recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

بدون تطبيل بقلم يحي خليفة

الصفحة الرئيسية

 بدون تطبيل 

بقلم يحي خليفة

الوطن كلمة صغيرة لكنّها باتساع الكون، ومجرّد أن يُذكر الإنسان هذا المكان الذي ينتمي إليه بكلّ ما فيه تتأجج المشاعر ويُصبح القلب ممتلئًا بكلّ ما هو جميل، فالجميع يتمسك به لأنّه الأساس الذي يقوم عليه كرامة الشخص وكيانه، وحب الوطن هوالحب الحقيقي لأنه حبٌ فطري ينبع من أعماق القلب ولا يمكن صدّه أبدًا، لأنه الكيان الذي تنتمي إليه جميع الكائنات، ودون وجوده يشعر الإنسان بالضياع والتشرّد، والانتماء للوطن يأتي دون أيّ تخطيط، لأن الشخص يشعر أنّ اكتماله لا يكون إلا في وطنه، وبدونه يشعر بالنقص وعدم الاستقرار، فالإنسان مجرّد أن يفتح عينيه ويُولد، تقع عيناه على سماء بلاده، ويبدأ بتنفس الهواء فيه فيستوطن حبه في القلب إلى الأبد. على الرغم من أنّ البعض يعدّ الوطن مجموعة من الأنظمة والقوانين التي يجب الخصوع لها، إلّا أنّ فكرة وجود بلادٍ ينتمي إليها الإنسان فهي أعظم من جميع المسميات، فهو مصدر الأمن والأمان، والمكان الذي يحصل فيه الإنسان على حقوقه ويؤدي واجباته بصدرٍ رحب، وهذا ما يُفسر الاستماتة في الدفاع عن حدود أوطانهم، وعدم السماح لأيّ أحد بأن يُسبّب له الضرر، وليس غريبًا أبدًا أن تُقام حروبٌ كبيرة لأجل الدفاع عن حرية الوطن، لأنّ كرامة الإنسان تكون في وطنه وعلى أرضه، وحبه لا يقتصر على الإنسان فقط، بل إنّ جميع الكائنات من حيوانات وطيور تحبّ أوطانها،فالطيور مهما هاجرت لا بدّ وأن تعود إلى حيث ولدت ونشأت. حب الوطن ليس مجرّد كلمات رنانة يقولها الشعراء والأدباء، بل هو حبٌ بالأفعال والدفاع عن كيانه ووجوده، والشعور بأنّ أمنه جزء من الأمن النفسي والشخصي، لهذا فإنّ حب الوطن يظهر في تصرفات أبنائه وخوفهم عليه وحمايته من أي تدمير محتمل، واستعدادهم للدفاع عنه باستماتة ضدّ جميع المتربصين، ويكون هذا بالتضحية بالروح مقابل أن تظلّ راياته خفاقة عالية تلوح في الأفق، وحبه يكون بالسعي لتطويره وتقدمه، ويكون هذا السعيللعلم وطلبه بجدٍ واجتهاد، والاختراعات والاكتشافات التي يقوم بها أبناء الوطن لرفعته ونصرته ووضع اسمه في المقدمة. يكون حب الوطن بالحفاظ على مقدراته وآثاره وتاريخه، وعدم التسبب بأي إيذاء لأي شيءٍ فيه، فالحفاظ على ثرواته يضمن أن يظلّ واقفًا في وجه أي اعتداءٍ خارجي، وحبه أيضًا يكون بالأمانة فيالعمل، وحمايته من أي فساد داخلي في المجتمعات، وعدم احتكار أي معلومة من الممكن أن تُفيده أو أيٍ من أبنائه، ولا يشعر بقيمة الأوطان إلا من عاش في غربة بعيدًا عنه، فالوطن هو الأهل والأصدقاء والجيران، وهو المكان الذي تبدأ فيه الذكريات من سن الطفولة إلى سن الشباب وحتى الشيخوخة، ويشعر كلّ من ينتمي إليه بالرغبة في أن يُدفن في ترابه حتى لا يُغادره أبدًا. الوطن هو الخيمة الكبيرة التي يستظلّ بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبناءها أطيب الثمار دون كللٍ أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطنٍ، لهذا فإنّ حبه واجبٌ تفرضه الإنسانية أولًا والانتماء الحقيقي ثانيًا، لهذا فإنّ من واجب الأم والأب والمعلمين وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، ويكونوا مستعدّين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يُظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم.

https://www.sadaelomma.com





google-playkhamsatmostaqltradent