recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

التجارة الإلكترونية في القارة الإفريقية: التحديات والفرص

الصفحة الرئيسية

 


التجارة الإلكترونية في القارة الإفريقية: التحديات والفرص

 


 











شهدت سوق التجارة الإلكترونية العالمية، على مدار العامين الماضيين، تغييرًا جزريًّا في أنماط الشراء والتسوق؛ حيث اعتاد المستهلكون على شراء سلعهم من منازلهم - وهو تغيير أحدثته عمليات الإغلاق الصارمة، والقيود المفروضة على الحركة أثناء انتشار فيروس كورونا- ويتوقع العديد من المحللين أن هذا التحول في سلوك المستهلك سيدفع صناعة التجارة الإلكترونية إلى الأمام لخمس سنوات على الأقل. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يصبح هذا التحول في سلوك التسوق تحولًا دائمًا وليس مؤقتًا.







التجارة الإلكترونية في القارة الإفريقية: التحديات والفرص













فعلى الرغم من أن جائحة "كوفيد-19" تسبَّبت في خفض التجارة العالمية للسلع بنسبة 9٪ خلال عام 2020، وكذلك انخفاض التجارة العالمية للخدمات بنسبة 15٪ خلال العام نفسه، إلا أنها ساعدت في زيادة حصة التجارة الإلكترونية في تجارة التجزئة العالمية من 14٪ خلال عام2019 إلى 17٪ من عام 2020.









وقد استجابت العديد من الدول الإفريقية لهذا التحول في نمط الشراء منذ تفشي الجائحة، حيث ارتفع حجم مستخدمي التجارة الإلكترونية في إفريقيا بنسبة 24% خلال عام 2020، وبنسبة 28% خلال عام 2021، كذلك فقد شهدت منصة جوميا الإفريقية زيادة في المبيعات بنسبة تزيد على 50% - من 3.1 ملايين إلى 4.7 ملايين - خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019، بالإضافة إلى ذلك، فقد انخفضت نسبة استخدام طرق الدفع النقدي التقليدية في التعاملات التجارية في العديد من الدول الإفريقية، على سبيل المثال وصلت إلى 9% فقط في جنوب إفريقيا، و23% في نيجيريا، و40% في كينيا.









وقد حقق قطاع منتجات الملابس والأزياء والإلكترونيات أعلى إيرادات لمبيعات التجارة الإلكترونية في إفريقيا، ووفقًا لبيانات إدارة التجارة الدولية "International Trade Administration" من المتوقع أن يستمر نمو التجارة الإلكترونية في مجموعة من القطاعات في إفريقيا حتى عام 2025، ومن المتوقع أن تنمو إيرادات التجارة الإلكترونية بمعدل نمو سنوي مركب 10.3% في قطاع الملابس والأزياء، ونحو 12.3% في قطاع الأغذية، ونحو 8.4% في قطاع الإلكترونيات، ونحو 11.4% في قطاع الأثاث.














فوائد التجارة الإلكترونية للدول النامية


إن استخدام التجارة الإلكترونية في الدول النامية يمنح الشركات والمؤسسات العديد من الفرص لاكتساب الكثير من الفوائد، ويمكن تصنيف هذه الفوائد المترابطة للتجارة الإلكترونية بشكل عام إلى ثلاث فوائد (استراتيجية، ومعلوماتية، وتشغيلية) على النحو التالي:

 





1- الفوائد الاستراتيجية: ترتبط الفوائد الاستراتيجية الخاصة بالتجارة الإلكترونية بتحسين أداء السوق؛ حيث توفر التجارة الإلكترونية للشركات في الدول النامية المزيد من الفرص لتوسيع نطاق وصول المنتجات إلى الأسواق، والوصول إلى عملاء وأسواق جديدة، هذا بالإضافة إلى فرص الدخول في سلاسل السلع العالمية.

