recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل

 


الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل




إعداد - حسن سليم




الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل






تحتل قضايا المياه صدارة اهتمام مختلف دول العالم، بالنظر إلى أهمية هذا المورد الحيوي، وارتباطه بحياة الإنسان في مختلف بقاع الأرض، الأمر الذي يمكن معه تفسير تصاعد الحديث عن الصراعات المائية حول العالم، خاصة في ضوء التوزيع غير المتساوي لموارد المياه بين هذه الدول، حيث تتوافر60% من المياه العالمية في تسع دول، بينما تعاني 80 دولة من نقص الكمية الكافية من المياه، وتشير الإحصاءات إلى حصول 40% فقط من سكان العالم على المياه الكافية.

 

--



وفي ضوء ندرة موارد المياه، وكونها أساس بقاء الإنسان، وتحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، وتوفير إمدادات الطاقة، وإنتاج الغذاء، وسلامة النظم الإيكولوجية، اهتمت العديد من الاتفاقيات الدولية بالنص على حق الإنسان في المياه، كما برزت العديد من الاتفاقات الدولية المعنية بتنظيم الاستخدام المشترك للمياه كمورد عابر للحدود، أبرزها اتفاقيــة حمايـة واسـتخدام مجـاري الميـاه العابـرة للحـدود والبحيـرات الدوليـة لعـام 1992، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون اســتخدام المجــاري المائيــة الدوليــة فــي الأغــراض غيــر الملاحية، لعام 1997، وقواعد برلين للموارد المائية لعام 2004، وجميعها تنص على الاستخدام المنصف والمعقول للموارد المائية المشتركة.


وبالرغم من اهتمام المجتمع الدولي بوضع الإطار القانوني الحاكم لاستخدامات المياه، والحيلولة دون نشوب صراعات حول هذا المورد الحيوي، فإن الصراعات حول المياه تصاعدت بحدة في الآونة الأخيرة، وفي هذا الإطار، ظهرت العديد من المفاهيم المرتبطة بالمياه، وعلى رأسها: الإجهاد المائي، وخصخصة المياه، وحوكمة المياه، وتصاعد الحديث عن الأمن المائي كأحد محددات الأمن القومي للدول، انتهاءً بعسكرة المياه واستخدامها كسلاح في العمليات العسكرية، في ظل تصاعد التنافس العالمي على هذا المورد الحيوي.


وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن صراعات المياه حول العالم قد باتت من أبرز الصراعات الدولية، وأكثرها خطورة في ضوء ما يشهده العالم من صراعات متأججة حول المياه، منها على سبيل المثال وليس الحصر: الصراع حول نهر الأردن، والصراع المائي حول نهري دجلة والفرات، وبين المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، والصراع المائي بين الهند وباكستان، والصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا، فضًلا عن الصراع حول سد النهضة الإثيوبي.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل


الأمن المائي

يقصد بالأمن المائي الحفاظ على الموارد المائية المتوفرة، والسعي للبحث عن مصادر مائية جديدة وتطويرها لتأمين التوازن بين الموارد المتاحة والطلب عليها.

يرتبط مفهوم الأمن المائي بمفهوم الميزان المائي، والذي يقصد به المقارنة بين إجمالي حجم الموارد المائية المتوفرة، وإجمالي حجم الاحتياجات المائية في فترة زمنية محددة، وتوجد 3 حالات للميزان المائي:

1- حالة التوازن المائي water balance: حين يتعادل الطلب على المياه مع حجم المعروض منها.

2- حالة الفائض المائي water surplus: حين يكون حجم الموارد المائية المتاحة أكبر من حجم الاحتياجات.

3- حالة الندرة أو العجز المائي Deficit: حين يكون حجم الموارد المائية المتاحة أقل من الاحتياجات المطلوبة.


الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل


قام المتخصصون بتصنيف الدول مائيا حسب توافر المياه العذبة لكل فرد سنويا إلى 3 فئات هي:

دول الوفرة المائية: يحصل الفرد فيها سنويا على أكثر من 2000 م3من المياه.

دول الضغط (الفقر) المائي: ويحصل الفرد فيها سنويا على 1000 – 1600 م3من المياه.

دول الندرة المائية: ويحصل الفرد فيها سنويا على أقل من 1000 م3من المياه.

تتعدد المؤشرات الخاصة بتحديد وجود عجز في الموارد المائية، وأبرزها 3 مؤشرات هي:

المؤشر الكمي - ويندرج تحته حالتان:

حالة الفقر المائي: التي يقل فيها نصيب الفرد السنوي من المياه عن 1000 م3.

حالة العجز المائي: التي يفوق فيها حجم الاحتياجات المائية عن الموارد المتاحة والمتجددة، وعندما يصل العجز إلى درجة تؤدي إلى أضرار اقتصادية واجتماعية تقود إلى ما يسمى بالأزمة المائية.

لكن اتفق الخبراء على أن قياس مستوى الأمن المائي تبعا لنصيب الفرد من المياه لا يكفي وحده، حيث تتناقص قيمة هذا المؤشر باستمرار في جميع دول العالم تقريبا بسبب الزيادة السكانية، ولذلك يرفض كثير من الخبراء اعتبار حد الفقر المائي 1000 م3/ الفرد/ السنة، من منطلق أن هذه الكمية هي قيمة مطلقة، موضحين ضرورة قياس العائد الإنتاجي والاقتصادي من الوحدة المائية، أي أهمية وجود مؤشر نوعي واقتصادي.

كما تجدر الإشارة إلى أن المعايير الكمية التي تحدد الفقر المائي هي معايير استرشادية تخضع لعوامل مختلفة، من أبرزها المستوى الاقتصادي، ومدى التطور العلمي والتكنولوجي للدولة، فقد تتعايش دولة متقدمة في حالة حدوث نقص حاد في نصيب الفرد من المياه يقل عن 500 م3، بينما لا تستطيع دولة نامية أن تواجه أعباء التنمية بموارد مائية تصل إلى 1000 م3/ الفرد.

المؤشر النوعي:

يختلف مفهوم محدودية الموارد المائية وفقا لهذا المؤشر، حيث يقصد به عدم صلاحية كل أو بعض الحجم المتاح من المياه للاستخدام التنموي زراعيا أو صناعيا أو منزليا، فتوافر المياه مع عدم صلاحية استخدامها يدخل في إطار الندرة المائية.

المؤشر الاقتصادي:

يرتبط مفهوم محدودية الموارد المائية وفقا لهذا المؤشر بالحالة التي لا تتوافر فيها الموارد الاقتصادية اللازمة لتوفير البنية التحتية المطلوبة لتوصيل إمدادات المياه للشرب والري والصرف الصحي، حيث سيؤدي ذلك إلى عدم قدرة المستخدمين على الانتفاع بالمياه.

الإجهاد المائي

يحدث الإجهاد المائي أو ندرة المياه عندما يتجاوز الطلب على المياه الصالحة للاستخدام في منطقة مُعينة العرض؛ فمن حيث الطلب تُستخدم الغالبية العظمى والتي تمثل حوالي 70% من المياه العذبة في العالم للزراعة، بينما يتم تقسيم الباقي بين الاستخدامات الصناعية (19%) والاستخدامات المنزلية (11%)، بما في ذلك الشرب، أما فيما يتعلق بالعرض، فيشمل مصادر المياه السطحية، مثل: الأنهار والبحيرات والخزانات، بالإضافة إلى المياه الجوفية.


ويعاني مليارات الأشخاص حول العالم من أشكال مختلفة من الإجهاد المائي، وفي هذا الصدد يتم تقسيم أسباب الإجهاد المائي إلى أسباب طبيعية: عندما يكون هناك نقص في إمدادات المياه بسبب الظروف البيئية، مثل نقص هطول الأمطار، وأسباب اقتصادية: عندما يكون هناك عجز في البنية التحتية للمياه، مثل النقص في خزانات المياه، أو مرافق الصرف الصحي، وفي هذا الإطار، فإنه حتى في حالة وجود أسباب طبيعية للإجهاد المائي، فإن العوامل الأخرى، مثل، نقص الموارد المالية، أو العوامل السياسية غالبًا ما تكون أساسية، لا سيما فيما يتعلق بالحصول على المياه النظيفة، والصرف الصحي الآمن.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من الإجهاد المائي؛ حيث تستقبل كمية أقل من الأمطار مقارنة بالمناطق الأخرى، وتميل بلدانها إلى وجود مراكز حضرية سريعة النمو ومكتظة بالسكان، والتي تحتاج إلى المزيد من المياه، هذا بالإضافة إلى دول وسط إفريقيا، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية.


وجدير بالذكر، أن ثمّة احتمالات من أن تؤدي التغيرات المناخية إلى تفاقم مشكلة الإجهاد المائي في جميع أنحاء العالم؛ حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تعاظم الكوارث الطبيعية بما في ذلك الفيضانات والجفاف، الأمر الذي يدفع الحكومات حول العالم إلى إيجاد طرق أكثر ابتكارًا لمعالجة الإجهاد المائي.


وفي إطار مساعي الدول لمواجهة الإجهاد المائي، تتجه الحكومات إلى تعزيز البنية التحتية الخضراء، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى دعم الابتكار في مجال الزراعة، والهندسة الحيوية للمحاصيل.

عسكرة المياه

يُمكن تعريف مصطلح "عسكرة المياه" أو "تسليح المياه" بأنه استخدام كل من الدول القومية أو الجماعات المتطرفة العابرة للحدود المياه كسلاح في العمليات العسكرية، ولا سيما في حالات ندرة المياه؛ من أجل تحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، وذلك من خلال الاستهداف المتعمد للبنية التحتية لإمدادات المياه، أو السيطرة على أجزاء كبيرة من موارد المياه، مثل الأنهار والسدود الرئيسة، وذلك عبر أربع استراتيجيات:

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



"العسكرة الاستراتيجية": ويُقصد بها استخدام المياه للتحكم الافتراضي أو الفعلي في منطقة معينة، أو تدمير المراكز السكانية الكبيرة، أو البنى التحتية، أو كأحد الأصول لتمويل الأنشطة الشبيهة بأنشطة الدولة، مثل إدارة إقليم معين.

