recent
عاجـــــــــــــــــــــــل

تفعيل منظومة إدارة المخلفات


تفعيل منظومة إدارة المخلفات 

بقلم: الدكتور عادل عامر 

تعمل الحكومة في المرحلة الراهنة على تنفيذ نماذج تجريبية لمنظومة إدارة المخلفات الصلبة بعدد من المحافظات التي شارفت بنيتها التحتية على الانتهاء كمرحلة أولى، مع تكثيف الجهود لتطبيقها في المحافظات الأخرى تباعا". إنه فيما يتعلق برفع التراكمات التاريخية للقضاء على المقالب العشوائية، تم رفع 44 مليون طن مخلفات خلال عام ونصف العام، تتمثل في 30 مليون طن تولُد يومي بالإضافة إلى إزالة 14 مليون طن مخلفات تاريخية، فيما قامت "الهيئة العربية للتصنيع" بالتخلص من 400 ألف طن في 38 موقعا، بنسبة 100 % من المستهدف في المرحلة الأولى. 

كما يتضمن مشروع القانون النموذج الإرشادي للإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية الصلبة على المستوى القومي، والذى سوف يكون من المرونة بحيث يعدل وفقا لطبيعة كل محافظة ، على النحو التالى 60% من إجمالي كمية المخلفات البلدية المتولدة والمجمعة يتم معالجتها بالطرق الميكانيكية الحيوية (إنتاج سماد أو RDF الوقود البديل والمفروزات). 20%  من إجمالي كمية المخلفات البلدية المتولدة والمجمعة تعالج حرارياً لإنتاج الطاقة الكهربائية. 20 % ــ من إجمالي كمية المخلفات البلدية المتولدة والمجمعة يتم دفنها بمدافن صحية. 

 فضلا عن تحديد الموارد المالية المطلوبة لإدارة المنظومة والتى تقدر بحوالى 7 مليارات جنيه سنويا،(شاملة مقابل التكلفة الاستثمارية ومصروفات التشغيل) مع ضمان تحقيق معدلات عائد دوران داخلى تتراوح بين (15.5% إلى 18%) ، ويتم تحديدها طبقاً للنماذج المالية التى أعدت، وبمراعاة ظروف الجدوى الفنية والمالية بحسب مناطق الخدمة . 

تتزايد كميات النفايات في مصر مع تزايد النمو السكاني والأنشطة الاقتصادية. وعلى الرغم من أن هذه النفايات بداخلها كنز مدفون يدر ويفتح الطريق أمام العديد من المشروعات كـ (انتاج الأسمدة، انتاج الطاقة، مشروعات إعادة التدوير… وغيرها)، إلا أن عملية التخلص من النفايات تدار بشكل عشوائي في كثير من الأحيان، وينتهي المطاف بمعظم النفايات في مقالب عشوائية من قبل المواطن، ثم حرقها أو جمعها في مدافن بعضها صحي والغالبية الأخرى غير صحية، وتفوت الفرصة على عملية إدارة النفايات واستغلالها الاستغلال الأمثل. 

فقديما كانت تعتمد مصر عمال النظافة التقليديين (الزبالين) وهم الذي يقومون بجمع القمامة من الوحدات السكنية وبعض المنشآت التجارية نظير مبلغ مالي زهيد وينقلونها الى مجتمعاتهم (قرى الزبالين) لفرزها. وكان يتم تقسيم المخلفات العضوية كطعام للخنازير، والباقي يتم بيعه الى مصانع السماد، أما المخلفات الصلبة فكان يتم بيعها للمصانع أو إعادة تدويرها في مصانع صغيرة.  

 ثم في بداية الألفية الجديدة عهدت الحكومة بمسئولية جمع القمامة والتخلص منها لعدد من الشركات الأجنبية والتي ينص الاتفاق معها على جمع القمامة والاهتمام بنظافة الشوارع والقيام بالدفن الصحي للقمامة في المقالب على مدار الأسبوع، فيما لم تنص على ضرورة إعادة التدوير مما يعكس خللا في منظومة إدارة القمامة. لكن فشلت هذه المنظومة أيضًا لأن غالبية الشركات الخاصة لم تقم بإدماج جامعي القمامة في المنظومة الجديدة، مما أدى الى قيام عدد كبير منهم بمحاربة المشروع بشكل غير مباشر.لكن على الرغم من هذا التطور مازالت أزمة الاستفادة من هذا الكنز تحتاج إلى إدارة جيدة خاصة مع تزايد عدد السكان وتزايد المخلفات المنتجة، وبالتالي تحويل عبء تكاثر وتناثر القمامة إلى مورد دخل قومي، على غرار عدد من الدول الكبرى كالصين وسويسرا التي تستورد المخلفات وتعيد تدويرها وتحويلها إلى طاقة، وسماد، ومنتجات صناعية جديدة …. 

