recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

جراح القدس والأُمة بقلم : حسام الدين أحمد


جراح القدس والأُمة

بقلم : حسام الدين أحمد


 

 بقلم : حسام الدين أحمد 


لكل أمة لابد أن تكون لها قضاياها المهمة التي تبذل في سبيل تحقيقها الغالي والنفيس حتى تحيا بأمان وسلام  وحرية.


وحين نتحدث بصراحة في نقل ما هو موجود على أرض الواقع علينا التفكير بجدية في مواضيع أمتنا لا أن نحصر أنفسنا في زوايا ضيقة من الشعارات والأقوال الجميلة المزخرفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع .


ويتفطر القلب حين نرى ما يحدث لأُمتنا من الانتهاكات والجراح والمآسي وما تتعرض له من ظلم بسبب أيادي خارجية عدوة ظاهرة في كرهها  لنا، أو أيادي داخلية ذات وجهين توهم أفراد الأمة بحبها. 

وهل ما يعيشه العرب والمسلمون اليوم هو جزء من مبادئهم أم أجبروا علىها !!! والثورات والحركات والاحزاب والمؤسسات والحلم العربي، هل هي حركات حقيقية لها واقعها أم هي تأملات عربية لا أكثر !!! وهل ما قدمته لقضايا الأمة في فلسطين والعراق والجزائر و مصر وسوريا واليمن...إلخ، غيرت من حال الشعوب شيئاً !


وحين نسمع أو نرى أعداء الأمة وهم يتعرضون لنسائنا واطفالنا وتسيل دمائهم ونحن جالسون على الأريكة خلف شاشات التلفاز والهاتف النقال نتألم ، دون أن نستطيع أن نحرك ساكناً ! نستنكر ... وأحياناً تدمع العيون وتنزف القلوب .

كل ذلك يحدث ولا زالت تلك المرأة تصرخ لإنقاذها من الظلم ولا زال الطفل يبكي جوعاً بعد أن قُتِل أبوه، فمسكنا القلم وهو قد تمرد علينا ولسان حاله يقول قد كتبت الكثير !!! ... دون تغيير ، فقمنا نحاول أن نكتب أو نرسم لنخاطب المظلومين أن اُصبروا ولكم الأجر ، لنعود بعدها كما كنا بعد زوال آثار الإنفعال والألم والحسرة على اُُمتنا، وكذلك تعود النساء ويعود الأطفال لحمل همومهم  وتضميد جراحهم  ولسان حالهم يقول أين أنتم !!! أو هلا أعطيتمونا أقلامكم لنقاتل بها او لنرسم بها مشانق لمن باعوا قضايانا ! بعد أن قبضوا الثمن وتركونا نموت خلف قضبان الشعارات الزائفة التي أوهموا بها الأمة.


المشكلة حين نرى للقضية وجه آخر ، إخوة يتقاتلون فيما بينهم  وبعضهم يُعين البعض على الآخر، وبعضهم يمد يد العون الظاهرة والخفية لأعداء الأمة على أفراد شعبه.


ففي كل جرح جديد للأُمة يتسارع الشارع والشخصيات والاحزاب والمؤسسات بالكتابة والتنديد والإستنكار وتسجيل المواقف والبصمات والشعارات  والخطابات ولسان حالنا يقول هذا يكفي ! ليعود من يُقاوم الأعداء ليحمل هموم الأُمة بمفرده.

قضايا الأمة وجراحها كثيرة_ففلسطين هي من ضمن قضاياها المهمة، وهي بمثابة الجرح الذي ينزف من وريد الأُمة، التي هانت في أعين قسم من الحُكام فلم يقدموا لهم ما يستحقونه من العون المادي أو العسكري أو الروحي ولا حتى أحياناً بالأقلام  والدعاء لنترك اطفالنا ونسائنا يواجهون مصيرهم بمفردهم ونترك الرجال خلف القضبان يموتون من التعذيب.


إن أُمتنا العربية والإسلامية لها تأريخها المميز ،  وقد أشتهرت بالعدالة والمساواة والقييم والثقافة على مر العصور ، فلهذا تعرضت لمحاولات للإطاحة بها حتى أستطاع الأعداء تقسيم الأُمة الإسلامية والعربية الى دول وأصبحت أمة لا تستطيع حل مشاكلها. 

