recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

هل يوجد فرق بين كلمتي العام والسنة؟!

هل يوجد فرق بين كلمتي العام والسنة؟!

بقلم د/ إيهاب العطار

★درج كثير من الناس على أن (العام) يقترن بالخير ، وأن (السنة )تقترن بالشر ، ولعل ما حسّن لهم ذلك المنطق ما جاء في سورة يوسف عليه السلام من قول الله تعالى :« تزعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلًا مما تأكلون (٤٧) ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلًا مما تحصنون(٤٨) ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون (٤٩)» .

★ورسّخ هذا المنطق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري : « اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم سنين كسني يوسف » 

★وقوله- صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم :« اللهم سبعٌ كسبع يوسف ؛ فأخذتهم سنة حصت كل شيء ، حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع ».

والذي أراه أن بينهما ترادفًا إلا إذا جاءت كلمة  (سنة) في مواضع مخصوصة ، والأدلة على ذلك : 

١- آيات سورة يوسف سالفة الذكر ؛ كما فيها سبع سنين شداد تدل على القحط ، ففيها سبع سنين يزرع فيها الناس ويأكلون بل ويدخرون ، فلا دليل هنا على أن السنة قرينة القحط والشر .

فإن قال قائل : ولكن الله سبحانه وتعالى قال بعد سنوات القحط :« ثم يأتي بعد ذلك عام فيه يغاث الناس » ؛ فدل ذلك على أن العام قرين الخير ، قلنا له : فما قولك في تسمية فترة القحط التي أصيب بها الناس في عصر عمر رضي الله عنه بـ( عام الرمادة) ؟!

٢- وورد حديث في سياق الخير والنعيم بروايتين إحداهما بلفظ(عام) وهي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال :« إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها » 

وأخراهما  بلفظ(سنة) وهي حديث أبي هريرة رضي الله عنه  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم:« إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ».

٣- ووردت كلمة عام في القرآن الكريم في سياق الشر ، قال تعالى :« أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين » ، والفتنة لا تكون إلا شرًّا.

٤- ووردت كلمة عام في السنة المشرفة في سياق العقوبة ؛ فعن زيد بن خالد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:« أنه أمر فيمن زنى ، ولم يحصن بجلد مائة ، وتغريب عام » 

٥- ووردت كلمتي (سنة ) و(عام) في حديث شريف واحد في سياق الخير ، فعن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي » .

٦- ورود السنين مقترنة بالتمتع في القرآن الكريم في قول الله تعالى:« أفرأيت إن متعناهم سنين » (الشعراء : ٢٠٥) مما يدل على خطأ من جعلوا العام قرين الخير ، والسنة قرينة الشر !

★من خلال الأدلة السابقة يتضح لنا أن كلمتي (عام ) و(سنة) وردتا مترادفتين ؛ لذلك جاء في المعجم الوسيط ص (٦٦٠) :(العام) : السنة .

★ ولكن إذا جاءت كلمة( سنة ) مع الفعل (أصاب) ؛ فتفيد الجدب والقحط ، ومن ذلك ما جاء في صحيح البخاري : أصاب الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أصابهم :  الجدب والقحط .

★وكذلك إذا جاءت في سياق العقوبة ؛ فتدل - أيضًا- على الجدب والقحط، ومن ذلك قول الله تعالى :« ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون» (الأعراف: ١٣٠).

والله أعلم بالصواب

google-playkhamsatmostaqltradent