recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

المخ والأحلام والعقل الباطن ودراما الشيطان

المخ والأحلام والعقل الباطن ودراما الشيطان




بقلم : جمال القاضي
نتساءل في كثير من الأحيان عن ماهو الحلم أثناء النوم ؟ ولماذا نرى أشياء لايمكن أن نراها بالواقع ؟ وماهو دور الشيطان فيها ؟ وكيف يمثل فيها الشيطان أدواره على مسرح المخ والتفكير ؟

وللإجابة على كل هذه التساؤلات علينا أولا أن نعلم أن كل مايراه الإنسان في نومه من أحلام مهما كانت في نظره طويلة لم يستغرق فيها وقتا طويلا حيث أن أطولها لايتعدى زمنا قدره 45 دقيقة .

مايخزنه العقل البشري هو ترتيب لأحداثه اليومية ، منها مايحزنه ، ومنها مايشعره بالسعادة ، فكل ماتأتي به طوال اليوم مماتفعله هو نتيجة تفاعل لثلاثة أبطالا، الأول هو العقل الواعي فهو يفكر ويرسم الأفكار، والثاني هو الشيطان وهو مايساعد العقل الواعي في التفكير لكن ليس بكل المواقف فهو يقف بجانبه دائما والمفكر للعقل الواعي حين يقدم على فعل فيه معصية يوضح للنفس والعقل سبل الوصول إليها لتصبح واقعا أو لاتكون وفق الظروف المحيطة ، والثالث هو العقل الباطن فليس له دورا واضحا أثناء اليقظة سوى التخزين لكل ماأتى به العقل الواعي وماوصل به من التفكير الشيطاني هو للشيطان نفسه .

إن أكثر المواقف تأثيرا وسيطرة على العقل الباطن والعقل الواعي هو مايتعرض له الأنسان من مواقف الفرح الشديدة أو المواقف التي فيها فقدان لمن يحبه ويتعلق به قلبه في حياته من فقدان للأهل أو حبيب أو غيرها فتلك جميعها لم يتحملها العقل لتصبح كصخور تصتدم بجدران العقل وتهشم فيه صلابته وإنفاعالاته فلايقوى على تحملها العقل الواعي وتصبح ايضا شيء غريبا من سلسلة مايخزنه العقل الباطن فهو يحاول دائما أن يفرغها من محتوياته المسلسلة والمرتبة بالذاكرة ليبقى مابقى متعودا عليه .

ليذهب صاحبها إلى نومه ظنا منه أنه قد ينسى ماتعرض له من تلك المواقف لكن عقله الباطن والشيطان يعملان معا فالأول يريد أن يستريح منها والثاني كان شريكا في قرائتها ليصورها له على مسرح العقل الباطن بصورها التي حدثت تماما مضيفا إليها مواهبه الإبداعية مستعينا بأقرنائه من الجن والقرين المرافق كل إنسان فهو لاينسى كما ينسى العقل الواعي أو الباطن ، ليظهرها له في أثناء النوم على أن هذا الإنسان مازال يقظا فيفزعه حين يرى تلك المشاهد المتكررة وكأنها حقيقة وواقع .

لكن للعقل الباطن دورا إيجابيا غير دور الشيطان فعندما يشعر بالخطر يبعث برساله سريعة للمخ ومنها للعقل الواعي ليوقظه من ثبات نومه فجأة بضيق لأنفاسه ودقات لقلب نابضا بها بسرعة غير طبيعية .

ومثل ماحدث في المواقف المحزنة يكون ايضا بغيرها من المواقف السعيدة مع الفارق والإختلاف في الشعور ففي هذه الحالة يتمنى الإنسان أن يعود لنومه مرة آخرى ليكمل ماكان فيه ، في صورة يضعف فيها دور الشيطان لأن المسيطر الأقوى هنا وفي هذه الحالة هو العقل الباطن .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه أمامنا هو كيف نرى أشياء لم تخطر على البال والخيال ولم نفكر فيها مطلقا ؟ وللإجابة على هذا السؤال ،هناك عوامل آخرى تتحكم في ذلك ،منها على سبيل المثال حين نرى هواجسا مخيفة كالسقوط من فوق مرتفعات للمباني أو غرقا في أعماق البحر أو قطار يأتي سريعا ليصدمنا وغيرها ، فهناك فقرات عنقية بالعمود الفقري قد يكون بها إلتهابات فهذه تصدر إشارات كهربية وشحنات تصل للحبل الشوكي ومنها إلى مخ الإنسان ثم تصل إلى العقل الباطن كرسائل مبهمة تهتز بها معلوماته الداخلية فيصبح كجهاز لحاسوب لايستطيع التحكم في ترتيب تلك المعلومات فتظهر فيه بصور مشوشة غير واضحة تأتي من هنا وهناك من القديم أو الحديث ، يصورها الشيطان ، فتارة يشعر وكأنه يسقط من مكان مرتفع وآخرى وكأنه يغرق أو يطارده عدو من الحيوانات أو البشر .

ولتناول الطعام ثم النوم مباشرة دورا أخر في تلك الأحلام ، حيث من المعروف أنه يلزم لهضم هذا الطعام فترة من الوقت يحتاج معها للطاقة التي يهضم بها غذاؤه أو يحترقه ليحوله بنهاية تمثيله بخلايا الجسد إلى طاقة مخزنة ، والنوم سريعا يستفذ جزءا كبيرا من هذه الطاقة التي لو كان محتفظا بها بوعية لما إستنفذها من طاقة المخ فيصبح كل من العقل الباطن والعقل الواعي في أعماق الأوعي يغيب كلاهما عن المسرح تاركين الشيطان منفردا بمسرح التفكير يلهو ويلعب بالأفكار كما يريد .

وعن الشيطان ودوره في الأحلام ، كيف يصور لنا مانراه بالأحلام ؟ ففي ذاكرته كل مايقوم به كل إنسان من الأفعال فهو وأعوانه لهم القدرة الكبيرة على الدراما والتمثيل بسرعة وبراعة تفوق دراما البشر مستعينا بأدواته الفنية والخيالية والمشاهد التصويرية التي لاتخطر على عقل بشر وفي فترة زمنية قصيرة جدا ينجز فيها عمله وكل ذلك على مسرح عقل الإنسان .

وأخيرا لما يرى البعض رؤيا سعيدة دائما في نومهم ؟ إن الدين الإسلامي ورسولنا قد جعل لنا علاجا يكون حاجزا بيننا وبين الشيطان أثناء النوم وهو أن ننام دائما على وضوء مع التعود على أذكار النوم حيث كل هذا يصبح ستائرا تمنع الشيطان من إختراق تلك المعلومات المخزنة بعقولنا فيخلد من قام بذلك في نومه نوما عميقا هادئا دون هوجس شيطانية ومايراه في ليلته سوى بشرى سارة كان يتمناها أن تتحقق في يومه التالي .

المخ والأحلام والعقل الباطن ودراما الشيطان


google-playkhamsatmostaqltradent