 وغيرها وفقًا لنوع المخلفات وجودتها، فنسبة إجمالي المخلفات التي يمكن استخدامها في إعادة التدوير لا تتجاوز 20% فقط، بسبب عدم وجود أنظمة كافية لترتيب جمع المخلفات ونقلها، كما أن 0.5% فقط من هذه النسبة تكون عالية القيمة. فلم يعد ينظر إلى النفايات بالنظرة التقليدية كمادة عديمة الجدوى. وفي حقيقة الأمر مشكلة تراكم المخلفات تتجاوز أزمة الروائح المزعجة والمنظر السيء، بل تتسع إلى الأثار البيئية الناتجة عنها،  

والتي يمكن سرد بعضها في تسرب عصارة المخلفات بطبقات التربة المختلفة والتي قد تؤثر على صحة المنتجات الزراعية الناتجة بهذه التربة، أو مرض الحيوانات الأليفة التي تتغذى على تلك المخلفات، هذا فضلا عن زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية حرق النفايات كوسيلة عشوائية للتخلص من النفايات المتراكمة، أو من خلال انبعاثات غاز الميثان والأمونيا وثاني أكسيد الكبريت المنبعثة من النفايات مباشــرة، الأمر الذي يسهــم بتعمق ظاهرة الاحتباس الحراري. 

هذا فضلا عن مساهمتها في انتشار عدد من الأمراض الخطيرة مثل السرطان والفشل الكبدي والكلوي وأمراض الجهاز التنفسي وفقر الدم، هذا إلى جانب التغير السلوكي للأطفال نتيجة اعتياد رؤية القبح والتلوث في كل مكان. 

وعلى الرغم من جل هذه المشاكل البيئية والصحية، إلا أنه يمكن أن تتحول أطنان النفايات إلى كنوز يمكن الاستفادة منها، فأصبحت النفايات حالياً ثالث مصدر من مصادر الطاقة المتجددة نمواً عبر العالم بعد طاقتي الشمس والرياح، فاستخدام النفايات كمصدر للطاقة هو أمر قديم فسبق وأن استخدم أجدادنا نفايات الحيوانات والمخلفات الزراعية في التدفئة والطهي، كما تعد الهند من أوائل الدول التي أنتجت غازات حيوية تستخدم في الطهي والتدفئة من مخلفات الأبقار من خلال العزل اللاهوائي والتخمير، لكن كانت تتم هذه العملية بطرق بدائية غير آمنة مسببة عدد من حوادث الانفجار والاختناق. 

وغالبًا ما تعتمد الدول الكبرى والصناعية طريقة حرق القمامة كمصدر للحرارة وتوليد الطاقة، خاصة مع عدم توافر المساحات الكافية للردم، أمَّا الرماد الناتج فيُستخدم في التشييد والبناء. 

أن تدوير المخلفات البلاستيكية والورقية والزجاجية حتى إطارت السيارات التالفة يمكن إعادة تدويرها بطريقة لا تلوث البيئة، وتحويل المخلفات الغذائية إلى كومبوست " مخصبات تربة"، ويمكن استثماراها وتعود بالنفع على المواطن والدولة، يحث ذلك بالفصل عند المنبع أي أن نقوم بتوعية ربة المنزل من خلال نشرات توعية بفصل المخلفات " الصلبة، الورقية، البلاستيك، الزجاج، 

 بواقي المأكولات"، والأهم من ذلك هو التوعية بترشيد الاستهلاك في الغذاء وشراء ما يكفي استهلاكنا فقط، ويأتي ذلك أيضا بالتحفيز فعلى سبيل المثال يتم التخلص من المخلفات ومقابل ذلك يتم الحصول على أشياء رمزية كتحفيز على ذلك. 

أن المخلفات تمثل إحدى مشكلات المجتمع المصري، ولكن أصبح العالم ينظر للمخلفات بأنها ذات قيمة اقتصادية مضافة من خلال عملية إعادة تدوير شاملة لإعادة تصنيع هذه المخلفات وتصديرها إلى العديد من دول العالم، حيث وباتت المخلفات التي ظلت لسنوات طويلة إحدى مشكلات المجتمع المصري محط اهتمام كثير من المستثمرين ممن أدركوا الأهمية الاقتصادية والبيئية لإعادة تدوير هذه المخلفات وتحويلها إلى مواد خام تدخل في العديد من الصناعات ويتم تصديرها. 

أن التقديرات تشير إلى أن حجم المخلفات في مصر يصل إلى نحو 20 مليون طن سنويا، وأن ما يتم تدويره منها لا يتجاوز 15%، ولا بد من دخول القطاع الخاص في استثمارات مشتركة مع الدولة لظهور مشروعات في كافة المحافظات خاصة بإعادة تدوير المخلفات مع نشر الوعي بين المواطنين و تحقيق عائد مادي لهم و لو رمزي في حالة فصلهم للمخلفات. 

 أن تحويل المخلفات لطاقة هو أحد آليات معالجة وتدوير المخلفات ضمن برنامج البنية التحتية في منظومة المخلفات الجديدة، حيث مصانع تدوير المخلفات وتحويلها إلى سماد العضوي ووقود بديل، بالإضافة إلى تحويل المخلفات إلى طاقة، ومصر لديها الخبرة في إنشاء وإدارة مصانع التدوير المنتجة للسماد والوقود البديل، ونسعى لاستقدام الخبرات والتكنولوجيات الخاصة بمصانع تحويل المخلفات إلى طاقة بالتعاون مع شركاء التنمية ودعم الشركات المصرية للعمل في هذا المجال في إطار توجيهات القيادة السياسية. 

google-playkhamsatmostaqltradent