recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

في تطور جديد.. تيجراي يعلن موافقة "مبدئية" على وقف إطلاق النار



في تطور جديد.. تيجراي يعلن موافقة "مبدئية" على وقف إطلاق النار


















أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، قبل نحو يوميْن، قبولها المبدئي بوقف إطلاق النار الذي أعلنته حكومة "آبي أحمد" بشكل أحادي في 28 يونيو الماضي، لكنها وضعت مجموعة من الشروط من أجل بلورة هذا الاتفاق رسميًّا واستدامته، لعل أبرزها الانسحاب الكامل للقوات الإريترية وميليشيات الأقاليم المجاورة - في طليعتها ميليشيا إقليم الأمهرا - التي انخرطت في حرب تيجراي دعمًا لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية (الجيش الإثيوبي) منذ قرابة ثمانية أشهر.








وفي هذا السياق، أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أن السبب الرئيس لقبولها بهذه الموافقة المؤقتة المشروطة يتمثل في إيمانها الكامل بأن أمن شعب تيجراي لا يقبل المساومة أو المقايضة، ولا يحتمل جولات أخرى من الصراع. لكن القبول بوقف إطلاق النار في هذه المرحلة لا يعني أن الحرب قد وضعت أوزارها أو أن إقليم تيجراي في اتجاهه نحو الاستقرار؛ وذلك بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ أولها: أن ثمَّة شروطًا وضعتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي يستحيل إدخالها حيز التنفيذ الفعلي، وأبرزها مطالبتها كلًا من حكومة "آبي أحمد"، ودولة إريتريا برئاسة "أسياس أفورقي" بتحمُّل المسؤولية الكاملة عن الدمار الذي لحق بالإقليم وتعويضه، مما يعني ضمنًا الاعتراف بالمسؤولية عن الانتهاكات وجرائم التطهير العرقي، التي رصدتها تقارير المنظمات الحقوقية الدولية مثل مذبحة أكسوم وغيرها، إضافةً إلى تشكيل لجنة تحقيق تتبع الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن الجرائم المُروعة المرتكبة.

 



































ويُعد اعتراف حكومة "آبي أحمد" بمسؤوليتها عن هذه الانتهاكات أمرًا مستحيلًا؛ ذلك لأن اعترافها يُرتِّب جملة من الإجراءات ضد النظام، من بينها احتمالية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بشأن "آبي أحمد" وعدد من المسؤولين الإثيوبيين والإريتريين كون هذه الانتهاكات قد ارتقت إلى "جرائم حرب" أو "جرائم ضد الإنسانية". وسواء مَثُل "آبي أحمد" أمام المحكمة أو لم يْمثُل، فإن ذلك سيفرض ضغوطًا وقيودًا متزايدة على نظامه قد تودي به إلى العزلة الدولية على غرار العزلة التي فُرضت على نظام "عمر البشير" في السودان حينما صدرت ضده مذكرة اعتقال على خلفية جرائم الحرب المُرتكبة في إقليم دارفور في عام 2003، وما يُزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لـ"آبي أحمد" عن "البشير" هو كون الأول حائزًا على جائزة نوبل للسلام، واعترافه بهذه الجرائم وتعويض إقليم تيجراي عن خسائره البشرية والمادية يعني الاستجابة لدعوات إعادة التقييم وسحب الجائزة منه. وبالتالي، فإن انتفاء هذا الشرط الذي وضعه تيجراي، يعني أن القبول بوقف إطلاق النار يُعد قبولًا مؤقتًا، وربما يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، ولن يُمهِّد السبيل أمام سلام مستدام بين تيجراي وحكومة "آبي أحمد".










































والعامل الثاني ينصرف إلى الانتشار المُكثَّف للميليشيات التي ساندت قوات "آبي أحمد"، وهي ميليشيات لا تخضع لقواعد الجيوش النظامية - على غرار الجيشيْن الإثيوبي والإريتري- وبالتالي فإن انسحابها من تيجراي غير مضمون على الإطلاق، حتى وإنْ انسحبت القوات الإريترية والإثيوبية بشكل كامل من الإقليم.














