recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء الثامن "

الصفحة الرئيسية



 المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء الثامن "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع المسجد والسوق والعلاقة بينهما، وقد حفز النبى صلى الله عليه وسلم على التجارة وعلى الزراعة وعلى الصناعة، وعلى أي عمل مهما كان بسيطا، وربط صلى الله عليه وسلم كل ذلك بالأجر والثواب عند الله تعالى، كما ربطه أيضا بعزة المسلم والأمة في الدنيا، وأتبع كل ذلك بفيض هائل من التشريعات والقوانين التي تكفل دقة وسهولة التعامل الاقتصادي، وتحفظ للجميع حقوقهم وتعرّفهم بما لهم وبما عليهم، ليس هذا فحسب، بل علم صلى الله عليه وسلم الشعب أن الفساد بكل صوره حرام، وحرم الرشوة والسرقة والاختلاس والإسراف والتهرب من الزكاة، وبهذا حفظ للدولة مالها وحقوقها وللشعب ماله وحقّه، وظهرت البركة في المال القليل. 


ومع أن المسلمين كانوا في البداية فقراء لكن زاد المال وتحسن الاقتصاد، وخرج المسلمون من أزمتهم بنجاح بفضل الله عز وجل، وبفضل التشريع الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فيقول تعالى فى سورة الأعراف "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" وهذه البركات رأيناها فعلًاً في المدينة المنورة، فهذه النظرة الاقتصادية الثاقبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد فوتت على قريش فرصة محاربة المسلمين اقتصاديا، وفوتت عليهم أيضا التحالفات التي كان يعقدونها مع اليهود وغيرهم، وخرج المسلمون فعلا من عنق الزجاجة، وباتوا يعتمدون على أنفسهم في حياتهم، ومن لا يملك قوته لا يملك رأيه.


ومع كل هذه المحاولات من قبل قريش والتي تبوء بالفشل لاستئصال شأفة المسلمين، لم تكتفى قريش بذلك، بل استمرت في المحاولة والكيد والتدبير، ولكن الله تعالى يقول "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" ولقد لعبت المرأة دورا جليا في تاريخ الإسلام، في السلم والحرب، وساهمت في إثراء الحراك الإنساني والثقافي والإداري، ومن النساء اللائي رسم التاريخ اسمهن بحروف من نور هى السيدة الشفاء العدوية، التي تعتبر أول امرأة تولت إدارة الأسواق في عهد خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب، وكانت تلك الولاية باختيار الخليفة نفسه، وقد كانت أهلا لذلك، وتعتبر الشفاء من أوائل المعلمات الجليلات في الإسلام، ومن النساء القلائل اللائي يعرفن القراءة والكتابة. 


وساهمت منذ وقت مبكر في تاريخ الدعوة الإسلامية في تعليم النساء تطوعا منها، وممن تعلمن على يدها السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب، إحدى زوجات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويروى أن اسمها الأساسي ليلى وقد لقبت بالشفاء وربما كان لهذا اللقب دلالات بعينها، يمكن أن تقود إلى معانى متعددة كخبرتها بمهارات العلاج، وقد تزوجت مرتين، في المرة الأولى من أبوحثمة بن حذيفة القرشي، وولدت له سليمان، ومن ثم تزوجت من شقيقه مرزوق وولدت له أباحكيم، فكانت الشفاء ذات الأصل القرشي، التي ينتهي نسبها إلى كعب بن لؤي، ذات صيت في تاريخ الإسلام، فإن ذلك الأمر بدأ منذ بواكير الدعوة فهي من أوائل النساء المؤمنات برسالة النبي صلى الله عليه وسلم والدين الجديد. 


وكانت كذلك من المهاجرات مع زوجها إلى الحبشة في الهجرة الأولى للمسلمين، كما بادرت للهجرة المبكرة في المرة الثانية إلى المدينة المنورة، وفي وقت كان فيه التعلم قليلا بين النساء كان لإجادة الشفاء القراءة والكتابة دور في حياتها انعكس بجلاء مع بدء الدعوة وتشجيع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لها، الذي كان يكن لها التقدير، وبعد أن هاجرت خصص لها الرسول صلى الله عليه وسلم دارا بالمدينة نزلت فيها مع ابنها سليمان وكان يزورهما في تلك الدار، ما يدل على مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد ساعد الإسلام وتشجيع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام للشفاء في أن تلعب دور القدوة للنساء الأخريات وتزرع فيهن حب العلم والمعرفة، ولابد أن هذا الدور القيادي.


المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء الثامن "


google-playkhamsatmostaqltradent