recent
أخبار ساخنة

أخلاقيات التكنولوجيا

أخلاقيات التكنولوجيا

بقلم - محمود أبو الوفا

لم تعد التكنولوجيا فى حياتنا رفاهية، بل أصبحت التكنولوجيا فى حياة كل منا من الأساسيات التى من الصعب الاستغناء عنها، فمنذ سنوات ليست ببعيدة كان استخدام الهواتف المحمولة قاصرًا على فئة معينة من أفراد المجتمع، ولم يكن شائعًا بين يدى عامة الناس، ثم سريعًا ما لبث أن انتشر استخدام الهواتف المحمولة ثم تطور ذلك مع التقدم التكنولوجى المتسارع حتى أصبح الهاتف المحمول فى يد الصغير والكبير، بل أصبح من الضروريات التى لا غنى عنها، وأصبح يستخدم فى كافة مجالات الحياة العملية، ويستخدم فى إنجاز أعمال كثيرة جدًا فى وقت قصير وفى أى مكان، وتخطى استخدامه حواجز الزمان والمكان، وكل ذلك يعد من المميزات الهائلة لهذا الجهاز.

ولكن بالنظر إلى كل ما يمتاز به الهاتف المحمول إلا أن له بعض المساوئ التى قد تغيب عن تفكير أغلب من يستخدمون هذه الأجهزة، فنجد أنه من أهم عيوبه أنه أسهم بشكل كبير فى عزوف أغلب الأشخاص عن تبادل الزيارات الاجتماعية كما كان فى السابق، وكما تعودنا منذ الصغر على تبادل الزيارات الأسرية وتجمع الأسر فى نهاية الأسبوع، أو فى المناسبات الاجتماعية، والدينية والاستمتاع بحكايات الآباء والأجداد والتزود من خبراتهم من خلال حكاياتهم الجميلة، والممتعة، واستبدلنا هذه الزيارات بإرسال رسائل المعايدة من خلال الهاتف للتهنئة بالمناسبات والأعياد، وربما حدث ذلك أيضًا للتهنئة بالزواج، أو للتعزية عند وفاة أحد الأصدقاء أو الأقارب.

وفى بعض الأحيان قد تجتمع الأسر فتجد أن كل فرد من أفراد الأسرة أو العائلة قد أخذ مكانه وأمسك هاتفه ثم دخل إلى عالمه الافتراضى الذى اتخذه لنفسه، وانعزل انعزالًا تامًا، ثم تأتى لحظة الانصراف والانتشار وكأنهم لم يجتمعوا، وبالرغم أننا نطلق على هذه الوسائل الحديثة فى الاتصال وسائل التواصل الاجتماعى، إلا أننى أفضل أن أسميها وسائل الانفصال الاجتماعى، التى جعلت أفراد الأسرة الواحدة فى مكان واحد داخل المنزل، ولكن لكل منهم عالمه الخاص الذى اختاره لنفسه واختار أبطاله الذين يقضى معهم كل الوقت.

وإذا تطرقنا إلى المؤسسات التعليمية، نجد أن معظم الطلاب قد اقتنوا هذا الجهاز الخطير، ومن اللافت للنظر أنك تجد أن كل فئات مجتمعاتنا تقتنى هذا الهاتف، بغض النظر عن المستوى التعليمى، والمستوى الاجتماعى، والمستوى الاقتصادى، ولا يوجد اعتراض على هذا، لأننا يجب أن نساير التكنولوجيا، وأن يصبح أبناؤنا متمتعين بقدر كبير من التقدم التكنولوجى، وعدم التأخر عن أقرانهم من الطلاب على مستوى العالم، ولكن يجب ان نقوم بتعليم أبنائنا كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا والاستفادة والاستزادة منها مع ضرورة التحلى بالأخلاق المستمدة من تعاليم الدين والتى تقف كحائط الدفاع الأول عن أبنائنا ضد الغزو الفكرى والأخلاقي الذى قد يسيطر عليهم إذا لم يكن لديهم القدرة على التصدى لتلك الأفكار الخبيثة التى قد تضر بمستقبلهم.

ولكى نحمى أبنائنا من الانسياق خلف الأفكار السيئة التى يمكن أن تطيح بمستقبلهم، فإن ذلك يحتم علينا الاهتمام بالتربية السليمة لابنائنا داخل بيوتنا ونغرس فيهم مراقبة النفس وأن نزرع فيهم الثقة مع توخى الحذر من خلال وجود الرقابة على الأبناء ولكن بطريقة متزنة ومصاحبتهم وأن يكون الوالدين هما الملجأ والملاذ لأبنائهم حتى يكون هناك جسورًا من الثقة بين الأبناء والآباء حتى نعبر بأبنائنا إلى شاطئ النجاة، وإلى المستقبل الذى يسهم فى نجاحهم على المستوى الشخصى، وأن يصبحوا لبنة جيدة وصالحة فى بناء المجتمع.
أخلاقيات التكنولوجيا
google-playkhamsatmostaqltradent