سلسلة ذكريات رمضانية "محمد رفعت وأذان المغرب" ـ الحلقة السادسة والعشرين ـ
كتبت ـ يسرا عاطف
صوت من السماء ملأ بيوتنا بالدفئ وقلوبنا بالأمان ننتظر رمضان من السنة إلي السنة لسماع أذان المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت فصوته يعنى الكثير للمصريين وغير المصريين فهو الشيخ الذي كان يحب يسمعه اليهود والاقباط .. محمد رفعت هو رمضان هو الأهل والصحبة واللمة..
الشيخ محمد رفعت ليست بمجرد مقرئ نستمع اليه في إذاعة القرآن الكريم او غيرها فحسب فهو شخص مختلف فقد بصره وهو في الثانية من عمره حفظ القرآن في الخامسة من عمره صوته مميز عن غيرة فيه صفاء رغم صغر سنه وهذا كان بداية رحلتة وهي إحياء الليالي في الأماكن المجاورة درس علم التفسير والمقامات الموسيقية على أيدي شيوخ عصره وأصبح يرتِّل القرآن الكريم كل يوم خميس في المسجد الذي تعلم فيه حتى عُيِّن في سن الخامسة عشرة قارئاً يوم الجمعة، وكانت ساحة المسجد والطرقات تضيق بالمصلين الذين يحرصون على الإستماع إلى الصوت الملائكي وكثيراً ما حدث حالات إغماء من شدة التأثر بصوته الفريد وظلَّ يقرأ القرآن ويرتله في هذا المسجد قرابة الثلاثين عاماً؛ وفاءً منه للمسجد.
سر تميز صوت وقراءات الشيخ محمد رفعت:-
الغناء والعزف.. مواهب أخرى للشيخ محمد رفعت أهتم بدراسة علم القراءات وبعض التفاسير واهتم بشراء الكتب، ودراسة الموسيقى الرقيقة والمقامات الموسيقية، فدرس موسيقى «بيتهوفن، وموتزارت، وفاجنر»، وكان يحتفظ بالعديد من الأوبريتات والسيمفونيات العالمية في مكتبته، وعرضوا عليه أن يسجل الأغاني المأخوذة من الشعر القديم قبل ذلك في الإذاعة الأهلية، ووافق الشيخ بشرط عدم ذكر اسمه، فغنى «أراك عصي الدمع.. وحقك أنت المنى والطلب»، وكان في جلساته الخاصة يعزف على العود ببراعة، وكانت نغمات الصبا والعجم والبياتي أقرب النغمات إلى نفسه.
كان اهتمامه بمخارج الحروف كبيراً فكان يعطي كل حرف حقه ليس كي لا يختلف المعنى فقط بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان كان يستطيع الإنتقال بسلاسة شديدة بين المقامات في أثناء تلاوته للقرآن الكريم ليس هذا فحسب بل إنه امتلك القدرة على التحكم في الحواس لدى المستمعين فيعلم متى يبكيهم، ومتى يبهجهم من خلال آيات الترغيب والترهيب في كتاب الله عز وجل .
الشيخ رفعت يفتتح الإذاعة المصرية:-
وعند افتتاح الإذاعة المصرية في 31 مايو عام 1934 ، رشح البرنس محمد علي توفيق "ولي عهد الديار المصرية" الشيخ محمد رفعت لإفتتاح الإذاعة المصرية عبر قراءة آيات بينات من الذكر الحكيم تردد الشيخ رفعت كثيرًا
استفتى شيخ الأزهر "محمد الأحمدي الظواهري" عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بآية من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ولما سمعت الإذاعة البريطانية "بي بي سي "العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين فاستفتى الإمام المراغي فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام فسجل لهم سورة مريم ،، تنافست إذاعات العالم الكبرى، مثل: «إذاعة برلين، ولندن، وباريس»، في أثناء الحرب العالمية الثانية؛ لتستهل إفتتاحها وبرامجها العربية بصوت الشيخ محمد رفعت؛ لتكسب الكثير من المستمعين، إلا أنه لم يكن يعبأ بالمال وأبى أن يتكسَّب من القرآن.كما أنه كان المُقرئ المفضل لنجيب الريحانى وهو كان قبطيا، وليلى مراد التي كانت يهودية فكانا يستمعان لابتهالاته وقراءته باستمرار.


