recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

لغة الخطاب الشعري بين ليلى العربي وهاجر عمر "للناقد الكبيرالدكتورأحمد مصطفى"

 لغة الخطاب الشعري بين ليلى العربي وهاجر عمر "للناقد الكبيرالدكتورأحمد مصطفى"




عرض د.طارق عتريس أبوحطب


في كتاب أميرات الشعر العربي( يترجم  صاحبه باختصار لثلاثمائة شاعرة مع ذكر نماذج لشعرهن. متجاهلا كثيرات من شاعرات مصرهن أنموذج مشرف للشعر وخاصة شعر المرأة الموهوبة التي تسعى لخدمة لغتها في تفاعل مع أهم الأحداث الثقافية ،فتجدها تسهم في اكتشاف الموهوبين، وتلقي على الحضور جميل شِعرها ،فتسمع وتقرأ لغة ذات طابع خاص،فيه الجمال والحسن والابداع . وبين ليلى العربي بنت الشرقية ،الشاعرة الكريمة النشيطة الموهوبة الرقيقة ،وهاجرعمرالبحراوية الأصيلة الأنيقة المبدعة ، رباط وبراعة في النظم وتمكن في صياغة الشعر وتفوق في الآداء يجعلهما من أميرات الشعر في وقتنا الحاضر،وقد ذكرت ليلى العربي في كثير من محافل الشعر ، وأظن أن بعد هذه المقالة ستصبح ليلى وهاجر صديقتان ؛لأنهما بالفعل أشقاء كلمة وأبناء لسان عربي مبين. وفي شعرهما حياة وحنين وكأنك حين تقف على مقطوعة شعرية لأحداهما تقرأ لسعاد المبارك أو جليلة رضا ، تقول ليلى:

بالأمس كنتَ تتوق لي            وتطوفُ حول قصيدتي !

ترنو تهيمُ تلوذُ بى                بين السحاب وغيمتي ¡

وتدورُ حول دفاتري              عبثا تطاردُ نجمتي !

رجعت ونبضُ أنينها             غافٍ على ترنيمتي

إن ثمة أمر تخفيه الشاعرة خلف مضمون هذا الخطاب، الذي بدا من الوهلة الأولى يحمل حنينا للماضي ،لكن عزلتها لم تمنعها من الانطلاق نحو آفاق المستقبل وهي تعد نفسها لهذا الخطاب المشبع بالذات الفاعلة ،وحين تنحاز )ليلى ( نحو خطابها تعي أنها أمام قوة تقودها إلى تعداد حجتها وبراهين قولها ، بلغة غير مباشرة وخطاب مراوغ ولعل قولها :

يا أنت : كم تعب الفؤاد سدى ولاحت توبتي !!

كل القلوب تعلقت يوما ورامت بسمتي !

فالنداء حمل لونا من ألوان العتاب ،وهذا العتاب قد يفسد مابينهما من وفاق ،لكنها كانت دقيقية حين زجت بيا النداء وضمير المخاطب معا،مما يقطع عليه الطريق في الوصول لمرتبتها العالية وذاتها الأبية.وهكذا تحلق ليلى في عالم الشوق مثلها مثل عاشقة تداعب تسلط الرجل ،فلايمر شعرها إلا ومعه حفنة من حنين وبكاء وتساؤل.أما هاجرفإنها تغوص بنا في النفس الغائرة ، وتفتح لنا بابا من التأ ه مل والبحث عن التفاصيل

وكأنها تحدثنا عن حياتها ونظرتها للحياة من حولها من خلال هذا الغائب الحاضر في ذهنها، تقول:

من عادتي ألَّا أغيِّرَ عادتي        كذابةٌ لو أدَّعي التغييرا

لو قلتُ قهوتُنا ستصبحُ مُرَّ ة        معناهُ سُكَّرها يكونُ كثيرا

أوْ قلتُ إنِّي قد هجرتُكَ مرَّ ة       فاعلمْ بأنِّي أُتْقِنُ التزويرا

افهمْ حبيبتكَ التي ربَّيْتها         خضعتْ لتبقى سيِّ دا وكبيرا

وهذه الثنائية في الخطاب جعل )هاجر( تطيح بها اللغة التي امتلكت ناصيتها، فهي تروض الزمان والمكان على شاكلتها، وترسم أبعادا يئن معها المتلقي في تنوع الجملة الشعرية بين ياء المخاطب وتاء المتكلم وفعل الأمر ، فهي )كذابة( لفظا لامعنى؛لأن صاحبها لايتسع صدره وعقله لفهمها، ورغم ذلك تذكره بالحب الغائب عنها ، وأنه كان رغم الخلاف المر رب الدار.

إن أنامل هاجرخضعت لكتابة الشعر ولسيدها ،وكان خضوعها في الحالتين مختلفا ،فهنا الإباء وهناء الكبرياء،وبينهما عبث بكل ضعف يعتريها، لقد أجازت وأجازت ،وعبرت عن ذات المرأة،وأعادت عواطفها المسلوبة وخلصت إلى أنها ستبقى على حبها وعادتها التي لاتغيرها.إن في المقطوعتين ابداع ، يساعدنا على إدراك ما وراء الجمل الشعريه لشاعرتين هما في نظري كبار قامة وقيمة.

لغة الخطاب الشعري بين ليلى العربي وهاجر عمر "للناقد الكبيرالدكتورأحمد مصطفى"
دكتور طارق عتريس أبو حطب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent