recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن زواج التحليل "الجزء الأول"

الصفحة الرئيسية

ماذا تعرف عن زواج التحليل "الجزء الأول"

بقلم - محمـــد الدكـــرورى

إن زواج التحليل ينتج عن عصيان الله عز وجل، وطاعة الشيطان، وهو محاولة لخداع الله سبحانه وتعالى، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه سأله رجل فقال إن عمي طلق امرأته ثلاثا، فقال بن عباس رضى الله عنه "إن عمك عصى الله فأندمه، وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا" فقال كيف ترى في رجل يحللها؟ قال "من يخادع الله يخدعه" وأن هناك تفريق بين المحلل والمحللة له، فعن سليمان بن يسار قال "رفع إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجِها، ففرق بينهما، وقال "لا ترجع إليه إلا بنكاح رغبة غير دلسة" وقد أتى رجل إلى عثمان رضي الله عنه، فقال إن جاري طلق امرأته في غضبه، ولقي شدة، فأردت أن أحتسب نفسي ومالي فأتزوجها، ثم أبني بها، ثم أطلقها، فترجع إلى زوجها الأول، فقال له عثمان رضي الله عنه "لا تنكحها إلا نكاح رغبة" وإن زواج التحليل هو استهزاء بكتاب الله عز وجل، فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المحلل قال "لا ترجع إليه إلا بنكاحِ رغبة غير دلسة، ولا استهزاء بكتاب الله" وإن زواج التحليل باطل ولو لم تعلم المرأة، فكيف لو تعاقدت واتفقت أطرافه عليه؟.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال "لعن الله المحلل والمحلل له"، وهو من روى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لعن المحلل، وقد فسّره بما قصد به التحليل وإن لم تعلم به المرأة، فكيف بما اتفقا عليه وتراضيا وتعاقدا على أنه نكاح لعنة لا نكاح رغبة؟ هذا ولم يُعلم أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد فرّق بين تحليل وتحليل، ولا رخص في شيء من أنواعه، وإن الأدلة من الآثار عن التابعين على بطلان زواج التحليل وهو أنها تؤكد على عدم صلاحية زواج التحليل فعن معمر عن قتادة قال "إذا نوى الناكح أو المنكح أو المرأة أو أحد منهم التحليل فلا يصلح" وأن جميع أطراف زواج التحليل جميعهم مسيئون، ويرى البعض عقوبة المحلل، فعن ابن جريج قال، قلت لعطاء المحلل عامدا هل عليه عقوبة؟ قال "ما علمت، وإني لأرى أن يعاقَب" قال"وكلهم إن تمالؤوا على ذلك مسيئون، وإن أعظموا الصداق" ولا يحل للزوج الأول أن يقرب الزوجة إذا كان نكاحه على وجه التحليل، فعن معمر عن قتادة قال "إن طلقها المحلل فلا يحل لزوجها الأول أن يقربها إذا كان نكاحه على وجه التحليل" وعن جريج قال قلت لعطاء فطلق المحلل، فراجعها زوجها.

قال "يفرّق بينهما" وقال النخعي "إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول، أو الزوج الآخر، أو المرأة، أنه محلل، فنكاح الآخر باطل ولا تحل للأول" وقال الحسن البصري "إذا همّ أحد الثلاثة بالتحليل، فقد أفسد" وأنه لا بد من أن يعمّر الزوجان ويقيما معا، فعن الشعبي أنه سئل عن رجل تزوج امرأة كان زوجها طلقها ثلاثا قبل ذلك، أيطلقها لترجع إلى زوجها الأول؟ فقال "لا، حتى يحدث نفسه أنه يعمّر معها وتعمّر معه" أي تقيم معه، وكذلك فهو بطلان زواج التحليل وإن لم يعلم به الزوج الأول أو المرأة، وقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول ولم يشعر بذلك زوجها الأول ولا المرأة، قال "إن كان إنما نكحها ليحلها، فلا يصلح ذلك لهما ولا تحل له" فيجب فيه أن يكون الزواج زواجا صحيحا، فقال سعيد بن المسيب "إن الناس يقولون حتى يجامعها، وأنا أقول إذا تزوجها زواجا صحيحا لا يريد بذلك إحلالها، فلا بأس أن يتزوجها الأول" وإن الأسرة هى أساس المجتمع، ومنها تتفرق الأمم وتنتشر الشعوب، ونواة بنائها الزوجان، ولقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة الحجرات " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

وإن بقيام الزواج تنتظم الحياة، ويحفظ الحياء، وينعم البال، ويستقيم الحال وبالزواج المشروع يتحقق العفاف والحصان، والنسل الصالح والجيل الخير لا ينبت ولا يتربى إلا في أحضان زوجية شرعية بين أبوة كادحة وأمومة حانية، وإن في الذرية الصالحة والاستكثار منها العز والفخار للدين والأسرة والمجتمع، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة الأعراف "واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم" وقال أيضا سبحانه وتعالى فى سورة الإسراء "ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا" ولم يشإ الله تعالى أن يجعل الإنسان كغيره من العوالم ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له، وإنما جعل اتصالهما اتصالا كريما، مبنيا على رضاهما، وإيجاب وقبول وإشهاد على أن كلا منهما قد صار للآخر، وسمى ذلك ميثاقا غليظا، فقال الله تعالى فى سورة النساء "وأخذن منكم ميثاقا غليظا" وبهذا وضع للغريزة سبيلها المأمونة، وحمى النسل من الضياع، وصان المرأة من أن تكون كلأ مباحا لكل راتع، وقد رغب الإسلام في الزواج بأساليب متعددة متنوعة، تارة بذكر أنه من سنن الأنبياء والمرسلين، خيرة خلق الله أجمعين، حيث قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الرعد.