"العسكرة التكتيكية": والمقصود بها استخدام المياه كسلاح في ساحة المعركة؛ لتوفير الدعم المباشر والفوري للعمليات العسكرية، أو استخدامها ضد أهداف ذات أهمية عسكرية كبيرة.

"العسكرة غير المقصودة": وذلك عندما يُحدِث استخدام سلاح المياه أضرارًا جانبية على السكان المدنيين أو البيئة الإيكولوجية، ومن أبرز هذه الأضرار النزوح القسري للسكان.

"العسكرة القسرية": وتعني استخدام المياه كأداة للقهر، وذلك من خلال بث الخوف في صفوف السكان المدنيين من انقطاع إمدادات المياه، أو تلويثها.


ويعود تاريخ "عسكرة المياه" إلى الحرب العالمية الأولى عندما استخدمت بلجيكا بوابات على نهر "يسر" Yser River؛ لعرقلة تقدم الجيش الألماني، وخلال الغزو الأمريكي إلى العراق عام 2003، أعطت القوات العسكرية الأمريكية الأولوية للسيطرة على السدود الرئيسة، وأجزاء أخرى من المياه؛ وذلك لإدراكها أهمية المياه في المنطقة، والقدرة على استخدام المياه كسلاح.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



وفي الآونة الأخيرة، يُعد الصراع في العراق وسوريا من أبرز الأمثلة الواقعية على عسكرة المياه، وذلك مع تصاعد الصراعات مع التنظيمات المسلحة، وعلى رأسها تنظيم داعش وجبهة النصرة، واللذان حققا أهدافًا كبيرة من خلال استخدام موارد المياه في العمليات العسكرية خلال الفترة من 2012 حتى عام 2015، وذلك عبر السيطرة على السدود والأنهار الرئيسة في العراق.

خصخصة المياه

يشير هذا المفهوم إلى قيام الشركات الخاصة بشراء مرافق المياه العامة أو إدارتها نتيجة لتهالكها، وعادة ما تلجأ الحكومات لاتباع هذا المفهوم حينما تكون هناك مشكلات حادة في تمويل المحليات داخل الدول؛ حيث تلجأ الحكومة للشركات الخاصة لمساعدتها في تقديم الخدمات المائية، وخدمات الصرف الصحي، وهو ما قد يؤدي إلى سوء جودة الخدمات المقدَّمة للمواطنين؛ نتيجة لميل القطاع الخاص لخفض التكاليف وتعظيم الأرباح، فيتم تقليل العمالة، واستخدام مواد بناء رديئة، وتأخير مواعيد تنفيذ المشروعات، كما تتراجع خدمات تلقِّي شكاوى المواطنين، وتفقد الحكومة قدرتها على السيطرة على مورد مهم وحيوي مثل المياه، فتقل فرص المساءلة العامة في ظل سيطرة الشركات الخاصة على المياه.


وفي ضوء ذلك، ترى العديد من الدراسات أنه من الضروري بقاء المياه تحت سيطرة القطاع العام؛ نظرًا لأهمية سلعة المياه بالنسبة للمواطنين، وعدم قدرتهم على الاستغناء عنها، وحتى تضمن الحكومة تقديمها للمواطنين بأسعار معقولة؛ إذ يتسبب الاعتماد على الشركات الخاصة في ارتفاع أسعار المياه، ومن ثمّ عدم قدرة بعض المواطنين على تحمُّل تكاليفها، كما قد يؤدي الاعتماد على الشركات الخاصة إلى انخفاض درجة مراعاة معايير الصحة العامة عند معالجة المياه، لأن ذلك يتطلب تكاليف عالية، قد تحاول شركات القطاع الخاص الحياد عنها، كذلك من الممكن لجوء الشركات إلى تصدير المياه إلى الدول الغنية لتعظيم أرباحها، وهو ما قد يسهم في امتلاك تلك الشركات لنفوذ اقتصادي وسياسي هائل بين الدول.

 

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



إضافة إلى ما سبق، تتسبب خصخصة المياه في فقدان عامل الشفافية؛ حيث لا تقوم شركات القطاع الخاص بمشاركة جميع المعلومات المتعلقة بالمياه وكيفية معالجتها مع المواطنين، وكذلك تختلف عوامل وآليات تحديد مناطق تقديم خدمات المياه بين الشركات الخاصة والبلديات؛ حيث تهدف الأولى لتوفير خدمات المياه إلى الفئات الأعلى دخلًا القادرة على دفع فواتير المياه، بينما تهدف الثانية إلى توفير المياه كسلعة حيوية إلى جميع المواطنين، بغض النظر عن مستويات دخولهم، بل إنها قد تلجأ إلى توفير الدعم على أسعار المياه في حال كانوا من أصحاب الدخول المنخفضة، لأن هدفها ليس تحقيق الربح وإنما خدمة المواطنين.

كما تسهم خصخصة المياه في زيادة الأزمات العالمية، وإضعاف إمكانية تطبيق الحلول المستدامة؛ بسبب تركيز شركات القطاع الخاص على الربح السريع أكثر من التركيز على معالجة المشكلات العالمية.

حوكمة المياه

في ضوء ما تتعرض له مصادر وإمدادات المياه من تأثيرات بفعل ارتفاع درجات الحرارة أو التغيرات المناخية، يعكس مصطلح "حوكمة المياه"، أهمية التعامل الرشيد مع موارد المياه، ويمكن إيضاح بعض تعريفاته، كالتالي:


وفقًا لـ "الشراكة العالمية للمياه" Global Water Partnership يُشير مفهوم حوكمة المياه إلى مجموعة من النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية لتطوير وإدارة الموارد المائية، وتقديم الخدمات المائية على مختلف المستويات المجتمعية، كما يشمل القدرة على تصميم السياسات العامة، والأطر المؤسسية المقبولة اجتماعيًّا، وتعبئة الموارد الاجتماعية لدعمها.


وتعرِّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) حوكمة المياه على أنها "مجموعة من القواعد والممارسات والعمليات السياسية والمؤسسية والإدارية (الرسمية وغير الرسمية) التي يتم من خلالها صياغة التشريعات والسياسات واتخاذ القرارات الخاصة بتوزيع وإدارة الموارد المائية وتنفيذها، وفي هذا الإطار، فإن الحوكمة المائية تتناول دور المؤسسات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني المشاركة في عملية صنع القرارات الخاصة بتطوير الموارد المائية وإدارتها.


ووفقًا لتعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) فإن الحوكمة المائية هي مجموعة النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية المعمول بها والمُتعلقة باستخدام المياه وإدارتها، أي هي تحديد من يحصل على المياه؟، ومتى يحصل عليها؟، وكيف؟


وفي هذا الصدد، يمكن القول إن "حوكمة المياه" تعد من أكثر المجالات الحيوية؛ نظرًا لدورها الفاعل في تعزيز التنمية المستدامة لموارد وخدمات المياه، وتأثيراتها على جودة حياة المواطنين.

اقتراب ربط الغذاء والماء والطاقة

ظهر الاقتراب بشكل رسمي في منتدى الاقتصاد العالمي في عام 2011؛ حيث هدف إلى إدارة استخدام المياه بطريقة أكثر كفاءة في الدول التي تشترك في مصادر المياه نفسها، كما أنه سعى إلى توضيح مقدار الترابط بين المياه والطاقة والغذاء؛ إذ تعتبر المياه عنصرًا محوريًّا في تلك العلاقة الثلاثية؛ لأنها تدخل في جميع مراحل الإنتاج، كما أنها تستخدم في عمليات النقل، هذا ويسعى الاقتراب إلى توضيح العلاقات والتفاعلات بين القطاعات والأنظمة البيئية والاجتماعية المختلفة على المستوى الوطني والإقليمي؛ حيث يسهم في تحقيق خطط التنمية 2030، والتقليل من حدة الفقر بدول العالم النامي.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



مع زيادة الطلب على الموارد، كالمياه والطاقة، والغذاء، يزداد التنافس بين الدول، ولذلك قد يكون تنفيذ مشروعات البنية التحتية للمياه مصدرًا لتوفير المياه، وإنتاج الطاقة الكهرومائية، إلا أن هذه المشروعات قد تؤثر على النظم الزراعية، وعلى النواحي الاجتماعية للسكان إذا تطلّب تنفيذها إعادة توطين للسكان، وعلى الرغم من مساهمتها في توفير فرص للعمل، فإنها قد تؤدي إلى زيادة المنافسة على الأراضي، وعلى المياه.


ويسهم تطبيق اقتراب الماء والغذاء والطاقة في تجاوز هذه المشكلات السابق ذكرها، كما يساعد على تسهيل اتخاذ القرارات بناء على دراسة الفوائد والأضرار المرتبطة بتنفيذ أي قرار، كالتأثير على الهياكل المجتمعية، وحالة الموارد الطبيعية، وحجم التدفقات المالية، وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق الاقتراب لا يكون عبر مستوى واحد، ولكنه يحتاج للتعاون بين الحكومات الوطنية، والمنظمات الخاصة بالأحواض المائية، ومنظمات التنمية، والبنوك، والمنظمات الدولية والإقليمية، فضلًا عن منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، كما يتطلب تطبيق الاقتراب عمل قاعدة بيانات تضم المعلومات المتعلقة بالموارد الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية.




الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل

يلعب القانون الدولي دورًا محوريًّا في ضمان الاستخدام العادل والمنصف لمياه الأنهار العابرة للحدود؛ حيث بذل المجتمع الدولي جهودًا حثيثة للتوصل إلى أطر قانونية حاكمة للعلاقات بين الدول المشتركة في حوض النهر، وذلك على النحو الذي يضمن تعزيز التعاون بينهما، والحيلولة دون نشوب صراعات دولية بشأن تقاسم حصص المياه المتدفقة من الأنهار الدولية، ونرصد فيما يلي أبرز الاتفاقيات الدولية التي تنظم استخدام المجاري المائية الدولية.

اتفاقيــة حمايـة واسـتخدام مجـاري الميـاه العابـرة للحـدود والبحيـرات الدوليـة لعـام 1992

اعتمدت الاتفاقية في هلسنكي، بفنلندا، عام 1992، ودخلت حيز النفاذ في عام 1996، وتم تعديلها عام 2003 لتمكين أي دولة عضو في الأمم المتحدة من الانضمام إلى الاتفاقية، ثم أصبحت في عام 2016 إطارًا قانونيًّا للتعاون بشأن المياه العابرة للحدود.