نجح الأعداء في غزوهم الفكري والأقتصادي لبلادنا ، وكذلك من نشر الفقر والجوع والظلم وبذلك أبعدوا عنا الفكر والثقافة ومواكبة التطور ، وحصرونا في دول بعد وضع الحدود وتحديد العلاقات بما "يسمى الدبلوماسية " بين الإخوة الذين هم من بيت واحد ! وبعد ذلك كل منا يطرح خلافاته مع أخيه ويعالجها وفق نظام قومي أو وطني أو طائفي حتى لا يفكر أحد بعد ذلك لأعادة توحيد الأُمة ، وحتى تبقى قضايا هذه الأمة الأساسية معلقة ولا يجوز إيجاد الحلول لها كونها خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها.


اذاً فكيف يتم إعادة الأمة كما كانت في سابق عهدها حين كانت أُمة تهابها الأُمم ! فهذه مسؤولية كل أفراد الشعب ... وبالأخص الحكام والمسؤولين  !!! وذلك بتغير طريقة تفكيرهم أو تسليم  راية التغير لعقول منفتحة هادفة تريد الخير لهذه الأمة والإبتعاد عن الوطنية بمعناها الضيق والقومية والطائفية والتحزب والعصبية والجاهلية، فكل ذلك كان هو السبب الذي أدى لتراجع المجتمع وانتشار الجهل... وعدم مواكبة التطور الحاصل في العالم اليوم.


أن المنظمات القومية والمذهبية والطائفية والأفكار التي دعا لها بعض القادة الذين دمروا الشعوب بأبعادهم عن التفكير لوحدة الأمة ، وإبقائهم على مصالحهم الشخصية بنشر شعاراتهم الرنانة، ليوهموا الشعوب والأمة أنهم هم رعاة قضاياها المهمة.

ليس لنا سبيل إلى إستعادة أمجادنا وعزنا وإعادة الأُمة لمكانها الطبيعي ، الا بالإعتصام بحبل الله جميعاً والعمل بصدق وأخلاص .

قضايا الأُمة تحتاج لأنواع من الأسلحة كالعلم والفكر والثقافة والدراسات المستمرة والجادة والصادقة لمتابعة أمور الشعب والأمة.


وقد يقول قائل هيا لنحمل السلاح  ونخرج لإيقاف نزيف الدماء التي تسيل من أُمتنا، فلا نقول بذلك ولا نقول هيا بنا نجلس لنرى ما يحدث، ولا نقول لنكتب عبارات الإستنكار والتنديد كما تفعله الحكومات ويكتفي به القادة، كل ذلك سيكون له تأثير واضح على الوضع ولكن من المُحتمل في قسم كبير من أمور الأمة سيكون له تأثير سلبي حالياً ...أو دون جدوى.

الكل يعلم اننا بحاجة لأصوات صادقة وهادفة للنهوض بالأُمة، فمعلوم لدى الجميع كم هناك من الرؤساء والمسؤولين  والاحزاب والمؤسسات والشخصيات والمفكرين الذين اتخذوا شعارات الأُمة أهدافاً للوصول للمناصب ومن ثم وضع تلك الشعارات على جنب ، والعمل بعدها إما لأهداف الشخصية أو العمل دون تفكير ولا تخطيط في محاولة منهم لمواكبة العصر بوضع هو في أسوء أحواله وذلك بالتكاتف فيما بينهم ودمج التكتلات والاحزاب والحركات، ليس لخدمة المجتمع والشعب بقدر ماهو خدمة لحركاتهم وتطلعاتهم، رغم ان كل ما يقومون به لم يكن له  خيرٌ يذكر على أرض الواقع للشعوب المتعطشة للتغير.

فالازمة التي تواجه أُمتنا اليوم هي أزمة شخصيات فكرية سليمة صادقة مخلصة !!! ومؤسسات هادفة من قبل أصحاب القرار والعقل السليم ... لإيجاد الحلول السريعة والحكيمة للنهوض بالأمة.

إن بناء المستقبل لأُمتنا لا يتم الا بالفهم الصحيح لحل مشاكلها وطرق علاجها ويتم ذلك بالعمل الصادق المثمر وكذلك إيثار المصالح والأهداف العامة للأمة بدلاً من المصالح الشخصية والأهم قبل ذلك هو الإخلاص والتخلي عن مَد يد العون للأعداء على حساب الشعوب البائسة، ولذلك كان الفرق واضحاً بين حال بعض الدول المتقدمة وحال أمتنا.


الأديب حسام الدين أحمد

كاتب شعر قصة رواية مقالة 

باحث في الأدب المعاصر

العراق بغداد


google-playkhamsatmostaqltradent