recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن نبى الله يوسف؟ " الجزء الثالث "

الصفحة الرئيسية

 

ماذا تعرف عن نبى الله يوسف؟ " الجزء الثالث "





إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث مع نبى الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، وقد توقفنا معه عندما بلغ به الأمر في النهاية ليشتريه عزيز مصر، أي وزيرها، وقال لزوجته أن تكرم مثواه لعلهم يتخذوه ولدا لهم، فعلمه الله تعالى من تأويل الأحاديث وتعبير الرؤى وغيرها كي يوحي إليه الله تعالى فيما بعد، ولكن لم ينتهي البلاء والاختبارات التي نزلت على نبى الله يوسف عليه السلام هنا، فكما ذكرنا أنه كان عبرة لكل الشباب وفي مقاومة غرائز النفس وشهواتها، فقد كان يوسف عليه السلام جميلا جدا، بل كما ذكر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه أعطي شطر الجمال، فيكون المؤمنون في الجنة على جمال نبى الله يوسف عليه السلام، ففتنت امرأة العزيز بجماله وتزينت له ولبست أحسن الثياب، ودعته إليها، وكما قال الله تعالى في القرآن الكريم " وراودته التى هو فى بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى أحسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون " وفي قوله تعالى غلقت مبالغة إما لتشديدها على إغلاق الأبواب أو لكثرة تلك الأبواب، ولكنه عليه السلام نبي من أنبياء الله تعالى يخافه فتمنع وأخبرها بأن زوجها العزيز. 

هو سيد ذلك البيت وله من الفضل الكبير عليه، فهو الذي رعاه وعلمه، وقد أقبلت عليه إلا انه أصر على دفعها ولم يكن في قلبه أي شيءٍ غير دفعها عنه فلم يقبل عليها ولو للحظة حتى في تفكيره فقد رأى برهان ربه، وبرهان الله تعالى هو النور المزروع في قلبه عليه السلام، فقوله تعالى " ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه " وهي ليست كما فسرها البعض بأنها إقبال منه عليها فهو لا يجوز في حق نبى من أنبياء الله المعصومين، ولكن تفهم بأنه لولا برهان الله تعالى لهمّ بها، أي لولا نور الإيمان الذي في قلبه لراودته نفسه على فعل المعصية، ولكن وفي حال نبى الله يوسف عليه السلام كان همّه الوحيد هو دفعها عنه والابتعاد عنها لحرجه الشديد فقد كان شديد الحياء والخجل، فلذلك كان عليه السلام مثالا على من يظلهم الله بظله، إذ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، فهرب عليه السلام بعدها إلى الباب كي يفرّ منها، فوجدا زوجها عند الباب، ولكنها لم تتوقّف على ذلك بل بدأت بالتباكي واتهمت نبى الله يوسف عليه السلام بأنه هو الذي يريد بها السوء، وقال يوسف عليه السلام أنها هي التي راودته عن نفسه، فاحتاج إلى قول الحقيقة كي ينفي ما اتهم به، وهنا حصلت المعجزة فالله تعالى لا يرضى بالظلم. 

والإهانة لعباده الصالحين، فإن اتقيت الله فاعلم أنه معك على الدوام، فأنطق الله تعالى صبيا بالمهد كان من أحد أقاربها، فقال لسيدها أن يرى قميصه فإن كان قد مزق من الأمام فيكون هو كاذب وهي صادقة، إذ إنها تكون قد دفعته عن نفسها، وإن كان مزّق من الخلف فسيكون هو الصادق إذ إن قميصه سيكون قد تمزق خلال امساكها له وهو يهرب منها، وعندها طلب زوجها منها أن تستغفر لذنبها ومن يوسف أن لا يذكر ما حصل فهو الأمر الأفضل والأقرب إلى الخلق في مثل هذه الحالة، ولكن لم ينتهي الموقف عند هذا، فما زالت امرأة العزيز تحبه وهو ما علم به نسوة المدينة فلهذا بدأن بالحديث عنها، ولما سمعت بذلك دعتهن وأعدت لهن الضيافة ومن ضمنها ما يقطع بالسكين وألبست يوسف أحسن الثياب فكان على أبهى الصور، وعندما خرج عليهن انبهرن بجماله حتى أنهن قطعن أيديهن بالسكين ولم يشعرن بالألم، وقد كان يوسف عليه السلام يغطي وجهه في العادة إذا أتته امرأة تريد حاجة كي لا يرى الناس جماله فيفتنوا فيه، فالجمال وهو نعمة من نعم الله تعالى إلا أنه كان بلاء لنبى الله يوسف عليه السلام في هذه الحالة، فليست السعادة دائما بما يظنه الناس من النعيم، وعندما حرضت نسوة المدينة يوسف على الطاعة لسيدته. 

وامتنع وأبى هددته بالسجن، ولكن دعا يوسف عليه السلام ربه بأن يسجن فهو أحب إليه من معصية الله تعالى، فلو لم يعصمه الله تعالى ويعطه القوة والنور في قلبه لما استطاع أن يمتنع عن الفاحشة، فاستجاب له الله تعالى فأمر العزيز وزوجته بسجن يوسف عليه السلام ظلما كي يظهر للناس أنه هو من راودها عن نفسه ويقل كلام الناس في تلك القضية، وفي السجن بدأ فصل آخر من قصة نبى الله يوسف عليه السلام، إذ دخل معه السجن شخصان، وقد ذهب العلماء إلى أنهما ساقي الملك وخبازه، فأعجبهما في يوسف عبادته وتوكله على الله تعالى، وشاهد كل واحد منهما رؤيا على شاكلته، فرأى الأول أنه يعصر الخمر من ثلاث عناقيد عنب قد امتلأت فعصر منها وسقى الملك، والآخر أنه يحمل ثلاث سلال من الخبز على رأسه وتأكل الطير من الخبز من على رأسه، فسألا يوسف عليه السلام عن ذلك، فأخبرهما في البداية أنه ما من حلم يحلمانه إلا ويخبرهما تأويله فيكون كما قال، فهو من علمه الله تعالى تعبير الرؤى من صغره، وقبل أن يفسر لهما المنام أخبرهما أنه يوحد الله تعالى وأنه على ملة أبيه وأجداده يعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام وهو مسلما لله تعالى الذي هو أقوى من تلك الأصنام المتفرقة، وقد أمر الله تعالى. 

