recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

"ميادة خطاب تكتب "علمتني الحياة أن أتلقي الأقدار بحكمة يوسف وصبر يعقوب

الصفحة الرئيسية

 

"ميادة خطاب تكتب  "علمتني الحياة أن أتلقي الأقدار  بحكمة يوسف وصبر يعقوب

 



بقلم ـ ميادة خطاب


 

كثيراً ما تحملنا الحياة علي خوض حروب لم نكن ننويها ، فتجد نفسك تقف في صفوف المواجهة وانت لا تعلم شيء عن فنون القتال والمبارزة ،ولكنها الأيام التي تدفعك دفعاً في طريق لم تعلم عنه شيء ، هي وحدهامن تعلمك كيف تواجه وكيف تتلقي الطعنات وأنت واقف علي قدميك لا تبالي لنزفٍ ولا جرح !

 أحاول دائماً أن أبدأ يومي باكراً  كي لا ينقضي يوم من عمري سدي ! 

منذ أن افتح عيني وأنا أحاول أن أنفض عن عباءتي أحزان الأمس وأبدأ يوماً جديد من العمر متناسية ما اهمني بالأمس ، انخرط في أعمالي عملاً بمقولة "علي المرء أن يعمل للحد الذي يلهيه عن تعاسته " فأرهق نفسي وانهمك في العمل  أكثر وأكثر وكلما شعرت بوخز الحزن في قلبي أتعالي  في صوت ضحكاتي فأنا أدرك جيداً أن الحزن عورة تستوجب الستر  ،  فكلما حاولت الدموع أن تستفزني أغلقت عيني حتي ادفعها إلي حيث آتت ، وأشعر  أنني احتاج إلي إنجاز المزيد فتشتعل الحماسه بداخلي وتقوم حرباً لا ينتصر فيها أحداً ! بين روحٍ  تحب الحياة  وقلبٍ تحطم من الخذلان   فلا يسع الروح أن تعيش وتفرح بدون القلب !

  ينقضي يومي واذهب إلي سريري  فتفيض الدموع من عيني دون مقاومة مني  ويرتجف قلبي ،حينها أدرك أنني لم أنفض أحزان الأمس وإنما كنت أورايها عن الأعين كي لا أثير شفقة أحد !

يسألك الجميع ما بك ؟! .. بينما لا ينوي  أحد في مساعدتك أو التخفيف عنك فكل محمل بهمومه  ، بل وتجد من يزايد علي آلامك ليخبرك أن هناك من يتآلم أكثر وهناك من يتحمل أكثر ! 

ولو كان للكلام جدوي ما أسرها يوسف في نفسه 

ولو علم الناس كيف يأكل الحزن القلب كما تآكل النار الهشيم لأدركت لما قال يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلي الله واعلم من الله ما لا تعلمون " 

فقد يثقلك الكتمان ولكنك تعلم أن البوح دواء خداع قصير المفعول قد يريحك لبضع ساعات بينما لن يشفي جرحك ولن يوقف نزف قلبك ، 

فكلما حدثتني  نفسي  بالكلام تحسست وجهي لأجد أن  صفعات الأمس من الخذلان مازال آثرها علي قلبي وذاكرتي وملامح وجهي ، وأني ما زلت أسدد ضريبة الثقة التي منحتها يوماً لغير أهلها فتلوح  فكرة البوح بعيداً عن رأسي  ، وتزداد مشاعر الحيرة الإرتكاب بداخلي فيعلو صوت محمود درويش بداخلي حينما قال "أريد  مزيداً من العُمر كي يعرف القلب أهله " ! 

فتزداد إنقباضه صدري وأدرك أن قلبي في رحلة العُمر  قد ضلّ الطريق إلي أهله،  ولو عرف أهله لهدأ وسَلم وسَكن ، واتيقن أنني لو وجدت أهله ما خشيت البوح يوماً وما أثقلت بالكتمان وما تحسست كلامي قبل أن أتفوه به خشية أن لا يلقي قبولاً أو يفهم  علي نحوٍ خاطيء أو يستهان به ، فوحشة الآلم الحقيقة أن تتآلم ولا تجد من تخبره ، وأن تعيش دور المهرج بينما يعتصر القلب آلماً ، 

ولكن لا مفر فالقلب عندما يتعب من البكاء يبدأ في الغناء ، يحاول أن يتحسس مواطن الفرح لعلها تلحقه يوماً أو تكون موطنه ، وصفعات الحياة بقدر إيلامها تمنحك قوة المستغني ،فغالباً ما يخشي الإنسان شيئاً سوف يحدث !

حتي أن يقع ذلك الشيء ويحدث بعدها لا يخشي الإنسان شيئاً ،  كما قال دريش "علمتني ضربة الجلاد أن امشي علي الجرح وأقاوم " 

كما أن الإنسان دائماً يخاف عندما يملك فيخشى علي ما يملكه من الضياع أو الفقدان أما من  ذاق ألم الفقد يدرك جيداً أن قطار الحياة لا يقف أمام حادثة أو مُصاب نزل بأحد ،وإنما يمضي في طريقه حينها يدرك المرء أن الحياة أرادت  أن تلقنه أهم دروسها وأصعبها ، هي أن يمضي الإنسان كما قُدِر له دون أن يلتفت لمصائب الأمس وأن يبسط يد الإستسلام  راضياً بقضاء الله ومشيئته فيه ويعلم يقيناً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ولكنها مشيئة الله التي تجري علي عباده وأن يد القدر كما تنزع وتقلع ،تعطي وتمنح ،وكما تذيق المرء من الوجع ما ينخلع له القلب والحشا إلا أنها قد تعوضه عوضاً لم يكن يحسبه كمُلك يوسف عزيز مصر بعد سنوات من الوحدة و الوحشه داخل السجن ،وقد تغدق عليه فرحاً ينسيه  ما ذاقه من حسرة وآلم ،يلقي  حلاوته في قلبه كفرحة يعقوب بلقاء يوسف بعد سنوات من الفقد والفراق ، فصبر جميل والله المستعان ...



"ميادة خطاب تكتب  "علمتني الحياة أن أتلقي الأقدار  بحكمة يوسف وصبر يعقوب



google-playkhamsatmostaqltradent