recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

قرأت لك الجزء الأول الفنون ما هيات ووظائف د رمضان الحضرى




قرأت لك الجزء الأول الفنون ما هيات ووظائف د رمضان الحضرى

 
متابعة عادل شلبى

 بدأت تقسيمات الفنون في العالم الحديث غربية منذ القرن السابع عشر
وحتى بداية القرن العشرين متأثرين بميراثهم عن الإغريق واليونان فصنفوا
الفنون سبعة هي : _
1 _ العمارة
2 _ الرسم
3 _ الموسيقا
4 _ الأدب
5 _ الرقص
6 _ النحت
7 _ السينما
أحاول أن أهرب من جميع التنظيرات القديمة والجديدة رغبة مني في
تقديم فكرا عربيا مستقلا عن جميع التنظيرات الغربية التي جعلت حياتنا
تسير كما يريدون لنا ، بالإضافة إلى الملاحظات المهمة على تنظيرهم
الذي لايسد رمقنا كعرب نفهم لغتنا وشخصيتنا وتاريخنا .
أنا مؤمن _ تماما _ لاتوجد ثقافة صافية على وجه الأرض رغم كل
مزاعم الغرب أن هذه ثقافة عربية وتلك أوربية وغيرهما أمريكية ، فبعد
هذا الاندماج الكوني عبر شبكات التواصل الألكترونية ماعادت هناك فكرة
مختفية ولا معلومة محجوبة ، وربما هذا قد وضع الغرب في مأزق تسرب
المعلومات والبناء عليها من دول لم يريدوا لها ذلك ، ولذا فهم يستخدمون
القرارات من الهيئات الدولية لفرض عقوبات على هذه الدول كما فعلوا مع
دولة العراق الشقيقة وسوريا الشقيقة وليبيا الشقيقة ، بالإضافة إلى تدمير
التراث العربي الفلسطيني ، إلى جانب إثارة الحروب في المنطقة المستقرة
فحرب في اليمن وأخرى في ليبيا والعراق وسوريا ولبنان ، وكل دولة
سوف تحصل على نوع من التقدم والاستقرار ، وتنفق الدول الغربية
أموالا طائلة على التجسس والاستخبارات ودعم الأسلحة لتدمير هذه
المجتمعات ، فالرجل الذي يريد أن يزرع أرضه ليطعم أبناءه ، يترك
الأرض بورا ويحمل السلاح ، فلا يشعر الأبناء بالأمان على أنفسهم
من قلة الغذاء ، ولايشعرون بالأمان العاطفي من فرقة الأب الحاني ،
وإذا سيطر الخوف على الشعوب فلا إبداع ولا انتاج ، وبعبارة أخرى
الشعوب الخائفة هي شعوب ميتة رغم هزات القلوب ورعشة الأطراف .
والشعوب الخائفة لاتستطيع أن تمتلك حتى تراثها أو آثارها القديمة
أو ما تركه الأجداد لها من مخطوطات وعلوم .
هذه التقدمة للربط بين الفن وتغير ماهيته حسب التغيرات الاجتماعية ،
والسياسية ، وحسب المؤثرات على ماهية الفنون ، لأن الفنون عند العرب
مرتبطة بالزينة والحلي والإتقان ، وجاءت تعريفات الفنون في المعجم
الجامع للمعاني بقوله : _ ( كُلُّ الإِبْدَاعَاتِ الْفَنِّيَّةِ الَّتِي تَرْتَقِي إِلَى الْكَمَالِ
وَالْجَمَالِ، وَتَسْمُو بِالْخَيَالِ إِلَى الْخَلْقِ وَالإِبْدَاعِ كَالشِّعْرِ وَالْمُوسِيقَى وَالرَّسْمِ
وَالنَّحْتِ وَالزُّخْرُفِ وَالْبِنَاءِ وَالرَّقْصِ ) ، وحتى هذا المعنى المعجمي عليه
ملاحظات جمة ، فهل فعلا الإبداعات الفنية ترتقي إلى الكمال ، لم يذكر
لنا تاريخ الفنون إبداعا فنيا واحدا ارتقى للكمال والجمال ، ثم لجأ المعجم
إلى التقسيمات الأوربية القديمة ، مما يجعلنا تابعين حتى في معاجمنا لغيرنا
وهذا ما لم يحدث في المعاجم العربية القديمة ، وحينما يعلم القارئ أن أول
من وضع معجما في التاريخ العالمي كله قديمه وحديثه هو العلامة / الخليل
بن أحمد الفراهيدي الأزدي العماني البصري الذي كان يعيش في كوخ على
