recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

المطربة صاحبة أول قضية نسب فى مصر فاطمة سري

 المطربة صاحبة أول قضية نسب فى مصر فاطمة سري


المطربة صاحبة أول قضية نسب فى مصر فاطمة سري


كتبت / عزه حسن علي


تعتبر من اشهر المطربات فى زمانها التي قررت أن تخرج عن المألوف في العشرينات من القرن الماضي لتنشر مذكراتها عام 1927 لتفضح أشهر عائلة شعراوى باشا وفي الوقت الذي يرفضها المجتمع كامرأة تعمل في مجال الفن ، تخرج لتواجهه و تخبره أنها أيضا متزوجة من رجل في السر و حملت منه و تنكر لنسب الطفل ، و تواجهه في المحاكم لإثبات نسب ابنتها

لتكون ليست فقط أول امرأة تقوم بنشر مذكراتها بل و لتكون أول صاحبة قضية نسب في مصر

ولدت السيدة فاطمة سري بالقاهرة عام 1904 و تلقت دروسها الأولى في المدرسة الإنجليزية و كانت المدرسة بجوار منزل أهلها بباب الخلق و لما انتقل أهلها من الحي تركت المدرسة و اتمت تعليمها في المنزل حتى تعلمت الكتابة و القراءة ثم بعد ذلك تزوجت زيجة غير موفقة لم تستمر و بعدها تزوجت سيد بك البشلاوي و الذي رأى فيها استعدادا فنيا فأحضر لها الأستاذ داود حسني فعلمها العود و أصول الغناء و كان أول ظهورها على المسرح في فرقة الريحاني في رواية "كله من ده " وعملت في احدى الفرق الموسيقية المصرية كورس قبل أن تنتقل الى الغناء الفردي .

ظهرت مواهبها كممثلة في عدد من مسرحيات عزيز عيد ويوسف وهبي وعلى الكسار. .. وجمعت بين الغناء والتمثيل في مسرحية شهرزاد .


إكتشف مواهبها كمغنية .. عازف القانون الشهير مصطفى بك رضا ودربها على أصول الغناء العربي. .. ومن أبرز من لحن لها ، زكي مراد وداود حسني وسيد شطا وعبد الحي حلمي وأحمد شريف 

بدأت حياتها الفنية بفرقة الجزايلي و بدأت تنتقل بين الفرق التمثيلية كفرقة الريحاني و بهجت و علي الكسار و لكن لم يذع صيتها إلا في بعض الأوساط ، و قد أسست لنفسها فرقة و لكنها لم تعمر طويلا ، ثم التحقت بفرقة شركة ترقية التمثيل العربي و من يوم اشتغالها بهذه الفرقة بدأت شهرتها تذيع و تزيد حتى عرفتها البلاد كلها ، و كانت رواية صباح أول رواية مثلتها بفرقة الحديقة و كانت سبب مجدها و عظمتها و هى اول مصرية غنّت اوبرا كاملة هى «شمشمون ودليلة»، بعد فترة غنت فاطمة سري على " التخت" و نجحت في هذا النوع من أول حفلة و ظلت تعمل على التخت حتى أحبت محمد بك شعراوي ابن هدى شعراوي رائدة تحرير المرأة في ذاك لوقت


المطربة فاطمة سري، المرأة الجمیلة التي دعتھا صاحبة العصمة 

ھدى شعراوي إلى حفل في قصرھا فغنت:

بدال ما تسھر على قھوة

تعالى نشوي أبو فروة

بیتك مع عیلتك أولى من لعب الطاولة

ما غنته فاطمة سري یتفق مع ما تنادي بھ ھدى شعراوي من الاھتمام بالأسرة المصریة، فقد نادت برفع السن الأدنى للزواج للذكور والإناث

وسعت لوضع قیود للطلاق من طرف واحد 

والحد من ظاھرة تعدد الزوجات،

وأیدت تعلیم المرأة وعملھا المھني والسیاسي،

ودعت إلى خلع غطاء الوجه وقامت بخلعه علنا وأمام الناس.


أعجب الكثیر بما غنته المطربة فاطمة سري، لكن محمد باشا ابن ھدى شعراوي أعجب أكثر بجمالھا فاقترب منھا وصافحھا وبعد صد طویل منھا بینھما تم الزواج العرفي أعطاھا ورقة یعترف فیھا بإنھا زوجته.

