بقلم:محمد علي الشعار
ألا ليتَ الكبابَ يعودُ يوماً
فأُخبِرَهُ بما فعلَ الفلافلْ
لأيامٍ مضَيْنَ بدونِ وَعْيٍ
تُظلِّلُ فوقَ أرؤسِنا خمائلْ
لأيامٍ حملْنَ العمْرَ أمّاً
ولم يطلُبْنَ من أحدٍ مقابلْ
رفَسْنا النعمةَ البيضاءَ حتى
طَبعْنا حافراً فوقَ الفضائلْ
وكنّا نُطعمُ الأبقارَ خُبزاً
وتعتبرُ الشعيرَ من النوافلْ
ونُكرِمُ طيرَنا قمحاً مجيداً
وصِرتُ لحبَّةٍ نَخْرٍ أُناضلْ
وقفْنَ على حزامِ الخصرِ سِرباً
تُزقْزقُ فيهِ جَوقاتُ العنادلْ
وطاوٍ ما طوى للجرحِ وُسْداً
لنجمٍ صاعدٍ فيهِ ونازلْ
وُهِبتُ البدرَ مسفوحَ الليالي
لأبلغَ من مراقيها منازلْ !
وما خِلتُ المواقدَ خائناتٍ
ولا التنورَ مسروقَ السنابلْ
إلى أنْ جئتُ أعرُجُ في زمانٍ
وفوقَ رغيفهِ الطاهي كواهلْ
فودَّعْتُ النعيمَ وما تَشهّى
وريحَ اللحمِ تُبْهِرُهُ التوابلْ
رأيتُ القومَ جاعوا ثمَ مالوا
سريعاً فوقَ أطباقِ النوادلْ
وتصطفُّ الخلائقُ خلفَ بعضٍ
على شُباكِ فُرْنٍ كالقوافلْ
وعينُك لا ترى إلاّ جميلاً
من العُربانِ من كلِّ القبائلْ
إذا ماجتْ بقُطْعانٍ جموعٌ
وخُولِطَ حابِلٌ فيهم بنابلْ
فذاكَ يصيحُ في أُذني بفأسٍ
وذا في الرأسِ يهوي بالمعاولْ
وأصواتٌ تُلعْلعُ في شِجارٍ
على خَرْقٍ تفجَّرَ كالقنابلْ
حُبِسْنا ضمنَ أقفاصٍ حديدٍ
كحيوانٍ تكبَّلَ بالسلاسلْ
وما إنْ يُفتحِ الشبّاكُ أنْفاً
تدافعَتِ الجحافلُ بالجحافلْ
أُحاولُ ثبتَ أقدامي ولكنْ
ثخينٌ للوراءِ عليَّ مائلْ
تَوزّعنا ببابِ الفُرنِ مثنىً
وصفّاً عسكريّاً كي يُقاتلْ
وصفّاً للنساءِ رَجوْنَ خيراً
وآخرَ دائريّاً للحوامِلْ
لساعاتٍ نقعْنَ الشمسَ فيها
نشرْنَ الروحَ في حبلِ المغاسلْ
نما للأصلعِ اللمّاعِ قرنٌ
وزوجُ هوىً حريريِّ الجدائلْ
تموجُ الناسُ في هرجٍ ومرجٍ
وما من مُنقذٍ في العينِ ماثلْ
ربطتُ حزاميَ الواهي بسورٍ
سدىً لم أحظَ منه بأيِّ طائلْ
ضبطُّ النفْسَ لا أبغي التشكي
وضغطاً يا * وِدادُ عليَّ هائلْ
مشاهدُ للقيامةِ قبلَ حينٍ
تُبَيِّنُ للورى إحدى الرسائلْ
وحينَ بلغتُ حبلاً من نجاةٍ
وقاربَ نهلةَ العطشانِ سائلْ
ولوَّحتِ البشائِرُ والأماني
توقّفَ عن عجينِ الخبزِ عاملْ
وصاحَ غداً تعالوا يا حياتي
على ظهر المُطهَّم بالأصائلْ
لقد ضَحَّوا بنا من حيثُ ضَحوا
وظنّوا أنهم دوماً فطاحلْ
مضتْ عشْرٌ عِجافٌ قاحِطاتٍ
ولم تعبرْ بيوسُفنِا الدلائلْ
و أضحى مطلبُ الأحرارِ كيساً
فقطْ للخبزِ مع شكرِ المُقاوِل
وزِدني فوقَ أرغفتي رغيفاً
إذا ما كنتَ للخيراتِ فاعلْ
وما قلبٌ يُعيرُ القلبَ شيئاً
إذا لمْ يَصْبُ في الضلعِ المقابلْ
سأهدِرُ للحقيقةِ نصفَ وهمي
على خطوينِ من حافٍ وناعلْ
وأحسبُ هذهِ الأيامَ تُنسى
على أملٍ وتخضرُّ الفسائِلْ
يدرُّ الغيمُ في ترْبٍ وتنمو
لنا أيضاً منَ الضرعِ الأناملْ
سأكسِرُ كأسَ مُرٍّ فوقَ كأسٍ
ويبقى جنبَ شهدِ النحلِ عاسلْ .
