recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الملك صدقيا بن يوشيا (الجزء الثالث)

 ماذا تعرف عن الملك صدقيا بن يوشيا (الجزء الثالث)




إعداد -محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث مع الملك صدقيا بن يوشيا وقد توقفنا عندما دفع رحبعام كل كنوز الهيكل كجزية للفراعنة، وأصبحت مملكة يهوذا تابعة لمصر، وقد واصل ابن رحبعام وخليفته أبيام جهود والده لإخضاع مملكة إسرائيل لسيطرته، فخاض معركة جبل زماريم ضد يربعام ملك إسرائيل وانتصر عليه مع خسائر فادحة في الأرواح على الجانب الإسرائيلي، ووفقا للسجلات الإسرائيلية فقد هزمهم أبيام وقتل خمسمائة ألف رجل من إسرائيل، ولم يعد يربعام يشكل تهديدا يذكر لمملكة يهوذا لبقية فترة حكمه، وقد حافظ نجل أبيام وخليفته آسا على السلام خلال أول خمسة وثلاثين سنة من حكمه، وعمل في تلك الفترة على تجديد وتعزيز القلاع التي بناها جده رحبعام، وتذكر مصادر تاريخية أن آسا هزم الملك الأثيوبي زارح المدعوم من مصر في معركة زيفاث، وكان جيش زارح يتكون من مليون رجل مع ثلاثة مائة عربة في حين أن جيش آسا.


قد تكون من خمسمائة وثمانون ألف مقاتل، ولا تحدد مصادر الكتاب المقدس فيما إذا كان زارح فرعونا أم قائدا عسكريا أثيوبيا، وقد تعقب آسا، فلول الأثيوبيين على طول الطريق إلى جيرار، وحفظ السلام الناتج عن هذه الحملة العسكرية مملكة يهوذا من الغارات المصرية لعدة قرون لاحقة، وقد واجه آسا ملك إسرائيل بعشا في عامه السادس والثلاثين، وقد بنى بعشا قلعة في رامة على بعد أقل من عشرة أميال من القدس، فوقعت العاصمة تحت الحصار والضغط العسكري، وقد دفع ذلك آسا لإرسال كنوز المعبد من الذهب والفضة إلى بن حداد الأول ملك أرام دمشق، مقابل إلغاء الملك الدمشقي لمعاهدة السلام مع بعشا، وقد هاجم بن حداد إيجون ودان والعديد من المدن الهامة في مملكة إسرائيل واضطر بعشا إلى الانسحاب من رامة، وقد هاجم آسا القلعة غير المكتملة ودمرها، واستخدم موادها الخام لتحصين قلاعه، وقد خلف آسا في الحكم، ابنه يهوشافاط. 


والذي غيَّر من سياسة مملكة يهوذا بشكل جذري تجاه إسرائيل، فسعى إلى التحالف والتعاون مع المملكة الشمالية، وقد تحالف يهوشافاط مع أخاب عن طريق المصاهرة، ولكن هذا التحالف أدى إلى كارثة للمملكة في معركة راموت جلعاد، ثم دخل في تحالف مع أخزيا بهدف تطوير التجارة البحرية لكن الأسطول الذي بناه دُمر على الفور، وقد جهز يهوشافاط أسطولا جديدا دون تعاون مع ملك إسرائيل وعلى الرغم من نجاح هذا الأسطول لم تتطور التجارة البحرية لمملكة يهوذا، وقد انضم يهوشافاط إلى يهورام ملك إسرائيل في حربه ضد الموآبيين الذين كانوا يدفعون الجزية لإسرائيل، وكانت هذه الحرب ناجحة، وأُخضع الموآبيون من جديد، وقد خلف يهوشافاط ابنه يهورام الذي شكل تحالفا مع مملكة إسرائيل بزواجه من عثليا إبنة أخاب، وعلى الرغم من هذا التحالف فقد كان حكم يهورام غير مستقر، فثارت عليه مملكة إدوم. 


