recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

ماذا تعرف عن الزواج بين الحلال والحرام؟ " الجزء الأول "

الصفحة الرئيسية

 

ماذا تعرف عن الزواج بين الحلال والحرام؟ " الجزء الأول "




إعداد / محمـــد الدكـــرورى


ومازال الحديث موصولا عن الزواج وصعوباته وما يواجهه من أزمات وقد تحدثنا عن زواج الشغار، وهو زواج البدل من عير مهور، فإذا وقع نكاح الشغار في الصورة التي اتفق العلماء على أنها من الشغار المنهي عنه، فهو باطل يجب فسخه عند جمهور العلماء، وتجديد العقد، وقد سئل الإمام مالك رحمه الله فقالوا له يا إمام " إرأيت نكاح الشغار إذا وقع، فدخلا بالنساء وأقاما معهما حتى ولدتا أولادا، أيكون ذلك جائزا أم يفسخ؟ فقال الإمام مالك يفسخ على كل حال" وقال الإمام الشافعي رحمه الله " فلا يحل النكاح وهو مفسوخ" وقال ابن قدامة رحمه الله " ولا تختلف الرواية عن الإمام أحمد، فى أن نكاح الشغار فاسد" وقال ابن عبد البر رحمه الله " ولا يصح عقد هذا النكاح ويفسح قبل البناء وبعده " وعليه فمن تبين له أن زواجه كان على سبيل الشغار، فيجب عليه فسخ هذا النكاح، وعقده من جديد مع توفر سائر شروطه، وأن يفرض للمرأة فيه مهرا يتراضيان عليه، فنكاح الشغار ذلك " هو النكاح الفاسد، ويلزم التفريق بينهما، ثم بعد ذلك هو خاطب من الخطاب إذا رغبته المرأة ودفع لها مهر مثلها، جاز له نكاحها بعقد جديد " وقال الشيخ ابن باز رحمه الله " فيزوجه وليها من جديد، بعقد شرعي ومهر شرعي. 

وبحضور شاهدين، ولا حاجة إلى عدة بل في الحال لأن الماء ماؤه، أما إذا كان لا يرغب فيها، وهي لا ترغب فيه، فيطلقها طلقة واحدة، فإذا اعتدت تزوجها من شاءت "  ولكن سبق أن علماء المذهب الحنفي يصححون النكاح في هذه الصورة، ويوجبون مهر المثل لكل امرأة، فمن قلدهم في هذا القول، أو كان في بلد عامة أهله على المذهب الحنفي أو القضاء في محاكمهم عليه فإنه لا يفسخ نكاحه، كما هي القاعدة في المسائل الاجتهادية، وأيضا قد تحدثنا عن زواج التحليل وهو زواج باطل وأن هناك أدلة جامعة على بطلانِ زواج التحليل، وهو أن زواج التحليل لم يشرع في أي زمن من الأزمان، وأنه لم يكن في الصحابة محلل قط، وأن الصحابة أجمعوا على بطلانِ زواج التحليل، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قد لعنوا المحلل والمحلل له، وأنه لا غرض للمحلل والمحلل له، ولا للمرأة ولا الولي، في أن يكون الزواج دائما بين طرفيه، وأن أطراف زواج التحليل من المخادعين الذين يخدعون الله تعالى كما يخدعون الصبيان، والمحلل ماكر مخادع متخذ آيات الله هزوا، والمحلل لا يريد المرأة لنفسه، وإنما يريد حلها لغيره، ولهذا سمي محللا. 

ولهذا كان جماعها حراما وضد شرع الله تعالى ودينه، وضد ما وضع له الزواج، وأن الفطر السليمة والقلوب التي لم يتمكن منها مرض الجهل والتقليد، تنفر من التحليل أشد نفار، وتعير به أكثر مما يعيرها الزنا، وأن المحلل من جنسِ المنافق، فإن المنافق يظهر أنه ملتزم لعقد الإسلام ظاهرا وباطنا، وهو في الباطن غير ملتزم له، وكذلك المحلل يظهر أنه زوج، وأنه يريد الزواج ويسمى المهر، ويشهد على رضا المرأة، وفي الباطنِ يخالف ذلك، لا يريد أن يكون زوجا، ولا أن تكون المرأة زوجة له، ولا يريد دفع الصداق، ولا القيام بحقوق الزوجية، وقد أظهر خلاف ما أبطن وأنه مريد لذلك، والله يعلم، والحاضرون والمرأة وهو والمطلق أن الأمر كذلك، وأنه ليس بزوج حقيقة، ولا هي امرأته على الحقيقة، وأن نكاح المحلل لا يشبه زواج أهل الجاهلية ولا زواج أهل الإسلام، فكان أهل الجاهلية يمارسون في زواجهم أمورا منكرة، ولم يكونوا يرضون نكاح التحليل ولا يفعلونه، ففي صحيح البخاري عن عروة بن الزبير أن السيدة عائشة رضي الله عنها أخبرته "أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر. 

