أسباب انسحاب الجيش الأفغاني أمام "طالبان"
في ضوء استسلام الجيش الأفغاني أمام حركة "طالبان"، قد تم تركيز المناقشات على الجوانب الفنية لاستسلام الجيش الأفغاني، الذي تم تدريبه على يد قوات التحالف، وإنفاق مليارات الدولارات لتسليحه، ثم تخلَّى عن أسلحته المتطورة وانسحب أمام تقدُّم "طالبان". لكن تجدر الإشارة إلى أن أكبر خطأ ارتكبته الولايات المتحدة في أفغانستان هو محاولة بناء الدولة وتطبيق الآليات الديمقراطية، كما فعلت سابقًا مع ألمانيا واليابان، في دولة تفتقد لثقافة الانتخابات التنافسية، مما جعل عملية تبنِّي الديمقراطية بين عشية وضحاها مهمة مستحيلة.
هذا بالإضافة إلى تنوع الاختلافات القبلية والدينية والثقافية واللغوية داخل أفغانستان، حيث يرجع الولاء الأول للأفغان للقبائل وليس للدولة، لذلك فإن محاولات إجبارهم على التعايش في ظل حكومة وحدة وطنية لن ينجح أبدًا. في سياقٍ متصل، أدى التنافس الروسي البريطاني على الهند وآسيا الوسطى، إلى ظهور الأقليات في أفغانستان، وتأسيسًا على ذلك، كان من المستحيل تطبيق الديمقراطية في أفغانستان المنقسمة عرقيًّا ولغويًّا وثقافيًّا بشكل لافت، علاوة على تاريخ البلاد الطويل في الحروب الأهلية، خاصة بعد هزيمة السوفييت.
وحول أسباب هزيمة الجيش الأفغاني، أدت الانقسامات العرقية والقبلية، والفساد المستشري، ونفوذ أمراء الحرب، إلى منع تطور الوعي الوطني بين الأعراق الأفغانية المتباينة، الأمر الذي جعل جهود القوات الأفغانية الوطنية لمواجهة "طالبان" غير مجدية، حيث تختلف انتماءات الجنود وفقًا لعشيرتهم وقبيلتهم.
وعليه، تسبب إخفاق "واشنطن" في رؤية الحقائق على الأرض، في مقتل أكثر من سبعة آلاف جندي أمريكي في العراق وأفغانستان، وإنفاق أكثر من 6 تريليونات دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين منذ عام 2001.