واضطر إلى الاعتراف باستقلالهم، وقد هاجم الفلسييون والعرب والإثيوبيون المملكة ونهبوا منزل الملك وأسروا جميع أفراد عائلته باستثناء ابنه الأصغر أخزيا، وقد أصبح حزقيا الحاكم الوحيد لمملكة يهوذا في عام سبعمائة وخمسة عشر قبل الميلاد، وقد شكَّل تحالفات مع عسقلان ومصر، واتخذ موقفا معارضا للإمبراطورية الآشورية برفضه دفع الجزية، وردا على ذلك هاجم سنحاريب ملك آشور مدن يهوذا المحصنة، ما اضطر حزقيا لدفع ثلاثة مائة سلة من الفضة وثلاثين سلة من الذهب إلى الآشوريين، وهو الأمر الذي تطلب منه إفراغ الهيكل والخزينة الملكية من الفضة وسحب الذهب من بوابات هيكل سليمان، ورغم هذه الجزية الضخمة فقد حاصر سنحاريب القدس في عام سبعمائة وواحد قبل الميلاد ولكنه لم يستولِ عليها، وقد أصبحت مملكة يهوذا تابعة للآشوريين في عهد منسى، وخضعت لسنحاريب وخلفائه أسرحدون وآشوربانيبال.


وقد اعتبر منسى من التابعين للإمبراطورية الآشورية، فقد ساعد في توفير مواد البناء لمشاريع أسرحدون وفي حملة آشوربانيبال على مصر، وعندما أصبح يوشيا ملكا على يهوذا في عام ستمائة وأربعون قبل الميلاد كان الوضع الدولي قد تغير، فقد بدأت الإمبراطورية الآشورية الجديدة تتفكك، ولم تأخذ الإمبراطورية البابلية محلها، وكانت مصر لاتزال تتعافى من الاستعمار الآشوري، وقد استطاعت مملكة يهوذا في ظل الفراغ هذا أن تحظى باستقلالٍ مؤقت دون أي تدخل أجنبي، ومع ذلك قاد الفرعون نخاو الثاني جيشا كبيرا وقد اجتاز نخاو الثاني الطريق الساحلي إلى سوريا وصولا إلى نهر الفرات لمساعدة الآشوريين هناك، وأثناء مروره بالقرب من أراضي دولة يهوذا منع جيش يوشيا القوات الفرعونية، من دخول أراضيه، وربما يعود ذلك إلى أنه شعر بضعف الآشوريين والمصريين. 


وكان ذلك بعد موت الفرعون بسماتيك الأول، وقد حاول يوشيا عرقلة تقدم القوات الفرعونية في مجدو في محاولة منه لدعم البابليين في مواجهة التحالف الآشوري الفرعونى، وحدثت معركة شرسة قُتل فيها يوشيا، ثم انضم نخاو مع جيشه إلى القوات الآشورية وعبروا نهر الفرات وحاصروا حران، لكن القوات المشتركة فشلت في الاستيلاء على المدينة، وتراجع نخاو إلى شمال سوريا، وأدى هذا الفشل أيضا لتفكك الإمبراطورية الآشورية، وكان عند عودة الفرعون نخاو الثاني إلى مصر في عام ستمائة وثمانية قبل الميلاد حيث مرَّ عبر أراضي مملكة يهوذا وجد أن يهوآحاز قد تولى العرش فخلعه واستبدله بأخيه الأكبر يهوياقيم، وفرض على مملكة يهوذا ضريبة باهظة، وأخذ معه يهوآحاز إلى مصر كأسير، وقد حكم يهوياقيم مملكة يهوذا كتابع لمصر، ودفع جزية كبيرة سنويا، ومع ذلك عندما هزم البابليون الفراعنة في كركميش فقد غيَّر يهوياقيم ولاءه. 


وأعلن تأييده لنبوخذ نصر الثاني ملك بابل، وقد حاول نبوخذ نصر الثاني في السنة الرابعة من حكمه غزو مصر ولكنه فشل وتكبَّد خسائر فادحة، وقد أدى هذا الفشل إلى العديد من التمردات بين دول بلاد الشام التي تدين بالولاء لبابل، وتوقف يهوياقيم عن التبعية لنبوخذ نصر وأيَّد مصر، وسرعان ما تعامل نبوخذ نصر مع هذه التمردات فغزا أراضي سوريا وممالكها، وفي عام ستمائة قبل الميلاد تقريبا فقد حاصر القدس، وقد مات يهوياقيم خلال الحصار، وخلفه ابنه جيكونيا، وقد سقطت المدينة بعد حوالي ثلاثة أشهر وقد نهب نبوخذ نصر القدس ومعبدها الشهير، وحمل كل كنوز المعبد إلى بابل، وقد رحَّل نبوخذ نصر جزءا كبيرا من سكان يهوذا إلى بابل، وأما عن الملك صدقيا فهو ابن الملك يوشيا من زوجته حموطل، ويوشيا ملك يهوذا وحسب الكتاب العبري، ينسب إلى هذا الملك قيامه بعدة إصلاحات في مملكته بخصوص العبادة بعد اكتشافه نصوص من الكتاب العبري في هيكل سليمان.





google-playkhamsatmostaqltradent