recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

المحامى




المحامى

بقلم: صلاح علام 
دعوى النسب هى فتيل أكبر كارثة إنسانية في مجتماعتنا الشرقية التى من المفترض أنها مجتمعات متدينة بفطرتها وطبيعتها ... ولكن الابناء غير الشرعيين صاروا يشكلون نسبة كبيرة ليست من المجتمع كله فحسب بل من أطفال الشوارع الذين يعتبرون قنابل موقوتة لكل فساد وجريمة وإنتهاك للإنسانية بكل صوره .. فهم ولا شك أكبر مجنى عليهم من جريمة قذرة تتبعها جريمة أخرى أكثر قذارة وهى إلقاؤهم بعد ولادتهم ملائكة بيضاء في الشوارع وتحت السيارات أو في الترع والمصارف ... ولكن يظل هذا الجرح النازف الدامى يحتاج الف يد لتضميده وتطبيبه وتطيبه وجبر خاطر أصحابه فهم شئنا أم أبينا أبناؤنا جميعا وفي رقابنا جميعا ونحن جميعا مسؤولين عنهم وعن مصائرهم فنحن الذين نعرف ونؤمن بأننا سنقف بين يدي الديان يوم الحساب يحاسبنا عن أنفاسنا شهيقا وزفيرا فكيف سيكون حسابنا عن ملائكة بيضاء النفس والروح نظيفة السر والسريرة لا ذنب لها إلا أنها ولد علي يد ملوثة ومذنبة وخاطئة بل وزانية ثم قاتلة لتلك الملائكة 

ولكن يبقي السر الأعظم لهذه المأساة كامن في دعوى إثبات النسب التي تقف قلبا ومحورا لقلب الشرع والقانون فثمة ضوابط وأسس تحكمها ولا تحيد قيد أنملة فيما وضعه رب العزة سبحانه وتعالى من أساس للنسب وثبات النسب فالولد للفراش ولا ينسب طفل لأبيه الا اذا سبق ذلك فراش زوجية صحيحة وفي ذلك بالقطع حكمة إلهية وقد خطي القانون الخطوات ذاتها في تقنينه لتلك الضوابط والإجراءات 

ولكي نقدم تحليلاً تشريعياً لذلك فدعونا أولا أن نفصل مسمى هذه الدعوى (إثبات النسب) إلي عنصرين لا ثالث لها . أولهما الإثبات والاثبات له قاعدة اولى من أبسط وأسهل وأخطر ما يمكن وهي أن البينة علي من إدعى .. فحتى تستطيع إمرأة أن ترفع دعوى لاثبات نسب طفلها بيولوجياً الى أبيه البيولوجى أيضا أن تثبت أن هناك واقعة الدخول بها أو شبهة الدخول بها .. فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نحرك دعوى ثبوت النسب لمجرد واقعة زنا تحصل منها حمل ثم مولود فالاصل في الإنسان البراءة ولا يمكن التفكير في إنسان أنه إرتكب ذنب مثل الزنا والانسان بحسب الشرع والقانون الأصل فيه البراءة ولكن لكي نفترض ان هناك واقعة دخول بإمرأة نتج عنها حمل وولادة لجنين حى يحتاج إلى نسب فلابد من ثبوت علاقة زوجية رسمية كانت أو عرفية سواء أكانت ثابتة بالكتابة أو بشهادة الشهود وهذا هو المدخل للعنصر الثانى لدعوى(ثبوت النسب) وهو النسب ذاته . 

يعرف لغةً، بأنه: النسبة إلى الشيء، أي انتسب فلانٌ إلى والدهِ، بمعنى التحق بهِ، ويعرف أيضاً: أنه القرابة والصلة بين شيئين، أو فردين، ويعرف اصطلاحاً، بأنه: الارتباط بالوالدين، والذي يعتمد على وجود اسم للفرد، يربطه بوالدهِ، ووالدتهِ، ويتصل مع أصوله من العائلة، أي الأجداد خصوصاً، ثم الأقارب والأهل .. فكل تلك العلاقات والترابطات لا يمكن أن تتحقق الا بزواج وعلاقة شرعية ثابتة نافذة برضا الله ورسوله وعلي سنة الله ورسوله والا فما بني علي باطل فهو باطل فكيف للعلاقات الانساب والأصهار وصلات الأرحام تقوم علي واقعة زنا دون أى وجود دليل علي دخول صحيح وفراش صحيح أو حتى شبهة دخول ودون هذا الدليل او هذه البينة لا تسمع دعوى النسب من الأساس امام المحاكم .. 

فلو ترك الامر علي مصراعيه لكان لكل رجل سافر او اختفي او غادر مكانه أن تتدعي أي إمرأة في غيابه انه أب بيولوجي لمولود منها وتستصدر في غيابه حكما بثبوت نسباً ليس نسبه ثم تتصل أرحاماً ليست لبعضها ويتقارب من هم ليسوا أقارب ويرث من ليس له ميراث وتحلل زيجات وتحرم زيجات علي إدعاء كاذب من ساقطة أو زانية أنجبت سفاحاً . 

الأمر شائك للغاية وخطير وملتهب شرعاً وقانوناً متفجر إنسانياً ومجتمعياً والضحية ملائكة لا ذنب لهم ولكن تبقي الأصول ثابتة وراسخة .. وليحمل كل منا ذنبه .. وتبقي القاعدة الشرعية والقانونية أن البينة علي من إدعى واليمين على من أنكر هي حائط الصد لكل ما سبق .. ورحمة ربك وسعت كل شيء



google-playkhamsatmostaqltradent