فعلم طلیقھا فأخذ ولدیه منھا، وثار وسب فاطمة سري. فانتشر

الخبر، ووصل إلى الصحفیین، فأحس الباشا محمد شعراوي بالخوف، فكیف سیواجه أمه وھو یعرف أن زواجاً مثل ھذا قد یمیتھا كمدا، فتقابل مع فاطمة سري وطلب منھا أن ینھي ھذه العلاقة، وكتب لھا شیكا

بمبلغ كبیر جدا، لكنھا ثارت ومزقت الشیك وداست علیھ بقدمیھا، وأعلنت بإنھا لا ترید من الدنیا سواه.

فتراجع الرجل واعتذر لھا، وقال إنھ أیضا لا یستطیع أن یعیش بدونھا.

وبعد أیام قلائل أحست بأنھا حامل، وأكد لھا الطبیب ھذا. كان الباشا محمد

شعراوي حائرا بین حبه لفاطمة سري وضعفه أمامھا وبین تقدیره لأمه وخوفه علیھا من أن تؤثر فعلته ھذه على صحتھا.

 فكان یخطط للانتھاء من ھذه العلاقة، وإذا تقابلا یبدي رغبته في أن یعیشا معا إلى الأبد. 

وفي محاولة من محاولاتھا الكثیرة في إجھاض نفسھا، كادت أن تموت؛ فأسرع محمد شعراوي إلیھا وجلس تحت قدمیھا ولكي یثبت لھا حسن نیته 

كتب لھا الإقرار التالي:

أقر أنا الموقع على ھذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، ویقیم

بالمنزل رقم 2 بشارع قصر النیل قسم عابدین، إنني تزوجت الست فاطمة كریمة المرحوم "سید بیك المرواني" المشھورة باسم " فاطمة سري" من تاریخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة

وهى حامل 

فإذا انفصلنا فھذا ابني، وھذا إقرار مني بذلك. وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة

للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعیة،

بصحة الإقرار شرعاً وقانوناً، وھذا الإقرار حجة على تطبیقاً

وإن كان عقد زواجي بھا لم یعتبر، إلا أنَّه صحیح شرعي مستوف لجمیع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعاً

محمد علي شعراوي القاھرة في 15 یونیو1925م

و لكن محمد شعراوي ندم على هذا الإقرار ، فحين قابل فاطمة سري في باريس بعد استلامها الإقرار بشهرين حاول استمالتها عاطفيا لاسترداد ذلك الإقرار ، و هنا استخدمت فاطمة ذكاء الأنثى و دهائها و هي الطريقة التي تلجأ اليها المرأة اذا ما كانت في موقف أضعف من الرجل ،حيث كذبت على زوجها بأنها تركت الإقرار في القاهرة – و كان معها – ثم أخذت صورة بالزنكوغراف لذلك الإقرار و طبعت بعناية على ورق يشبه الورقة الأولى و بحبر يشبه الحبر الأول بشكل كبير كتبت الإقرار نفسه و حين عادت الى مصر أعطت محمد الصورة و احتفظت بالأصل ، و بالفعل ما إن تيقن محمد شعراوي أنه جرد فاطمة من سلاحها حتى أظهر الوجه الآخر لقبحه فراح يهددها و يرهبها و يتنكر لها من جديد


وأنجبت فاطمة سري من محمد باشا شعراوي ابنتھما لیلى،


و لما أحست فاطمة أن الصراع في الخفاء بينهم لن يجدي نفعا قررت أن تعلن الصراع على الملأ  

وعندما علمت والدته بهذا الأمر غضبت وخافت علي مكانتها وطالبت ابنها بالابتعاد عن هذه المطربة وعدم الاعتراف بزواجه منها، ورغم محاولة فاطمة سري استعطاف هدي هانم شعراوي ولكنها هددتها بالإيذاء إذا لم تبتعد عن ابنها، 


فحاولت رشوة الزوجة التي تمسكت بزوجھا. فھددتھا ھدي شعراوي بأنھا ستسلط علیھا بولیس الآداب 

تصاعد الصراع بین المرأتین ھدي شعراوي التي كانت في ذلك الوقت في الخامسة والأربعین وفاطمة سري كانت في العشرین تقریبا. 

 لم تمر السنوات الثلاث على خلع ھدى شعراوي لغطاء وجھھا،

ومطالبتھا بحقوق المرأة، حتى وضعتھا الأقدار في امتحان عصیب، فھاھي تظلم امرأة تزوجت وأنجبت  من ابنھا.