تعتمد الاتفاقية على ثلاث ركائز رئيسة، وهي:

ضمان الاستخدام المعقول والمنصف للمياه العابرة للحدود.

التعاون من خلال الاتفاقات والهيئات المشتركة بشأن إدارة المياه العابرة للحدود.

منع التأثيرات العابرة للحدود على البيئة، وصحة البشر، وسلامتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والسيطرة عليها والحد منها.

المصدر

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون اســتخدام المجــاري المائيــة الدوليــة فــي الأغــراض غيــر الملاحية، لعام 1997


تضمن هذه الاتفاقية مبادئ مهمة عن العدالة والإنصاف والاستعمال المنصف والمعقول للمجاري المائية المشتركة، وتتمثل هذه المبادئ فيما يلي:

تنتفــع دول المجرى المــائي، كل في إقليمها، بالمجرى بطريقة منصفة ومعقولة، ويجب أن تستعمل هذه الدول المجرى الدولي، وتنميه بغرض الانتفاع الأمثل والمستدام والحصول على منافعه، مع الأخذ في الاعتبار مصالح دول المجرى، وحماية المجرى بطرق ملائمة.

تُشــارك دول المجرى المــائي في استعمال المجرى وتنميته وحمايتــه بطريقة منصفة ومعقولة، وتشمل هذه المشاركة حق استعمال المجرى، وواجب التعاون في حمايته وتنميته طبقًا لنصوص هذه الاتفاقية.

يتطلب الانتفاع بالمجرى المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة، أخذ جميع العوامل والظروف ذات الصلة في الاعتبار، وهي:

العوامل الجغرافيــة والهيدروغرافية والهيدرولوجية والمناخية والإيكولوجيــة.

الحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدول المجرى.

السكان الذين يعتمدون على المجرى في كل من دول المجرى المائي.

تأثير استخدامات المجرى المائي في إحدى دول المجرى المائي على غيرها من الدول.

الاستخدامات الحالية والمحتملة للمجرى.

صيانــة الموارد المائية للمجرى وحمايتها وتنميتها، والاقتصاد في استخدامهــا، وتكاليف التدابير المتخذة في هذا الصدد.

المصدر

قواعد برلين للموارد المائية لعام 2004

تمّت صياغة قواعد برلين عام 2004، من قِبل رابطة القانون الدولي، والتي تعد مراجعة لقواعد "هلسنكي" وغيرها من القواعد الدولية المتعلقة بالموارد المائية، وتتكون من 13 فصلًا وتشتمل على 73 مادة.

ومن أهم ما نصّت عليه:

لكل دول الحوض الحق في تطوير واستخدام مياه الحوض؛ من أجل تحقيق الاستخدام الأمثل والمستدام لها مع مراعاة مصالح دول الحوض الأخرى.

منع أية تجاوزات داخل أراضي الدول المشتركة في حوض النهر، من شأنها الإضرار بباقي دول الحوض، مع إيلاء الحق لكل دولة حوض في الاستخدام المنصف والمعقول للمياه.

ضرورة توفير الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بإدارة المياه، مثل: تقييمات التأثير المتعلق بإدارة المياه، دون فرض أي رسوم أو صعوبات.

 تحل الدول النزاعات المتعلقة بالمسائل التي تدخل في نطاق هذه القواعد بالوسائل السلمية، وفي حال فشلها يتم عرض النزاع على هيئة تحكيم خاصة أو دائمة، أو إلى محكمة دولية مختصة.

المصدر




الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



الصراع حول نهر الأردن

تتصاعد حدّة الصراع المائي في حوض نهر الأردن في ضوء تفاقم الظروف الطبيعية والسياسية للنهر والدول المشاطئة له، وهي: فلسطين، والأردن، وسوريا، ولبنان، وإسرائيل، وتستغل الأخيرة معظم مياه نهر الأردن، الذي يشكِّل المصدر الرئيس للمياه العذبة في الضفة الغربية وفلسطين بشكل عام.


وتأزمت الأوضاع التي يشهدها حوض نهر الأردن في ظل الندرة الحادة في المياه التي يعانيها النهر؛ حيث انخفضت كمية المياه المتدفقة به من 1,3 مليار متر مكعب سنويًّا إلى نحو 70-100 مليون متر مكعب سنويًّا فقط، وبالتالي يمثِّل تدفق النهر حاليًّا أقل من 10% من متوسطه التاريخي، ويرجع ذلك إلى الزيادة الهائلة في الطلب على المياه؛ نظرًا لأن عدد سكان الدول المشاطئة قد تضاعف على مدار السبعين عامًا الماضية، كما أدت التغيُّرات المناخية إلى زيادة الضغوط على مياه النهر، ولا سيَّما في ظل طول فترات الجفاف، وزيادة معدلات التبخر.


وتجدر الإشارة إلى أن خصائص وندرة المياه في دول حوض النهر تختلف من بلد لآخر، فلبنان يمتلك مصادر مياه كافية لسكانه، إلا أنه يعاني من الافتقار إلى البنية التحتية لإيصال المياه، وتعاني سوريا من نقص حاد في المياه، في ضوء قيام تركيا ببناء السدود على منابع دجلة والفرات، فضلًا عن سوء إدارة الموارد المائية خلال الحرب الأهلية السورية.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



كما أن الأردن ثاني بلد يعاني من انعدام الأمن المائي على مستوى العالم، ومن المتوقَّع أن تتجاوز احتياجاته المائية موارده بنسبة أكثر من 26% بحلول عام 2025، في ضوء تزايُد تدفق اللاجئين السوريين إليه، والذين تجاوز عددهم نحو 1,4 مليون نسمة، ويمثِّل الوضع المائي في فلسطين كارثة من حيث النوعية والكمية؛ فالمورد الرئيس للمياه الطبيعية يتمثَّل في "الخزان الساحلي" (مياه جوفية)، والذي أصبح ملوثًا، فضلًا عن ارتفاع درجات الملوحة به، كما تعاني إسرائيل من فقر في الموارد المائية.


وفاقمت الطبيعة الجغرافية لموارد مياه دول حوض نهر الأردن من حدّة الصراع؛ نظرًا لأن معظمها عابرة للحدود، أي تتقاسم مياهها عدة دول، وبالتالي فإن إدارة الاحتياجات المائية تعتمد بصورة كبيرة على العلاقات السياسية بين تلك الدول، والتي يشوبها التعقيد والتقلب في معظم الأحيان.


وفي ضوء ذلك، أدت الأزمات السياسية إلى تقويض عملية إدارة مياه نهر الأردن، فلبنان وسوريا ليس لهما علاقات رسمية مع إسرائيل، ولذلك اتخذا مقاربات أحادية الجانب لإدارة الموارد المائية للنهر، وفي المقابل، أحرز الأردن وإسرائيل تقدمًا في التعاون المائي؛ إذ تضمّنت اتفاقية السلام المُبرمة بينهما عام 1994 بنودًا تتعلق بإدارة المياه، والتي تمّ بموجبها تشكيل لجنة مياه مشتركة بين الطرفين تتواصل بصورة مستمرة.


وفيما يخص فلسطين، فلا يوجد اتفاق دائم وحاسم حتى الآن بين فلسطين وإسرائيل بشأن إدارة الموارد المائية، مما أدى إلى بروز اختلال عميق في هذا الشأن، واعتماد فلسطين بصورة شبه كاملة على إسرائيل في هذا الصدد، فالعلاقات المائية بينها ما زالت تحتكم إلى اتفاقية أوسلو الثانية التي تمّ توقيعها عام 1995، والتي كان من المقرر أن تستمر لمدة 5 سنوات فقط، وقد تمخضت عن اتفاقات أوسلو لجنة مياه إسرائيلية فلسطينية مشتركة لإدارة المياه والصرف الصحي في الضفة الغربية (لكن سلطتها لا تمتد إلى نهر الأردن)، وبالتالي لا يستطيع الفلسطينيون استخراج المياه الجوفية دون موافقة إسرائيل، مما يقوِّض إدارة فلسطين للمياه والبنية التحتية.


ورغم أن الصراع بشأن نهر الأردن قد شهد هدوءًا نسبيًّا في العقود الأخيرة بسبب التعاون الإسرائيلي الأردني في هذا الصدد، وتطور القدرات الإسرائيلية في تحلية مياه البحر، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، فإن التغيُّرات المناخية، وارتفاع عدد السكان، ونقص الاستثمار في البنية التحتية وإدارة مياه نهر الأردن، وزيادة تدفقات اللاجئين، أدى إلى تراجع نصيب الفرد من المياه.


وبالنسبة لحل الصراع، يرى الخبراء أنه لا يوجد حل واحد لأزمة المياه في المنطقة، ولكن الحل الأمثل يجب أن يمزج بين العوامل الطبيعية والسياسية على حدٍ سواء؛ إذ يتعيَّن أن تكون قضايا المياه بمثابة جسر للتعاون في المنطقة، وليست سببًا لتفاقم الصراعات، كما أن الحلول الخاصة بالمياه يجب أن تشمل جانبي العرض والطلب، وإدخال موارد مائية جديدة، مع التركيز على تحلية مياه البحر، وإشراك القطاع الخاص في هذا الأمر، على غرار النهج الذي اتبعته إسرائيل في هذا الصدد.


وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة الإقليمية الخاصة بربط البحر الأحمر بالبحر الميت، والتي سيتم بموجبها نقل المياه المالحة من البحر الأحمر إلى الميت في ضوء انخفاض منسوب الأخير، واتفاق كلٍّ من الأردن وفلسطين وإسرائيل على إنشاء محطة لتحلية مياه البحر الأحمر في خليج العقبة، من شأنها توفير 850 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب في الدول الثلاث، ورغم توقف المشروع فإن الاقتراح لا يزال قائمًا، ومن المرجَّح أن يؤتي ثماره في السنوات المقبلة.

