recent
أخبار ساخنة

سنوات الغربة وحلم العودة

 سنوات الغربة وحلم العودة

 

بقلم السعيد رمضان ياسين
يبدأ مشوار المغترب وإحساسه بالغربة وألامها منذ الوهلة الأولى التى يبدأ فيها بالتفكير والإعداد للسفر البعض يضحى بما يمتلكه أو ما يمتلكه أحبابه من الحلى او ما يدخرونه من المال، والبعض الآخر يعمل سنوات لجمع المبلغ الذى يدفعه لسمسار التأشيرات الذى يأكل عرق الشباب الحالم بمستقبل أفضل لنفسه وعائلة، ومن هنا تبدأ رحلة المعاناة الحقيقيه، ينجز أوراق سفرة المطلوبة فى سرعة ولهفة طامح للأفضل، ويحزم حقائبه.
ينطلق حالما بعالم تزهو فيه الحياة، تراوضه احلاما كثيرة إما حبيبة يسعى أن لا تضيع منه بحجة الظروف، أو تعديل لوضعه ووضع عائلة المالى، أو حالما بالثراء وكثرة الأموال، ثم يصل إلى وجهته فتصطدم أحلامه بالواقع المرير بعد أن ظن أنه على أعتاب تحقيق حلمه، فى أول لقاء له مع الكفيل(وتعريفا لنظام الكفالة فى الدول العربية هو انك لا تستطيع العمل أو الخروج من الدولة حتى ولو لإجازة ترى فيها أهلك ووطنك إلا بإذن الشخص او الشركة التى استخرجت لك الإقامة "بطاقة الهوية" فى الدولة التى تتواجد بها)، وتكون هنا الطامة الكبرى لأنه يجد نفسه أمام سمار من نوع آخر وهو سمار البشر.
يتعامل معه كأنه اشتراه أو استعبده، يفرض عليه مبلغا من المال بشكل شهرى ولا علاقة له اذا كان يعمل او لا، فيتحول الشاب الحالم إلى رجل تثقله الهموم ويقتله الحنين والشوق للوطن،للأهل،للأحباب، للأصدقاء، وبين كل هذا تجد هموم ومسؤليات العمل، فالبعض يعمل يوم ولا يجد عشر أيام.
ثم يتأقلم مع الحياة الجديدة بكل مرارتها وقسوتها، البعض يفشل فى ذلك لكن الكثير ينجحون فيه، ويقضون أعمارهم غرباء بلا أهل أو أحباب، بلا أيادى تنفض عنهم غبار الزمن الذى يأكلهم، حينما تراهم تقول فيهم هؤلاء هم من فازو، لكن والله لو عايشتهم لتدرك على الفور أنك الفائز الأكبر فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، يتركون أطفالهم يربون بعيدا عنهم، يفقدون الأحبة واحدا تلو الآخر ولا يستطيعون حتى وداعهم.
الغربة كربة كما قال أسلافنا فالجميع فيها أجساد بلا أرواح، يعيش جسد الإنسان فى بلد وروحه ترفرف فى بلد آخر، ينتظر الوقت الذى يحادث فيه أحبابه، بعدما أصبح الرابط الوحيد بينه وبين من يحب هو ذلك الجهاز اللوحى الصغير، وحينما يراهم فى شاشة هذا الجهاز تراه كأنما امتلك الدنيا فى قبضة يده، ويمر به العمر سنوات تأكل بعضها وهو لايدرى ثم ينتبه أخيرا أن العمر ذهب وهرم الشاب اليافع الحالم فيتوقف ولسان حالة يخاطبة من ذا العجوز هل هذا أنا!!!!!!!
أنا من خرجت وأنا ابن العشرين ترى كم عمرى الآن والله لا أدرى هل بالسنين ام بهموم الغربة واوجعها.
ومن ثم يعود إلى حيث بدأ، إلى موطنة وجمع ما جمع من المال والبعض يعود خاوى اليدين، جل ما يشغله ويراود أحلامه هو لقاء الأحبة وعودة الصحبة الطيبة ورفقاء الصبى، فيصطدم بواقع أشد مرارة من واقعة فى بداية مشوار غربته، ففى البداية يعاملة الأهل معاملة الضيف إلى أن يحسب نفسه غريبا بالفعل، فيلهث باحثا عن رفقاء الصبا فلا يجد منهم أحد وإن وجد منهم أحد يجد منه فقط الإسم والذكريات لكنه تغير كثيرا، فيتحدث مخاطبا نفسه من هذا؟؟!!! هل هذا صديقى ام رجل يحمل ذكريات طفولتنا وصبانا، ثم يتيقن أنه بات غريبا فعلا لا مناص، فالغربة فى الوطن أقسى وأمر بكثير من الغربة خارج الوطن، فلا يجد حل ولا خلاص إلا بالغربة الحقيقية فيحزم حقائبة ويعود إلى غربتة،لكنه هذة المرة يعرف جيدا أنها غربة حتى الموت يعيش غريبا ويموت غريبا.
هكذا تذهب أحلام الشباب وسنوات أعمارهم فى غربة براقة خداعة لا يجنون منها إلا الألم فلا عودة ولا راحة ولا رفقة بل عمر أهدر وشباب يفنى والمحصلة صفر.
رفقا بالغرباء فقد اكلتهم سنوات عجاف.
لكن يقع على عاتق المجتمع والأسرة فى هذا الشق عبئ كبير فيجب علينا العمل على تغير ثقافتنا وزرع ثقافة واعية نخرج عليها جيل جديد لا يحلم ولا يرى مستقبل إلا فى بلاده، جيل يستطيع أن يرتقى بالبلاد ويرفع شأنها فما من دولة ظهرت على الساحة آخيرا إلا وكان العامل الرئيس فى هذا مصريين فى شتى المجالات، نحن شعب حباه الله بقدرات عالية تفتقر لها الكثير من دول العالم، لدينا العالم والمخترع ولنا فى شتى المجالات رواد والأكثر من ذلك أهمية هو توافر الأيدى العامله فنحن شعب عامل ومنتج والله لو استخدمت إمكانياتنا الفكرية ومواردنا إستخدام صحيح لسوف نرى مصر دولة عظمي تسود العالم، حينما دعا سيدنا يوسف عليه السلام الله أن يجعلة على خزائن الأرض جعله عزيز مصر وولاه خزائنها فهل هذه صدفه، مصر التى ذكرت في القرآن خمس مرات، وذكرت فى التوراة والإنجيل 698 مرة، هل تظنون أنها صدفة لا والله ليست صدفة إنما هى حكمة الخالق التى نجهل سرها لكننا يجب علينا فعل الكثير من أجل هذا البلد، وأهم ما نحتاجه الآن هو تربية جيل يليق بمصر.
google-playkhamsatmostaqltradent