أن يعبده الناس ولا يشركوا بعبادته أحدا، وأخبرهما تأويل حلمهما بان الخباز يصلب وتأكل الطير من رأسه، وأن الساقي يخرج من السجن ويعود لسقي الملك، وأن هذا أمر مقضي سيحصل في العاجل أم الآجل، وطلب من الذي ظن أنه ناج منهما أي الساقي أن يذكره عند الملك وما به من الظلم، فلا مانع من الأخذ بالأسباب، بل هو واجب وهو لا ينافي التوكل على الله أبدا، بل إنه واجب إلى جانب التوكل على الله، لكن الشيطان أنسى الناجي أن يذكر يوسف عليه السلام عند الملك لبضع سنين بقي فيها يوسف في السجن، ولكن بعدها أراد الله تعالى إخراج يوسف من السجن، فرأى الملك رؤيا وهي انه كان على حافة النهر فخرجت سبع بقرات سمان يرتعن في الخضرة هنالك، فخرجت سبع بقرات هزال ضعاف فرتعن معهن ثم أكلنهن، فاستيقظ مذعورا ونام بعدها، فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة، فإذا بسبع يابسات أخر يأكلونهن، فقصها على قومه فأخبروه أنها من الأحلام التي لا تعبير لها، وأن لا خبرة لهم بتفسير الرؤى، وعندها تذكر الساقي الذي نجى من السجن يوسف عليه السلام وقدرته على تفسير الرؤى وأخبر الملك عنه. 

وطلب أن يرسله إلى يوسف كي يفسرها له، فأخبرهم يوسف بأنه يأتيهم سبع أعوام يخضر فيها الزرع ومن بعدها سبع يأتيهم فيها القحط ومن بعدها يأتيهم عام فيه الخير ويرزق فيه الناس ويعودون إلى عصر ما كانوا يعصرونه من الزيتون والعنب والسمسم وغيره، وأخبرهم ما يفعلون في كل من السنين كي يتغلبوا عن القحط، وعندما علم الملك بعلم يوسف عليه السلام أراد أن يخرجه ويجعله من حضرته، ولكنه أبى ذلك وطلب من رسول الملك الذي أتاه أن يعود إلى الملك ويطلب منه أن يسأل العزيز عن التهم التي وضع على إثرها في السجن كي تظهر براءته أمام الناس جميعا، وعندما سأل الملك عن ذلك أخبرنه أنه تمنع عنهن وأخبرت امرأة العزيز أن الله قد أظهر الحق واعترفت بذنبها، كي يعلم العزيز أنها لم تخنه من دون علمه، فبانت براءة يوسف عليه السلام أمام الجميع قبل خروجه من السجن وما كان به من الظلم، وعندما ظهر للملك ما كان به من الظلم والعفة وما يمتلكه من العلم والحكمة طلب ان يأتوه به كي يكون من أكابر القوم عنده، وطلب من الملك أن يوليه على خزائن الأرض كي يستطيع إخراج الناس من الضيق الذي سيحصل بحسب رؤيا الملك، فهو علم أنه يستطيع ذلك وله من القوة والعلم والأمانة ما يؤهله لذلك. 

ولهذا طلب بنفسه أن يتولاه فلا حرج في ذلك، وقيل أيضا أن العزيز عندما مات زوجه الملك امرأته وجعله في منصبه فأصبح ذا مكانة وشأن في الأرض، والله تعالى لا ينسى الظلم إذا وقع بالإنسان ويأخذ بحقه حتى ولو بعد سنين، فكيف لقصة يوسف عليه السلام أن تنتهي من دون أن يعيد له حقه لما وقع عليه من الظلم من أخوته ويلم شمله مرة أخرى بأبيه الصالح عليهما السلام، فعندما كانت سنين القحط كان يوسف عليه السلام الحاكم على الأمور المصرية، فأتى إخوة يوسف يطلبون الطعام منه، فعرفهم على الفور إلا أنه لم يخطر ببالهم أبدا أن يكون يوسف قد وصل إلى هذه المكانة العظيمة فلم يعرفوه، وأعطاهم الطعام حمل بعير كما جرت به العادة بإعطاء كل شخص، وسألهم عن أنفسهم فأخبروه أنهم اثنا عشر رجلا ذهب منهم واحد وبقي الآخر عند أبيهم، فطلب منهم أن يأتوه به في العام المقبل فقد تيقنوا من أنه يوفي الكيل لكل شخص ويعدل بين الناس، وهددهم بانهم إن لم يأتوه به فلا كيل لهم عنده، وطلب من فتيانه أن يعيدوا لهم البضاعة بالخفية خوفا من أن لا يكون لديهم ما يعودون به في العام المقبل ليقايضوا به، وعندما عادوا اخبروا أباهم يعقوب عليه السلام أنه إن لم يبعث معهم أخيهم في العام المقبل فإنه سيمنع الكيل منهم.


ماذا تعرف عن نبى الله يوسف؟ " الجزء الثالث "



google-playkhamsatmostaqltradent