recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

من أخلاق الحبيب

الصفحة الرئيسية


 

 بقلم الداعية: داليا كامل 

 خُلق الحِلم "الجزء الثاني"

 

 نعود سويا في هذا المقال لنستكمل حديثنا الذي كنا قد بدأناه عن خلق عظيم من أخلاق الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ألا وهو خلق الحِلم.  . . 

 خلق الحِلم عند النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقا ملازما له في كل مواقفه وفي كل حياته، مع أهل بيته ،ومع أصحابه، ومع الكفار والمنافقين.  

 كان صلى الله عليه وسلم مع زوجاته مثالا للزوج الحليم على زوجته،  فهو يعلم أنه لا كامل إلا الله -عز وجل- ومن أمثلة حلمه عليهن أنه كان يتقبّل من نسائه مناقشتهنّ إيّاه في كلامه ،وصبره على هجرهن إياه وعلي غيرتهن الشديدة عليه


 ذات  مرة  أنكر سيدنا عُمر بن الخطاب- رضي الله عنه- على زوجته رَدّ كلامه إليه،  فقالت له:  (فوالله إِنَّ أزواجَ اَلنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وَسُلَّم لِيُرَاجِعْنَهُ،  وتهجُرُه إِحْدَاهُنَّ اليومَ إلى اَللَّيْل، إن أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ليُراجعْنه وتهجُرُه إحداهُنَّ اليومَ إلى الليلِ ).  

 أما عن حلمه على المؤمنين نذكر هذا المثال الرائع من صبره على خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه 

 عن أنس رضي الله عنه قال:  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن أحسن النَّاس خُلُقًا،  فأرسلني يومًا لحاجة،  فقلت:  والله لا أذهب،  وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبيُّ الله -صلَّى الله عليه -وعلي آله وسلَّم،  قال:  فخرجت حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السُّوق،  فإذا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم،  قابضٌ بقفاي مِن ورائي،  فنظرت إليه وهو يضحك،  فقال:  «يا أُنَيس!  اذهب حيث أمرتك».  قلت:  نعم،  أنا أذهب يا رسول الله.  قال أنس:  والله لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين ما علمت قال لشيء صنعتُ:  لم فعلتَ كذا وكذا؟  ولا لشيء تركتُ:  هلَّا فعلتَ كذا وكذا؟  

 أما عن حلمه على الكفار والمنافقين نذكر هنا أن الأصل في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء المنافقين أنه كان يجري أحكامهم على الظاهر ما داموا يظهرون الإسلام مع علمه التام بكفرهم بل وأذيتهم وشرهم الذي كان يفوق أذى الكفار في كثير من الأحيان 

 أما عن حلمه على من كذبوه وآذوه

 نذكر هنا هذا الموقف  فقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة:  «يا رسول الله،  هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟  فقال صلى الله عليه وسلم:  لقد لقيت من قومك ما لقيت،  وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة،  إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت،  فانطلقت وأنا مهموم على وجهي،  فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (ميقات أهل نجد)،  فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني،  فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني،  فقال:  إن الله قد سمع قولك وما ردوا عليك،  ولقد أرسل إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت،  فناداني ملك الجبال وسلم عَلَيَّ،  ثم قال:  يا محمد،  إن الله قد سمع قول قومك لك،  وأنا ملَك الجبال،  وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت؟  إن شئتَ أن أُطبق عليهم الأخشبين (الجبلين)،  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا».  

 وهكذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى لكل من أراد تهذيب نفسه وتدريبها على هذا الخلق العظيم،، والطريق للتحلي بهذا الخلق القويم يأتي بمجاهدة النفس مرة بعد مرة حتى تعتاد عليه وتكسب سعادة الدارين ورضا الله عزّ وجلّ كما في الحديث الشريف ((إِنَّمَا العلمُ بِالتَّعَلُّمِ،  وَإِنَّمَا الحِلْمُ بِالتَّحَلمِ )) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.




google-playkhamsatmostaqltradent