recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

السلام مع النفس والكون " الجزء الثالث "





السلام مع النفس والكون " الجزء الثالث "





كتب- محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع السلام مع النفس والكون، ومن الواضح أن مصدر هذه التسمية هو نسبتها إلى السلام، وهو نقيض العدوان، كما تدل على ذلك أرجح التعاريف، ولتأكيد معنى السلام كفاية أساسية في العقيدة اتخذه الإسلام شعارا لأهله من مختلف أنحاء العالم، فهو تحية المسلم التي يرددها حين يلقى أخاه المسلم أو يودعه، وهو كلمة الختام التي يكررها مرتين في صلواته الخمس كل يوم، وليس ثمة تعظيم للسلام أكبر من أن ينص عليه في شعائر إحدى الفرائض الإسلامية الخمس جنبا إلى جنب مع ذكر الله ورسوله، ترسيخا له في نفوس المسلمين، وتعميقا لمعناه في أذهانهم، وحثا لهم على انتهاج طريقه، وإن النفس الإنسانية بطبيعتها أمّارة بالشر.

وهي في سبيل تحقيق مطامعها قد تنحرف عن الطريق السوي، فيعمد الفرد أو الجماعة إلى التنازع مع الآخرين لتنفيذ أغراضه الذاتية، وقد يصل التنازع بين الجماعات المختلفة إلى حد الالتجاء إلى البطش والعدوان، فتثور الحروب ويتسع نطاقها حتى تشمل كثيرا من بِقاع الأرض مما يؤدي إلى انهيار المدنيات التي شادتها الشعوب بعد تضحيات، وإلى عودتها القهقرى إلى مرحلة التخلف، واضطرارها مرغمة إلى دفع الثمن غاليا في سبيل تعويض هذا التخلف والتقدم إلى الأمام، ولم تغب هذه الحقيقة عن الإنسان في كافة المراحل التي خاضتها البشرية منذ نشأتها الأولى، فكان العمل على إقرار السلام عن طريق إقامة العلاقات الودية وعقد المواثيق. 

والمعاهدات بين العشائر والقبائل والشعوب من أهم الأغراض التي سعت إليها الجماعات، ومن أجل ذلك أيضا كثرت التفسيرات حول مفهوم السلام وتحديد مقوماته، كما يدل على ذلك استعراض تاريخ الأديان والفلسفات والمذاهب الفكرية المختلفة، وقد ظل السلام معنى شائعا غير محدد، يختلف تفسيره باختلاف الزمان والمكان وطبائع الشعوب، فكان هناك سلام روماني، وسلام مسيحي، وأنواع أخرى من السلام، حتى جاء الإسلام في القرن السابع الميلادي فحدد مضمونه، وأرسى له لأول مرة قواعد وأسسا واضحة لا تحتمل الاختلاف في التأويل، فالسلام في الدين الإسلامي ضرورة لا غنى عنها لصلاح العالم وخيره وتقدمه.

ومن ثم فهو غاية ينبغي أن تحتل مكانتها في الصدارة بين الغايات الحميدة التي يدعو إليها، أما جوانبه فلقد حددها في السلام بين العبد وبين نفسه، ثم السلام بينه وبين الله تعالى، ثم السلام بينه وبين سائر الناس، فلكي يعيش المرء في أمن، يكفل له التفرغ لبناء حياته، والإسهام في بناء العقيدة والمجتمع وتنميتهما يجب أن يؤمن بالسلام سبيلا لذلك، وأن يدعم إيمانه بالسلوك والعمل الإيجابي، فإذا جاءه أخ له في الإنسانية يبتغي التعارف والألفة والتعاون، فليمد له يده وليمنحه ثقته وليتعاون معه، وبذلك تصلح النفوس ويزايلها القلق، فينصلح المجتمع وتتقدم البشرية، وتوجد العديد من المنظمات الدولية التي تدعو دائما إلى نشر السلم والسلام بين الدول من جانب. 

وبين سكان الدولة نفسها من جانب آخر، ومن أشهر هذه المنظمات هى عصبة الأمم المتحدة، حيث تم إنشاء عصبة الأمم المتحدة بمقتضى معاهدة فرساي عام ألف وتسعمائة وتسعة عشر ميلادى، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانهيار الدول الأوروبية الكبرى، حيث حلت محلها معاهدة الأمن الجماعي التي دعت جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى نبذ الحروب وأعمال العنف، ومنع استخدام القوة لحل المنازعات الدولية، وذلك بتنفيذ القرارات الدولية الصادرة عنها رغما عن إرادة الدول الأعضاء في المنظمة، ومن أجل تحقيق الهدف الذي ترجوه عصبة الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين.



السلام مع النفس والكون " الجزء الثالث

google-playkhamsatmostaqltradent