراً ومعاوية ، وإني لموقنة بالموت ، فقال لها عمر أتبكين عليهم وقد صارو جمرة في النار ؟ فقالت :ذلك أشد لبكائي عليهم فگأن عمر رق لها، 
فقال خلوا عجوزكم لا أبا لكم فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي .هذه الخنساء التي عاشت حتى توفيت بالبادية مع أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ٢٤ه‍ ما أن انتهيت حتى حمدت أختى الله على قضاءه ووجوب تقبل كل ماهو مقدر لنا فالله وحده أعلم بحكمته وما علينا إلا الصبر والإحتساب والتقبل بيقين في القلوب بأن رحمة الله وسعت كل شئ 
إلى لقاء 
مع الجزء الثالث من  "نساء لهن فضل"


google-playkhamsatmostaqltradent