ماذا وراء الصمت الرهيب فيما بين المرشحين؟
بقلم-صلاح علام
من أروقة ودهاليز الانتخابات في حدائق القبة (الجزء الثانى) .
ما يزال الصراع الانتخابى محتدما في حدائق القبة يراه ويلمسه من نزل علي أرض الحدائق ليستشعر تلك الطبيعة الخاصة للصراع القائم بين المرشحين من جهة وبين الناخبين من جهة أخرى ... فالصراع بين الناخبين يأخذ الشكل الطريف الممتع الذي تختلط فيه خفة الدم المصري مع التاثر والانفعال النفسى تجاه المرشحين .... والملعب بالطبع مفتوح علي السوشيال ميديا فلن ترى ابدا صراعا علي الأرض أو احتكاكا أو مشاجرات جسدية أو خسائر بشرية أو أي شيئ من هذا القبيل ولكن الملعب يلتهب تحت أصابع رواد السوشيال ميديا ومسئولي الجروبات والصفحات والحسابات المزيفة والمقلدة والمتشابهة فيما بين بعضها البعض أو حتي تلك المقلدة للحسابات الخاصة بالمرشحين ولأسرهم وعائلاتهم .
النكات والسخرية والمعايرات وقلب الحقائق وإعادة تفسير المقالات والصور من ناحية أو إعادة تفسير الماضي والذكريات والتاريخ لكل مرشح من جهة اخري هي اللغة الغالبة للناخبين علي صفحات السوشيال ميديا .. باختصار تختلط خفة الدم المصري مع السخرية مع بعض اللمسات السياسية من الكذب المقبول أحيانا أو المفضوح أحيانا اخري .
أما عن طبيعة الصراع بين المرشحين انفسهم فانك تجد الصمت الرهيب هو المسيطر علي اللغة والخطاب السياسي المطروح منهم علي الساحة الانتخابية .. فكل منهم يتحدث عن نفسه عن تاريخه عن حياته عن وعوده وأفكاره وتصوراته لم نجد من يلمح عن الاخر أو ينتقده أو يبارزه في أفكاره ووعوده أو من يدعو الاخر الي مناظرة سياسية , لم نجد من يزايد علي أحدا فى قدرته علي تنفيذ حملته الانتخابية أو رؤيته السياسية , لذلك فانني أؤكد لسيادتكم ان هناك نوع من الصمت الرهيب بين المرشحين وبعضهم .
وتفسير ذلك أنه هناك حالة من المراقبة الشديدة لبعضهم البعض في صمت وهدوء شديدين تتبعهم بالطبع دراسات وتحليلات ونتائج محددة وخطط عمل مجهزة علي أعلي مستوى من التربيطات والتنسيقات سواء فيما بين بعض المرشحين وبعضهم من جهة أو فيما بين المرشحين ومصادر تمويل حملاتهم الانتخابية من جهة أخرى , سواء اكانت أحزاب أو جمعيات أو عائلات , وأيضا قد يكون هناك ثمة تمويلات وإتفاقات خفية وخلفية بهدف تجميع وحشد كتل تصويتية في اتجاهات مختلفة ليتم تجميعها او اعلان انضمام مرشح لاخر لتصبح في النهاية جيوشا من الناخبين تصب في صندوق ناخب بعينه ... الامر الذي يعد بحسب الأصل إستخفافا بالوعود والعهود التي أعطاها هذا المرشح المنسحب لجمهوره ومحبيه والناخبين الذين إلتفوا حوله أو وثقوا فيه وآمنوا به ولكنه خان تلك الثقة وهذا الحماس الذي منحوه إياه مقابل مبالغ مالية او مصالح معينة أو طمعا في مناصب مستقبلية.
هناك في حدائق القبة وعلي مسرح الانتخابات تري عينك أقبح وأرخص أنواع المرشحين هؤلاء الذين زجوا بأنفسهم أصلا في الترشح للانتخابات للحصول علي عمولة انسحاب من الاخرين وذلك من باب (موسم بقي وأكل عيش) وهؤلاء لا يستحقون وصفا فرائحتهم تغلب علي الكلام , وهناك أيضا وجوه الحرس القديم وبقايا العهد القديم والعصر البائد هؤلاء الذين كانوا يعزفون علي نغمة توريث حكم البلاد في يوم من الأيام وهؤلاء لا عزاء ولا مدح ولا ذم لهم .
وهناك وجوه شابة وجديدة طامحة في العضوية من اجل الإنتصار لطبقتهم المتوسطة أو لكفاحهم وكفاح اسرهم في بناء مستقبلهم وحياتهم وتخطى العقبات لتحقيق الاحلام والاهداف وها هم يتصدرون المشهد في الانتخابات البرلمانية لتحمل المسئوليات العامة والقيام بالالتزامات الجماهيرية .
ولكن ما قيمة الطبقة المتوسطة واحلامها وطموحاتها وميراثها من الكفاح وراء لقمة العيش وتربية وتعليم الأولاد امام تربيطات ومصالح الانتخابات ما قيمة ووزن هذه الطبقة وأولادها الذين اصبحوا نجوم السياسة والقانون والمال بفضل كفاحهم امام النوع الأول والثاني من المرشحين الذين يطمعون في الملايين من وراء المناصب او الذي يلهثون وراء الفتات من عمولات الانسحاب .
لنترك في النهاية فهم واستيعاب حقيقة الصراع والسباق للناخب الواعي الفاهم الوارث من الطبقة المتوسطة كفاحها وتعبها وعرقها في الحياة من اجل الكسب الحلال مع الستر والصحة .... هذه هي الطبقة التي يتقدم ابناؤها للمنصب لممارسة الطقوس السياسية الديمقراطية من اجل الجماهير ومصلحة الجماهير لانهم باختصار أتوا من بين الجماهير .