.یعرف أن فاطمة سري قد أرسلت خطابا تستعطف فیه

ھدى شعراوي المدافعة عن حق وحریة المرأة فقالت


" إ َّن اعتقادي بك وبعدلك ودفاعك عن حق المرأة؛ یدفعني إلى التقدم إليك طالبة الإنصاف، وبذلك تقدمین

للعالم برھاناً على صدق دفاعك عن حق المرأة، ویمكنك حقیقة أن تسیري على رأس النساء مطالبة

بحقوقھن، ولو كان الأمر قاصراً على لما أحرجت مركزك، فأنت أم تخافین على ولدك العزیز أن تلعب

به أیدي النساء وتخافین على مستقبله من عشرتھن، وعلى سمعته من أن یقال إنَّه تزَّوج امرأة كانت فیما

مضى من الزمان تغني على المسارح، ولك حق إن عجز ِت عن تقدیم ذلك البرھان الصارم على نفسك؛

لأنَّه یصیب من عظمتك وجاھك وشرف عائلتك، كما تظنون یا معشر الأغنیاء، ولكن ھناك طفلة مسكینة

ھي ابنتي وحفیدتك، إ َّن نجلك العزیز، والله یعلم، وھو یعلم، ومن یلقي علیھا نظرة واحدة یعلم ویتحقق من

أنَّھا لم تدنس ولادتھا بدم آخر، والله شھید، طالبت بحق ھذه الطفلة المعترف بھا ابنك كتابیاً، قبل أن

یتحَّول عني وینكرھا وینكرني، فلم أجد من یسمع لندائي، وما مطالبتي بحقھا وحقي كزوجة طامعة فیما

لكم، كلا! "

وتمھلھا الزوجة المكلومة أسبوعا لا أكثر لكي تعود المیاه لمجاریھا، وإلا اتجھت إلى طریق آخر أكثر

وعورة وهو القضاء

لكن ھدى شعراوي یستفزھا تھدید فاطمة سري. فتنسى كل ما أدعته عن تحریر المرأة، فتعادیھا في كل مكان تذھب إلیه


 و في مارس عام 1927 نشرت المطربة فاطمة سري مذكراتها في مجلة " المسرح" الأسبوعية وبدأتها قائلة :" مصر لم تر سيدة شرقية نشرت مذكراتها على أية حادثة من الحوادث التي صادمتها في الحياة، لذا سيكون عملي هذا جرأة في نظر البعض الآخر، و الحقيقة أنه واجب أكرهتني عليه الظروف وتكاتف شاب غني و بعض رجال المحاماة المشهورين لهضم حقوقي و دوس كرامتي و سلب ابنتي حقها في حمل اسم أبيها الشرعي "، وكانت قد ابتعدت لفترة عن الغناء ..


وكشفت قائلة :إنها عادت إلى العمل لكي توفر المال اللازم لتربية أولادها، وهي المعروف عنها أنها كانت مطلقة ولديها ولدان، وكانت المفاجأة عندما أعلنت أن لديها ايضاً ابنة " ليلي " هي حفيدة السيدة الجليلة هدى هانم شعراوي والمرحوم علي باشا شعراوي .. وابنة محمد بك شعراوي، ونشرت صورة من إقرار كان يعترف فيه محمد بك شعراوي بخط يده بزواجه عرفياً من فاطمة سري وبأن " ليلي " هي ابنته، وشرحت الأسباب التي دفعتها إلى اللجوء إلى القضاء لإثبات زواجها العرفي وأبوة محمد شعراوي للطفلة بعد أن هجرها وتنكر لها، فقد ارتبطا بزواج عرفي لفترة نتج عنه انجابهما لطفلة ..

قنبلة فجرتها فاطمة سري كانت نتيجتها أول قضية إثبات نسب في تاريخ مصر، وتابع المصريون بين مؤيد ومعارض حلقات هذه القضية طوال نحو 3 سنوات، خاصة أن خيوط القضية تشابكت لتضم معها ليس فقط المطربة وزوجها العرفي سليل أعرق العائلات وابنتهما الصغيرة الباحثة عن اثبات نسبها .

. ولكنها شملت أيضاً رجال القضاء ومحاضر متبادلة في الشرطة وبعض أعضاء البرلمان والسياسيين وأهل الفن والصحافة

،

فكان فكرى أباظة يدافع عن المطربة المغمورة ومصطفى النحاس يساندها 

ولذلك دافعت المجلة طول 3 سنوات عن المطربة في مواجهة نفوذ الهانم التي رفعت لواء حرية المرأة وحقوقها في كل مكان، 

 ثم فجأة عندما تعلق الأمر بابنها تنكرت لكل ما تدعو إليه، بل وأكدت بعض المصادر التاريخية أنها حاولت بنفوذها تلفيق قضية آداب لفاطمة سري للتأكيد علي سوء سلوكها وإرهابها 