 







2- الفوائد المعلوماتية: ترتبط الفوائد المعلوماتية بتحسين معلومات السوق واحتياجاته؛ حيث تتيح التجارة الإلكترونية نشر المعلومات التفصيلية حول منتجات وخدمات الشركات على مواقعها الإلكترونية، وإتاحتها لجميع الأطراف (الموردون، والعملاء، والمشترون) وإنشاء قناة اتصال تفاعلية معهم سواء من خلال الأسئلة المتداولة والاستفسارات والتعليقات حول المنتج ومدى رضا الجمهور عنه؛ مما يساعد المؤسسات والشركات في أن تصبح أكثر دراية باحتياجات العملاء والمستهلكين، وبالتالي تستجيب بشكل أكثر ملاءمة لزيادة الكفاءة.











3- الفوائد التشغيلية: ترتبط الفوائد التشغيلية بخفض التكاليف وتحقيق الكفاءة في عمليات التجارة؛ مما يسهم في تحسين أنظمة تسليم المنتجات أو الخدمات، كذلك يسهم في تحقيق وفورات مباشرة في التكاليف والوقت، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية من خلال التركيز على الابتكار والخدمات ذات الجودة المضافة، وتحسين التخصص في المنتجات والخدمات.

 










وعلى الرغم من الفوائد العديدة للتجارة الإلكترونية، فإن الكثير من الدول الإفريقية لا يزال يواجه مجموعة من التحديات التي تحول دون نمو هذا القطاع.









التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية في إفريقيا:



على الرغم من أن مستقبل التجارة الإلكترونية في إفريقيا مشرق، فإن هناك مجموعة من التحديات التي قد تعوق هذا المستقبل، ويمكن ذكر أهم هذه التحديات على النحو التالي:

 

1- انتشار عمليات الاحتيال عبر الإنترنت في دول إفريقيا

تتزايد بشكل كبير عمليات الاحتيال عبر الإنترنت في دول إفريقيا؛ فقد أدى انتشار الجرائم الإلكترونية في إفريقيا إلى تثبيط عزيمة نسبة كبيرة من السكان الأفارقة من التسوق عبر الإنترنت، ونتيجة لذلك تجد غالبية السكان في إفريقيا صعوبة في الوثوق بعمليات التجارة الإلكترونية، ويلجئون إلى طرق التجارة التقليدية.

 

 2- ارتفاع تكلفة الإنترنت في دول إفريقيا

تعد منطقة إفريقيا من أكبر المناطق من حيث ارتفاع تكلفة استخدام الإنترنت؛ حيث لا تزال إفريقيا جنوب الصحراء تمتلك أغلى أسعار لاستخدام إنترنت الهاتف المحمول في العالم. وذلك وفقًا لتقرير تسعير بيانات الجوال “Worldwide Mobile Data Pricing” لعام 2021، والذي قارن تكلفة 1 جيجابايت من بيانات الهاتف المحمول في 230 دولة. وجاءت نتيجة المقارنة وجود ست دول إفريقية من أصل عشر دول الأغلى في العالم؛ حيث بلغ متوسط السعر الإقليمي لبيانات 1 جيجابايت نحو 6.4 دولارات في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، في حين بلغت 5.3 دولارات في قارة أمريكا الجنوبية، ونحو 4.6 دولارات في منطقة أوروبا الشرقية، وفي آسيا فقط 1.8 دولار لكل 1 جيجابايت.


3- افتقار الخدمات اللوجستية في إفريقيا

تتمثل إحدى أكبر العقبات اللوجستية التي تعوق نمو التجارة الإلكترونية في إفريقيا في الافتقار إلى أنظمة العناوين الوطنية National Address System (NAS)، والتي يقصد بها تسمية وترقيم الشوارع والمباني؛ لتسهيل تحديد المواقع، لذلك كان على الشركات الاعتماد على عناوين وصفية إلى حد ما، وعلى المعالم التي قدمها العملاء خلال المراحل الأولى من عملية الشراء عبر الإنترنت. كذلك يُطلب من مندوبي التوصيل أيضًا البقاء على اتصال دائم مع العملاء عند تسليم المنتجات لتلقِّي المزيد من التوجيهات أثناء الطريق؛ مما يمثل زيادة في الوقت والتكاليف.

