recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء السابع "

الصفحة الرئيسية



 المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء السابع "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع المسجد والسوق والعلاقة بينهما، وكان الصحابى الجليل عثمان بن عفان رضى الله عنه اقتصادي إسلامي كبير، وقد وجه جهده لشراء ما ينفع الأمة، بدلا من التجارة في شيء من الرفاهيات والكماليات، وكان هذا بتوجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم حيث وجهه صلى الله عليه وسلم لشراء السلع الإستراتيجية، التي هي في هذا الموقف الماء، ويظهر في هذا الموقف شيئا في غاية الأهمية، وهو دور التربية الإيمانية في بناء الأمة الإسلامية، ففي هذا الموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك شيئا دنيويا يعوض به عثمان بن عفان رضى الله عنه عن الماء الذي اشتراه، ولا يتوقع صلى الله عليه وسلم أن يشتري المسلمون منه الماء. 


لأن المسلمين فقراء، ومن ثَم فقد حفزه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء عظيم، فقال صلى الله عليه وسلم "من يبتاع بئر رومه غفر الله له" وفى روايه "فله الجنة" ولو لم يكن إيمان عثمان بن عفان يقينيا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبالجنة والنار لما هان عليه أن يدفع آلاف الدراهم دون أي عائد دنيوي، ولم تكن هذه المشكلة تحل دون تطوع من اقتصادي مسلم غني، يرغب في الدار الآخرة لأن بيت مال المسلمين لم يكن به مال، لذلك كخطوة أولى قبل بناء دولة لا بد من الاطمئنان على إيمان وعقيدة الجنود الذين ستبنى على أكتافهم هذه الدولة، وبهذه الخطوة الجبارة أمّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لأمته، وكان بعد ذلك الاستقلالية عن سوق اليهود.


وإنشاء السوق الإسلامي الحر المعتمد على نفسه، فالرسول صلى الله عليه وسلم علم أن الدولة الإسلامية لا يمكن لها أن تقوم في المدينة، وهي تعتمد على سوق بني قينقاع اليهودي لذلك أمر الصحابة بأن يبحثوا عن مكان مناسب في المدينة المنورة ليصبح سوقا للمسلمين، ويتحكم في تجارته المسلمون، ويدار على شرع المسلمين وقانون المسلمين، وقد اجتهد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في البحث عن مكان مناسب للسوق، وذهبوا هنا وهناك وذهب الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى أكثر من موضع، ولم يعجبه في البداية المواضع المختارة إلى أن رأى موضعا يصلح من حيث المساحة والموقع، فقال صلى الله عليه وسلم "هذا سوقكم، فلا ينتقصن " 


أى لا ينتقصن من قيمة هذا السوق، ولا من أرض هذا السوق، ولا يضربن عليه خراج" أي لا يصح للحاكم أن يضع قيودا أو ضرائب على من يريد أن يتاجر في هذا السوق وذلك ليشجع رسول الله صلى الله عليه وسلم التجارة الإسلامية، وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في اعتباره من أول يوم أنشأ فيه السوق الإسلامي، وبدأ المسلمون يهجرون سوق اليهود وهو سوق بني قينقاع، ويتعاملون مع السوق الإسلامي، فكانت مقاطعة محمودة، وهذه المقاطعة لم تكن سلبية، بل كانت إيجابية بإنشاء السوق البديل، وإيجابية لإيجاد البضائع الموازية لبضائع اليهود وغيرهم، ولا شك أن السوق الإسلامية في أولها كانت ضعيفة عن السوق اليهودية. 


لكن بمرور الوقت قويت شوكة الاقتصاد الإسلامي وأصبح الاقتصاد الإسلامي معتمدا على نفسه، وكان هذا الاهتمام من الرسول صلى الله عليه وسلم من أول الدعوة ولم يكن أمرا لحظيا في حياته صلى الله عليه وسلم، بل ظل طيلة عمره صلى الله عليه وسلم يحفز الناس على إقامة اقتصاد إسلامي، وحفز النبى صلى الله عليه وسلم على التجارة وعلى الزراعة وعلى الصناعة، وعلى أي عمل مهما كان بسيطا، وربط صلى الله عليه وسلم كل ذلك بالأجر والثواب عند الله تعالى، كما ربطه أيضا بعزة المسلم والأمة في الدنيا، وأتبع كل ذلك بفيض هائل من التشريعات والقوانين التي تكفل دقة وسهولة التعامل الاقتصادي، وتحفظ للجميع حقوقهم وتعرّفهم بما لهم وبما عليهم.


المسجد والسوق والعلاقه بينهما "الجزء السابع "


google-playkhamsatmostaqltradent