 

الصراع المائي حول نهري دجلة والفرات

تواترت تقارير عديدة مؤخرًا تفيد بانخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات؛ مما يُنذر بكارثة إنسانية في كلٍ من سوريا والعراق، فبالنسبة لسوريا، أدى الانخفاض الكبير في منسوب مياه نهر الفرات، والذي تجاوز عتبة الـ 5 أمتار، إلى جفاف مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية شمالي وشرقي سوريا، مما كشف عن عمق المخاوف المحدقة بمستقبل الكثير من السوريين الذين يعتمدون على حرفة الزراعة. وليس العراق بأفضل حالًا، إذ تشير التقارير إلى أنه مع دخول فصل الصيف، ستشهد بغداد أزمة انخفاض حادة في منسوب مياه نهري دجلة والفرات، بعدما تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة على مدار السنوات الماضية.


وتجدر الإشارة إلى أن نهري دجلة والفرات يشكلان ما يُعرَف تاريخيًّا بـ "بلاد الرافدين"، والتي كانت موطنًا للعديد من الحضارات العريقة، وبنبع النهرين من جبال طوروس في جنوب شرق تركيا، ويعبرا الأراضي السورية، ثمَّ يخترقا الأراضي العراقية، ليلتقيا معًا في جنوبها، ويشكلان شط العرب، والدول المشاطئة لحوض نهري دجلة والفرات، هي: تركيا وسوريا والعراق وإيران، وتُسهم تركيا بنسبة 90٪ من إمدادات نهر الفرات، بينما تشارك سوريا بنسبة 10٪ فقط، أما بالنسبة لنهر دجلة، فتُسهم كل من تركيا والعراق وإيران بنسبة 40٪ و51٪ و9٪ على التوالي.


ورغم أن الخلافات بين الدول المشاطئة لحوض نهري دجلة والفرات بشأن تقاسم المياه ترجع إلى فترة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، فإن ثمّة عوامل أفضت إلى تأجيج التوترات مؤخرًا، في مقدمتها الزيادة السكانية التي فاقمت الطلب على المياه، وتصاعُد أزمة شح المياه، والمشروعات أحادية الجانب التي أثرت سلبًا على تدفق مياه النهر. وفي ضوء اشتراك إيران والعراق وسوريا وتركيا في حوض نهري دجلة والفرات، يحتدم الخلاف بين الأطراف الأربعة بسبب قضية ندرة المياه:


فبالنسبة لإيران، تشير التقارير إلى أن حوالي ثلثي مياهها البالغة 10,2 مليارات م3 تتدفق خارج البلاد عبر حدودها مع العراق؛ مما يُنذِر بنقص كبير في المياه داخل إيران بحلول عام 2036، وهو ما دفع طهران إلى اللجوء لبناء المزيد من السدود لتحويل المياه من نهري دجلة والفرات، واللذان يعتمد العراق عليهما بشكل رئيس في الحصول على موارده المائية، وفي هذا الإطار، شيَّدت إيران 14 سدًا على روافد نهر دجلة، بسعة تخزين مياه إجمالية قدرها 15,8 مليار م3، مما فاقم التهديدات أمام الأمن المائي العراقي. وجدير بالذكر أنه في عام 2019 على سبيل المثال، أعلنت إيران عن خطط لبناء 109 سدود على مدار عامين تقريبًا، وإعادة توجيه المياه الفائضة في خزانات السدود إلى المقاطعات الأكثر عُرضة للجفاف في جميع أنحاء البلاد.

 

الأمن المائى والصراعات المائية حول العالم.. ملف كامل



وحذَّر مسؤولون محليون في كردستان العراق من أن مشروعات السدود الإيرانية قد تؤدي إلى كارثة إنسانية خلال السنوات القليلة المقبلة في العراق، مؤكدين أنها قد تتسبَّب في زيادة معدلات الهجرة الجماعية، والإضرار بالأراضي الزراعية والحياة البرية والقطاع السياحي، وتشير التقارير إلى أنه من المتوقَّع أن يتسبب نفق "مياه نوسود"، الذي بدأت إيران في تشغيله العام الماضي، في قطع مياه الشرب بشكل كامل عن بعض أجزاء إقليم كردستان العراق. وفي ضوء ذلك، يشير الخبراء إلى أن انسداد آفاق التعاون بين العراق وإيران في قضية الإدارة المشتركة للمياه يزيد من احتمالية نشوب نزاع بين البلدين حول موارد المياه في المستقبل؛ مما يستدعي أهمية وجود دبلوماسية استباقية في هذا الصدد.


وعلى الجانب الآخر، تعاني تركيا من نقص في إمدادات المياه؛ إذ تتعرض البلاد لأسوأ موجة جفاف تشهدها منذ عقد، وقد عكف صناع القرار في تركيا منذ أوائل الستينيات على بلورة استراتيجيات وبرامج لتعزيز الاستفادة من موارد المياه لنهري دجلة والفرات، لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب شرق تركيا، ومن ثمَّ تقليل حدة التوترات الاجتماعية والسياسية، وعلى هذا النحو، بدأت تركيا مشروع الأناضول الكبير (GAP) في عام 1977، والذي تضمّن بناء 22 سدًا على نهري دجلة والفرات؛ لتوليد 27 مليار كيلوواط ساعة/سنة من الطاقة الكهربائية، ولري 1,8 مليون هكتار من الأراضي.


وتشير الدراسات إلى أنه رغم التقدم الذي أحرزته تركيا في العديد من المشروعات التنموية في قطاع المياه، لا تزال مياه الري تستخدم بطرق غير فعَّالة، مثل الري بالغمر، في ظل وجود برامج تدريب متواضعة جدًا للمزارعين، علاوة على تفضيلهم استخدام طرق الري السطحي بسبب التكلفة المرتفعة لتقنيات الري الحديثة، لا سيَّما في ظل وفرة إمدادات المياه المخصصة للري، وفي ضوء ذلك، أكد الخبراء أن مساعي تركيا لعرقلة تدفقات مياه نهري دجلة والفرات إلى سوريا والعراق لا ترتبط بحاجة أنقرة إلى المياه، وإنما برغبتها في استخدام المياه كسلاح سياسي ضد سوريا والعراق.


ويُذكَر أن البنك الدولي سبق أن رفض طلب تركيا الحصول على قروض لاستكمال بعض المشروعات المائية؛ نظرًا لعدم امتثال أنقرة للمبادئ الدولية التي تقتضي التوصل إلى تسوية عادلة مع دول جوارها المشتركة معها في حوض نهري دجلة والفرات حول التوزيع العادل للموارد المائية وتقاسمها، وذلك في ضوء القناعات التركية التي تؤمن بأحقيتها في التصرُّف في مياه نهري دجلة والفرات. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لبعض التقارير، فإن المشروعات التركية على حوض نهري دجلة والفرات أدت إلى تراجع حصة العراق من النهرين بنسبة 80%، وتقلُّص حصة سوريا بنسبة 40%.

 


الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة

من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.
 
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.

وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.

النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.

ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.

وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.
 ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.
 
الصراع المائي بين الهند وباكستان

يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.

وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.
 



كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.

ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021. 

هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.

وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين.

النزاع المائي بين الهند والصين

تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.

وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.

وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.

وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017. 

وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.
 
الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا

تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.

وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.

بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا:
-الصراع بين بتسوانا وناميبيا
كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة.
تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن.
وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم.

سد النهضة الإثيوبي

بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.

يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا.
تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.

ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.

وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها.
ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.


بيع المياه.. قضية خلافية

على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان.
يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان.
وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه.
أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.

الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.
 
1-تحلية المياه
في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة.
تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية:
التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها.
التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد.
"التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان.
تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي.
التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه.
تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات.
تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة.
ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.

الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر

 

2-معالجة مياه الصرف الصحي

الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر





3-تطوير البنية التحتية
عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.
 
4- فاعليات

أسبوع القاهرة للمياه

يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر




وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



أرقام مهمة

الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر




مؤشر ساعة الندرة المائية 

يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).
 
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر




يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول.
الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي.
كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3.
ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه.
ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.
 
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



 
 

الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر


 
:Ending Conflicts Over Water
 
Solutions to Water and Security Challenges
 
الصراع المائي بين المكسيك والولايات المتحدة من بين العديد من الأنهار التي تعبر الأراضي الحدودية المشتركة بين الولايات المتحدة والمكسيك، يعد نهري "كولورادو وريو جراندي" أكبر الأنهار التي تمر عبر البلدين، ومنذ أوائل القرن التاسع عشر، عمل البلدان على تطوير إطار ثنائي للإدارة والتوزيع المنصف للمياه؛ وتمت إدارة المياه على طول الحدود الأمريكية المكسيكية عبر معاهدة السلام والصداقة لعام 1848، واتفاقية 1906 للتوزيع العادل لمياه "ريو جراندي"، كما أرست الاتفاقية الأخيرة الأساس لمعاهدة إدارة المياه الأكثر شهرة، وهي معاهدة 1944، وأنشأت المعاهدة اللجنة الدولية للحدود والمياه، المعنية بمعالجة النزاعات المتعلقة بإدارة الحدود وتقاسم المياه (IBWC) ، ووفقًا لمعاهدة 1944، تم الاتفاق على أن تمد الولايات المتحدة المكسيك بـ 1,5 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من التدفق السنوي لنهر كولورداو، في المقابل، يجب أن تقدم المكسيك ما معدله 350 ألف متر مكعب من المياه سنويًا (تقاس في دورات مدتها خمس سنوات) إلى الولايات المتحدة.       ورغم وجود اتفاقية تنظم إدارة مياه النهرين بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإن تداعيات التغير المناخي، وتزايد فترات الجفاف الشديدة، والتغيرات الاقتصادية والديموجرافية على طول المنطقة الحدودية، أثرت على تدفق الأنهار، وأثارت اضطرابات بين المزارعين خشية نقص إمدادات المياه؛ حيث تسبب الجفاف الذي استمر من عام 1994 حتى عام 2003 في عدم قدرة المكسيك على نقل المياه إلى الولايات المتحدة، مما أجبر المكسيك على تكديس ديون مائية، وقد تسبب ذلك في توتر بين البلدين بشأن الالتزام بإمدادات المياه، وتم حل النزاع من خلال اتباع نهج متعدد الأوجه، تضمن: تحسين كفاءة استهلاك المياه، والتفاوض بشأن القضايا المستجدة في إدارة الأنهار، فضلًا عن التدخل المباشر لقادة البلدين، وقد نجحت المكسيك في سداد ديونها المائية في عام 2005.  وبعد مرور عقد على حل الأزمة، وفي عام 2015 عجزت المكسيك مرة أخرى عن تسليم حصة المياه المستحقة للولايات المتحدة في وقت مبكر من دورة الخمس سنوات، وقد نتج عن ذلك عجز يقدَّر بـ 15٪ من إجمالي المياه المستحقة لدورة 2010-2015، وفي يناير 2016، تمكنت المكسيك من سداد ديونها المائية بالكامل.  النزاع الحالي أكتوبر 2020: تسببت موجات الجفاف الشديدة على مدى السنوات القليلة الماضية في إثارة قلق مزارعي منطقة تشيهواهوا ( الولاية المكسيكية الحدودية المسؤولة عن إرسال المكسيك للمياه إلى الولايات المتحدة) من نقص المياه، وقد حاول المزارعون تأمين ما لا يقل عن عامين من المياه للاستعداد لموجات الجفاف في المستقبل، لكن قيام حكومة المكسيك بنقل المياه إلى الولايات المتحدة وفقًا للمعاهدة، أدى إلى استنفاد احتياطيات المزارعين من المياه، مما دفعهم إلى الاستيلاء على السدود في المنطقة وإغلاقها؛ لمنع السلطات من استخراج المياه وتوصيلها إلى الولايات المتحدة، مما اضطر الحكومة المكسيكية إلى استدعاء قوات أمنية، ووقعت مناوشات مع المزارعين نتج عنها مقتل متظاهرة وإصابة العديد، وعلى الرغم من ذلك، أوفت المكسيك في نهاية المطاف بالتزاماتها وأنهت دورة 2015-2020 دون عجز؛ حيث وافقت المكسيك على نقل كامل المياه في خزاني "أميستاد وفالكون" إلى الولايات المتحدة من أجل تلبية متطلبات سداد المياه.  ومع ذلك فإن ظروف الجفاف المتكررة والمتزايدة، قد يجعل من الصعب على المكسيك تلبية متطلبات المياه للمدن على طول الحدود في المستقبل، ولحل هذه الإشكالية ينص الاتفاق على أن الولايات المتحدة تقوم بتزويد المكسيك باحتياجاتها المائية في حالة حدوث عجز لدى المكسيك، لكن سيقتصر تلبية الاحتياجات المائية على الأغراض المنزلية؛ مما يعني أنه لا يمكن استخدامها للزراعة، لذلك قد يواجه المزارعون في وادي "ريو جراند"ي في المستقبل القريب صعوبة في تأمين المياه لأغراض ري محاصيلهم.  وقد تم تشكيل مجموعة عمل "ريو جراندي" للهيدرولوجيا، ومجموعة عمل سياسات "ريو جراندي"؛ بهدف تحسين إدارة النهر، وتطوير حلول لمعالجة مشكلات تقاسم المياه، خاصة مع تعرُّض حوض "ريو غراندي" للجفاف.  ختامًا، قدمت معاهدة 1944 إطارًا لإدارة المياه على مدى السنوات الـ 75 الماضية، ومع ذلك، شاب المعاهدة بعض أوجه القصور، خاصة مع تزايد وضوح عواقب التغيرات المناخية، والتغيير الاقتصادي والديموغرافي في المناطق التي تقع على حدود الأنهار؛ حيث إن جزءًا من المشكلة هو أن حاجة المكسيك إلى المياه قد ازدادت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية في التسعينيات، إذ استقر المزيد من الأفراد في المنطقة الحدودية للبلاد، وتزايد الإنتاج الزراعي؛ لتأمين زيادة الطلب الأمريكي.   الصراع المائي بين الهند وباكستان يرتبط الصراع المائي بين الهند وباكستان بالنزاع طويل الأمد حول إقليم كشمير، وتعد السيطرة على منابع المياه أحد الدوافع الرئيسة للصراع بين البلدين، ويعد نهر السند الذي تنبع روافده الرئيسة من أراضي كشمير أهمية بالغة لكلا البلدين للري والزراعة، ومن ثمَّ، فإن السيطرة على منابعه وروافده تمثِّل قضية أمن قومي بالنسبة للجانبين؛ حيث يمكن للدولة التي تسيطر على هذه المنطقة قطع إمدادات المياه عن الأخرى.  وقد تم توقيع "معاهدة السند للمياه" في سبتمبر عام 1960 لمواجهة هذه المخاوف، وضمان التوزيع العادل للمياه من هذا النهر، وبموجب المعاهدة، تسيطر الهند على الروافد الشرقية للنهر، بينما تسيطر باكستان على الروافد الغربية، ورغم نجاح هذه المعاهدة في إدارة قضية المياه بين الدولتين على مدار ستين عامًا، فإن باكستان لا تزال متخوفة من احتمالية عزم نيودلهي على قطع إمدادات المياه عنها في حال نشوب أي صراع مستقبلي، وقد قطعت نيودلهي شكوك إسلام أباد باليقين وأكّدت مخاوفها بعدما تصاعدت التوترات بين البلدين في أعقاب إعلان الهند رسميًا قطع المياه عن باكستان في شهر فبراير من عام 2019، وذلك في أعقاب هجوم إرهابي نفذه انتحاري في الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 من القوات الهندية، ودفع الحكومة الهندية إلى إصدار قرار بقطع جزئي لمياه النهر المتدفقة إلى باكستان.     كما تجدر الإشارة إلى تصريحات المسؤولين الهنود المستمرة بشأن خطط استخدام المياه المخصصة لباكستان بموجب معاهدة السند في مشروعات بناء السدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وزراعة أراضٍ جديدة، حيث تتميز ولايتا جامو وكشمير الخاضعتان للإدارة الهندية بإنتاج الطاقة الكهرومائية، لذلك تسعى الحكومة الهندية إلى تعظيم الاستفادة منهما عن طريق إنشاء المزيد من السدود، وعلاوة على ذلك، بدأت الهند في التعدي على المياه المخصصة لباكستان في الروافد الغربية، وتزايدت المطالب الهندية بالتخلِّي عن معاهدة السند.  ويأتي ذلك في ظل مساعي الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" إلى تسييس معاهدة السند، والتي ستؤدي إلى مفاقمة أزمة المياه في باكستان؛ حيث أشارت حكومة "مودي" إلى أنها ترغب في إعادة النظر في مشاركتها في المعاهدة، كما أعلن "مودي" صراحة بأنه سيعمل على منع وصول المياه إلى الأراضي الباكستانية، في ظل غياب المحادثات الرسمية بين البلدين بشأن ملف المياه؛ حيث أجَّلت الهند الاجتماع الثنائي لمناقشة قضية المياه الذي كان مقررًا عقده في مارس 2021.   هذا وتواجه العديد من المجتمعات في حوض نهر السند  ندرة المياه في ظل أنماط الاستخدام والتخزين الحالية، وبحسب وكالة ناسا، يعد حوض السند ثاني أكثر طبقات المياه الجوفية التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، إذ تعتمد باكستان على مياه السند بشكلٍ كامل، مما يجعل باكستان واحدة من أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي في العالم، وفي هذا الإطار، يمثِّل الاستهلاك المفرط لموارد المياه الجوفية المحدودة تحديًا كبيرًا في حوض السند على المدى الطويل، ومن المتوقّع أن تنخفض تغذية المياه الجوفية بشكل كبير، وفي الوقت نفسه، من المتوقَّع أن يرتفع إجمالي الطلب على المياه في باكستان من 163 كيلومترًا مكعبًا في عام 2015 إلى 225 كيلومترًا مكعبًا في عام 2050، ومن ناحية أخرى، قد يزيد نضوب المياه الجوفية في شمال الهند، حيث من المرجَّح زيادة نضوب المياه الجوفية بنسبة تصل إلى 75٪ في عام 2050، مما يضع مزيدًا من الضغط على الأجزاء العليا من نهر السند.  وقد دفعت مشروعات الهند لبناء السدود على منابع النهر إلى إشعال الصراع مجددًا في السنوات الأخيرة، في ظل معارضة باكستان بموجب المعاهدة الموقَّعة بين الطرفين لمشروعات البنية التحتية على منبع النهر الذي يعتبر المصدر الرئيس للمياه العذبة لديها، وفي ضوء ذلك، يهدد الصراع الإقليمي حول كشمير بتقويض المعاهدة، كما يمكن أن تؤدي الآثار المتفاقمة لتغير المناخ على الأنهار الجليدية في منابع نهر السند إلى زيادة احتمالية تهديد الأمن المائي طويل الأجل للدولتين؛ إذ يُتوقَّع تضاؤل عدد الأنهار الجليدية في الهيمالايا، التي تغذي حوض السند في السنوات القادمة، مما قد يؤدي إلى تراجع الموارد المائية، كما أنه من المتوقَّع عدم انتظام سقوط الأمطار الغزيرة الموسمية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين الهند وباكستان حول قضايا توزيع وإدارة المياه في المستقبل، ويبرز دور المياه في الصراعات المقبلة بين الجارتين النوويتين. النزاع المائي بين الهند والصين تمتلك هضبة التبت احتياطات هائلة من المياه العذبة، وتدّعي الصين ملكية هذه المياه للتحكم في منابع أنهار جنوب آسيا، وهي أنهار: السند، والجانج، وبراهمابوترا، وإيراوادي، وسالوين، ويانجتسي، وميكونج، والتي تتدفَّق إلى كلٍ من باكستان، والهند، وبنجلاديش، وميانمار، ولاوس، وفيتنام، وتحصل الهند على ما يقرب من نصف هذه المياه بنسبة 48٪.  وينشأ الخلاف الرئيس على الموارد المائية بين الصين والهند بشأن نهر براهمابوترا، والذي يتدفق لأكثر من ألفي ميل عبر الصين والهند وبنجلاديش في رحلته من جبال الهيمالايا إلى خليج البنغال.     يقوم الخلاف بين الطرفين بسبب قيام الصين ببناء خمسة سدود على النهر، وهو ما أدى إلى جفاف النهر في 27 فبراير 2012؛ حيث أعلنت الهند أن هذا الجفاف نتج عن السد الذي تم بناؤه من قِبل الصين على منبع النهر، كما تنامت مخاوف الهند من إمكانية قيام الصين بتحويل مجرى النهر إلى أراضيها باستخدام تقنيات التفجير الاتجاهي "directional blasting techniques".