عيد الحب
بقلم:كوثر زكي
في عيد الحب نسج الشاعر الكبير رامي قرطآ من الكلمات العذبة بصوت ملهمته" أم كلثوم" فأشجي بصوتها العالم العربي وأصبح هو صوت الحب .
هكذا يكون الحب عند رامي الذي اسكرة الشجن والسحر الكامن في صوت ملهمته التي تغنت بأعذب كلماته وتراقصت عليها قلوب المصريين والعالم العربي الذي عشقها بمذهب ( الحب من غير أمل اسمي معاني الغرام) هكذا يكون الحب الحقيقي عطاء بلا حدود" حتي الجفا محروم منه"
عندما عاد رامي من بعثته في فرنسا عام 1924 واراد صديقه "محمد فاضل" أن يحتفل بعودته فدعاه الي قضاء السهرة معه في حفله تغني فيها المطربة الجديدة " أم كلثوم" ولكن رامي لم يتحمس فلم يكن يسمع إسم المطربة من قبل ولم يعلم أن القدر يحمل الي قلبه حب يعتسر شجنآ لهذة الفتاة التي أصبحت فيما بعد ملهمة قصائدة واشعاره التي ملئت الدنيا بها حبآ يشدو إليه المحبين ، فلم يتوقع رامي أن يسمع غناء يعجبه ولكن صديقه الح عليه فذهب مجامله لصديقه لاسيما بعد أن عرف أنها تغني قصيدته " الصب تفضحه عيونه" التي كان قد أعطاها رامي الي الشيخ "ابو العلا محمد" ليلحنها وما أن بدءت أم كلثوم بالغناء حتي سقط رامي في أسر عذوبة صوتها وأسكرة الشجن والسحر الكامن في حنجرتها وإذ به يسعي إلي مقابلتها بعد أن فرغت من وصلتها الأولي ويطلب منها أن تغني قصيدته واستجابت أم كلثوم البسيطه في ذلك الوقت الي رامي الشاعر الكبير العائد من بلاد برة والذي استمع الي غناء أم كلثوم وهو يتمايل طرباً .
منذ اللحظه الأولي تعلق رامي بالفتاة الريفيه حتي ملكت وجدانه ومنذ التقاء رامي بكوكب الشرق ولد هذا الحب الذي في قلبه الذي سكنا فيه طوال مشوارهما الفني والذي امتد أكثر من خمسين سنه ولم يلق من خلالها ما يروي ظمأ حبه وظل يعاني من الحرمان والسهد وصدق عليه قول" حتي الجفا منه محروم" وظلت اغاني رامي للست والتي بلغت نحو 137 اغنيه تعبر عما يخفيه الفؤاد تجاهها حتي أنه أجابها علي اتهامها له بالجنون علي عدم تقاضيه مقابل مادي عن الأغاني التي يكتبها لها قائلا", نعم أنا المجنون بحبك والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم هل سمعتي أن قيسا أخذ من ليلي ثمن أشعارة.
عاش رامي يؤمن أنها حين تغني فهي تغني له قبل الناس وتتجه إليه ملتمسة وقع أدائها علي نفسه وكان عندما ينقطع وحي الشعر عن رامي تقلق أم كلثوم فتسأله ويجيبها يا ست صدت فتفهم مرادة فتقول هغنيلك وقتها يشعر رامي أنه أسعد انسان في الدنيا لقد عرفت أم كلثوم بذكائها أنه شاعر يشعله الحرمان ولكن تستبقي الشعله متوهجه الي أن يكتب لها الاغنيه فتغنيها في الموسم مرة... إثنين.... ثلاثة.... أربعة كأنها تمنحه فرصة لعمل قصيدة أخري فإذا لم يأت بواحدة عرفت بخبرة المروض كيف تعيد نشاطه فتتعمد في حفله ان لا تغني له اغنيه وتمضي الوصلة الأولي بلا شئ فيتطلع رامي إلي الوصله الثانيه ويزداد قلقه ويتطلع الي الوصلة الثالثة فأذا به يخيب أمله ليعود إلى منزله حزينا متمزق ثم ينظم دموعه وإهانته ولهفاته الي اغنيه جديدة.
كان يوم الاثنين هو يوم الإجازة لرامي من العمل في دار الكتب حيث كان موظف بها وكان يسميها كتبخانه النعيم لتوافق يوم إجازته بإجازة الحلاقين وكان رامي بحكم وظيفته ينتقي من دواوين الشعر اعذبها ويحملها معه إلي أم كلثوم فيقرأها لها ويبصرها بمواطن الجمال فيها هكذا يمضي يوم الإثنين خالصا لأم كلثوم حتي بعد زواجه لم تستطع زوجته أن تحصل علي نصيبها من ذلك اليوم المقدس له وعلي الرغم من كل ذلك الحب لم يتزوج رامي من أم كلثوم ،، إذا كان بينهما خلاف ردت عليه بكلمات من اغنيتها مثل " مخطرتش علي بالك يوم تسأل عني وعنيه مجفيها النوم يا مسهرني", " من انت حتي تستبيحي عزتي فأهين فيك كرامتي ودموعي"
عندما جاوب ابن الشاعر احمد رامي عن سبب عدم زواج أبيه من أم كلثوم أجاب عندما سألت والدي أجابني اني لو تزوجتها سيكون سبب في إعتزالها الغناء لأنني رجل شرقي ولن أسمح بذلك ولم أكن أستطيع أن أقول فيها " سهران لوحدي أناجي طيفك الساري وهي جالسه بجانبي في بيت واحد كما أن الزواج كان سيقتل الحب ، كما أضاف ابن الشاعر أن والدي كان له طقوس قبل حفلات ام كلثوم كان يذهب بكامل شياكته ويجلس دائما في المقعد رقم 8 بالصف الأول أمام أم كلثوم فهو الذي عرفها علي الدكتور حسن الحفناوي بعدها تم الزواج وعندما توفيت أم كلثوم كسر رامي القلم وهجر الشعر والناس وأصابه الاكتئاب لغياب ملهمته وكان سلواه الوحيد هو الخاتم الذي قدمته له كهديه زواج والمكتوب عليه حرفين من اسمها والذي ظل بيدة أربعين عاماً لا يفارق أصابعه فهو شاعر الحب الافلاطوني أحمد رامي.