recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن صلاة الظهر

ماذا تعرف عن صلاة الظهر


بقلم -محمـــد الدكـــرورى

إن للصلاة شأن عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ولذا فرضها وجعلها عمودا للدين، وكان فرضها في السماوات العلى من بين سائر أركان الإسلام، وهي صلة بينه سبحانه وتعالى، وبين عباده، وهى راحة للمؤمنين، وهى قرة عين للموقنين الخاشعين، وهي سبب للرزق والفلاح، وباب للسعادة والنجاح، وهى مذهبة للهم والغم، ولا يحافظ عليها إلا عبد مؤمن موحد بالله عز وجل، فتكون الصلاه سببا فى التعاسه أو الشقاء، فمن قام بحقها فهو السعيد ومن تركها تهاونا بها فهو الشقى التعيس، وإن الشيطان عدو البشرية جمعاء، وهو حريص كل الحرص على صرف المسلم عن هذه الصلاة، لأن من انصرف عن صلاته فحتماً سينصرف عن بقية أحكام الشريعة، وإنه والله لا دين لمن لا صلاة له. 

ولا حظ له في الإسلام، وإن الذنوب لهي أكبر معول لهدم الدين في النفوس، وأعظم معين للأعداء، ألا وإن من أعظم الذنوب والمعاصي التي عُصي الله بها في الأرض ما جاء على لسان ذلك اليهودي الذي قال : " إذا أراد المسلمون أن ينتصروا علينا فلا بد أن يكون حضورهم في صلاة الفجر مثل حضورهم في صلاة الجمعة " وأما عن صلاة الظهر، فهى من الصلوات الخمس المفروضة، وتسمى الصلاة الأولى، لأنها أول صلاة صلاها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد عودته من رحلة الإسراء والمعراج، والظاهر أنه عليه الصلاة والسلام صلى بالأنبياء عليهم السلام صلاة الفجر، في بيت المقدس، ثم عاد إلى مكة، فكان أول صلاة صلاها هو والمسلمون صلاة الظهر. 

وفي كونها تسمى الصلاة الأولى حديث وهو عن أبى برزه الأسلمى رضى الله عنه لما سئل عن صلاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قال: " كان يصلى الهجيرالتى تدعونها الأولى حين تدحض الشمس " رواه الشيخان البخارى ومسلم، وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى: " كانت أول صلاة صلاها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الظهر " ويجب علينا جميعا أن نعلم أن صلاة الجماعة فرض عين، وهى تجب في حال الصحة والمرض، وتجب في حال الإقامة والسفر، وتجب في حال الأمن والخوف، وفي ساحات الوغى والقتال، فلقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم، بالصلاة في حال الحرب ولم يعذره بتركها، فكيف بمن يعيش في بيته وبين أهله آمناً من الخوف. 

وسالماً من العاهات، فصلاة الجماعة لا تسقط عن المسلم بحال ما دام عقله ثابتاً، ولو عذر في تركها أحد لكان العذر لمن يقاتلون الأعداء في ساحات القتال، حيث قال الله تعالى ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم ) ولو كان هناك عذر للتخلف عن صلاة الجماعة لأعذر الأعمى في تركها، فقد روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يرخص له، فلماّ ولىّ دعاه فقال " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم، قال : فأجب " وفي رواية قال : " لا أجد لك رخصة " ولم يُرخص لذلك الضرير الأعمى، بعيد الدار، ولا قائد له، والطريق إلى المسجد وعرة وكثيرة الهوام. 

فما بالنا بمن أنعم الله عليه بشتى النعم، نعمة البصر، وإضاءة الطرق والأمن من الخوف، والمركب الموصل إلى المسجد، فما عذرك يا من تركت صلاة الجماعة ؟ وما حجتك أمام الله ؟ إن نعم الله عليك لا تعدّ ولا تُحصى ومن أجلها وأعظمها نعمة البصر التي بها ترى الطريق إلى بيوت الله عز وجل، فماذا لو وضعت أعمالك في كفة ونعمة البصر في الأُخرى، ثم رجحت نعمة البصر، فيالها من خسارة عظيمة ونهاية مؤلمة، وصلاة الظهر هي ثاني الصلوات الخمس المفروضة كل يوم وليلة، باتفاق أئمة المسلمين وفقهائهم، وهي صلاة سرية تتكون من أربع ركعات، وتعقد طوال أيام الأسبوع وقت الظهيرة عدا يوم الجمعة، فتحل مكانها صلاة الجمعة بالنسبة لمن يذهب إلى المسجد. 

