recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

عن بُعد..ولكن!!

 عن بُعد..ولكن!! 



بقلم- أحمد شعبان 


لو تخيلت لوهلة ما وصلنا إليه من تقدم وتطور، ورجعت بذاكرتك إلى الوراء لسنوات وسنوات، ستحدق بعينيك وتتعجب لما نحن عليه الآن، فإن كانت المراسلة بورقة تأخذ من الوقت ما يكفي ولربما أيام، أو عملية تبادل الهدايا والبرقيات، ستلاحظ تلك الطفرة الكبيرة التي أحدثتها التكنولوچيا في عملية التواصل مع الآخرين.  

فكان هناك نوع من المعاناة ولكنها ممزوجة بالمتعة وبلهفة اللقاء، فلا تواصل بالكلام إلا للضروريات والأمور العاجلة، وكان ذلك قبل اختراع التليفون والانترنت، وإن كان الأمر كذلك، فأصبح من السهل جدا عبور المحيط والكرة الأرضية بضغطة زر من منزلك لتبحث هنا وهناك وتتعرف على أشخاص من جميع أنحاء العالم.


وحين تشاهد أفلام قديمة (الأبيض والأسود) ستجد اللقاءات بين الأحبة والأقارب والأصدقاء وجها لوجه، فلا زيف ولا تَصنّع وربما هي الحقيقة التي عاشها من سبقونا، حقيقة واقعية لمسها كل من عجز عن إرسال كلمات ورموز بلمسة زر وهو في بيته لم يتحرك.  

فلا أنكر فضل هذا التطور في إحداث تلك النقلة والخروج من حلقة ضيقة إلى عالم كبير وعملاق متصل ببعضه كقرية صغيرة، فيمكنك الاتصال بأشخاص في دول أخرى ورؤيتهم.  

فلما تأملت تلك العلاقات وجدتها هشة، غير مستمرة حالة اللهفة والشوق، حيث السهولة والأريحية في التواصل أي وقت شئت، ولهذا السبب أجد أن علاقاتنا مع الآخرين أصبحت جافة غير مرنة كما السابق. 

أما عن الجانب التعليمي ومدى تأثره بهذا التطور، فيجد البعض نفعها الكبير في تلك الظروف التي نمر بها من وباء كوفيد 19 ولكن ماذا بعد؟! 

فلم يقتصر الأمر هنا على العلاقات الإنسانية ولكن طال التعليم ومراسلات العمل وغيرها...وكنت قد عبرتُ عن وجهة نظري حول أنظمة التعليم_وعملي كمدرس _بعدم الموافقة على عزل المدرس وتلميذه، فالعملية التعليمية داخل الفصل إن لم تتم داخل مكان مناسب، بين المعلم والطالب؛ فلا فائدة. 

 فضرورة الاحتكاك المباشر ىين الطرفين أمر لا بُد منه، حيث الوسائل التعليمية المتوفرة تساعد أيضا في سرعة توصيل المعلومة واستيعاب الفكرة المشروحة، وإتاحة الفرصة للطالب الاستفسار والمناقشة، وتعلم فن الحوار وتقويم شخصيته، فنقطة شرح المنهج على شاشات وعن بعد أمر مؤسف.

فذلك الاحتكاك بين الطرفين يولد خبرات ونتائج مثمرة ملموسة، وكما في فترة التدريب، لمسنا تأثير هذا داخل العملية التعليمية، من تجارب مثل العصف الذهني والبعد عن التلقين، ومحاكاة الطالب لبيئة التعليم والمدرس ذاته، وإن كان هناك تعليم عن بعد، فربما كان البُعد عن أمور كثيرة أخرى في حياتنا، قد أثرت بالفعل على علاقاتنا مع من حولنا !!

عن بُعد..ولكن!!


google-playkhamsatmostaqltradent