بقلم:مصطفى محمد كبار
سأذكرك
كلما جلست في الصباح
على فراشي
و أمسكت بفجان قهوتي
لأشربه لوحدي
سأذكرك
و كلما شممت رائحتك مع
طعم الهال الطيب
و رأيت صورتك تبتسم
لي من داخل فنجاني
سأتذكرك
سأذكرك
عندما أفتح نافذتي
و أرى الشمس تمشط خيوط
شعرها الذهبي بكل
صباح بدفئها للطيور
سأتذكرك
و كلما العصافير غردت
للزهور
و هي ترقص مع الفراشات
بأحلامها الجميلة
بين حقول السنابل التي
تتراقص مع نسمات الهواء
الخفيفة أمام البيت
سأتذكرك
في أحاديثي أينما
جلست و أينما ذهبت
سأتذكر يوما كنا نمشي
معاً
بحديقة العشاق و يدي
بيديك
و الغزل كان حديثنا
الدائم
و عندما كنا نتسابق و نركص
بين سنابل القمح أنا و
أنت
و عندما كنا نلحق الفراشة
الهاربة أمامنا و نلعب في
الحقل بين دوار الشمس
كالمراهقين
و ذاك الحرفين حرف اسمي
و اسمك
على جذع الشجرة بداخل
قلب حب يوم كتبناها
و نحن نمسك بيد بعضنا
البعض بحرارة اللقاء
ألا تتذكر تلك اللحظات
الجميلة
فأنا أتذكرها مع الماء
و المطر
سأذكرك
كلما جلست لوحدي
لأمشي
عند شاطئ البحر و نظرت
للأمواج البعيدة
سأذكرك بذكرى قصتنا في
الأمس
و حبنا الذي كان يحملنا
فوق الغيوم لنلهو كأطفال
الصغار و نفرح مع
الموج
الآن أنا أمشي بسراب
وحدتي
على شواطئ الضياع
و قدماي تغرقها ملح
البحر بوحدتي
و تقيدني سلاسل الفراق
في الأسر الطويل
بين جدران ذاكرتي
الباكية
من الحرمان و ضجر
الوحدة
برفقة الأمواج القادمة من
أعماق موطنها
البعيدة
لتحكي لي سر الأعماق
الحزينة لأبكي على الغياب
من جديد
و كلما حلقت النوارس
فوق رأسي و هي تلعب
مع الريح فوق الأمواج
مع صوت الموج الباكي
الذي يلامس ثوب الرمال
الشاطئ بدموع
الغروب
و أنا أنظر نحو البعيد
للمراكب المسافرة تاركة
خلفها ذكريات
المكان
في وجع الساعات
و الثواني خلف
الغياب
سأتذكرك
كلما خفق قلبي وجعاً
و بكى طويلاً عليك
و بأنك عني رحلت
للبعيد و تركتني وراءك
دمعة يتيمة
سأذكرك
كلما جلست في المساء
بصحبة الأصدقاء
القدماء
و نحن نشرب بكؤوسنا
الفاخرة النبيذ
الأحمر لننسى جرحنا
و أنا أنظر للنجوم كيف هي
ذابلة بكآبتها
و عندما القمر تدير بوجهها
عني و هي حزينة
سأتذكرك يا حبيبي
سأذكرك
عندما أجلس في محطة
القطار في المدينة المنكوبة
من بعدك
لأبكي وراء سفرك
و أنا أنظر لسكة القطار
البعيدة التي تركت خلفها
ذكرى الرحيل
لتحرقني
سأتذكر يوم الوداع
الأخير و مرها
و سأتذكر
بأنه كان هنا نصفي الثاني
بيوم من الأيام
و رحل مع الريح و نام مع
جرحي خلف المسافات
الشاسعة خلف الإنكسار
سأذكرك
كلما جلست على
طاولتي أمام النافذة
و أمسكت بقلمي لأكتب
شيئاً ما يدور بخاطري
فالقصيدة تجرني نحوها
بحيرتي و حزني
و تكتبني ملحمة في الإشتياق
اليك
تعلقني حبال الشوق على
جدران الألم
كمحكومٍ نال حكم الإعدام
من قاضي حكم عليه
بالموت
سأذكرك
كلما وقفت أمام
المرآة و رأيت صورتي
وحيدة
و عيناي تملؤها الأسى
و الدموع تسقط على الأرض
و هي تنادي عليك
لماذا الغياب يا روحي
فانا لم أعد أتذكر سوى
رقصتنا بلحظات
الرومانسية
على ضوء الشموع
بغرفتنا
على انغام سيمفونية
مونامور و الإنسجام بين
عاشقين
سأذكرك
كلما كبرت المآذن الله
أكبر
سأبكي و أصرخ معها و
أقول الله أكبر عليك
الله أكبر على غيابك
فأنا اشتقت اليك
يا حبيبي
كما تشتاق المقابر
للأموات
فماذا عنك يا عمري
ألم تشتاق لحضني
و تبكي مثلي في
الغياب
سأذكرك
مهما جرحني الذاكرة
بذاكرتي
و طعن السكين بقلبي
على غيابك
سأتذكر بأني ميتاً بدونك
يا روحي الغائب
فالفراق يقتلني يا حبيبي
فمتى تعود لأحيا
من جديد بين أحضانك
و أخلع ثوب الكفن و
العذاب
فقد تعبت من مرارة
هجرانك يا عمري
فإرجع لحضني لأنام
و أرتاح تحت
ظلك الطويل
سأتذكرك