 ثم قامت برفع دعوي قضائية وكان فكري باشا أباظة عضو مجلس النواب – ونقيب الصحفيين فيما بعد – هو المحامي الذي تولي الدفاع عنها، 

ظلت فاطمة في صراع مع آل شعراوي في ساحات المحاكم مدة طويلة حتى صدر حكم محكمة الإستئناف العليا بإقرار شرعية زواج فاطمة و سري و محمد بك شعراوي و بنوة " ليلى " ابنتها له في 30/12/1930

وخلال سير القضية أجرت مجلة " الصرخة " حواراً مع فاطمة سري حول ما فعلته هدى هانم شعراوي من خطط لإزاحتها من طريق ابنها، قالت فيه :" لما أعجزتني الحيلة، لجأت إلى القضاء، فمضوا يساومونني مساومات لا تقبلها أم تفكر في سعادة ابنها، وأخذوا يجزلون لي العطاء حتى بلغوا أخيراً 25 ألف جنيه، وأخيراً عندما أدركوا أنني لا أريد شيئاً إلا ضمان مستقبل ابنتي، أوفدوا إلي الأستاذ إبراهيم بك الهلباوي، فجاءني يعرض علي اقتراحاً جديداً رفضته بكل ثقة، ذلك أنهم أرادوا أن يأتوني برجل  يعقد قرانه علي ويكون عقد القران سابقاً لمولد ابنتي، ويعترف ذلك الرجل ببنوة الطفلة فلا تنشأ مجهولة الأب وتصبح ابنة شعراوي أمام القانون ابنة رجل آخر "، وفي هذا الحوار أكدت فاطمة أنها لا تجد غضاضة في الرجوع إلى عصمة زوجها لتشاركه تربية ابنتها، مؤكدة أن طلبات الزواج تنهال عليها دائماً، والطريف أنها ذكرت عدة أشياء غريبة في هذا الحوار .. منها أنها تطالب بالحجر على محمد بك شعراوي إذا رفض عودتها إلي عصمته ..


كما أكدت أنها ستقيم حفلاً ابتهاجاً بالحكم لصالحها سوف تذبح فيه عجلين تطعمهما للفقراء مع تلاوة للشيخ علي محمود،  

واللافت أن " صاحبة العصمة " هدى شعراوي لم تشر في مذكراتها لهذه القضية والتى ظلت في المحكمة 3 سنوات، وجاء الحكم الابتدائي لصالح فاطمة سري .

. ثم طعنت عائلة شعراوي باشا في الحكم،

 وفي ديسمبر عام 1930 أيدّت محكمة الاستئناف الحكم الأول بثبوت نسب الطفلة ليلى إلى محمد بك شعراوي والذي ضمها إلى حضانته، 

وكما أشارت الناقدة الفنية الراحلة نهاد صليحة خلال نشرها لمذكرات فاطمة سري .. فإن المطربة سلمت ابنتها في مشهد درامي إلى أبيها وجدتها في المحكمة، وتم حرمانها من رؤيتها نهائياً 

 ورغم أن المجلات الفنية عقب صدور الحكم قامت بالاحتفاء بانتصار المطربة فاطمة سري ووضعت صورتها علي أغلفتها وروجت أن عدداً كبيراً من الأغنيات وعروض العمل في انتظارها، 

 ولكنها بمرور الوقت تغيرت الأحوال، فهي لم تفقد فقط ابنتها .. بل وقام طليقها بحرمانها من ولديها بحكم محكمة باعتبار إنها غير أمينة علي تربيتهما .

. كما ابتعدت عنها الأضواء نهائياً 

واعتزلت الفن

فتھدأ ھدى شعراوي وترضى بالھزیمة.

ولكي تكید فاطمة سري؛ أصرت على أن یتزوج ابنھا من امرأة من أسرة

عریقة، فینجب منھا ثم یختلف معھا ویطلقھا،

ثم یتزوج من راقصة اسمھا أحلام ولكن بعد موت أمه


. توفيت فاطمة سرى سنة 1975م، وحاولت د. نهاد صليحة البحث عن ليلى ابنة فاطمة سري وعرفت أنها ماتت عام 2005 .


وبعد 20 عاماً من هذه القضية المثيرة قرر الكاتب الكبير مصطفي أمين أن يناقشها في أول فيلم في تاريخ السينما المصرية مقتبس من أحداث حقيقية .. بل وكانت بطلته هي كوكب الشرق أم كلثوم وانور وجدي  وهو فيلم فاطمة



google-playkhamsatmostaqltradent