recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الحلقة التاسعة والأخيرة من( الجمعية )

 الحلقة التاسعة والأخيرة من( الجمعية ) 




 كتبت-مايسه الأمام
أقسى لحظات الحياة تلك التى تقف فيها عاجزا لا تملك لنفسك او لغيرك شيئاً والأكثر إلاماً أن يكون هذا الغير قطعة من قلبك ، حافظ يخرج من غرفة زين كالبرق يحمل جسد ولده بين يديه ممداً بلا حراك وقد تجمدت أطرافه وبرزت من فمه فقاقيع هلامية الشكل تنبئ عما لا يحمد عقباه واتجه مسرعا نحو الباب وفزعت صابرين من المشهد فصرخت صرخة شقت صدرها : في ايه ياحافظ زين ماله وهي تختطف غطاء رأسها وتهرول خلفه مرددة : ابني ......استرها معانا يارب
 
استيقظت فجر منزعجة على صوت الجلبة وأسرعت للنافذة تنادي أبويها : ماما ... بابا راحين فين ؟
كان المعلم جبر يرقب المشهد من بعيد فاسرع إلى حافظ يسأله : في إيه ياأستاذ حافظ ماله زين ؟
صرخ حافظ في وجهه : عاوز عربية بسرعة ، حد يجيب لي عربية الولد بيموت 
وبسرعة البرق أحضر المعلم جبر سيارته وانطلق مع حافظ وصابرين  إلى المستشفى لإسعاف زين الذي استقبله الأطباء بسرعة لإجراء اللازم 

كانت لدغات عقارب الساعة المعلقة على الحائط تكاد تقضي على حافظ وصابرين فما أمر الإنتظار حينما يتعلق بحبات القلوب 
خرج الطبيب إلى الأبوين قائلا : الولد دا واخد جرعة دواء واضح إنها كانت منتهية الصلاحية احمدوا ربنا إنها مقضتش عليه ، إحنا عملنا غسيل معده وإن شاء الله يبقى كويس بس عاوز أعرف حاجة هو كان بياخد علاج لأي مرض تاني ؟ بيشكي من أي حاجة ؟ 
أجابت صابرين وهي تبكي : لا يادكتور عمره ماأخد علاج لحاجة  ، زين دا زينة البيت وضحكتها ونظرت لحافظ وهي تقول : الله يسامح اللي كان السبب 

الطبيب : لا ياجماعة الولد عنده كهرباء عالية في المخ ودي اللي مسببة غيبوبة ، لازم تتابعوا مع طبيب متخصص وكمان ميتعرضش لأي ضغط عصبي شديد عشان متحصلش مضاعفات منعرفش ممكن تعمل إيه 
كان لكلمات الطبيب وقع ليس أسوء مما هم فيه ولكنهم استسلموا لقضاء الله وقال حافظ : إن شاء الله نوديه يادكتور يتابع بس يقوم بالسلامة 
الطبيب : تمام تقدروا حضراتكم تتفضلوا لأنه هيبات معانا في العناية المركزة النهارده وممنوع تواجد حد معاه وتقدروا تيجوا بكره في معاد الزيارة 
عاد حافظ وصابرين بصحبة المعلم جبر بعدما قدموا له من الشكر الكثير وتوجهوا لبيتهم الذي استقبلتهم فيه فجر بلهفة وعيناها تبحث عن الغائب الذي خرج معهم ولم يعد : اتأخرتوا ليه ؟ وفين زين ؟ 

صابرين : أخوك في المستشفى ياحببتي ادعيله ربنا يعفي عنه وعننا 
غامت عينا الصغيرة الجميلة وتحولت لفجر بلا شروق وانهمرت الدموع من عينيها  
تركهم حافظ وتوجه لغرفته ملقيا نفسه فوق الفراش وعيناه تحملقان في اللاوجود ويتمنى في قرارة نفسه أن يكون ذلك يعيشه  حلما مفزعا  وسينتهي .
انتزعته صابرين من عالم اللاشئ بصوتها المختنق وهي تقول : حافظ أنا عاوزة أطلق 
تخيل حافظ انه ربما غفل قليل أو أن أذنيه تأبى عليه الراحة ولو لدقائق فأسرع معتدلا ينظر إليها بوجوم
 قائلاً : قلتِ إيه ؟ 

صابرين بلهجة قاطعة حازمة  : عاوزة أطلق أظن سمعت ، ابني يخرج بالسلامة وأطمن عليه وأخده هو وفجر وأعيش عند أهلي أنا مش مستغنية عنهم هم كمان ، كفاية اللي راحوا ومش راجعين بسببك وبسبب طريقتك وتفكيرك اللي عامل زي القطر واخد في وشه أي حد وماشي مهما كان الحد دا مين ومهما كانت غلاوته 
خليك انت مع مشاريعك وجمعياتك وخططك المستقبلية وكفاية علينا اللي جرى بسببها ، طول عمري وأنا ساكته وبقول هوتفكيره أحسن مني ، وبقنع نفسي إنك بتعمل الصح وللصالح  ووكنت بحاول أصبر نفسي وأصبرهم لحد ماالصبر مرر حلوقنا وبقت علقم . 
انت عملت زي واحد ربنا رزقه خيول أصيلة  كانت محتاجة تحس بِيها وترعاها كانت هتبقى مفيش زيها ، ربطتها بسلاسل حديد وفضلت تشد  وتشد  بحجة إنك خايف عليهم لحد ما كسحت رجليهم ، لاعرفوا يقفوا  ولا حتى يخطُّوا خطوة ولما جم يجروا وقعوا الوقعة اللي ملهاش قومة   
كفاية لحد كدا وسيبني الحق  فجر وزين مش عاوزاهم  يروحوا ضحايا للجمعية والمشاريع الكدابة 

أنهت الحوارمع حافظ  وهتفت  : تعالي  يافجرعشان نجهز هدوم لأخوك وليِنا عشان  نمشي  ولم تنتظر      رد حافظ وتركته ذاهلا مصدوماً
وماهي إلا بضع دقائق أعدت فيه صابرين عدتها ووقفت أمام حافظ  بصمود قائلة : مستنية ورقتي ياحافظ   بعد مازين  يخرج  بالسلامة  وعلى فكرة أنا متنازلة عن كل حقوقي الشرعية  مش عاوزة منك حاجة ،        عشان متتعبش نفسك وتفكر تعمل جمعية جديدة 
فجر : ماما هو إحنا رايحين فين ؟ 
صابرين : رايحين بيت جدك يافجر هنعيش هناك من غير جمعيات ومشاريع 
فجر : وبابا هيجي معانا ؟ 
صابرين لا حببتي بابا مش فاضي عنده تجارة وشغل لما يخلصهم ويخلص الجمعية  يبقى يجي وتوجهت نحو الباب .
 
نظرت فجر لأبيها دامعة : بابا أنا بحبك أوي ، وبحب بيتنا ولمتنا فيه ، ووحشني ماهر ويسر ونفسي زين يخف ونرجع كلنا نعيش سوا زي زمان 
احتضن حافظ فجر وهو يقول : وانا كمان بحبكم أوي ونفسي أكثر منك 
فجر : طيب ممكن يابابا نرجع زي زمان وتصالح ماما وتجيب ماهر ويسر ونعالج زين ولالسه هنستنى  فلوس الجمعية تيجي ؟!! 
                                              تمت
مايسة إمام إبراهيم


google-playkhamsatmostaqltradent