الحلقة الخامسة من (الجمعية)
بقلم: مايسة إمام
لا تدري صابرين كم من الوقت مر عليها وهي قابعة قبوع الأسير الكسير وبين يديها ذلك العِفريت الأسود ولم ترتد إلى عالمهاإلا مع صوت غناء ماهر خلفها وهو يختبئ بمنشفته .
وصدمة رؤيتها بالغرفة على هذا الحال ارتبك قليلا وهو يسحب جهاز الجوال من بين يديها ويقول : إيه عاجبك ياماما أجيب لك واحد زيُّوه ؟ بس هتعرفي فيه ياصبورة ولا هتتعبينا معاك وتابع الضحك .
كانت نظرة صابرين الثاقبة إلى عينيه وصوتها المتحشرج كمن يعاني سكرات الموت وخروج الروح وهي تقول له : هتجيب فلوسه منين ياماهر ؟! من مصروفك برضه !! ومن هول المفاجاة المندفعة من يد صابرين والتي هوت بها على وجه ماهر بصفعة أشبه بلكمات مصارع عنيف شرس جعلته يترنح
وأكملت قائلة : طول عمري بقول طايش وبكره يعقل و يفهم ، لكن عمري ماتخيلت إنك هتكون بالإنحطاط علاقات مشبوهه يانجس ، وكمان مع رجالة ياقذر، بتبيع نفسك زي بنات الليل والغواني يارخيص ،الله يلعنك لو أعرف أن بطني كانت هتشيل نجاسة زيك كنت شقتها بإيدي وخلصت قبل ماتيجي
هي دي التربية اللي ربيناهالك وهو داالحرام والحلال اللي رضعته من صغرك ، قصرنا معاك في إيه عشان تبقى كدا قولي ؟!
ولأول مره تنهمر الدموع الحارقة من عيني ماهر وهو يقول بسخرية اليائس : قصرتوا في إيه ههههههه؟!!
قولي مقصرتوش في إيه ؟!
طول عمرنا عايشين على الأد ومحرومين من حاجات كتييييير اللي زيِّنا بيتمتع بِها وكل يوم تقولولنا بكره الخير جي ولما الخير بدأ يشاور لنا بس.... بابا بنى بينا وبينه سور وكل سنة كان يعلي السور عن السنة اللي قبلها
كل سنة مستنين المكسب وفلوس الجمعية ،المكسب وفلوس الجمعية ، وسنة تجُر سنة وحرمان يولد حرمان لحد مااتخنقت وأنا شايف أصحابي عايشين وأنا ميت ، شاربين وشبعانين وأنا دايما عطشان واللي في ايده يسقيني حابس عني المَيَّه قال إيه بيأمن مستقبلي ، بيعمل لبكره ههههههههه ، طيب هو فين النهاردة اللي عشناه عشان ندور على بكره ، مع إننا مطلبناش كتير يعني، طلبنا منكنش محرومين ونحس بكرامتنا وإحنا عندنا اللي يسترنا اتحايلت عليكم نشتري كمبيوتر ِلينا كلنا ونشوف العالم كله معاكم وتكونوا معانا تراعونا وتنصحونا لكن كله كان متعلق بحبل الجمعية اللي كل يوم يطْوَل ويطْوَل لحد مالف على رقبتنا وخنقنا .
انت فاكرة إني مبسوط بنفسي ؟!!! دا أنا باستحمى كتير من قرفي من نفسي ، مبحبش المراية ولا بحب أبص لنفسي فيها ، بحط برفانات كتير عشان مبحبش ريحتي ، أنا بنام كتير بالنهار وبترعب لوصحيت على صوت أذان ، بقيت أنام لوحدي واخواتي صاحين بالنهار عشان منمش جنب حد منهم واعديه بالقرف اللي أنا فيه ، اللي شفتيه بيكلمني دا وغيره هم اللي وروني الدنيا اللي اتحرمنا منها .
موبايل أحدث موديل بدل الكمبيوتر ونت مفتوح طول اليوم ،الهدوم والبرفانات الماركات العالمية اللي عمرنا ماعرفناها والخروجات والفُسَح اللي كانت مستنية فلوس الجمعية اللي مبتجيش ،أنا عجزت وأنا عندي 20سنة وانا مستني أمل كداب .
كان حديث ماهر صدمة بالنسبة لصابرين فلم تكن تتخيل أن ترى شبح ولدها هذا في يوم من الأيام ، ولم تتصور أن يكون هذا هو المستقبل الذي سعى إليه حافظ سعيا حثيثاً ظنا منه أنه يدخر من مال اليوم للغد وأن عليه أن يُقَطِر عليهم حتى يكون غدهم خير من يومهم ولم تدرماذا تقول أو تفعل ؟
اندفع ماهر يجمع أغراضه وملابسه التي لم تطهرها دموعه وأسرع نحو الباب وهو يقول لأمه : أنا ماشي وخلي بالك من إخواتي قبل مايضيعوا هم كمان وقولي لبابا كفاية بكره وخليك في النهاردة ويرحمهم من أمل الجمعية الكداب اللي ضيعني وصفع الباب صفعة زلزلت معها حياة كاملة
*******************
غدا حلقة جديد ..... تابعونا
