recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا " الجزء السابع"





لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا " الجزء السابع"
كتب- محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع لو أن أهل القرى آمنوا واتقوا، وإن رحمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، تعدت بني الإنسان، إلى الطير والحيوان، فقيل دخل النبي صلى الله عليه وسلم حائطا لرجل من الأنصار ، فإذا جمل فلما رأى النبي حن إليه وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسحه فسكن، فقال " لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال هو لي يا رسول الله ، فقال " أَلا تتقى الله في هذه البهيمه التى ملكك الله إياها، فإنه شكا لى أنك تجيعه وتتعبه" رواه أبو داود وغيره، يالها من رحمة نبوية عامة  وشفقة إنسانية هامة، وعن جابر رضي الله عنه قال " رأى النبي صلى الله عليه وسلم حمار قد وسم فى وجهه فقال " لعن الله الذى وسمه" رواه مسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحرش بالبهائم " رواه أبو داود والترمذى، وهذا غيض من فيض من رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان والطير، فأين الرفق بالحيوان اليوم عما يحصل للحيوانات من تعذيب وقتل. 

كمصارعة الثيران، وضربها بالسيوف، والتحريش بين بعض الطيور كمصارعة الديوك، واتخاذ بعض الحيوان والطير غرضا للتنافس، حيث توقف وترمى بالرصاص أو السهام ، أين منظمة الرفق بالحيوان، وقد بلغ من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وزهده، أنه ما شبع من تمر أو بر في يوم من أيام حياته، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يربط بطنه بحجر من الجوع، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يتلوى، ما يجد دقلا، أى تمرا رديئا، يملأ به بطنه" رواه مسلم، ولم يتنعم بالنوم على الفراش الوثير في حياته مع أنه كان يحكم أكبر دولة في العالم آنذاك، دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على حصير قد أثر في جنبه الشريف، وفي خزانته صاع من شعير فبكى عمر رضى الله عنه، فقال صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك يا بن الخطاب " ؟ 

قلت يا نبي الله ومالى لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذاك قيصر وكسرى، في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته ، وهذه خزانتك فقال صلى الله عليه وسلم " يا بن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا " قلت بلى"  متفق عليه، وكان صلى الله عليه وسلم يسلم على الأطفال ويمازحهم ويداعبهم، ويقضي حاجة الفقير وذا الحاجة، بعيدا عن الكبر والأنفة، والشدة والغلظة، بل كان رفيقا رقيقا، متواضعا لله ولعباده، وهو صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الانتقام ممن أساء إليه، وعفى عنهم وصفح، ورحم وتجاوز، فأفيقوا أيها الناس، أيها البشر، في كل بقعة من بقاع العالم، فقد جاءكم النذير عن صدق محمد السراج المنير صلى الله عليه وسلم، فما عليكم إلا أن تقرءوا سيرته العطرة، لتعرفوا حقيقته البيضاء الناصعة، فهو أرحم بالناس من أنفسهم، فكم كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار، وتأسيه لموت إنسان وهو على الكفر. 

بل كان يدعوهم إلى الإسلام، حتى وهم على فرش الموت، لعله ينقذهم من النار، وعندما أحاط بهم يوم فتح مكة العظيم ، وتمكن من رقابهم قال لهم " اذهبوا فأنتم الطلقاء"  أى رحمة هذه، وأي شفقة تلك، مقابلة للإساءة بالإحسان، ومقابلة الظلم بالغفران لقد مُلأ قلبه صلى الله عليه وسلم عفوا عظيما، وإحسانا كبيرا حتى عفا عمن كذبوه واتهموه وتجاوز عمن طردوه وأدموه وصدق الله العظيم القائل " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" فويل للكفار والظالمين الفاسقين من مشهد يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم تزل القدم ولا ينفع الندم، إن لم يعودوا إلى رشدهم، ويؤمنوا بربهم، ويصدقوا نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم مساكين أولئك الكفار، لم يعرفوا حقيقة النبي المختار، ذو الرفعة والإكبار، المؤيد بربه الواحد القهار، لم يدركوا أنهم نبي هذه الأمة جمعاء، عرب وعجم، بل لجو في عتو ونفور، وزهو وغرور، غفلوا عن سيرته، وتعاموا عن سجيته، وتغافلوا عن رحمته، وأيم الله لقد بلغت شفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم ورحمته. 

كل شيء، حتى نالت الكفار، وهم يقعون فيه ويسبونه، ويسيئون إليه ويشتمونه، ويستهزءون به ويرسمونه، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مَن قَتل معاهدا لم يرح رائحةَ الجنة، وإِن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما " رواه البخارى، فهل بعد هذه الرحمة من رحمة، وهل بعد تلك الشفقة من شفقة، ولكن الكافرين لا يعلمون، رحمة لو بلغت أعداء الله، لما تخلف منهم أحد عن ركب الإسلام فقد سأل النجاشي ملك الحبشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، واليوم عميت الأبصار وتشتت الأنظار، ومن تأمل السيرة النبوية الشريفة والأحاديث الصحيحة الكريمة، ليدرك شفقة هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على جنس بني آدم، فهو صلى الله عليه وسلم لا يكذب ولا يخلف الوعد ولا يخون ولا يقتل، ولا يدعو إلى ذلك، بل ينهى عنه ويحذر منه، فقد نهى نبي الرحمة ورسول الرأفة، عن قتل أطفال الكفار، إذ لا ذنب لهم، ومنع قتل نسائهم إذ لا جرم لهم.




google-playkhamsatmostaqltradent