recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

إنما هذه الحياة الدنيا متاع " الجزء الثانى "




 

 إنما هذه الحياة الدنيا متاع " الجزء الثانى "



 

كتب-محمـــد الدكـــــرورى


















ونكمل الجزء الثانى مع إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وأما الأولاد فحبهم مما أودع في الفطرة، فهم ثمرات الأفئدة وأفلاذ الأكباد لدى الآباء والأمهات، ومن ثم يحملهما ذلك على بذل كل ما يستطاع بذله في سبيلهم من مال وصحة وراحة، وإن من الفتن الخطيرة على المسلم هو أن يجعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومحور سعيه، وغايةَ وجوده، وإن من غلب حب دنياه على حب دينه، وقدَّم شهواته على طاعة مولاه، فقد وقع في حبائل الشيطان الجسام، ومصائده العظام، وﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺍﺑﺘﻼﺀ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﻋﻴﺸﻬﺎ ﻧﻜﺪ، ﻭﺻﻔﻮﻫﺎ ﻛﺪﺭ، ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ، ﺇﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ، ﺃﻭ ﺑﻠﻴﺔ ﻧﺎﺯﻟﺔ، ﺃﻭ منية ﻣﺎﺿﻴﺔ.
فمسكين من ﺍﻃﻤﺌﻦ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﺪار ﺣﻼﻟﻬﺎ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﺣﺮﺍﻣﻬﺎ ﻋﻘﺎﺏ، ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﻼﻝ ﺣُسب ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻋُﺬﺏ ﺑﻪ، ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ فتن، ﻭﻣﻦ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺰﻥ، ﻣﻦ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﺃﺫﻟﺘﻪ، ومن ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻧﻈﺮﻫﺎ ﺃﻋﻤﺘﻪ، وإن ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺘﺘﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﺎ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺼﺮ ﻧﻈﺮﻫﻢ، ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﻘﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ فضلا ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻻﻧﻬﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ لعب ﻻ ﺛﻤﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﺐ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺸﻐﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، وتلهيه ﻋﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﺗﻪ، ﻭﺯﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ شرفا ذاتيا ﻛﺎﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﻭﺗﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ.




















ﻭﻣﺒﺎﻫﺎﺓ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﻋِﻈﻢ ﺍﻟﺠﺎﻩ، ﺛﻢ ﺃﺷﺎﺭ ﺟﻞ ﺷﺄﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ، ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺍﻻﺿﻤﺤﻼﻝ ﻛﻤﺜﻞ ﻏﻴﺚ ﺭﺍﻕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻉ ﻧﺒﺎﺗﻪ ﺍﻟﻨﺎﺷﺊ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﻳﻬﻴﺞ ﻭﻳﺘﺤﺮﻙ، ﻭﻳﻨﻤﻮ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﻩ الله ﻟﻪ، ﻓﺴﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﺼﻔﺮﺍ متغيبا زابلا ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﺃﺧﻀﺮ ﻧﺎﺿﺮﺍ، ﺛﻢ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴُﺒﺲ ﻫﺸﻴﻤﺎ ﻣﺘﻜﺴﺮﺍ، ﻓﻔﻴﻪ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺑﻤﺪﺓ ﻧﺒﺎﺕ ﻏﻴﺚ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻔﻨﻰ ﻭﻳﻀﻤﺤﻞ، ﻭﻳﺘﻼﺷﻰ ﻓﻲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺳﻨﺔ، ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺯﻭﺍﻟﻬﺎ ﻭﻗﺮﺏ ﻓﻨﺎﺋﻬﺎ، ولقد ﺑﻴّﻦ الله عز وجل ﺣﻘﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺳﺮﻋﺔ ﺯﻭﺍﻟﻬﺎ تزهيدا ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﻨﻔﻴرا ﻭﺗﺤﺬﻳﺮا ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻬﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻬﺎ وقد ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ تعظيم ﺷﺄﻥ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻭﻓﻈﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭعظم ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ.





وذلك ﺗﺮﻫﻴﺒﺎ ﻭﺗﺮﻏﻴبا ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻋﻴﻦ ﺭﺃﺕ، ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﺳﻤﻌﺖ، ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺴﻤﺎﻥ، فمنهم ﻓﻄﻨﺎﺀ ﻗﺪ ﻭﻓّﻘﻬﻢ ﺍلله، ﻓﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﺎ ﻇﻞ ﺯﺍﺋﻞ، ﻭﻧﻌﻴﻢ ﺣﺎﺋﻞ، ﻭﺃﺿﻐﺎﺙ ﺃﺣﻼﻡ ﺑﻞ ﻓﻬﻤﻮﺍ ﺃﻧﻬﺎ نعم ﻓﻲ ﻃﻴﻬﺎ ﻧِﻘَﻢ، ﻭﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﻓﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﻣﻌﺒﺮ ﻭﻃﺮيق ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ، ﻓﺮﺿﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻴﺴﻴﺮ، ﻭﻗﻨﻌﻮﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻓﺎﺳﺘﺮﺍﺣﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﻤﻬﺎ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﺮﺍﺣﺖ ﺃﺑﺪﺍﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺼﺒﻬﺎ ﻭﻋﻨﺎﺋﻬﺎ، فجعلوا ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻧﺼﺐ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ، ﻭﺗﺪﺑﺮﻭﺍ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻓﻜﺮﻭﺍ ﻛﻴﻒ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺳﺎﻟﻢ ﻟﻬﻢ، ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ويقول الله عز وجل فى كتابه الكريم، فى سورة الشعراء.




















" يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم " ويقول الله عز وجل فى سورة الدخان " يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا " وقد ﺃﺩﺭﻛﻮﺍ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﺘﺄﻫﺒﻮﺍ ﻟﻠﺴﻔﺮ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ، ﻭﺃﻋﺪﻭﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻟﻠﺤﺴﺎﺏ، ﻭﻗﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﻟﻠﻤﻌﺎﺩ، ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﺰﺍﺩ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻓﻄﻮﺑﻰ ﻟﻬﻢ فإنهم ﺧﺎﻓﻮﺍ ﻓﺄﻣﻨﻮﺍ ﻭﺃﺣﺴﻨﻮﺍ ﻓﻔﺎﺯﻭﺍ ﻭﺃﻓﻠﺤﻮﺍ، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى، أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، أي أنه ليس وراء ذلك شيء، وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره هو الباقيات الصالحات، فالمال والبنون زينة الحياة، والإسلام لا ينهى عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات، ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد، وإنهما زينة ولكنهما ليستا قيمة.
















google-playkhamsatmostaqltradent