قصة قصيرة ( كش ملك )
ملاحظة رقم ( ١ )
بقلم:صباح خلف عباس
===========
الخيال هو وسيلة سهلة لإعطاء معنى للعالم ٠
في البداية كان مجرد حلم شيّق وجميل ،لكنه بدأ يتسارع نحو الأسفل والاسوء ، حيث جمع الطغاة شملهم وانتخبوا ملكاً ٠
فانقسم الناس إلى نصفين ، السلطة …ولطالما كانت السلطة خطيرة حيث إنها بدأت تجذب أسوء أنواع البشر …وتُفسد أطيب ماتبقى فيهم ٠
وفي الجانب الآخر يقف المعدمون ومن خلفهم المثقفون والشعراء ،وقد زُرِع في حلوقهم قطع الزجاج والصبّار … وسقوهم بدل الماء خلاً ، رغم ذلك فهم يصرّحون :
—- إننا سنكون أشجارًا طويلة ، رائعة وخضراء… بفيئها تلوذ ملايين الوجوه التي تسحقها الشمس ، وسنكوّن غابة من الثوار ٠
ملاحظة رقم ( ٢)
==========
يمكننا أن نزور أيّ بقعة في الكوكب بمجرد أن ننام ونحلُم ، لن يُو قفنا أيّ شرطي أو أحد … ودون أن تمنعنا الحدود والعساكر ٠ وهاهو حلمه يهبط عليه : لاحت فيه ذكرى شاحبة لصديقه (سامر ) ، لم يعرفه للوهلة الأولى
فقد غيّرت مظهره البرجوازية تماماً ، وأصبح من ذوي الكروش …وهنا أستدرك الموقف قائلاً :
— هو بالكاد كان صديقي ، ثم تحوّل مساره إلى الرأسمالية الدافئة ، وإن عمله اليوم هو نقل الفساد من تاج إلى آخر 😞 وهذا خيال يُصعب تصديقه )
صديق العمر يتقدم إلى الخلف - هذا ما تيقن منه ( أحمد) …لان كل شيء أحبه فيه قد أُخذ منه ، و ( سامر ) أصبح مجرد حُطاما غير قابل للإصلاح ، ويبدو إنه الآن يستند على حائط يتداعى ٠
( هو وصاحبه ) أصبحا نصفين متضادين ، وفي حالة حرب الآن ٠
ملاحظة رقم ( ٣)
==========
( احمد) هو غيفارا الحالمين ،وصديقه السامري ( سامر ) قد أبرم صفقة مع الشيطان … وجعل هذا القرن محفوفًا بالمخاطر ، قال ( غيفارا ) ل ( السامري ) :
— كنّا جاثين على ركبنا لفترات طويلة ، وحان وقت الوقوف …
فردّ ( سامر) :
إذن ليس لديّ خيار آخر … سأجعل الفوضى تمطر هنا ، في دولتك المفترضة
واتفقا الاثنان أن يخوضا الحرب على رقعة الشطرنج …رقعة الوطن التي قُسمت إلى مربعات مُلئت بالجنود والفيلة والخيل والقلاع لحماية الملوك من كارثة ( كش ملك ) ٠
وهكذا اندلعت الحرب على مساحة الوطن المقسم إلى مربعات سوداء و بيضاء ٠ دخلا الهاوية رسمياً ، وكأنّ ما أمامهما الّا القتال لاغير …
يعتقد (أحمد) إن تأسيس مدينة فاضلة على قطعة الشطرنج هو المتاح حالياً ،وهو أفضل من لاشيء ، لذا ركب المتسولون والفقراء خيولهم ، وزحفت العساكر وهم مستعدون الآن أن يحولوا حجارة الوطن الى بنادق هجومية ، والبنادق إلى صواريخ الكاتيوشا ، والحياة برمتها الى حرب كاملة
وأصبح الموت ينزّ من زوايا الرقعة ذات اللونين ، والفيلة تنطلق كالصواعق وتدوس الاعشاب وتخلطها بالناس ، وتسيل الدماء أنهارا …
إما (سامر) فقد كان يتبختر ، عاشق لوقع حوافر خيله وهي تعبر الخطوط الوهمية والجسور ، يسرقون بهجة المكان ٠
عمّت الفوضى وتعالى الغبار ، وقطع مهزومة منكسرة تتناثر خلف خلف السواتر والمربعات تتمايل منسحبة كأنها جثث سائرة ٠
وكان الطرفان يزرعان حقولاً من الالغام ، رصاص وفولاذ تصطاد الاطفال والناس الذين لا حولة لهم ولاقوة ،يزرعان الموت بدلا من الثلوج والازهار
( أحمد) يصيح بقطعه المتقدمة للأمام مشجعاً :
— لا وقت للخسارة … ولا للتعادل ،فقط علينا أن نتقن قواعد اللعبة المباركة حتى نستطيع لعبها أفضل منهم ، لاشيء يوقف تساقط الدموع سوى النصر
( سامر ) يردُّ :
— أنا لديّ شياطين أكثر من ملح البحر ، وستكون بيادقي ذئاب مفترسة ، وستخلف ورائها بحر من موتاكم ٠
ملاحظة رقم( ٤ )
===========
( أحمد ) يعتقد الآن بأنه إما أن يتقدم أو يرحل ، لذا أندفع عبر الفراغات كأنه نيزك عظيم يحطم كل الحواجز ، منادياً الفقراء والمساكين ،وكل من يمكنه الوقوف : اتبعوني لا تخافوا نحن ميتون بالأصل … فهل يمكن قتل شيء ميت ؟ وسنريهم ما يمكن أن يفعله البيدق الأبيض ، وكيف يطارد الملك الأسود ٠
( سامر ) لازال مصراً أن يكون رمزاً للرأسمالية ، وهدفه الاني إما أن نموت أو نولد من جديد ويقول : هنا يتجذر عالمي ويمتد ٠
الملاحظة الأخيرة
==========
الاثنان يريدان أن يخرجا ولو بالقليل من الشرف … ولكنهما لا يملكان الشعور بالوقت … فالليل آخذ بالأفول ، والفجر مدّ ضياءه على الدنيا … مهدداً الاحلام والأحداث بالتوقف ، ونفخ بالصور ، وحان وقت الاستيقاظ وسيعرفان
مدى سرعة التردي … وإن عراكهما هو عراك العصافير فوق سطح المنزل
و أولئك الأشخاص الذين يظنون أن الأرض مسطحة كرقعة الشطرنج ،سأثبت لهم إنهم مخطئون ، وإنهم خارج حدود الشمس ……
((. صباح خلف عباس))