كذلك اتهمت الهند الصين بإخفاء بيانات هيدرولوجية عمدًا عن نهري براهمابوترا وسوتليج، مما تسبب في تعريض ولايتين هنديتين "آسام" و"أوتار براديش" للضرر بسبب موجة الفيضانات التي ضربتهما.  وتجدر الإشارة إلى قيام الصين بمنع تدفق نهر شيبوكو، أحد روافد نهر براهمابوترا، ومنع تدفُق نهر جالوان، أحد روافد نهر السند، في أعقاب الاشتباكات الحدودية التي وقعت بين الهند والصين في مايو2020، ممّا أدى إلى تغيير المسار الطبيعي للنهر ومنعه من دخول الأراضي الهندية.  وعلى الرغم من الخلافات المائية المستمرة بين البلدين، لا يوجد حتى الآن أي اتفاق رسمي لتقاسم مياه الأنهار العابرة للحدود؛ نظرًا لاستمرار رفض الصين للخضوع للقوانين الدولية لتسوية نزاعات استخدامات الأنهار الدولية، ولا يتم الاعتماد سوى على اجتماعات الخبراء الدورية، وبعض الاتفاقيات الخاصة بتبادل البيانات الهيدرولوجية، والتي تخترقها الصين دائمًا كما حدث عام 2017.   وفي هذا السياق، ترجِّح بعض الآراء احتمالية أن يؤدي استمرار الصين في بناء السدود على النهر إلى نشوب حرب على المياه بينها وبين الهند، خصوصًا مع إخفاء الصين لكل البيانات المتعلقة بالسدود، هذا ويرى البعض أن الهدف الرئيس للصين من هذه الممارسات هو الضغط على الدول المشاطئة للنهر لتحقيق مكاسب وتنازلات سياسية.   الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا تشير بعض الإحصاءات إلى أن إفريقيا -بصفة عامة- قد شهدت نحو 26% من إجمالي الصراعات المائية عالميًا خلال السنوات العشر المنصرمة، ويُعتبر إقليم جنوب إفريقيا أحد الأقاليم الخمسة التي تتألَّف منها القارة -ويضم كلًا من أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وناميبيا، وجنوب إفريقيا، وسوازيلاند، وزامبيا، وزيمبابوي- وقد شهدت الدول سالفة الذكر صراعات عديدة على الموارد المائية على مدار العقود الماضية، وهذه الصراعات عادةً ما يكون لها صبغة دينية أو إثنية، وذلك بالنظر إلى الفوارق التي كرَّستها الحقبة الاستعمارية فضلًا عن اللامساواة في توزيع الموارد والثروات بين دول الإقليم وبعضها البعض، ونظرًا للحجم الهائل للأنهار في هذه المنطقة؛ إذ تتشارك دول إقليم جنوب إفريقيا في 15 حوضًا نهريًّا، كانت هناك العشرات من الصراعات المائية بين دول الإقليم.  وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دولة جنوب إفريقيا التي تعاني نقصًا شديدًا في مواردها المائية بسبب ضعف البنية التحتية، ومن المؤشرات الدالة على حالة العجز المائي الشديد الذي تعاني منه هو "اليوم صفر" (Day Zero) في عام 2018، حينما شهدت مقاطعة كيب تاون انخفاضًا ملحوظًا في منسوب المياه في السدود والقنوات قاد إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار بالبلاد.  بصفة عامة، نجح الإقليم في احتواء صراعاته المائية، واتجه نحو تعزيز التعاون في مجال إدارة الموارد المائية، ويعزي هذا النجاح إلى عدة عوامل، من أبرزها الندرة المائية التي تعاني منها دول الإقليم، ومن ثمَّ إدراك أهمية تطبيق مبدأ "تبادل المنفعة" (benefit sharing)؛ ذلك لأن الصراع لن يؤدي إلى مزيد من الخسائر، كذلك برز دور الشركاء الدوليين، والمنظمات والدول المانحة كالاتحاد الأوروبي في تسوية هذه الصراعات، وتحفيز التعاون بين هذه الدول في مجال تنمية وإدارة الموارد المائية، وهو أحد الأهداف الرئيسة لمجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (SADC)، وهي إحدى المنظمات الإقليمية الفرعية في إفريقيا.     أبرز الأمثلة على الصراعات المائية في إقليم جنوب إفريقيا: -الصراع بين بتسوانا وناميبيا كانت الجزيرة المعروفة بـ "سيدودو" (Sedudu) لدى بتسوانا، والمعروفة بـ "كاسيكيلي" (Kasikili) لدى ناميبيا محل نزاع كبير بين الدولتيْن، وهي جزيرة واقعة على نهر تشوبي (Chobe) وتبلغ مساحتها نحو 3,5 كيلومترات مربعة. تعود جذور النزاع بين الجانبيْن على الجزيرة إلى معاهدة برلين الموقَّعة عام 1890، والتي على أساسها تمَّ تقسيم الحدود الإفريقية تقسيمًا لا يراعي الاعتبارات الإثنية، مما قاد إلى اندلاع الصراعات الحدودية، واحتدم الصراع بينهما إلى حد التهديد باستخدام القوة العسكرية؛ ولذلك اتفق الطرفان في عام 1996 على اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، وفي عام 1999، كان الحكم الصادر لصالح بتسوانا؛ إذ اعترفت المحكمة بسيادتها على جزيرة سيدودو/ كاسيكيلي، ولاقى هذا الحكم ترحيبًا لدى الجانبيْن. وتتعاون ناميبيا وبتسوانا –بالإضافة إلى أنجولا- في مجال إدارة الأنهار العابرة للحدود؛ ولعل أبرز الأمثلة الدالة على ذلك، اجتماع الدول الثلاث في 3-4 يونيو 2019 لمناقشة التعاون العابر للحدود، وسبل الحفاظ على موقع التراث العالمي لدلتا نهر أوكافانجو (Okavango) بدعم من اليونيسكو، انطلاقًا من رغبة الدول الثلاث في حماية الموارد المائية للنهر، وكذلك تحقيق التنمية المستدامة للإقليم. سد النهضة الإثيوبي بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي عام 2011، بالتزامن مع توقيع ست من دول حوض النيل (إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وكينيا، وبورندي) الاتفاقية الإطارية لإعادة تقاسم مياه النيل (اتفاقية عنتيبي)، وهو الأمر الذي رفضته مصر كدولة مصب؛ حيث يؤثر ذلك على حصتها التاريخية من مياه النيل، وبالتالي يؤثر على أمنها المائي.  يقع السد على النيل الأزرق بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية، على مسافة تتراوح ما بين 20 و40 كيلومتر، وهو واحد من ثلاثة سدود تُشيَّد لغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. تعتمد كل من مصر والسودان (دولتي المصب) على نهر النيل بشكل أساسي؛ حيث يمثِّل النهر حوالي 72.6% من إجمالي الموارد المائية المتاحة في مصر، ويحتل قطاع الزراعة المرتبة الأولى فيما يتعلق باحتياجات مصر المائية؛ إذ تشغل نحو 81.45%، وتليها في المرتبة الثانية مياه الشرب، حيث تبلغ نسبتها نحو 12.13% من إجمالي احتياجات مصر المائية.  ويمثِّل بناء سد النهضة الأثيوبي مخالفة صريحة للعديد من أحكام الاتفاقيات الدولية للمياه؛ حيث يخالف كلٍ من المادتين (11، 62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بشأن خلافة الدول في المعاهدات لسنة 1978، فضًلا عن إخلاله بالعديد من المبادئ الحاكمة لاستخدامات المياه المشتركة بين الدول، كمبدأ الانتفاع المنصف والمعقول من مياه النهر الدولي، والإخطار المسبق بإقامة مشروعات على النهر الدولي، واحترام الحقوق التاريخية المكتسبة بموجب القانون الدولي العام.  وعلى هذا النحو، تتمثّل نقطة الخلاف الأبرز بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا من ناحية أخرى حول الفترة المقررة لملء السد، بالإضافة إلى وجوب توقيع اتفاق مُلزم لتحديد قواعد ملء وتشغيل السد، وآلية فض المنازعات بين الدول الثلاث حال نشوبها. ويعد الإعلان الإثيوبي عن الملء الثاني للسد بشكل أحادي، تصرف غير مسؤول، ويشكِّل مخالفة صريحة لأحكام إعلان المبادئ الموقَّع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الأمر الذي قد يعِّرض مصر والسودان كدولتي مصب لمخاطر كبيرة، خاصة إذا تزامن ذلك الملء مع فترات الجفاف. وفي ضوء تعنُّت الجانب الإثيوبي، وإجهاضه لجهود الوسطاء الدوليين والأفارقة لحل أزمة السد، تؤكد مصر على التزامها بالحفاظ على حقوقها المائية، باعتبارها مسألة تمس أمنها القومي.   بيع المياه.. قضية خلافية على المستوى الدولي لم يتم التوسع في منظومة تجارة المياه بشكل كبير حيث يقتصر الأمر في أغلب الأحيان على استيراد المياه بشكل ثنائي بين دولتين أحدهما تمتلك مجموعة من الأنهار الداخلية التي تمكنها من بيع المياه الفائضة دون وجود نزاع قانوني مع دول أخرى أو انتقاص من حقوقها المائية أو تعارض مع حقوقها القانونية، مقل قيام روسيا ببيع المياه لكل من أوزبكستان وكازاخستان. يمثِّل الصراع حول تأييد أو رفض بيع المياه أحد مؤشرات الصراع المائي بين دول حوض النيل؛ حيث تنقسم دول المنبع والمصب بين مؤيد ومعارض لذلك المبدأ، وهنا نجد أن هناك مطالبات متجددة من دول المنبع خاصة تنزانيا وكينيا وإثيوبيا برفض اتفاقيات مياه النيل السابقة، واعتبار أن هذه المياه ملكًا لها، ولها الحق ليس فقط في احتجازها وإنما في بيعها لدول المصب مصر والسودان. وتأتي دوافع ذلك التوجه في ظل ما أصبحت تحظى به مسألة بيع المياه من قبول دولي في أعقاب إقرار "مبادئ دبلن"، والتي تضمنت تأكيدًا على اعتبار المياه سلعة اقتصادية، هذا بالإضافة إلى تراجع مستويات المعيشة في دول المنبع، وهو الأمر الذي يجعلها تدفع نحو بيع المياه. أما مصر فقد تبنَّت موقفًا رافضًا بشدة لطرح فكرة بيع المياه، انطلاقًا من أن المياه ليست سلعة استراتيجية عادية ولا ينطبق عليها مبدأ البيع، كما أن بيع المياه يأتي في حالة وجود فائض، وهو الأمر غير المتوفر لدول حوض النيل، إلا في حالة تخزين المياه، وهو ما تسعى إثيوبيا إلى القيام به من خلال سد النهضة.   في ضوء الجهود المصرية المتواصلة لتعظيم الاستفادة من الموارد المائية، سعت مصر للتحرك على أكثر من مسار، شمل تعزيز البنية التحتية، وإنشاء المزيد من محطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، بالإضافة إلى الجهود التوعوية، وفي هذا الإطار، شهد شهر مايو افتتاح الرئيس "عبد الفتاح السيسي" محطة مياه الشرب الفرعية الجديدة في بورسعيد، في الحادي عشر من مايو، والتي تعمل بنظام آلي كامل، وبسعة 80 ألف متر مكعب لمياه الشرب، لتصبح الطاقة الإجمالية لمحطة المياه 180 ألف متر مكعب يوميًّا، مما يكفي احتياجات مدينة بورسعيد حتى عام 2038، وبتكلفة 180 مليون جنيه مصري، وقد صُمِّمت المحطة على أحدث التقنيات العالمية في مجال معالجة مياه الشرب، بحيث تضمن العمل بكفاءة عالية، وإنتاج مياه بجودة تفوق المواصفات القياسية العالمية. كما اجتمع السيد الرئيس، في التاسع والعشرين من مايو، مع الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لاستعراض خطة الدولة الاستراتيجية في مجال محطات تحلية مياه البحر، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المياه الناتجة عن كافة محطات المياه المتنوعة سواء للمعالجة أو للتحلية، وكذلك لتوطين مكونات تكنولوجيا تحلية المياه في مصر؛ سعيًا لامتلاك القدرة في هذا المجال، مع الاستمرار في مزيد من الدراسات والتجارب للوصول إلى أفضل النتائج.   