recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله لوط " الجزء الثامن "

 ماذا تعرف عن نبى الله لوط " الجزء الثامن "




كتب- محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثامن مع نبى الله لوط عليه السلام، وإن قصة قوم لوط هي قصة دينية، قد ذكرت في الديانات السماوية الثلاث، الإسلامية، والمسيحية، واليهودية، ونبي الله لوط عليه الصلاة والسلام هو ابن أخ نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو الذي آمن به، وصدقه، ونصره، وسافر معه، ليدعو الناس إلى عبادة الله الواحد الأحد، وقد ارتكب قوم لوط فاحشة عظيمة، وهي إتيان الذكور دون النساء، لذا جاءهم نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام ناصحا إياهم بالإيمان بالله وتوحيده، وداعيا لترك الفاحشة، ولكن قومه عصوه، واستمروا في فاحشتهم، بل وتمادوا فيها، وكانت امرأته منهم أيضا، فعاقبهم الله بأن خسف بهم الأرض، إلا لوطا ومن آمن معه، وقد بدأت قصة قوم لوطٍ عندما ترك لوط عمه إبراهيم بأمره، واستقر في مدينة تسمى سدوم، في أرض الغور شرق نهر الأردن وقد عاش في قرية سدوم في الأردن قوم فاسدون مستكبرون، لا يتقبلون النصح والإرشاد، وقد استباحوا ما حرم الله، وارتكبوا الفواحش والمنكرات التي لم يسبقهم إليها أحد من أبناء آدم على مر الأزمان والعصور، فكانوا من أرذل الأقوام، ولم يترك الله قوم لوط دون إرشاد، فبعث إليهم نبيه لوط عليه السلام حتى ينصحهم، ويرشدهم، ويهديهم إلى عبادة الله وحده.
ويحذرهم من العقاب، فذهب نبى الله لوط عليه الصلاة والسلام إلى أهل سدوم يدعوهم، مستنكرا فعلتهم وظلمهم، ومحذرا إياهم من فعل هذه الفواحش، ومن عواقبها آمن بدعوة سيدنا لوط عدد قليل، لكن البقية سخروا منه، وأخبروه أنهم سيخرجونه ، لكن سيدنا لوطا الذي يحب الخير لأولئك الناس الذين أضلهم الشيطان، وأغواهم عن الطريق الصحيح، لم ييأس ولم يستسلم، فعاد إليهم هاديا، لكنهم أصروا، وزادوا في عنادهم، واستكبروا، وقد أخبر لوط قومه إنه يخاف عليهم عقاب الله وعذابه، لكنهم أصروا على فاحشتهم، حتى جاء أمر الله بمعاقبة هؤلاء الفاسدين، ويعتقد الكثير من المسلمين أن بني نعيم في فلسطين تضم قبر نبى الله لوط عليه السلام في وسط المدينة، حيث يقع القبر داخل مسجد مستطيل الشكل به ساحة داخلية ومئذنة، وقد تم بناء عتبة البوابة الشمالية للمسجد من الحجارة التي تعود إلى العصر البيزنطي عندما كانت توجد كنيسة في هذا الموقع، ويسبق ارتباط بني نعيم بلوط في الإسلام، حيث تشير أعمال العالم الكاثوليكي جيروم في القرن الرابع الميلادي إلى أن القبر يقع في بلدة تسمى كفر باريشا، التي من المحتمل أن تكون الاسم السابق لبني نعيم، ويقول التاريخ أن قبر بنات نبى الله لوط عليه السلام.
