recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة " الجزء السادس عشر"

الصفحة الرئيسية


الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة " الجزء السادس عشر"

إعداد- محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس عشر مع الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة، وتأمل العقلية الفرعونية الطاغية التي تتجدد في كل عصر وتجتهد في قلب الحقائق، فكان فرعون يزعم أنه يحافظ على دين قومه من تبديل موسى عليه الصلاة والسلام أو إظهاره الفساد في الأرض، وهكذا هي سنة المفسدين في كل عصر، يعترضون طريق المصلحين ويشوهون صورتهم، ويزعمون أنهم وحدهم الدعاة إلى الإصلاح والنهضة في المجتمع، على الرغم من أن مشروعهم في الحقيقة لا يعدو أن يكون إفسادا للمجتمع وتشويها لهويته ومنهاجه، فكانت هذه هى بعض صفات المفسدين، وعندما نقرأها بعين واعية ونتأمل أخبار المفسدين عبر التاريخ الماضي أو الحاضر، أيا كانت مواقعهم، فسنجد اجتماع المفسدين على التخلق بهذه الصفات المذمومة. 







ليصدق عليهم قول الله جل شأنه كما جاء فى سورة الذاريات " أتواصوا به بل هم قوم طاغون " ولقد سقطت البلاد العربية في مستنقعات الفساد ردحا طويلا من الزمن، واستضعف المفسدون شعوبهم، فأسرفوا في التعدي على حرمات الدين وحقوق المجتمع وكرامة الإنسان، وتحول الفساد في كثير من الأحيان من ممارسات شاذة محدودة لبعض الناس إلى مأسسة له وتبن لنواديه ورعاية لمنابره، ولهذا كان واجب المصلحين حقا أن يواجهوا أولئك السفهاء، ويأخذوا على أيديهم، ويبصروا المجتمع بمخازيهم، امتثالًا لقول الله عز وجل كما جاء فى سورة هود " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد فى الأرض" وقوله عز وجل كما جاء فى سورة الشعراء "الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون" 








فإذا تأملت الآيات التي ذكر الله فيها الإفساد فنجد أن الله عز وجل إذا ذكر الإفساد بهذا اللفظ نفى الإصلاح ، أو ذكره معـه، لنعلم أن المفسدين يـفسدون في الأرض ولا يصلحون، ولعلنا نتتبع الآيات التي ورد فيها ذكر الإفساد لنتعرف على أنواع الإفساد وصوره ومنها الشرك بالله فهو إفساد، فقال الله تبارك وتعالى " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانون يفسدون" فهؤلاء جمعوا بين إفسادين، وهما كفر بالله، وصد عن سبيل الله، فقال سبحانه وتعالى " ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين " وكذلك النفاق فهو إفساد في الأرض، ولقد قال الله تبارك وتعالى " وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون " 







وأيضا تكذيب الرسل فهو فساد، فقال الله تبارك وتعالى عن آل فرعون "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين" وقال سبحانه وتعالى عن قوم صالح ، وأن صالحا قال لهم " ولا تطيعوا أمر المفسدين، الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون " ويدخل فيه الصد عن سبيل الله، فقال الله تبارك وتعالى "ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين" وكذلك فإن اللجـوء إلى غير الله تعالى ودعاء الأموات إفساد، وكذلك فإن قتل النفس إفساد ، وتعظم الجريرة إذا كان المقتول مصلحا، كما قال الله تبارك وتعالى "وكان فى المدينة تسعة رهط يقسدون فى الأرض ولا يصلحون" 










وإن اشترك القوم بالرأي والمكيدة ، فهو إفساد الطبقة المتنفذة المتسلطة ، ولذا قال سبحانه وتعالى " قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون" ومعنى التبييت هو قتله ليلا، فهم خفافيش الظلام التي يبهرها النور فلا تستطيع أن تتحرك وتعمل إلا تحت جُنح الظلام، وكذلك فإن قتل الأنفس البريئة إفساد، وكذلك فإن بخس الموازين والتطفيف بالكيل إفساد، فقال الله تبارك وتعالى على لسان شعيب عليه السلام " فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها " وكذلك فإن التقاطع في الأرحام وعدم وصلها فهو إفساد فقد قال الله تبارك وتعالى " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم " وكذلك فإن نقض العهد، وعدم الوفاء به.







google-playkhamsatmostaqltradent