recent
أخبار ساخنة

كاميليا عبد الفتاح تكتب : أرواحٌ على الهامش لخيري حسن : سردُ أحداث استلاب مُعلن

الصفحة الرئيسية









 

 كاميليا عبد الفتاح تكتب : أرواحٌ على الهامش لخيري حسن : سردُ أحداث استلاب مُعلن






كتب  - صالح العواد 




" أرواحٌ على الهامش "  للكاتب الصحفي المتميز خيري حسن  ، كتابٌ  يجمعُ بين سمتي الكتابة الأدبية والكتابة الصحفية  ؛ فقد التقط مؤلفُه ظاهرة تعتمدُ على الحسّ الصّحفي الأمين الذي يتفقّد نبضَ  المجتمع ،  وتتطلّبُ – في الوقت ذاته – الانتصار للحرف المُبدع ، والتقدير العميق  للموهبة الإبداعية والفنية والفكرية . الظاهرةُ التي رصدها المؤلّفُ هي الهُوة العميقة بين ما تقتضيه الموهبة من احتفاءٍ وحفاوةٍ مُجتمعية  وبين  ما تلقاهُ  هذه الموهبة من : إعراضٍ ، وزرايةٍ  ، ومُعوّقاتٍ ، وإزاحةٍ ، تصلُ إلى حدّ القهر الذي يتمثلُ - في أدنى حدوده - في التجاهل ، ويصلُ  في ذروته حدّ الاعتقال السياسي والفصل من العمل ، والحرمان من كافة الحقوق الإنسانية  ومقومات العيش. وهنا أُشيرُ إلى التوفيق والبراعة في عنوان الكتاب : " أرواحٌ على الهامش "  ، الذي جسَّد المفارقة  بين نفاسة الروح الإنسانية وبين الوضعية الهامشية التي لا تليق بها  .

•       اعتمدت مادة هذه الكتاب على المقومات  الأساسية في شخصية الصحفي والتي تتشابه – في جزءٍ كبيرٍ منها – مع مقومات الناقد ، وأقصدُ : التقاط الظاهرة والتنبّه إليها ، الشغف بكشف حقيقتها  ، جمع الأخبار من مظانّها الأساسية ، وعلى رأسها : سيرة الشخصية   ، والبحث في مُنجزها الأدبي – أو الفكري – عن إرهاصات مأساتها ، والاستدلال بنصوصها  – أو مذكراتها  ووصاياها- هذا فضلا عن  الاستضاءة بشهادات المُجايلين  والمُعاصرين – و غيرهم من شهود الحدث -  و المقارنة بين  المعلومات المُتحصّلة من كل هذه السُّبل . الكتاب كله يسيرُ وفق هذا النسق  ، من ذلك حكاية " رجاء عليش " التي  استند فيها الكاتبُ  إلى شهادة نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ، ومصطفى محمود ، ومصطفى عبد الله ، وحسن شاه ، وموسى صبري  - وغيرهم -  وهي شهادات  مُهمة تُثمّنُ في ذاتها ؛ لدلالتها على موضوع الكتاب ، ولإضاءتها جوانب مهمة من شخصية الشاهد ذاته  .

•       لفتَ انتباهي وجود ما يُمكن أن نسميه باللُّحمة العضوية بين الشخصيات – أو الأرواح – التي وصف خيري حسن مأساة وجودها الهامشي  ، هذه اللُّحمة تتمثلُ في  عدّة مُشتركات  بينها ، على رأسها :   الموهبة الحقيقية – في مجالها – عنفوان الحس الوطني ، الإيمان بالذات والاعتداد بها ، الشجاعة في مواجهة التجاهل  المجتمعي والقهر السلطوي  . هذا على الرغم من  تنوع الشخصيات بين شعراء العامية مثل زكي عمر وبدوي عطية وغيرهما وبين رجال القلم السياسي في الصحافة القومية مثل إسماعيل المهداوي وكتاب الرواية ، ولاعبي الكرة .

•       اتّسم الطرحُ في كتاب " أرواح على الهامش  " بكثيرٍ من سمات الطرح الأدبي ؛ ممّا أحدث توازنا مع موضوعية الكاتب وارتكازه على الحقائق والمعلومات ، من أبرز هذه السمات : طرح  الأحداث طرحا  تراجيديا  مُشوقا مُتدفقًا  ، يتوفر فيه الانسجام بين الحدث وملامح الزمان والمكان – كما في السرد الفني - نُطالع هذا الطرح الأدبي في كثيرٍ من فصول هذا الكتاب ، فضلا عن المزج السلس بين لغة الطرح الصحفي ورهافة المفردة الأدبية ،  كما نطالعُ وعي الكاتب بوحدة موضوعه : تهميش الكيانات المُبدعة ، وقهرها - وصولًا إلى الإقصاء أو الموت -  نحن أمام كتلتين لا ثالث لهما : الموهبة   وعوامل اختناقها  ممثلةً  في شخصيات استلابية وظرف تاريخي وغيرذلك . 




•       هناك صعيدٌ آخر لا يقلّ أهمية عن الهدف المُعلن لهذه الكتاب ، وهو اضطلاعُ  الكتاب بتقديم لمحاتٍ مهمة من تاريخ مصر السياسي  - منذ عهد الملكية  - وذلك عبر كثيرٍ من التفاصيل المُخبّأة في كواليس  قصور الحكم وأحاديث  رجاله   غير المعلنة في الطرح التقليدي .كما يتضمنُ الكتابُ لمحات من التاريخ المجتمعي والمناخ الفكري .

•       الكتاب يصف  - ويحكي  - تاريخ مصر الإبداعي أو لنقل إنه يسرد وقائع خنق الإبداع والموهبة في مصر ، وهو جديدٌ في هذا الدرب  . نحنُ أمام  كتابٍ يطرح سيرة اعتقال القلم  والفكر .. احتجاز الموهبة والحلم والعمر .. وهو طرحٌ يتسمُ  بالجرأة في الرؤى والتناول ،  والمثالية والنبل  في اختيار هذا المسار ، وفي أهدافه المرجوة .








كاميليا عبد الفتاح تكتب : أرواحٌ على الهامش لخيري حسن : سردُ أحداث استلاب مُعلن



google-playkhamsatmostaqltradent