recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن غزوة بواط (الجزء الثانى)

 ماذا تعرف عن غزوة بواط (الجزء الثانى)




إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثانى من غزوة بواط وقد توقفنا مع الصحابى الجليل سعد بن معاذ وقد أسلم سعد بن معاذ، على يد مصعب بن عمير الذي أرسله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب ليعلم أهلها دينهم، فأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل كلهم، وكان بعد هجرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد شهد سعد بن معاذ معه غزوات بدر وأحد والخندق التي أصيب فيها إصابة بليغة، ولما حاصر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بني قريظة، قبلوا بالاستسلام على أن يُحكَّم فيهم سعد بن معاذ، فحُمل إليهم وهو جريح، فحكم فيهم بقتل الرجال وسبي النساء وتقسيم أموالهم وأراضيهم على المسلمين، وبعد غزوة بني قريظة، انتقض جرح سعد بن معاذ، ولم يلبث إلا يسيرا ومات، وأما عن السائب بن عثمان بن مظعون الجمحي فهو صحابي بدري من السابقين إلى الإسلام، وتوفي في حروب الردة في معركة اليمامة.

وكان السائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي، من السابقين إلى الإسلام، وهو ابن الصحابيين عثمان بن مظعون وخولة بنت حكيم السُلمية، وقد هاجر إلى الحبشة مع أبيه وعمّيه قدامة وعبد الله، ثم لحق بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد هجرته إلى يثرب، وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين حارثة بن سراقة الأنصاري، وقد شهد مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوات بدروأحد والخندق وباقي المشاهد، وكان فيها من بين الرُماة، وكما استعمله النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، على المدينة في غزوة بواط، وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد شارك السائب في حروب الردة، وأصيب في معركة اليمامة فى السنة الثانية عشر من الهجرة بسهم أدى إلى وفاته، وكان عمره يومها بضع وثلاثون سنة، وأما عن سعد بن أَبي وقاص

بن مالك القرشي الزهري، فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، فقيل ثالت من أسلم وقيل السابع، وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وقال له النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "ارم فداك أبي وأمي" وهو من أخوال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده، وقدهاجر سعد إلى المدينة المنورة، وشهد غزوة بدر وأحد وقد ثَبت فيها حين ولى الناس، وقد شهد غزوة الخندق وبايع في الحديبية وشهد خيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذ إِحدى رايات المهاجرين الثلاث، وشهد المشاهد كلها مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من الرماة الماهرين، وقد استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي سَيَّرها لقتال الفرس، فانتصر عليهم في معركة القادسية، وأَرسل جيشا لقتال الفرس بجلولاء فهزموهم، وهو الذي فتح مدائن كسرى بالعراق.

فكان من قادة الفتح الإسلامي لفارس، وكان أول ولاة الكوفة، حيث قام بإنشائها بأمر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى السنة السابعة عشر من الهجرة النبوية الشريفة، وقد جعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال "هم الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راض" وقد اعتزل سعد الفتنة بين الإمام علي بن أبى طالب، ومعاوية بن أبى سفيان، وتوفى في سنة خمسة وخمسين من الهجرة بالعقيق ودُفن بالمدينة المنورة، وكان آخر المهاجرين وفاة رضى الله عنه وأرضاه، وأما عنغزوة بواط فقد كانت أول غزوة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كانت غزوة الأبواء، ثم تلتها غزوة بواط، وجاءت بعدها غزوة العشيرة، وقد حدثت غزوة بواط في شهر ربيع الأول من العام الثاني من الهجرة النبوية، وذلك قبل حدوث غزوة بدر الكبرى، حيث كان الرسول الكريم.

محمد صلى الله عليه وسلم، قد خرج مع عدد من صحابته لاعتراض قافلة قريش التي كانت تضم أموالا وتجارة لقريش، وكان قائدها أمية بن خلف، أما موقع غزوة بواط فقد كان في منطقة بواط، وهي جبال تابعة لجبال جهينة في منطقة رضوى، وسميت غزوة بواط بهذا الاسم نسبة إلى المنطقة التي تجمع فيها المسلمون لاعتراض عير قريش، وكان عدد قوات المسلمين في غزوة بواط نحو مئتي رجل فقط، بالإضافة إلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث خرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين لملاقاة قافلة قريش التجارية، واستخلف في المدينة الصحابي سعد بن معاذ، أما حامل لواء المسلمين فكان الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وعندما وصل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلى منطقة بواط، لم يلق المسلمون أحدا من المشركين، حيث استطاعت القافلة التي شكّلت قوات قريش الذهاب إلى مكة، ولم يكن أي وجود للقافلة وكفار قريش.

وبهذا لم يحدث قتال بين المسلمين والمشركين في هذه الغزوة، فعاد المسلمون إلى المدينة، علما أن قوات قريش كانت تشكل مئة رجل وألفين وخمسمئة من البعير، ولقد كان الهدف من غزوة ودان أو غزوة الأبواء هو نفسه من غزوة بواط، وهو محاولة رد بعض أموال المهاجرين التي استولى عليها مشركي مكة، وقد كانت غزوة بواط ضمن سلسة الغزوات التي هدف المسلمون منها استرداد حقوقهم من قوافل قريش المتجهة لبلاد الشام، وتعد غزوة بواط ثاني غزوات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عاد المسلمون إلى المدينة بعد أن تجاوزتهم قافلة قريش، ومع أن المسلمين لم يغنموا تلك القافلة إلا أنهم أثبتوا لقريش أن تجارتهم المتجهة نحو الشام ستبقى محل تهديد ما دام المسلمون في المدينة، وقد أثبتت غزوة بواط أمرا في غاية الأهمية مفاده أن المسلمين لن يتركوا حقوقهم المنهوبة ولن يتخلوا عن أموالهم التي استولى عليها كفار قريش ظلما وعدوانا.

حيث كانوا يمنعون الصحابة المهاجرين من أخذ أموالهم وكثيرا ما كان الصحابة يهاجرون سرا ويتخففون من أموالهم حتى لا يدركهم كفار قريش، وقد استولت قريش على أموال المسلمين بعد أن تركوها في مكة، ولقد كانت غزوة بواط من الغزوات التي أثبتت أن العقلية العسكرية للدولة الإسلامية في المدينة متغيرة عن العقلية العسكرية القبلية التي كانت تقوم على السلب والنهب والإغارة على القبائل المجاورة، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد نظم الدولة الإسلامية في المدينة تنظيما بديعا ووضع الأسس التي تضمن نجاحها واتخذ العيون الذين يدلونه على طرق التجارة وحركة قريش، كما كان يستخلف على المدينة من يقوم على أمرها ويدبر أمر الناس فترة غيابه صلى الله عليه وسلم وقد ضمن هذا التنظيم نجاح الدولة الإسلامية وتمكنها من تحقيق إنجازات عظيمة في سنوات قليلة تمكنت من خلالها من نشر الإسلام في الجزيرة العربية كلها وانتقلت بعد ذلك لفتوح الشام والعراق والدنيا بأسرها.




google-playkhamsatmostaqltradent