recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن عبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول ( الجزء الثالث )


ماذا تعرف عن عبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول ( الجزء الثالث )



محمد الدكروري                                             


إعداد / محمـــد الدكــــرورى


ونكمل الجزء الثالث ومع عبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول، وقد وقفنا مع والده عبد الله إبن أبى بن سلول، وكيف كان عدائه للإسلام ؟ وكان ذلك على يد من كانوا يرغبون في تتويجه ملكاً عليهم في السابق، فنبذه أهله وأقرب الناس إليه، وكان موقف ولده عبدالله بن عبدالله بن أبي رضي الله عنه، والذي كان من خيرة الصحابة، وقد قال يوما للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " يا رسول الله، والذي أكرمك، لئن شئت لأتيتك برأسه " فقال له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم " لا ، ولكن برّ أباك وأحسن صحبته " رواه البزار، وتدور عجلة الأيام، والمسلمون في معاناتهم من أذى النفاق ومكائده، حتى حانت اللحظات الأخيرة من حياة ابن سلول، ففي أواخر شهر شعبان يسقط على فراشه ويقاسي آلام المرض وشدة الموت، والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

لا يكفّ عن زيارته والسؤال عن حاله بالرغم من عداوته له، ولعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أراد بذلك أن يتألف قلب هذا المنافق، لعلّه يلين إلى ذكر الله تعالى، والقلوب بين أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، إضافة إلى كون ذلك فرصة فاعلة لدعوة أتباعه وأوليائه، وتروي لنا كتب السيرة تفاصيل اليوم الأخير من حياة ابن سلول ، فقد دخل عليه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يزوره ، فطلب ابن سلول من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يعطيه ثوبه ليكون كفناً له، وإنما فعل ذلك ليدفع به العار عن ولده وعشيرته بعد موته، كما قال الإمام ابن حجر، ولم يكن من عادة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أن يردّ سائلاً أبداً ، فأعطاه قميصه، كرماً منه وفضلاً، ومكافأة له لما كان منه يوم بدر، فقد استعار النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

من ابن سلول قميصه يوم بدر ليعطيه عمّه العباس رضي الله عنه ، وقد كان العباس طويلاً فلم يكن يناسبه إلا قميص ابن سلول، وجاء عبدالله بن عبدالله بن أبي رضي الله عنه إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال " يا رسول الله، أعطني قميصك أكفنه فيه، وصلّ عليه، واستغفر له " فأعطاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قميصه ، وقام ليصلّي عليه ، فلما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك أسرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له " أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ " فقال له " إني خُيّرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها " وكان يعني قوله تعالى : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) فقد جاءت الآية بالتخيير بين الاستغفار وعدمه .

فلما صلى عليه نزلت الآية الأخرى وهي قوله تعالى ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) وبموت عبدالله بن أبي بن سلول انحسرت حركة النفاق بشكل كبير، وتراجع بعض أفرادها عن ضلالهم، في حين اختار البعض الآخر البقاء على الكفر الذي يضمرونه، والنفاق الذي يظهرونه، لا يعرفهم سوى حذيفة بن اليمان صاحب سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عن وفاة عبد الله بن عبد الله بن أبى بن سلول فكانت وفاة عبد الله فى موقعة اليمامه أو يقال عنها معركة عقرباء وهى كانت فى السنة الحادية عشر من الهجره، وكانت في عهد الخليفه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، واليمامة هى إحدى معارك حروب الردة، وكانت بسبب ارتداد بني حنيفة وتنبؤ مسيلمة الحنفي الذي إدعى أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

قد أشركه في الأمر، ومما قوى أمر مسيلمة شهادة الرجال بن عنفوة الذي شهد له، كذباً وأنه سمع رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يشركه في الأمر، وقد وجه أبو بكر الصديق عكرمة بن أبي جهل لقتاله، ولما فشل عكرمة ولم يستطع الصمود أمام جيش مسيلمة، تراجع، ولما بلغت أنباء هزيمة عكرمة لشرحبيل بن حسنة، آثر الانتظار حتى يصله المدد من خليفة المسلمين، وظل في مكانه حتى يأتيه خالد بن الوليد في جيش جمع عددا من كبار الصحابة والقراء، فلما سمع مسيلمة الكذاب من دنو خالد بن الوليد ضرب عسكره بعقرباء فاستنفر الناس فجعلوا يخرجون إليه حتى بلغوا أربعين ألف رجل تبعه أكثرهم عصبية، حتى قيل أن بعضهم كان يشهد أن مسيلمة كذاب وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، لكنه يقول "كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر".