"ولقد أرسلنا رسلنا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية" ومرة بأنه من نعم الله العظيمة على عباده حيث قال الله سبحانه وتعالى فى سورة النحل "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفده" وأخرى بأنه آية من آيات الله عز وجل حيث قال تعالى فى سورة الروم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون" وحسبك بأمر عظمة وأهمية في حياة الناس أن جعله الله آية من آياته، وحين يتردد المرء في الزواج فيعرض عنه خوفا من تكاليفه وأعبائه، يلفت الإسلام نظره إلى أن الله تعالى سيجعله سبيلا إلى الغنى، فقال تعالى فى سورة النور "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" والأيامى هم الذين لم يتزوجوا من الرجال والنساء، وقد أكد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ذلك حيث قال "ثلاثة حق الله عونهم، وذكر منهم، الناكح يريد العفاف" بل إن الإسلام ليرقى بمشاعر المسلم ويسمو بروحه ويثبت في أحاسيسه أن الزواج عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، حتى في قضاء شهوته، يرجو خيرها وفضلها وثوابها.

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم "وفي بضع أحدكم صدقة" وإن الزواج سكن لكلا الزوجين، فيقول تعالى مخاطبا آدم عليه السلام "ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة" ويقول العلماء فإذا كان آدم عليه السلام وهو في الجنة بحاجة إلى زوجة ليسكن إليها، فلحاجة ذريته من بعده في الدنيا إلى ذلكم السكن من باب أولى، وإن الزواج لباس لكلا الزوجين، يتقي به كل منهما حرارة الغريزة وبرودة الوحدة والعزوبة، فيقول الله تعالى فى سورة البقرة "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" ولكن فإن هناك بعد ذلك كله طلاق حيث يشتمل الطلاق على خمسة أركان، وهي المُطلق، وصيغة الطلاق، ومحل الطلاق، والولاية على محل الطلاق، وقَصد الطلاق، والمُطلق وهو الزوج الصادر منه الطلاق في الأصل، وقد يجري القاضي الطلاق في بعض الحالات التي قد يكون فيها ضررا على المرأة، وللزوج أن يفوّض غيره بإجراء الطلاق بحسب ظروف واقعة الطلاق، وقَصد الطلاق بمعنى أن يقصد الزوج اللفظ الذي يوجِب الطلاق، ويكون مختارا، أي ليس مجبرا، والصيغة وهو اللفظ الذي يعبَّر به عن الطلاق، والأصل أن يُعبَّر عن الطلاق باللفظ، إلا أن هناك حالات يُستبدل اللفظ فيها إما بالإشارة، أو الكتابة، ومحل الطلاق ويقصد به الزوجة التي في عصمة الزوج المُطلق.

والولاية على محل الطلاق ويراد بذلك ألا تكون الزوجة المطلقة أجنبية عن الزوج، كمن يطلق امرأة قبل زواجه منها، وأما عن شروط طلاق الزوجة والفرق بين الركن والشرط فإنه لا بُد من بيان الفرق بين الشرط والركن، فالركن هو ما يتوقف عليه وجود الحُكم، ويكون جزءا منه، وببطلانه يبطل الحكم باتفاق الفقهاء، ومثال ذلك الركوع، والسجود، والقيام، والقراءة في الصلاة، والصيغة في العقد، والشرط هو ما يتوقف عليه وجود الحُكم، ولكنه خارج عن حقيقته، ومثال ذلك هو اشتراط الوضوء والطهارة لصحة الصلاة على الرغم من أنهما خارجان عن ماهيتها، وحقيقتها، وكما أن الشهود في عقد الزواج شرط فيه وخارج عنه، وإن فقد الشرط فقد عقد الزواج، وإن بطل، بطل الحكم عند جمهور الفقهاء، وفسد عند الحنفيّة، ويمكن أن تترتب عليه بعض الآثار، وقد فرق الحنفية في أثر الفساد بين العبادات، والمعاملات، فالفساد لا يختلف عن البطلان في العبادات عند الحنفية، وبذلك يتفقون مع الجمهور، وأما بالنسبة للمعاملات التي فقدت شرطا، فتترتب عليها بعض الآثار عند الحنفية خلافا للجمهور، وأما عن شروط الطلاق فإنه تتعلق بكل ركن من أركان الطلاق مجموعة من الشروط.
ماذا تعرف عن زواج التحليل "الجزء الأول"
google-playkhamsatmostaqltradent