وفي الوقت الراهن، تشهد العديد من المدن بتيجراي، مثل، أكسوم وغيرها، مواجهات مسلحة بين قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي والميليشيات المسلحة الأمهرية، وذلك بالتزامن مع محاولات الجبهة إعادة تموضع قواتها، واستعادة سيطرتها على الإقليم بعد انسحاب قوات "آبي أحمد"، واعتقال الجبهة لنحو 7000 من قوات الجيش الإثيوبي، واقتيادهم سيرًا على الأقدام في شوارع المدينة لمدة 4 أيام إلى سجن العاصمة ميكيلي.
















أما العامل الثالث الذي يجعل من الصعب استدامة السلام والاستقرار بإقليم تيجراي رغم وقف إطلاق النار، يتمحور حول المشهد الإنساني شديد التعقيد، وما يشهده الإقليم من كارثة إنسانية حقيقية؛ فبحسب تقديرات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الصادرة منذ أيام قلائل، هناك نحو 900 ألف شخص بإقليم تيجراي يواجهون مجاعة ضارية، في حين جاءت تقديرات الأمم المتحدة لتؤكِّد أن ما يربو على 350 ألف شخص يواجهون المجاعة مع توقعات بأن الوضع سيزداد سوءًا، فضلًا عن 70 ألف لاجئ إثيوبي للسودان، وهم جميعًا بحاجة إلى العودة وإعادة التوطين بإقليمهم تيجراي.

















ويضيف هذا الوضع الإنساني المتأزم تحديًا كبيرًا أمام الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي رغم استعادتها السيطرة على الإقليم؛ إذ لا يمكن استعادة السِلم المجتمعي بالإقليم في ظل وجود مجاعة ضارية، وآلاف من اللاجئين والنازحين، لا سيما أن حكومة "آبي أحمد" لا تدخر جهدًا في عرقلة جهود المجتمع الدولي لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة للمتضررين، وكان آخرها تدمير جسر على نهر تاكيزي كان يمثِّل معبرًا رئيسًا للمساعدات إلى تيجراي.

 



وتأسيسًا على ما سبق، بالإمكان القول إن إعلان الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قبولها المبدئي بوقف إطلاق النار لا يعني بأية حال استعادة الاستقرار أو تدشين مرحلة للسلام المستدام بين تيجراي وحكومة أديس أبابا؛ فالعوامل سالفة الذكر تدلِّل أن الصراع يدور في "حلقة مفرغة"، وأن الحرب بتيجراي ستظل - وفقًا للمؤشرات الراهنة - حربًا بلا نهاية كما ورد في تحذيرات الأمم المتحدة.


ويُعزز هذه الفرضية أيضًا فشل مجلس الأمن الدولي حتى اللحظة الآنية في إصدار بيان مشترك يدين حكومة "آبي أحمد"، أو الدفع بالاتجاه نحو اتخاذ أي إجراء فعلي لدعم استقرار تيجراي، وذلك في ضوء اختلاف المواقف من الحكومة الإثيوبية بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى؛ وتجلى ذلك بوضوح في الجلسة الأخيرة للمجلس التي ناقشت أزمة تيجراي، والمُنعقدة في 2 يوليو الجاري، إذ اعتبرت واشنطن وقف إطلاق النار الذي أعلنته حكومة "آبي أحمد" بمثابة "حصار" ما دام استمر عرقلة حكومته لإيصال المساعدات الإنسانية.





























وفي المقابل، فإن بكين وموسكو قد أيَّدتا حكومة "آبي أحمد"؛ إذ اعتبرت روسيا أن أزمة تيجراي هي شأن داخلي، ومناقشته تؤدي إلى تقويض السلطات الفيدرالية في إثيوبيا، في حين أكَّدت الصين أن حكومة "آبي أحمد" أظهرت نجاحًا في تلبية احتياجات تيجراي الإنسانية، وإعادة فتح الاقتصاد المحلي بالإقليم، واستعادة الحياة الطبيعية، ولعل استمرار التباينات في مواقف أعضاء مجلس الأمن الدائمين يحول دول التوصُّل لقرار يستهدف وضع حد للحرب بين تيجراي وحكومة "آبي أحمد" مما قد يجعلها حربًا بلا نهاية.






في تطور جديد: تيجراي يعلن موافقة "مبدئية" على وقف إطلاق النار


google-playkhamsatmostaqltradent