recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن غزوة الطائف ؟" الجزء السابع "

الصفحة الرئيسية


ماذا تعرف عن غزوة الطائف ؟" الجزء السابع "






إعداد  ـ محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء السابع مع غزوة الطائف وقد توقفنا عندما قام النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بتوزيع الغنائم ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن عُلاثة مائة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس بن مرداس دون ذلك فأنشد شعرا، فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم المائة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مئة أخرى، فأعطاه إياها، ثم سأله فأعطاه، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذى يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى " فقال حكيم، قلت يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما ليعطيه فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليعطيه.


فأبى أن يقبل منه، فقال عمر رضي الله عنه إني أُشهدكم معشر المسلمين، أني أعرض عليه حقه من هذا الفيء، فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس شيئًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي، وقد قال الحافظ، وإنما امتنع حكيم من أخذ العطاء، مع أنه حقه، لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا فيعتاد الأخذ، فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده، ففطمها عن ذلك، وترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، وقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية وكان ما زال مشركا مائة من الإبل، ثم مائة ثانية، ثم مائة ثالثة، وقال صفوان أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن هشام مائة من الإبل، وأعطى سهيل بن عمرو مائة من الإبل، وأعطى حويطب بن عبد العُزى مائة من الإبل، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرين خمسين خمسين، وأربعين أربعين.



حتى شاع في الناس أن محمدا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى سمرة، فخطفت رداؤه صلى الله عليه وسلم، فقال " أعطونى ردائى فلو كان عدد هذه العضاه نعما، لقسمتها بينكم، ثم لا تجدونى بخيلا، ولا كذابا، ولا جبانا " وكان بعد أن شتت المسلمون هوازن وتعقبوها في نخلة وأوطاس اتجهوا إلى مدينة الطائف التي تحصنت فيها ثقيف ومعهم مالك بن عوف النصري، وكانت الطائف تمتاز بموقعها الجبلي وبأسوارها القوية وحصونها الدفاعية، وليس إليها منفذ سوى الأبواب التي أغلقتها ثقيف بعد أن أدخلت من الأقوات ما يكفي لسنة كاملة، وهيأت من وسائل الحرب ما يكفل لها الصمود طويلا، وكان وصول المسلمين إلى الطائف في حدود العشرين من شوال دون أن يستجم الجيش طويلا من غزوة حنين وسرايا نخلة وأوطاس التي بدأت في العاشر من شوال واستغرقت أكثر من أسبوع.



وقد حاصر المسلمون الطائف بضع عشرة ليلة، وهناك روايات أخرى تقول أن الحصار استمر خمسة وعشرين يوما أو شهرا أو أربعين يوما، والقول بهذا لا يتفق مع تواريخ الأحداث الأخرى وسياقها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصل إلى المدينة لست ليال بقين من ذي القعدة بعد أن مكث بضع عشرة ليلة في الجعرانة ثم قام بالعمرة ثم عاد إلى المدينة ويحتاج ذلك إلى ثمانية عشر يوما على الأقل بعد فك الحصار عن الطائف، وقد سلك المسلمون في تقدمهم نحو الطائف الطريق القديم الذي يدخل الطائف من ناحية الجنوب، فمروا على نخلة اليمانية ثم قرن المنازل، ثم المليح من وديان الطائف ثم بحرة الرغاء، جنوب الطائف وهي طريق طويلة، ولكن الطائف يستحيل اقتحامها من ناحية الشمال حيث التضاريس الجبلية المعقدة التي تعطيها تحصيناً طبيعيا، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم، أراد أن يحول بين ثقيف وبين أمدادها من هوازن شرق وجنوب الطائف.


وقد نزل المسلمون قريبا من حصون الطائف فكانوا في متناول سهام ثقيف فأصيب بعضهم فتحولوا بعسكرهم إلى الموضع الذي بنى فيه مسجده وهو المعروف اليوم بمسجد عبد الله بن عباس، والطائف قديما كانت إلى الجنوب الغربي من المسجد وكان القتال تراشقا بالسهام على بعد، وقد استخدم المسلمون آلة من الخشب الثخين المغلف بالجلود مركبة على عجلات مستديرة وهى الدبابة وقد احتموا بها من السهام حتى وصلوا إلى الأسوار ليثقبوها، فألقت ثقيف عليهم قطع حديد محماة فأحرقت هذه الدبابة وخرج المقاتلون من تحتها فأصابتهم السهام وهذه هي أول غزوة يستخدم فيها المسلمون آلات لضرب الحصون، وقد اشتهرت جرش اليمانية بصناعة الدبابات والمجانيق والضبور، وأما عن حصول المسلمين على آلات الحرب هذه حيث ضربوا الحصون بالمنجنيق فقد ذكر أن خالد بن سعيد بن العاص جاء بمنجنيق ودبابتين من جرش في حين تفيد رواية أخرى أن سلمان الفارسي عمل المنجنيق بيده.


وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بتحريق بساتين العنب والنخيل في ضواحي الطائف للضغط على ثقيف التي ناشدته ألا يفعل فتركها بعد أن أحدثت المحاولة أثرها في إضعاف معنوياته، وكذلك وجه نداء لعبيد الطائف أن من ينزل منهم من الحصن ويخرج إلى المسلمين فهو حر، فخرج ثلاثة وعشرون من العبيد منهم أبو بكرة الثقفي فأسلموا فأعتقهم ولم يعدهم إلى ثقيف بعد إسلامها، ورغم ما واجهته ثقيف من وابل السهام التي أمطرها بها المسلمون لينالوا درجة في الجنة وعدهم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها صمدت أمام الحصار بكبرياء وإصرار، وقد كثرت الجراحات في المسلمين، واستشهد منهم اثنا عشر رجلا، في حين لم يقتل من المشركين سوى ثلاثة بسبب امتناعهم بالحصون والأسوار، وقيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يقصد بحصار الطائف فتحها، بل كسر شوكة ثقيف وتعريفها بأن بلدها في قبضة المسلمين، وأنهم متى شاءوا دخلوها.


وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم ليشق على المسلمين ويكثر من تقديم الشهداء لفتح بلد حصين يحيط به الإسلام من كل مكان وليس له إلا الإسلام أو الاستسلام طال الوقت أم قصر، كما أنه كان يحرص على ثقيف حرصه على قريش من قبل، فهم إن تحولوا إلى الإسلام كانوا مادة له، فهم أهل فطنة وذكاء، وكان يطمح لإسلامهم وقد سعى لنشر الدعوة فيهم منذ المرحلة المكية ودعا لهم بالهداية بعد أن رفضوا دعوته وآذوه، وقد سأله بعض الصحابة أثناء حصار الطائف أن يدعو على ثقيف فدعا لهم بقوله " اللهم إهدى ثقيف " وقد انتظر النبى صلى الله عليه وسلم، بضع عشرة ليلة متطلعا إلى قدوم هوازن عليه ودخولها في الإسلام، لكنها أبطأت عليه، فقسم الغنائم، والأصل أن الغنيمة يؤخذ منها الخمس يتصرف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وفقا للتوجيه القرآني، وأما الأربعة الأخماس الأخرى فهي حصة المقاتلين الذين شهدوا القتال.


ماذا تعرف عن غزوة الطائف ؟" الجزء السابع "




 

google-playkhamsatmostaqltradent