recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

فى طريق النور ومع الطريق إلى السعادة " الجزء الثامن "

الصفحة الرئيسية


 

فى طريق النور ومع الطريق إلى السعادة " الجزء الثامن "

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الطريق إلى السعادة، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله إذا أساء إليك إنسان، فلا تقابله بإساءة، ولا تقابله بحسنة أيضا، بل قابله بما هو أحسن، فإذا دفعت بالتي هي أحسن فاجأتك هذه الحال، وهي أن تنقلب عداوة الشخص الذي أساء إليك، فيصير كأنه ولي حميم، يعنى صديقا قريبا،لا تستبعد، هذه الأمور بيد الله، وكم من عدو انقلب صديقا، وصديق انقلب عدوا، وقال العلامة السعدي رحمه الله أي إذا أساء إليك مسيء، من الخلق خصوصا من له حق عليك، كالأقارب، والأصحاب، ونحوهم، إساءة بالقول، أو بالفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة، فقيل أنه سُرقت دراهم من ابن مسعود رضي الله عنه. 


فجعل الناس يدعون على من سرقها، اللهم اقطع يد السارق، فقال اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك فيه، وإن كان حملته جرأة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه، وقد قال رجل لعمرو بن العاص رضي الله عنه والله لئن قلت لي كلمة لأقولن لك عشرا، قال له عمرو، وأنت لئن قلت لي عشرا لم أقل لك واحدة، وقال رجل لسالم بن عبدالله بن عمر ما أراك إلا رجل سوء، فقال ما أحسبك أبعدت، وذكر أن رجلا سب رجلا وقال له إياك أعني، فقال الآخر وعنك أعرض، وإن مقابلة الإساءة بما هو أحسن، يحتاج لصبر ومجاهدة، إذ إن النفوس تحب الانتقام ممن أساء إليها، لكن من تذكر الثواب من الله، ومحبة الناس له، هان عليه ذلك، وأيضا من طرق السعادة هو الزهد فيما في أيدي الناس. 


فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته، أحبني الله، وأحبني الناس، فقال "ازهد في الدنيا، يُحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يُحبك الناس" رواه ابن ماجه، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله الزهد فيما في أيدي الناس، مُوجب لمحبة الناس، وقال الحسن لا تزال كريما على الناس، أو لا يزال الناس يكرمونك، ما لم تعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك، استخفوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك، وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس، والاستغناء عنهم، فمن سأل الناس ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه، لأن المال محبوب لنفوس بني آدم. 


فمن طلب منهم ما يحبونه، كرهوه لذلك، وأما من زهد فيما في أيدي الناس، وعف عنهم، فإنهم يحبونه، ويكرمونه لذلك، ويسود به عليهم، كما قال أعرابي لأهل البصرة من سيد أهل هذه القرية ؟ قالوا الحسن، قال بما سادهم؟ قالوا احتاج الناس إلى علمه واستغنى هو عن دنياهم، وإن من طرق السعادة أيضا هو إهداء الناس وقبول هداياهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا" وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر" رواه أحمد، فالهدية جالبة للمحبة، وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن صفوان بن أمية قال والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني.

 

وإنه لأبغض الناس إليّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ " رواه مسلم، وإن من طرق جلب السعادة هو إفشاء السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذ فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" رواه مسلم، وأما عن سر السعادة، فإن كلنا نبحث عن السعادة، ونسعى لها، ونفتش عنها يمينا تارة، وشمالا تارة أخرى، يظنها البعض في ترف المأكل والملبس دون جدوى، والآخر يكنز المال، ويعتقد سعادته في الغنى، والكثيرون يحسدونه لكثرة ماله، ولو شققنا داخله لعلمنا عظيم تعاسته، وهذا غارق في ملذاته علها تنفس عنه، يبتغي الراحة والرفاهية، لا يبالي بحرام أو حلال.


فى طريق النور ومع الطريق إلى السعادة " الجزء الثامن "


google-playkhamsatmostaqltradent