وكان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه فيعتزلها زوجها، ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر، وهو أن يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر عليها ليالى بعد أن تضع حملها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمرِكم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان، وتسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع منه، ونكاح رابع وهو أن يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا، وكن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها، جمعوا لها ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط  به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله تعالى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله، إلا نكاح الناس اليوم" وإن نكاح التحليل لا يدخل في نكاح الناس.

الذي أشارت إليه السيدة عائشة رضي الله عنها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقره ولم يهدمه، ولا كان أهل الجاهلية يرضون به، فلم يكن من أنكحتهم، وإن السبب في زواج التحليل هو معصية الله ورسوله، وطاعة الشيطان في إيقاع الطلاق على غير الوجه الذي شرعه الله عز وجل، وعن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بال قومٍ يلعبون بحدودِ الله، فيقول قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك" رواه ابن ماجه، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول قد فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ويجيء أحدهم، فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال فيدنيه منه، أو قال يلتزمه ويقول نعم، أنت أنت " رواه مسلم، فالشيطان وحزبه يغرون بإيقاع الطلاق والتفريق بين المرء وزوجه، وكثيرا ما يندم المطلق ولا يصبر على فراق امرأته، ولا تطاوعه نفسه أن يصبر عنها، ويراها تتزوج رجلا آخر عن رغبة تبقى فيه معه، إلى أن يموت عنها، أو يفارقها، إذا قضى منها وطره، ولا بد له منها، فيهرع إلى التحليل.

ومن يتق الله في طلاقه فيطلق كما أمره الله ورسوله وشرعه له، أغناه عن ذلك كله، كما جاء في قوله تعالى فى سورة الطلاق " ومن يتق الله يجعل له مخرجا" فلو اتقى الله عامة المطلقين لاستغنوا بتقوى الله تعالى عن المكر والاحتيال وعن أغلال التحليل، فإن الطلاق الذي شرعه الله تعالى أن يطلقها طاهرا من غير جماع، ويطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، فإن بدا له أن يبقي عليها في العدة أبقى عليها، وإن لم يراجعها حتى انتقضت عدتها أمكنه أن يعقد عليها دون الحاجة إلى زوج آخر، وإن لم يكن له فيها غرض لم يضره أن تتزوجَ بزوج غيره، فمن فعل هذا لم يندم ولم يحتج إلى حيلة ولا تحليل، ولهذا سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل طلق امرأته مائة فقال "عصيت ربك، وفارقت امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجا" وقال سعيد بن جبير "جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال إني طلقت امرأتي ألفا، فقال"أما ثلاث فتحرّم عليك امرأتك، وبقيتهن وزر، اتخذت آيات الله هزوا"

لقد أمر الإسلام بالزواج، وحث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عليه، ونهى عن التبتل والرهبانية، وجعل هذا الزواج بهذه الأصول وتلك الضوابط من سنته، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، أي عن عبادة رسول الله  صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا عنها كأنهم تقالوها، أي كأنهم تقالوا عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا، وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ فقال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر، وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر، وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فلما جاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال" أنتم الذين قلتم كذا وكذا " وفي رواية الإمام مسلم، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قام وقال" ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟" أي هل أنتم الذين قلتم " أنا أصلي الليل أبدا، وأنا أصوم النهار أبدا، وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج؟ قالوا نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني "



ماذا تعرف عن الزواج بين الحلال والحرام؟ " الجزء الأول "



google-playkhamsatmostaqltradent