وهي أول صلاة صلاها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد فرض الصلوات الخمس، ووقت الظهر يبتدئ من زوال الشمس عن وسط السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله سوى فئ الزوال، أي إلى دخول وقت العصر، إلا أنه يستحب تأخير صلاة الظهر عن أول الوقت في المسجد عند شدة الحر، حتى لا يشق على المصلين ذهابهم إلى المسجد، ودليل هذا هو ما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه حيث قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة " رواه البخاري، وعن أبي ذر الغفارى رضى الله عنه قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال : أبرد، ثم أراد أن يؤذن. 

فقال : أبرد، مرتين أو ثلاثا، حتى رأينا في التلول، وهو الظل الذى بعد الزوال، ثم قال : إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة" رواه البخاري ومسلم، وما اجتمع على الأرض من تراب أو نحو ذلك غاية الابراد قال الحافظ في الفتح : واختلف العلماء في غاية الابراد، فقيل حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال، وقيل : ربع قامة، وقيل : ثلثها، وقيل : نصفها، وقيل غير ذلك، والجاري على القواعد، أنه يختلف باختلاف الأحوال ولكن بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت، ووقتها وسط النهار بعد الزوال، وهو عقب تسجير جهنم، فمؤدي صلاة الظهر يستجير بالله تعالى من عذاب جهنم كل يوم بعد تسجيرها، فحري بمن حافظ على الظهر أن ينجو من عذاب النار. 

ففي حديث عمرو بن عبسه السلمى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له عن وقت الظهر، " ثم صلى فإن صلاة الظهر مشهوده محضوره حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاه فإن حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفئ فصلى فإن الصلاة مشهوده محضوره حتى تصلى العصر " رواه مسلم، فيا تاركاً للصلاة ويا هاجراً لبيوت الله ويا مستهيناً بأوامر الله، هل تذكرت هادم اللذات ومفرق الجماعات، هل تذكرت مفارقة المال والأهل والأولاد، هل تذكرت يوماً تكون فيه من أهل القبور، هل تذكرت ضيقها وظلمتها، ووحشتها وكربتها، هل تذكرت عذاب القبر وحياته وعقاربه، هل تذكرت عندما يضرب الفاجر بمرزبة من حديد ويصيح صيحة يسمعه كل الخلائق إلا الإنس والجن. 

فهل تذكرت عندما تسأل في قبرك أتوفق للجواب أم تحيد عن الصواب، فيا ويلك كيف نسيت الموت وهو لا ينساك، ويلك كيف غفلت ولم يغفل عنك، وويل لك كيف تؤثر دنياك ولا تدري غداً ما يفعل بك، فأعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وإياك والتفريط في جنب الله فالله معك يسمعك ويراك، إياك والتسويف، ولا تقل ما زلت في مقتبل العمر ولسوف أتوب، فالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً، وصلاة الظهر تأتي وسط النهار بعد ساعات من العمل في الصباح، فتزيل التوتر الناتج عن كثرة العمل أو طبيعته، لأن الصلاة راحة المؤمن، فيرتاح الموظفون والعمال بصلاة الظهر جسديا بعد ساعات من العمل، كما يرتاحون ذهنيا بإفراغ شحنات التوتر والقلق التي اختزنوها أثناء عملهم. 

وهذا أمر يعرفه أهل صلاة الظهر، فصدورهم بعد الصلاة أكثر راحة وانشراحاً عما كانوا عليه قبلها، ويجدون في أنفسهم نشاطاً وإقبالاً على العمل من جديد، وهذا، وإن من الناس من يتهاون في صلاة الظهر، فمنهم من ينهمك في عمل أو في اجتماع ويضيع الجماعة في المسجد أو في مصلى وظيفته، وكان بإمكانه أن يتوقف عن عمله، ويقطع اجتماعه إلى ما بعد الصلاة، وذلك خير له وأزكى فقال الله عز وجل فى كتابه الكريم ( قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى ) وأما عن عدد ركعات سنة الظهر، فهى ركعتان قبلها وركعتان بعدها، وورد كذلك أنه يصلي أربعا قبلها وركعتين بعدها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:" حفظت من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عشر ركعات. 

وهم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها " إلى آخر الحديث وهو حديث متفق عليه، وعن السيده عائشة رضي الله عنها أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : " كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة " رواه البخاري، ولا ينافي هذا الحديث حديث ابن عمر في قوله: ركعتين قبل الظهر، لأن هذه زيادة علمتها السيده عائشة رضي الله عنها، ولم يعلمها ابن عمر . والله أعلم.


google-playkhamsatmostaqltradent