وفي الطريق إلى اليمامة، التقى خالد بن الوليد وجيشه بفرقة من جيش اليمامة، خرجت للثأر لبني عامر وقد عثر المسلمون عليهم وهم في ثنية اليمامة نائمون، فسألهم عن مسيلمة، فردوا "منكم نبي ومنا نبي" فأمر خالد بقتلهم جميعاً عدا مجاعة بن مرارة لعله يستفيد من خبرته ومكانته في قومه، وقد كانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة وراية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس والعرب على راياتها، فكان بينهم وبين المسلمين يوم شديد الهول ثبت فيه بنو حنيفة وقاتلوا عن أنفسهم وأحسابهم قتالاً شديداً، حتى انكشف المسلمون وكادت الهزيمة تلحقهم لولا رجال من ذوي الدين والحمية الدينية الذين ثبتوا وصرخوا في الناس: "يا أصحاب سورة البقرة يا أهل القرآن زينوا القرآن بالفعال"، وقال سالم مولى أبي حذيفة: "بئس حامل القرآن أنا إذا لم أثبت".

وأمرهم خالد بن الوليد بأن يمتازوا حتى يعلم من أين يُؤتوا، فأثارت هذه الصيحات روح الاستشهاد في نفوس المسلمين، فحملوا على جيش مسيلمة حملة استطاعوا أن يزحزحوا جيوشه عن موقفهم الأول، ثم شد المسلمون حتى فر بنو حنيفة إلى الحديقة التي تسمي "حديقة الرحمن" وكانت منيعة الجدران فتحصنوا بها إلا أن المسلمين استطاعوا أن يقتحموها بفضل البراء بن مالك الذي رفعوه فوق الجحف برماحهم واستطاع فتح باب الحديقة ودخل المسلمون وهم يكبرون، فقتل فيها مسيلمة وكان قاتله هو وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب فيما قيل، وقد قتل في هذه المعركة خلق كثير من جيش المسلمين، وكانت المعركة فاصلة ففيها انتصر المسلمون وهزم أعداؤهم بعد معركة من أعنف المعارك قتل فيها مسيلمة وأربعة عشر ألفاً من قومه.

وهم سبعة آلاف خارج عقرباء وسبعة آلاف في الحديقة، والتي سميت بعد ذلك بحديقة الموت وقد استشهد في اليمامة ألف ومائتا شهيد منهم زيد بن الخطاب والطفيل بن عمرو وأبو دجانة وسالم مولى أبي حذيفة و ابي حذيفة و عبد الله بن سهيل وغيرهم كثير من كبار الصحابة، فكانت شخصية بن سلول الأب كانت شخصية عنيده، وكانت أول مقابلة لهذه الشخصية مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في ما رواه الإمام البخاري رحمه الله، في صحيحه عن أسامة بن زيد أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه، ويعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعت بدر حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول قبل أن يسلم عبد الله بن أبي أي يتظاهر بالإسلام، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين ومن المشركين عبدة الأوثان.

وكان في المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمر عبد الله بن أبي بن سلول، أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي بن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجلسنا، إرجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: "بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك" فاستب المسلمون، والمشركون، واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم، يخفضهم، حتى سكنوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم، دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب " يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا، فقال سعد بن عبادة.

" اعف عنه واصفح عنه فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله تعالى بالحق الذي أنزل عليك لقد اصطلح أهل هذه البحيرة أي البلدة وهي يثرب التي صارت المدينة وطيبة على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة أي يتوجوا عبد الله بن أبي ملكا عليهم فلما أبى الله ذلك فاتت الفرصة على عبد الله بن أبي وفاته الملك للإسلام الذي جاء فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك غص به وكرهه فذلك فعل به ما رأيت" فعفى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى أي في تلك المرحلة التي جاءت بعدها مرحلة أخرى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم ونزلت الآيات بجهاد الكفار، والمنافقين، والغلظة عليهم.

وتغيرت الحال فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدرا فقتل الله به صناديد كفار قريش وقال بن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه أي ظهر وبان وقوي الإسلام وقام عموده، قد توجه فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، على الإسلام فأسلموا أي في الظاهر، وكان من شأن عبد الله بن أبى بن سلول أنه هو الذي بادر بنشر رواية حادثة الإفك بخصوص أم المؤمنين السيده عائشة بنت أبي بكر الصديق، رضى الله عنهما، هكذا المنافق ذا القلب الأسود والنفس الخبيثة والمكر السيء عبد الله بن أبي بن سلول لم يلبث أن أطلق سهما قاتلا، كاد أن يصيب من الدعوة مقتلا، ومن صاحبها مقتلا ومن زوجته الحبيبة مقتلا، ومن أحد أشراف أصحابه مقتلا، إنها حادثة الإفك التي عاش فيها المسلمون شهرا عصيبا، كان درساً كبيرا لهم، والدعوة كلها دروس وعظة وعبر. 

google-playkhamsatmostaqltradent