يقع على تل قريب من الجنوب الشرقي من بني نعيم بجوار مزار مخصص لنبى الله لوط، والمعروف بمقام النبي ياتين، حيث تقول الأسطورة المحلية أن لوط صلى في الموقع وأن آثار أقدامه لا تزال مرئية في صخرة هناك، وقد تم العثور على آثار أقدام مزعومة للأنبياء وغيرهم من رجال الدين في المزارات الإسلامية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ولم يكن نبى الله لوط عليه السلام من عائلة عادية، بل كان فيها النبوة، فعمه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام الذي وقد رباه بعد وفاة أبيه، فآمن به وصدقه، وهو كذلك من طلب إليه أن يهاجر إلى قرية كافرة ليس فيها مؤمن، تدعى قرية المؤتفكة، أو سدوم، وما حولها من القرى في غور الأردن، ليدعوهم إلى الإسلام، ويعرفهم بالله تعالى، ولما وصل لوط عليه السلام تلك القرية، تعجب من شدة سوء أهلها، فقد كانوا أفجر الناس وأكفرهم، يقطعون الطرق، ويكثرون من فعل السيئات، ولا ينهى بعضهم بعضا عن المعاصي والآثام، ويفعلون المنكرات في نواديهم، كان منها إخراج الريح والأصوات من الدبر والتضاحك من هذا الفعل القبيح، إلى جانب أنهم غرقوا في فعل فاحشة لم تسبق أن فعلتها أمة من قبلهم، وهي انهم كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء، ويفعلون اللواط جهارا.
أمام الجميع دون استحياء ولا خوف ولا وجل من تلك المعصية القبيحة، ويذكر أن بلاد قوم لوط كانت خصبة وفيها خير كثير، وكان الناس يأتون إلى ناحيتهم لينالوا شيئا من تلك الثمار وذلك الخير، فكانوا يقطعون الطريق، ويؤذون من يمر باتجاه قريتهم، إلى ان تمثل لهم إبليس اللعين بهيئة شاب، ومر من ناحية ديارهم، فأرادوا أن يؤذوه، فدعاهم إلى الفاحشة معه، ففعلوا حتى ألفوا هذا الأمر، وأصبحوا يفعلونه بكل من يأتي إلى ناحيتهم، وقيل إن إبليس أعطى لهم هذه الفكرة لينفروا الناس ويمنعوهم من الذهاب ناحية قريتهم، حتى كثر فعلهم له، وصار منتشرا بينهم، وبعدما وجد نبى الله لوط من هذه الأفعال، أخذ عليه السلام يحاورهم، ويحاول أن يردهم إلى دين الله تعالى، ويبعدهم عن الشذوذ الذي وقعوا فيه، والمعاصي التي استمرؤوها فمارسوها، وراح يخبرهم أن الله تعالى سيعاقبهم إن لم يقلعوا عن ذلك، فجادلوه وأكثروا النقاش معه، ولما يئسوا منه، ولم يفلحوا في رد حججه عليهم، بحكم ان فطرتهم الشاذة كانت تدلهم على أن العفاف والطهارة أمر سيء يستحق فاعله الإخراج والطرد من القرية التي يسكنونها وبالرغم من دعوة لوط عليه السلام لهم، إلا ان أحدا منهم لم يؤمن برسالته ، بل زادوا في تماديهم وعصيانهم.
حتى يئس عليه السلام من نتائج دعوته لهم، ودعا عليهم بأن يهلكهم الله لما يفعلونه من هذه الجريمة النكراء ، فأهلكهم الله تعالى بأن رماهم بحجارة من السماء فكان ذلك جزاء الظالمين، لكن لوط عليه السلام دعا بأن ينجو هو وأهله جميعا، فاستجاب الله لدعائه، وأمر الملائكة أن تهلك قومه، وتذيقهم العذاب، فأرسل الله ثلاثة ملائكة كرام إلى قرية سدوم في هيئة رجال من عند نبى الله إبراهيم عليه السلام، وهم جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاستجابوا لأوامر الله سبحانه وتعالى، حتى يُنزلوا عقابه وعذابه على قوم لوط، فخسف المدينة وكان بعد وصول الملائكة إلى قرية سدوم، قد نزلوا ضيوفا على نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، فاستقبلهم بحفاوة، وكانت وجوه هؤلاء الرجال غاية في الحسن، لذا خاف عليهم من قومه، وما هي إلا لحظات حتى سمع طرقاً على الباب، فإذا بجمع من القوم ومعهم زوجته التي أخبرت القوم عنهم، فأسرعوا يطالبون لوطا بتسليمهم الضيوف، فخاف لوط على ضيوفه، لكن الملائكة طمأنوه، وطالبوا منه ألا يخاف، وأخبروه أنهم ملائكة الله، وأنهم سينقذون لوطا ومن آمن معه من العذاب، قبل أن ينزل الله غضبه وعذابه على هؤلاء القوم، فأبلغ لوط المؤمنين بأمر الله أن يغادروا القرية المغضوب عليها فورا.
وما كاد الليل يحل حتى غادر لوط عليه السلام ومن آمن معه قرية سدوم، حتى إذا ابتعد عنها جاء أمر الله، وفي صباح يومهم تزلزلت الأرض في هذه القرية بزلزال عظيم دمر البيوت، وجعل عاليها سافلها، فمُحيت قرية سدوم من الوجود، وأهلها الفاسدين، ولم يبق لهم أى أثر، وحسب المصادر المسيحية تقول، أنه استوطن قوم لوط عليه السلام مدنتى سدوم، وعمورة، كما ذكر في الكتاب المقدس في الآية الرابعة والعشرين " فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء " بينما لم يذكر القرآن الكريم مكان قوم لوط بشكل قطعى، إنما استدل العلماء على المكان عن طريق تفسير النصوص القرآنية المذكورة، وإن حديثا، قد تمكن علماء الآثار من تحديد موقع مدينة سدوم وهى في منطقة تسمى تل الحمام حاليا، وتقع شمال شرقي مصب نهر الأردن، على بُعد أاربعة عشر كيلو متر شمال البحر الميت، حيث تم العثور على أحواض صخرية عملاقة في المنطقة، إلى جانب العديد من الشواهد الصخرية، والدولمن أو المناطير، وهي طاولات حجرية ضخمة، مكونة من الصخور الصوانية الكبيرة، وتقسم الآثار المعثور عليها في المدينة إلى قسمين وهما سُفلى، وعُلوى حيث يحتوي الجزء العلوي من المدينة
سورا ضخما يحيط المدينة، وهو مصنوع من طوب طينى قد بناه سكان المدينة الأوائل لحماية المدينة وتحصينها، ويرجع إلى العصر البرونزى للمدينة، وعُثر أيضا على بوابة ضخمة ترجع إلى العصر الحديدى، وتقع في الجزء الشمالى من المدينة، وتضم بُرجين ضخمين، وتحت طبقات من الرماد، عُثر على منزلين، يعود أحدهما إلى العصر البرونزى، أما الآخر فيعود إلى العصر الحديدى، ويضم مطبخا، وقد عُثر في الجزء السفلى من المدينة على مبنى ضخم، ارتفاعه متران، ويرجع إلى العصر الحديدى كما عُثر على العديد من المنازل التي تعود إلى العصر البرونزى، وتحتوي أدوات منزلية من الفخار، بالإضافة إلى ساحة رئيسية ممهدة بالكامل بالطين الصلب، ويقع عند مدخلها برجان ضخمان متوازيان في البناء، وكان اكتشاف المدينة بدأت في كانون الأول من عام ألفان وخمسه ميلادى بعمليات التنقيب في منطقة البحر الميت للبحث عن آثار مدينة قوم لوط المذكورة في النصوص المسيحية، وكانت هذه المجموعة الاستكشافية بقيادة عالم الآثار ستيفن كولينز، من جامعة ترينيتي في نيو مكسيكو، تحت إشراف دائرة الآثار الأردنيه، واستمرت عمليات التنقيب عشر سنوات، حتى تشرين الأول من عام ألفان وخمسة عشر ميلادى حيث أعلنت البعثة اكتشاف آثار في المدينة، ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ.


google-playkhamsatmostaqltradent