 

4- انخفاض نسب الشمول المالي في إفريقيا

من المعروف أن خدمات الدفع الإلكتروني تتطلب وجود حسابات مصرفية وبطاقات ائتمان لدى المستهلكين؛ حيث يعد الوصول إلى المؤسسات المالية وبطاقات الائتمان أمرًا مهمًّا لازدهار التجارة الإلكترونية، وبدون حلول الدفع هذه، تضطر المؤسسات العاملة في مجال التجارة الإلكترونية إلى استخدام الدفع النقدي عند التسليم أو التحصيل في نقاط الاستلام، وهي خيارات قد تكون مكلفة. وتعد إفريقيا من المناطق التي تتدنى بها نسب حاملي البطاقات الائتمانية؛ حيث تبلغ نسبة الدول الإفريقية التي يمتلك نصف سكانها حسابًا مصرفيًّا 25% فقط من إجمالي دول إفريقيا، كذلك لم تتخطَ نسبة الدول الإفريقية التي يمتلك نصف سكانها بطاقات ائتمان 11% فقط.

 

5- ارتفاع معدلات الأمية في الدول الإفريقية


تواجه غالبية مواطني الدول الإفريقية صعوبة في استخدام مواقع التجارة الإلكترونية؛ بسبب انخفاض معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في المنطقة، حيث إن هناك بعض الدول في القارة الإفريقية تقل فيها معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة عن 30٪ من السكان. وعلى الرغم من وجود العديد من التحديات والمشكلات التي تواجه تعزيز التجارة الإلكترونية داخل القارة الإفريقية، فإن هناك مجموعة من الفرص أمام نمو هذا القطاع يمكن انتهازها لتصبح نقطة تحول في ازدهار هذا القطاع داخل الدول الإفريقية، والاستفادة من الفوائد التي يحققها القطاع.









فرص نمو التجارة الإلكترونية في الدول الإفريقية





يتمثل أهم فرص نمو التجارة الإلكترونية في دول إفريقيا في الارتفاع المتوقع في حجم الطبقة المتوسطة خلال الفترة القادمة، والتحسن في القوة الشرائية؛ حيث تحسنت القوة الشرائية للمستهلكين في دول إفريقيا نتيجة لعاملين رئيسين؛ هما: توافر وظائف مستقرة ذات أجر جيد، وتحسين الوصول إلى التعليم العالي، ويقدر بنك التنمية الإفريقي أن يزداد عدد سكان الطبقة المتوسطة في إفريقيا بشكل كبير خلال السنوات القادمة؛ مما يمثل فرصة لنمو قطاع التجارة الإلكترونية. كذلك تتوقع إدارة التجارة الدولية "International Trade Administration" أن يتجاوز عدد مستخدمي التجارة الإلكترونية في إفريقيا نصف مليار مستخدم بحلول عام 2025، بمعدل نمو سنوي مركب ثابت يبلغ 17٪.









خلاصة القول، لابد من الاستفادة من الفرص الموجودة لتعزيز التجارة الإلكترونية داخل الدول الإفريقية، ولبلوغ هذا الهدف ينبغي للحكومات في إفريقيا تخصيص موارد كافية لتعزيز الشمول المالي، وتطوير البنية التحتية مثل أنظمة العناوين الوطنية National Address System (NAS)، والطرق وشبكات السكك الحديدية وغيرها من وسائل النقل التي يمكن أن تحسِّن الخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية، وتساعد أيضًا على دمج وتكامل أسواق التجارة الإلكترونية في إفريقيا، وبالتالي تساعد في زيادة قيمة سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة.








google-playkhamsatmostaqltradent