1-تحلية المياه في إطار تجديد الموارد المائية وتنويعها تأتي تحلية مياه البحر كضرورة لتوفير المياه في مصر، خاصة مع توافُر العناصر اللازمة لعملية التحلية، وهي: وقوع مصر على البحر المتوسط والأحمر كمصدرين لمياه البحر، وتمتُع مصر بسطوع الشمس معظم أوقات السنة، ووفرة الرمال كمكونات أساسية في إنتاج الخلايا الشمسية اللازمة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، إلى جانب توافُر الأيدي العاملة. تحلية المياه هي عملية لفصل الأملاح عن المياه المالحة، لكي تصبح صالحة للشرب، وهناك عدة طرق للتحلية: التقطير الغشائي Membrane distillation: حيث يتم تعريض المياه لأشعة الشمس، ثم تجميع بخار الماء الذي انطلق نتيجة عملية التبخر إلى داخل أوعية باردة، حيث يتم تكثيف البخار فيها. التجميد: عبر تبريد المياه المالحة حتى تتجمد، ثم فصل الأملاح عن كتل الجليد. "التناضح العكسي" Reverse Osmosis: وهي الطريقة الأكثر شيوعا، ولكنها تستهلك كميات كبيرة من الكهرباء، وتتم عملية التحلية من خلال دفع المياه إلى خزان التغذية داخل محطة التحلية عن طريق مواسير تحت الأرض، ثم إلى فلاتر رملية تتكون من عدة طبقات من الرمل والزلط بأحجام مختلفة لتنقية المياه الخام من الشوائب التي تعلق بسطح الفلاتر وفى القاع تكون المياه النقية، التي تُنقل إلى الفلاتر الميكرونية الدقيقة، التي تحتوي على شمع ميكروني لتنقية المياه وتقليل نسبة العكارة، ثم يتم تعقيمها بالكلور لضمان عدم نمو الطحالب الصغيرة بالخزان. تقنية Pervaporation: ظهرت تكنولوجيا مصرية طورها مجموعة من الباحثين في جامعة الإسكندرية، يمكنها تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب بتكلفة منخفضة، عبر استخدام مواد محلية اعتمادا على تقنية تسمى Pervaporation التي تعمل على تصفية المياه عبر أغشية صناعية لإزالة المواد العالقة الكبيرة من المياه أولا، ثم يتم تسخين الماء حتى التبخر، ولإزالة الأجسام الصغيرة يتم تكثيف المياه لإنتاج مياه نظيفة صالحة للشرب، وهي تعد أفضل وأقل تكلفة من التناضح العكسي. التحلية بالامتزاز Adsorption Desalinatio: موفرة للطاقة، وتمّت الموافقة على إنشاء أول محطة تَستخدم تلك التقنية في السعودية، حيث تُستخدم الطاقةَ الشمسية المباشرة، أو فائض الحرارة من التطبيقات الصناعية في تحلية المياه. تقنية الضغط الأسموزي الأمامي Forward osmosis: بصورة مباشرة، أو غير مباشرة؛ أوفر في استهلاك الطاقة، وتخلِّف قدرا أقل من القاذورات على أسطح الأغشية، مع إمكانية الإزالة الكاملة للملوثات. تقنية "النانو فيلتريشن" Nanofiltration: أعلنت الدوائر العلمية الإسرائيلية عن ابتكار لتخفيض تكلفة تحلية مياه البحر عن طريق استخدام ألواح الطاقة الشمسية في تشغيل المضخات من خلال أغشية "النانو فيلتريشن" التي تمكن المزارعين من تحديد المعادن المطلوب الإبقاء عليها من الماء لتغذية مختلف أنواع المحاصيل وهي طريقة تتطلب قدرًا قليلًا من الطاقة. ويعتمد مستقبل تحلية المياه على الخلط بين التقنيات القائمة والجديدة، وبالتالي تظهر أهمية دراسة جدوى ومدى إمكانية تطبيق الابتكارات المصرية الجديدة في مجال التحلية، بالإضافة إلى الاستفادة من تجارب دول المنطقة في هذا المجال لتحلية المياه بأقل تكلفة ممكنة.    2-معالجة مياه الصرف الصحي  3-تطوير البنية التحتية عملت وزارة الموارد المائية والري على تنمية وتطوير البنية التحتية المائية، من خلال إقامة العديد من المشروعات القومية، على رأسها:     تم الانتهاء من تأهيل ١٧٦٠ كيلومتر من الترع، والعمل على تنفيذ ٥٣٦٣ كيلومتر، وتوفير الاعتمادات لـ ١١٠٣ كيلومتر أخرى، بإجمالي ٨٢٢٦ كيلومتر من الترع، كما تم تحويل ٣٢٥ ألف فدان لأنظمة الري الحديث، وطلبات للتحول للري الحديث بزمام ٨٥ ألف فدان، ومن أمثلة الترع التي تم تطويرها:     تم البدء في تأهيل جميع المساقى الخصوصية وتطبيق أنظمة الري الحديث بالتزامن مع تأهيل الترع بمحافظة القليوبية (كمرحلة أولى)، وطرح أعمال تأهيل لعدد (١٢٢) مسقى بمحافظة القليوبية بأطوال تصل الى (١٠٦) كيلومتر بتكلفة ١٨٠ مليون جنيه.   4-فاعليات أسبوع القاهرة للمياه  يعتبر "أسبوع القاهرة للمياه" بمثابة الحدث الأبرز من نوعه في مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية، وهو عبارة عن سلسلة من المؤتمرات التي بدأت في عام 2018، في ضوء الجهود المصرية لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على موارد المياه، ودعم التواصل بين المنظمات والجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بقطاع المياه، وتشجيع الابتكارات المعنية بمواجهة تحديات المياه، تزامنًا مع الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية المصرية لقضية المياه؛ باعتبارها أحد أهم مقتضيات التنمية المستدامة.      وحقق هذا الحدث نجاحًا كبيرًا في دورته الأولى والثانية والثالثة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 2018 و2019 و2020؛ حيث شَهِدَ مشاركة واسعة من جانب المنظمات والجهات الدولية، ومن المُقرَّر انطلاق الدورة الرابعة لـ "أسبوع القاهرة" للعام الحالي 2021، خلال الفترة من 24 - 28 أكتوبر القادم تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية، بعنوان "المياه والسكان والتغيرات العالمية: التحديات والفرص"، وسيتم التركيز للمرة الأولى على بعض القضايا المحورية، وعلى رأسها تأثير الزيادة السكانية على الإدارة المشتركة للأنهار العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وسيتم السماح بالمشاركة عن بعُد عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".    أرقام هامة  المصدر مؤشر ساعة الندرة المائية  يصدُر المؤشر عن موقع "world data lab"، وهي مؤسسة غير ربحية تضم عدد من الخبراء من مجالات مختلفة؛ لمساعدة المؤسسات على استغلال إمكاناتها في اتخاذ القرارات الصحيحة، يتم تمويلها من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي "GIZ"، ممثلة عن الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية في ألمانيا، وبالشراكة مع المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA).        يدرس المؤشر عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن ثمَّ يمكن استكشاف الأجزاء المتأثرة من العالم من خلال الخريطة التفاعلية، كما يمكن مقارنة توافر المياه واستخدامها بين الدول. الهدف من المؤشر هو زيادة الوعي العالمي بواقع المياه كمورد محدود وتزويد صانعي القرار بمعلومات دقيقة وقابلة للتنفيذ للعمل على تحقيق هدف الأمم المتحدة السادس للتنمية المستدامة على الصعيد العالمي. يُقسِّم المؤشر العالم إلى مناطق صغيرة، يتناول خلالها عدد السكان وتوافر المياه بشكل عام، وبناءً على هذه البيانات، يحسب متوسط ​​توافر المياه للفرد سنويًا لكل منطقة، ومن ثمَّ تحديد متوسط توفر المياه لكل دولة، وبناءً عليه يتم تحديد المتوسط العالمي. كما يتم حساب النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق التي يبلغ متوسط ​​توافر المياه فيها أقل من 500 م3، وما بين 500 م3 إلى 1000 م3، وكذلك ما بين 1000 م3 إلى 1700 م3، ثم أكثر من 1700 م3. ولحساب التغيرات المناخية الطبيعية الصغيرة على مر السنين، يستخدم المؤشر المتوسطات المتجددة لتوافر المياه لمدة 10 سنوات؛ لتقديم توقُّعات أكثر دقة لندرة المياه. ويتناول المؤشر توافر المياه في الدول من خلال ثلاث مؤشرات فرعية، وهي الإجهاد المائي، والندرة المائية، والندرة المائية التامة، وهو ما سيتم توضيحه في الجدول التالي؛ للمقارنة بين الوضع الحالي في عام 2020، والتوقُّعات الخاصة بعام 2030.           المصدر    :Ending Conflicts Over Water   Solutions to Water and Security Challenges     أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:   دراسة حالة العراق  أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف. حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق. كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه. على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة.  أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في: تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات. وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران. عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية. سوء الإدارة. الفساد. تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.  دراسة حالة إيران  أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها.  في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق.  عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي: نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة.  تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار. استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.  دراسة حالة الهند  تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي.  تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط.  الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري. أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك:  في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف. في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه.  شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.   عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند:  ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة. التقلب في هطول الأمطار.  تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060. عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة. سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.  دراسة حالة الساحل الإفريقي  أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين. ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط.  في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف. حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا.  عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي:  الرعي الجائر. التغيرات المناخية والهيدرولوجية. هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.  دراسة حالة اليمن  لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه. منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم. انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي. عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن:  معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي. انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة. استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.   المصدر



