الحربُ على البوسنة والهرسك
إعداد:هبة المنزلاوي
صُنِّفت الحربُ على البوسنة والهرسك بالحرب الأبشع في أوروبا ،فهي وقعت قبل 30 عاما واستمرت لأكثر من ثلاث سنوات و ذهب ضحيتها أكثر من
100 ألف شخص، وتعرض بسببها أكثر من مليون شخص للتهجير، فلقد شهدت مجازر عرقية ضد المسلمين خلال أربعينيات القرن الماضي فقامت مجموعة دول في أوروبا الشرقية بتكوين اتحاد عرف بجمهوريات يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية ،وتشكلت من6 دول وهي صربيا، وكرواتيا ،والبوسنة والهرسك، والجبل الأسود، وسلوفينيا ومقدونيا ،وكان المارشال جوزيف تيتو زعيماً في الجمهورية فقد قام بدوره في الحفاظ على اتحاد هذه الدول وقام بالاعتراف في 1974 بالقومية الإسلامية بعد أن تعرض المسلمون للتهميش والاضطهاد،
في أوروبا الشرقية منذ وصول الاسلام إلى أراضي البلقان على يد العثمانيين عام 1463، ولكن اعتراف تيتو لم يمحُ العصبية تجاههم وبعد وفاته في الثمانينات أخذت الجمهوريات بالتشرذم والتشتت ، وتكونت أحزاب مختلفة العرقية لأول مرة وفي نهاية عام 1990 أجريت أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ يوغسلافيا وفاز حزب العمل الديمقراطي المكوّن من مسلمي يوغسلافيا بالنسبة الأكبر من مقاعد البرلمان، وتم تقسيم السلطة فكان الرئيس بوسنيّا، ورئيس البرلمان صربيّا ،ورئيس الوزراء كرواتيّا، واختفى كل ذلك منذ لحظة إعلان كل من سلوفينيا وكرواتيا استقلالهما مما أثار غضب صربيا التي قامت بإرسال قواتها العسكرية لمحاربة كرواتيا ولكن قام المجتمع الدولي بالتدخل ومنع الحرب وأعلنت بعدها البوسنة والهرسك استقلالها أيضاً ولكن صربيا قامت بتجاهلها وأعلنت قيام جمهورية يوغسلافيا أو صربيا الكبرى وضمت أراضٍ تابعة للبوسنة والهرسك إضافة إلى صربيا والجبل الأسود ولم يقبل المجتمع الدولي
الاعتراف بالجمهورية إلا بشروط منها إجراء استفتاء شعبي وصوت الأغلبية بالبوسنة على الاستقلال
وحدثت اضطرابات مارس 1992 خلال إجراء الاستفتاء في 1 مارس كانت سراييفو في حالة هدوء باستثناء إطلاق النار على حفل زفاف صربي ،ونظر المسلمون إلى التلويح بالأعلام الصربية في بششرشيا على أنه استفزاز مقصودً في هذا اليوم والذي كان بدعم من أغلبية الكروات البوسنيين والمسلمين
ولكن تمت مقاطعته من معظم صرب البوسنة وراح ضحيته نيكولا جاردوفيتش والد العريس وأصيب كاهن صربي أرثوذكسي، ولقد ذكر الشهود اسم القاتل رامز ديلاليتش الشهير أيضاً باسم سيلو
وهو أحد رجال مافيا العصابات الصغيرة وتزايد إجرامه منذ سقوط الشيوعية، وقيل أيضاً أنه أحد أعضاء جماعة القبعات الخضراء و لقد صدر أمر اعتقاله بالإضافة إلى مشتبه آخر واستنكر الحزب الديمقراطي الصربي حادثة القتل وقال: إن عدم اعتقاله كان بسبب حزب العمل الديمقراطي أو تواطؤ الحكومة البوسنية
وأشار المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الصربي إلى أن الحادثة برهانٌ علي أن الصرب في خطر قاتل وسيصبحون كذلك في البوسنة المستقلة، ذلك الشيء الذي لم يقبله سفير خليلوفيتش مؤسس الرابطة الوطنية الذي قال :إن هذا لم يكن حفل زفاف بل استفزاز واضح ،وأدان ضيوف الزفاف بأنهم من نشطاء الحزب الديمقراطي الصربي وظهرت العقبات في الصباح الباكر التالي في نقاط عبور رئيسية في كل أنحاء المدينة وكان يقودها أنصار مسلحون و ملثمون بعد أن قام
علي عزت بيجوفيتش رئيس حزب العمل الديمقراطي بالإعلان عن استقلال البوسنة والهرسك بمارس عام 1992 فتحركت صربيا وشنت حرباً بدعم كرواتيا وصرب البوسنة وقام رادوفان كراديتش
بقيادة القوات الصربية الذي اشتهر بكرهه للمسلمين وكانوا في نظره العقبة التي حالت دون قيام صربيا الكبرى وقام بمحاصرتهم بسراييفو لأكثر من ثلاث سنوات أما بالنسبة إلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي فحاولا التدخل بخجل دون استجابة ووفق مذكرات نشرتها صحيفة الحياة عام 2014 جاء إلى البوسنة مقاتلون من أفغانستان للمشاركة في الحرب وأعلنوا الجهاد وكان لهذه الحرب دور أساسي في تشكيل الجيل الثاني من قيادات تنظيم القاعدة، أما عن الزعيم الصربي كراديتش فتجاهل التنديدات الدولية وساند القائد العسكري راتكو ملاديتش لارتكاب مجزرة سربرنيتشا في يوليو عام 1995 التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في هذه الحرب واعتبرت من أبشع المجازر في أوروبا وذهب ضحيتها أكثر من 8000 مسلم وقامت القوات الأمريكية بالتدخل أخيراً وأجبرت الصرب على الانسحاب وتوصلوا الى إتفاقية دايتون للسلام التي بموجبها تم إنهاء الحرب
وتحويل قضايا الإبادة العرقية لمحاكم دولية وبعد ذلك تم إلقاء القبض على كراديتش بعد 13 عاما بعد أن كان هارباً و حُكِم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة .
