recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الزواج بين الحلال والحرام؟ " الجزء الثالث "

الصفحة الرئيسية

 

ماذا تعرف عن الزواج بين الحلال والحرام؟ " الجزء الثالث "





إعداد ـ محمـــد الدكـــرورى


ونكمل الجزء الثالث مع الزواج بين الحلال والحرام وقد توقفنا مع مشكلة الكل يشكو منها، وهى مسألة المغالاة في المهور، والمغالاة أيضا في الولائم، كلتاهما ضارتان، فينبغي للأولياء وللنساء أيضا أن لا يشددوا في ذلك بأن ترضى المرأة وأمها وقراباتها بالشيء المناسب، كما يرضى الأب وبقية الأولياء بذلك، بعض الأحيان قد يكون الأب يرضى أو الولي لكن لا ترضى أمها وأختها ونحو ذلك، وربما حملته أمها على المغالاة، فالحاصل أن هذا مطلوب من الجميع، فهو مطلوب من الأم والخالة والبنت نفسها، ومطلوب من الأب، ومطلوب من الإخوة، ومطلوب من الأجداد، فكلهم يتعاونون في تسهيل المهور وعدم المغالاة حتى يتيسر تزويج قريباتهن، أما مع المغالاة فإن البنت تبقى حبيسة البيت ولا يتقدم لها إلا القليل من الناس، وليس كل واحد عنده القوة على المهر المرتفع، ثم هذا لا ينبغي لأن المغالاة في المهور تفضي إلى فساد كبير، فتفضى إلى تعطيل البنات والأخوات، وتعطيل الشباب، والوقوع في الفواحش، هذا كله شره عظيم وعاقبته وخيمة، وكذلك الولائم ينبغي ألا يعني يتنافس فيها، فبدل ما يذبح من الذبائح الكثير، فإنه يكتفي بواحدة، وأنه بدل ما يدعو مائة أو مائتين من أقاربه فإنه يدعو خمسة. 

أو عشرة من أقاربه الأدنين ويكتفي بذلك حتى تكون النفقة أقل، وحتى يستطيع أن يتقدم للزواج، ولكن إذا ذكر أن هناك ولائم تحتاج إلى ألوف من الناس مع مغالاة المهر، فإن هذا كله يسبب تعطيل الرجل وتعطيل البنت جميعا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فنصيحتي لجميع المسلمين من الرجال والنساء عدم المغالاة في المهور وعدم التكلف تسهيلا للزواج لعفة الرجال والنساء جميعا، فهذه نصيحتي لهم، وقد جاءت الأحاديث والآثار عن السلف بالدلالة على ذلك فالسنة للمؤمن عدم المغالاة، وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله في هذا الأمر وأن يحرصوا على تزويج بنيهم وبناتهم بالطرق الممكنة الميسرة التي ليس فيها ضرر على الجميع، والأوقات تختلف، ولكن يتحرون المهر المناسب الذي يحصل به المطلوب من دون مشقة على الزوج، لأن كثيرا من الناس قد يتأخر عن الزواج بسبب المغالاة فلا يقدر، وربما تعطل كثير من النساء بسبب ذلك وحصل من الفساد ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، فالمشروع للجميع العناية بهذا الأمر، فعلى الرجل أن يعتني وعلى المرأة أن تعتني، فالرجل يعتني ويحرص على التخفيف والتيسير لتزويج بناته وأخواته وغيرهم، والنصيحة لهن في ذلك، والمرأة كذلك تتقي الله. 

وتحرص على التخفيف مع بنتها ومع أختها ومع قريباتها حتى يتعاون الجميع على التخفيف والتيسير، وبهذا يتيسر الزواج لجميع الشباب من الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجود الزواج مع المئونة القليلة خير من تعطيل الرجل أو تعطيل المرأة، كونها تتزوج ويعفها الرجل بمهر مناسب ليس فيه تكلف خير لها في الدنيا والآخرة، وهكذا الرجل كونه يتزوج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر لعل الله جل وعلا يكتب لذلك النجاح، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن أعظم النكاح بركة أيسرهن مئونة" وخفف ولا تسرف فقال صلى الله عليه وسلم " يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا" وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم، فيسروا على عباد الله، وارحموا شباب الأمة يرحمكم الله، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وارحموا الشباب والفتيات، يسروا لهم أمر الزواج، وخففوا عليهم عبء الزواج، أما تعلمون أن رسولكم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد زوج رجلا بما معه من القرآن الكريم، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال " جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقالت يا رسول الله، إني وهبت نفسي لك" وهنا نجد أن امرأة وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحده دون غيره من سائر الأمة، قال " فقامت المرأة قياما طويلا، فقال رجل يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم له " هل معك شيء تصدقها ؟" أي تقدمه لها صداقا، قال لا، ليس معي إلا إزاري" فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لو أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، التمس شيئا" أي ابحث عن شيء آخر تقدمه لها، فذهب الرجل فلم يجد شيئا، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " التمس ولو خاتما من حديد، فقال الرجل، لم أجد شيئا، فإنه لم يجد حتى خاتما من حديد يقدمه صداقا لهذه المرأة إذا تزوجها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " هل معك شيء من القرآن؟ قال نعم، معي سورة كذا وكذا، سور يسميها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد زوجتكها بما معك من القرآن " فهذا هو الإسلام، وهذا هو دين الإسلام، إنه التخفيف، إن المرأة ليس لها في هذا الوجود إلا أن تجلس وأن تعيش مع زوج يتقي الله ويعينها على طاعة الله تعالى، ويأخذ بيدها وتأخذ بيده إلى مرضاة الله تعالى. 

لا أن تجلس مع أبيها، ولا أن تجلس مع أمها، إذا ما بلغت سن زواجها وسن إحصانها وسن إعفافها، ولقد مهر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لزوجاته أمهات المؤمنين، ومهر بناته، ومهر الصحابيات رضي الله عنهن، فلم يتعد اثنتي عشرة أوقية، فعن أبي سلمة بن عبدالرحمن، أنه قال سألت السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت "كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّا، قالت، أتدري ما النشّ؟ قال قلت: لا، قالت نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه" وعن أبي العجفاء السلمي، قال خطبنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال "ألا لا تغالوا بصُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية" وجاء عند النسائي عن أنس رضي الله عنه قال "خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلِمة ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها، فقال ثابت فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم، الإسلام. 

فدخل بها فولدت له، وقال ابن القيم رحمه الله، فتضمن هذا الحديث أن الصداق لا يتقدر أقله، وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهرا، وتحل بها الزوجة، وتضمن أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره، ولا ينبغي أن ننسى هذا المشهد المهيب، هذا المشهد الكريم، وأزفه إلى الآباء والأمهات، إنه مشهد زواج بنت سيد التابعين سعيد بن المسيب ، وقد عاصر كثيرا من أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعترف معظم علماء الحديث بمراسيل أحد أكثر من اعترافهم بمراسيل سعيد بن المسيب ، كما قال أحمد وغيره، وسعيد بن المسيب كانت له فتاة، أتدرون من خطبها لابنه، خطبها أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، لولده الوليد، أي نسب وأي شرف، أمير المؤمنين يخطب فتاة لولده، إنها زيجة يحرص عليها كل الناس، ولكن من ملأ الإيمان قلبه، وملأ التقى جوانحه، يريد أن يقدم ابنته لرجل صالح تقي نقي يراقب الله فيها، ويتقي الله فيها، ولو كان فقيرا لا يملك من حطام الدنيا شيئا، وقد رفض سعيد بن المسيب أن يزوج ابنته للوليد بن عبد الملك بن مروان، وغضب عليه عبد الملك بن مروان بسبب ذلك، فلما أبى سعيد بن المسيب جلده مائة سوط.

فقد ضربه مائة سوط في يوم بارد، وأبى سعيد بن المسيب أن يقدم فلذة كبده وثمرة فؤاده للوليد بن عبد الملك بن مروان ، وقدمها لطالب علم في حلقته فقير متواضع، إلا أنه وجد فيه التقى، ووجد فيه الصلاح والفلاح، قدمها لـكثير بن أبي وداعة رحمه الله، ويقول كثير بن أبي وداعة كنت ممن يجلس في مجلس سعيد بن المسيب ففقدني أياما، فسألني أين كنت؟ فقلت لقد توفيت أهلي، أي ماتت زوجته وكان متزوجا، فما قال، هل قال لن أزوجها لرجل قد تزوج قبل ذلك، قال أين كنت؟ قال لقد توفيت أهلي فانشغلت بها، أي ماتت زوجتي فانشغلت بها، فقال سعيد هلا أخبرتنا فشهدناها معك، ثم قال سعيد بن المسيب، هل استحدثت امرأة أخرى، أي هل تزوجت غيرها؟ فقال له كثير بن أبي وداعة، يرحمك الله يا أبا محمد، ومن يزوجني ولا أملك من الدنيا إلا درهما أو درهمين، وفي رواية، إلا درهمين أو ثلاثة، فقال له سعيد بن المسيب أنا أزوجك، قال أوتفعل؟ قال نعم، يقول، فقام سعيد فحمد الله عز وجل وأثنى عليه وصلى على رسول الله، وزوجني ابنته على درهمين، فيقول كثير، فانطلقت إلى بيتي وأنا لا أعلم ماذا أصنع من الفرح، ثم صليت المغرب وعدت إلى داري وكنت صائما، وقدمت العشاء وكان خبزا وزيتا، وبينما أنا جالس أفكر فيمن أستدين منه، وإذا ببابي يقرع، فقلت من؟








google-playkhamsatmostaqltradent