أطراف البصرة المباركة ، بينما طلابه يعيشون في قصور اشتروها
من علوم الخليل ، الذي لم يكن يجد دينارا أو دينارين ليكفي أهله
مؤنة طعامهم وشرابهم لزهده في الدنيا وتكالبه على الورق والعلوم ، فابتدع
علوما لم تكن لسواه ، كالعروض والأوزان والتباديل والتوافيق والمعاجم
وأول من تكلم في معاني الحروف على مستوى العالم ، حيث مهد الطريق
لابن جني في الخصائص ، كما مهد الطريق لسيبويه في النحو ، وللأخفش
الأوسط في بحوث جديدة في العروض لم تكن ذات قيمة كبيرة كأبحاث
الخليل ذاته ، هذه علوم ماسبقه إليها من أحد من العالمين حتى سقراط
وأرسطو وأفلاطون ، وحينما نعلم أن الخليل عاش في القرن الثاني
الهجري من عام ( 100 إلى 170 هـ ) والتي توافق القرن الثامن الميلادي
من عام ( 718 م وحتى عام 791 م ) على أصح الروايات ، بيننا وبينك
ياخليل ألف عام ومائتان ، ولازلت ذا سبق لم يضف إليه أحد شيئا .
وقد جاءت تعريفات الفنون في معجم أكسفورد باعتباره أشهر المعاجم
العالمية بقوله : _ ( تعبير أو تطبيق للمهارة والخيال الإبداعي للإنسان ،
عادةً في شكل مرئي مثل الرسم أو النحت ، وإنتاج أعمال يتم تقديرها في
المقام الأول لجمالها أو قوتها العاطفية ) .
لاشك ان تعريف المعجم الأمريكي أقرب للعقل حيث جعل الفنون تعبيرا
ومهارة يشتمل على جماليات وهدفه التأثير العاطفي ، ربما هناك ملاحظة
على الهدف في تعريف أكسفورد ، حيث إن التأثير العاطفي في حد ذاته
ليس هدفا ، بل ربما يكون مرحلة لتغيير الاتجاه عند المتلقي للفنون ، فالفن
إذا لم يكسب المتلقي توجهات جديدة وظل متوقفا على أثره العاطفي فلاشك
أنه سيكون قد فقد ركنا مهما للغاية من وظيفته ، وهذا الموضوع سيكون
درس الحلقة القادمة في موضوع وظائف الفنون .
وهناك تقسيمات خاصة للفنون عند فلاسفة أوربا مثل كانط ولاسباكس
وهيجل وغيرهم ، حيث قسم كانط الفنون إلى فنون تشكيلية وفنون
تصويرية وفنون اللعب بالأحاسيس ، بينما رأي لاسباكس أن الفنون
تصنف إلى حركية وساكنة وشعرية ، وجاء هيجل ليصنف الفنون حسب
المدارس الفنية إلى فنون رمزية وكلاسيكية ورومانسية .
وهناك تصنيفات كثيرة جدا من وجهة نظر الفلاسفة الغربيين ، لكن اللافت
للنظر ان تقسيمات الفنون العربية والإسلامية جاءت تقسيمات غربية كذلك
مما يصيبنا بالحسرة مرات ومرات ، فهناك تصنيف ساردار للفنون العربية
والإسلامية وهناك تصنيفات جامعة هارفارد وهناك تصنيف ايكونكلاس
الهولندي وجميعها تصنف الفنون العربية والإسلامية إلى فنون الزخرفة
والخط العربي وفنون العمارة الإسلامية والفنون التطبيقية والنحت
والتصوير والموسيقى والغناء والرقص وفنون الآداء والتمثيل .
هنا أحاول محاولة جادة لإيجاد ماهية للفنون مجتمعة ثم ماهية مفصلة لكل
فن من هذه الفنون .
في ظني _ ولست ملزما لغيري بما أقول أن الفنون التي تكونت عبر آلاف
السنوات كانت تجسيدا لعواطف وأفكار الإنسان ( ماضيه وحاضره
ومستقبله ) ، وتشتمل على قدرات وخبرات وثقافة المجتمع والمبدع في
آن واحد ، هذا من ناحية الإطار العام الذي يشتمل جميع الفنون تقريبا ،
بينما الإطار الخاص لكل فن من هذه الفنون سيحتاج إلى تفصيلات ولو
ميسرة ومختصرة ، يمكننا تناولها في اللقاء القادم بأمر الله تعالى .
google-playkhamsatmostaqltradent