أصدر معهد الموارد العالمية (WRI) تقريرًا بعنوان "إنهاء الصراعات على المياه: حلول لتحديات الأمن المائي" (Ending Conflicts Over Water Solutions to Water and Security Challenges) في سبتمبر 2020، تناول عددًا من دراسات الحالة الخاصة بالفقر المائي والصراعات الناتجة عنه، وفي هذا الصدد، ناقش التقرير حالات انعدام الأمن المائي في عدد من الدول حول العالم، وهي العراق وإيران والهند والساحل الإفريقي، واليمن، وفيما يلي أبرز النتائج التي خلص إليها التقرير:
 
دراسة حالة العراق 
أدى التدهور الشديد في جودة المياه في جنوب العراق إلى اندلاع مظاهرات ضد الحكومة، وفي كثير من الأحيان تحولت هذه المظاهرات إلى أعمال عنف.
حيث تسبب النقص في المياه في نهري دجلة والفرات في تدفق المياه المالحة من الخليج العربي، مما أدى إلى تدمير مصادر المياه العذبة والأراضي الزراعية في جنوب العراق.
كذلك تدفقت مياه الصرف الصحي غير المعالجة في جميع أنحاء العراق إلى نهري دجلة والفرات، مما أثر بشكل كبير على جودة المياه.
على مدار عام 2018، تسببت المياه الملوثة في تسمم ما يقرب من 120 ألف شخص في جنوب العراق، مما استدعى نقلهم إلى مستشفيات مدينة البصرة. 
أوضح التقرير 6 أسباب وراء استمرار الفقر المائي، ومن ثمّ الصراع المائي في جنوب العراق، تتمثل في:
تزايد عدد السكان، وتزايد الطلب على المياه في جميع البلدان التي تشترك في حوض نهري دجلة والفرات.
وجود سدود جديدة عند منبع النهرين، مما أدى إلى تحويلات المياه لصالح تركيا وإيران.
عدم الترشيد في استخدام المياه في الزراعة والمناطق الحضرية.
سوء الإدارة.
الفساد.
تدمير البنية التحتية للمياه على مدى عقود من العنف.
 دراسة حالة إيران 
أصبحت المياه سببًا للنزاع في مناطق شرق إيران وغرب أفغانستان، والتي تشترك في نهر هلمند (Helmand)، وقد شهدت هذه المناطق وقوع أعمال عنف بشأن تخصيص المياه واستخدامها. 
في جنوب غرب إيران، أدى سوء نوعية المياه بسبب التلوث ودخول المياه المالحة من الخليج العربي، إلى اندلاع احتجاجات بين الحين والآخر، وهي ذات المشكلات المائية الموجودة في جنوب العراق. 
عرض التقرير 3 دوافع رئيسة تفاقم مخاطر الفقر المائي:
نمو سكاني سريع في مناطق ذات موارد مائية فقيرة. 
تقاسم مصادر المياه في إيران مع البلدان المجاورة، دون وجود اتفاقيات دولية فعالة لتنظيم إدارة واستخدام المياه في أحواض الأنهار.
استمرار الاضطرابات بشأن التفاوتات في توزيع المياه.
 دراسة حالة الهند 
تعد الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم، إذ يواجه 54% من الهنود مستويات عالية من الإجهاد المائي. 
تشهد الهند تباينًا موسميًّا في إمدادات المياه؛ حيث تسقط حوالي 50% من الأمطار في البلاد في 15 يومًا فقط، وأكثر من 90% من تدفقات الأنهار تحدث في أربعة أشهر فقط. 
الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية في العالم، والتي تمثل 80% من مياه الشرب في البلاد، وما يقرب من ثلثي احتياجات الري.
أصبحت المياه محفزًا للصراع في الهند بسبب تناقصها؛ حيث أصبحت سببًا للمظاهرات وأعمال العنف والنزاعات بين الولايات في الهند خلال السنوات الخمس الماضية، ومن مظاهر ذلك: 
في عام 2017، وصل الصراع السياسي إلى ذروته بين ولايتي ماديا براديش وجوجارات حول تقاسم المياه من نهر نارمادا، وقد تبع ذلك قيام احتجاجات في كل من الولايتين بسبب تزايد ظاهرة الجفاف.
في عام 2019، نظّم 50 ألف مزارع في ولاية ماهاراشترا (Maharashtra) مسيرة سلمية في مومباي بسبب عدم قدرة الحكومة الهندية على سد احتياجات سكان الولاية من المياه. 
شهدت مدينة تشيناي (Chennai)، سادس أكبر مدينة في الهند، مستوى منخفضًا للغاية من المياه في عام 2019 بعد نقص هطول الأمطار في عامي 2017 و2018، مما أدى إلى خروج تظاهرات وأعمال عنف.  
عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في الهند: 
ارتفاع الطلب على المياه مقارنة بالإمدادات المتاحة.
التقلب في هطول الأمطار. 
تزايد النمو السكاني، مع توقعات باستمراره حتى عام 2060.
عدم كفاءة استخدام المياه في الزراعة.
سوء إدارة المياه والصراع بين السياسات الوطنية والسياسات المحلية.
 دراسة حالة الساحل الإفريقي 
أدت ندرة موارد المياه إلى وقوع أعمال عنف بصورة متكررة وشديدة بين المزارعين والرعاة المحليين.
ويُعد تصاعد العنف في مالي من أبرز المظاهر الدالة على أن المياه باتت سببًا للنزاعات في منطقة الساحل الإفريقي، فقد أدى نقص المياه إلى تأجيج الصراع بين رعاة الفولاني (Fulani herders) ومزارعي دوجون (Dogon) وبامبارا (Bambara) وصيادي البوزو (Bozo) في منطقة موبتي في عام 2019 وعام 2020، وقد قُتل أكثر من 150 شخصًا في وسط مالي جرّاء هذا التصعيد في عام 2019 فقط. 
في عام 2018، قُتل أكثر من عشرة أشخاص في شمال كينيا بالقرب من منطقة "مارسابيت" (Marsabit) عندما تحول النزاع على المياه والأراضي بين الرعاة والمزارعين إلى أعمال عنف.
حذّر التقرير من خطورة النزاع على المياه في منطقة الساحل الإفريقي، وذلك بسبب تنامي التطرف الديني، مما يعني أن المياه ستكون عاملًا إضافيًّا لمزيد من الصراعات العرقية والدينية في إفريقيا. 
عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في منطقة الساحل الإفريقي: 
الرعي الجائر.
التغيرات المناخية والهيدرولوجية.
هشاشة المؤسسات مما يصعب حل النزاعات.
 دراسة حالة اليمن 
لا تعاني اليمن من ندرة المياه كمحفز للصراع، وإنما من الانقسام والتفكك منذ عام 2015، وقد تسبب الصراع في استهداف مرافق المياه ومحطات تنقية المياه وأنظمة التوزيع والآبار وصهاريج المياه (خزانات مياه متنقلة) وخطوط الأنابيب ومعدات حفر المياه.
منذ عام 2015 وحتى عام 2019، أشار التقرير إلى وقوع أكثر من 100 هجوم على البنية التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، مما أسفر عن حرمان آلاف الأشخاص من الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب، وأدى ذلك إلى تفشي الأمراض على نطاق واسع بداية من عام 2016 وحتى اليوم.
انهيار أنظمة المياه والصرف الصحي تسببت في حرمان 14,5 مليون شخص من الوصول الآمن إلى المياه النظيفة والصرف الصحي.
عرض التقرير عدة دوافع تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفقر المائي في اليمن: 
معاناة المناطق المكتظة بالسكان في اليمن من مستويات عالية أو عالية للغاية من الإجهاد المائي.
انخفاض مناسيب المياه الجوفية في المدن الرئيسة.
استغلال الأطراف المتحاربة موارد المياه في الصراع على حساب المدنيين.
google-playkhamsatmostaqltradent